تولي تونس مكانة متميّزة لقطاع الشغل والعلاقات االمهنية باعتبار الدور الهامّ الذي يلعبه هذا القطاع في إنجاح عملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية . وتبرز هذه الأهمية خاصّة من خلال الأهداف التي تضمّنتها وثيقة المخطط الحادي عشر للتنمية الإقتصادية والإجتماعية وكذلك البرنامج الرئاسي لتونس الغد للفترة (2004 – 2009 ).

ومن أهمّ المكاسب التي تمّ تحقيقها في مجال الشغل والعلاقات المهنية نذكر خاصّة:

1- مواكبة التشريع الدولي :


انضمّت تونس منذ سنة 1956 إلى منظمة العمل الدولية وقد صادقت إلى حدّ الآن على 58 اتفاقية عمل دولية من بينها الإتفاقيات الثمانية المتعلّقة بالحقوق الأساسية في العمل وهي :
- الإتفاقية رقم 29 بشأن العمل الإجباري،
- الإتفاقية رقم 105 بشأن تحجير العمل الإجباري،
- الإتفاقية رقم 87 بشأن الحريّة النقابية وحماية الحق النقابي،
- الإتفاقية رقم 98 بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية،
- الإتفاقية رقم 100 بشأن المساوة في الأجور،
- الإتفاقية رقم 111 بشأن التمييز (الإستخدام والمهنة)،
- الإتفاقية رقم 138 بشأن السنّ الأدنى للقبول في العمل ،
- الإتفاقية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال.

كما صادقت تونس على اتفاقيتين معتبرتين ذات أولوية من قبل منظمة العمل الدولية وهما:
- الاتفاقية رقم 122 بشأن سياسة التشغيل،
- الإتفاقية رقم 81 بشأن تفقد الشغل.

وتجدر الإشارة إلى أنّ آخر اتفاقية عمل دولية صادقت عليها تونس هي الإتفاقية رقم 135 بشأن ممثلي العمال والتي تعتبرأداة مكمّلة للإتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية الحق النقابي لكونها تتضمّن أحكاما تدعّم حماية ممثلي العمّال بما في ذلك الممثلين النقابيين وتمنحهم التسهيلات اللازمة لممارسة مهامهم.

وإنّ تونس منخرطة منذ سنة 1973 بمنظمة العمل العربيّة. وقد صادقت سنة 1987 على اتفاقية العمل العربية رقم 7 بشأن السلامة والصحة المهنية.

2- ملاءمة تشريع الشغل مع التطوّرات الإقتصادية


عرفت مجلة الشغل إصلاحين كبيرين سنة 1994 وسنة 1996 كانا محلّ تشاور مع المنظمات المهنية.وقد راعا هذان الإصلاحان في نفس الوقت حقوق العمّال ومصالح المؤسسة وشملا أغلب أحكام مجلة الشغل والمتعلّقة خاصة بتمثيل العملة بالمؤسسات، ونزاعات الشغل الجماعية ، تفقدية الشغل والعقوبات، والصحّة والسلامة المهنية والتأجير وكذلك التشغيل.

كما صدرت النصوص التطبيقية للأحكام الجديدة لمجلّة الشغل وشملت خاصّة عمل الأطفال والحوار الإجتماعي والصحة والسلامة المهنية.

3- النهوض بالحوار الاجتماعي على مستوى المؤسسة:


أدخلت تعديلات هامة على أحكام مجلة الشغل المتعلقة بتمثيل العملة بالمؤسسات بمقتضى القانون عدد 29 لسنة 1994 المؤرخ في 21 فيفري 1994 بهدف النهوض بالحوار الاجتماعي داخل المؤسسة باعتبار أنّ هذه الأخيرة تمثّل الإطار المناسب لأصحاب العمل والعمّال للتحاور حول مسائل ذات الإهتمام المشترك كتحسين الإنتاجية وظروف العمل والتكوين المستمرّ.

وتقوم هذه التعديلات على تجميع مختلف الهياكل المنتخبة لتمثيل العملة (لجنة المؤسسة، اللجنة الإستشارية المتناصفة، لجنة الصحّة والسلامة) صلب هيكل واحد يسمّى «اللجنة الإستشارية للمؤسسة» والتي يتمّ إحداثها بالمؤسسات التي تشغل 40 عاملا قارا. أما المؤسسات التي يساوي فيها عدد العمّال أو يفوق العشرين ويقل عن الأربعين فيقع فيها انتخاب نائب عن العملة.

ونظرا لأهمية مسألتي الصحّة والسلامة المهنية وصبغتهما الفنّية، فإنّه تتفرّع عن اللجنة الإستشارية للمؤسسة، لجنة فنّية تسمّى «لجنة الصحة والسلامة المهنية».

واعتبارا للأهمية التي توليها بلادنا للنهوض بالحوار الاجتماعي تنتظم سنويا تحت سامي إشراف سيادة رئيس الجمهورية ندوة وطنية للجان الإستشارية للمؤسسات ونيابات العملة".

كما تسند من طرف سيادة رئيس الجمهورية يوم أوّل ماي من كلّ سنة بمناسبة الاحتفال بالعيد العالمي للشغل جائزة "اللّجان الاستشارية للمؤسسات" ونيابات العملة وذلك لمكافأة المؤسسات ونيابات العملة التي تميّزت بمساهمتها في تطوير العلاقات المهنية داخل المؤسّسات.

4 - تدعيم السياسة التعاقدية :


ما انفكّت السياسة التعاقدية التي تمّ إرساؤها سنة 1973 تتدعّم ، ويبرز ذلك خاصّة من خلال تطوّر عدد الاتفاقيات المشتركة القطاعية الذي بلغ – إلى حدّ الآن – 51 اتفاقية، تغطّي حوالي مليون ونصف من العاملين بالأنشطة غير الفلاحية الخاضعة إلى مجلة الشغل، وكذلك من خلال تتالي المراجعات لهذه الاتفاقيات. مع العلم وأنّ مراجعة الإتفاقيات المشتركة أصبحت – منذ سنة 1990 – تتمّ بصفة دورية كلّ ثلاث سنوات.

وقد عرفت الاتفاقية المشتركة الإطارية التي تمّ إمضاؤها سنة 1973 ثلاث مراجعات سنوات 1984 و 1992 و 2004 . أمّا الاتفاقيات المشتركة القطاعية، فقد تمّت مراجعتها في تسع مناسبات سنوات 1983 و 1989 و1990 و1993 و1996 و 1999 و 2002 و 2005 و 2008 .

وقد أفضت هذه الجولات التفاوضية إلى تحسين في شروط وظروف العمل وإلى زيادات في الأجور في شكل برامج ثلاثية امتدّت على 21 سنة منذ سنة 1990 .

5- تحسين القدرة الشرائية للعمال :

عرفت الأجور الدنيا زيادات متتالية (27 مرّة منذ سنة 1987) وشملت العمال الخالصين بالأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن وكذلك الأجر الأدنى الفلاحي المضمون. وبذلك يكون الأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن (نظام 48 ساعة) قد شهد تطورا منذ سنة 1987 بحوالي140 % والأجر الأدنى الفلاحي المضمون بنسبة تقارب 154 %.

وانتفع العمال الخاضعون لاتفاقيات مشتركة بزيادات في الأجور في شكل برامج ثلاثية على امتداد 21 سنة (بما في ذلك البرنامج الثلاثي 2008 -2010 ) وذلك منذ سنة 1990 .
وشملت أيضا الزيادات في الأجور العمال غير الخاضعين لاتفاقيات مشتركة أو أنظمة أساسية خاصة.

6- تحسين الإنتاجية :


تمّ إتخاذ عديد الإجراءات الهادفة إلى تحسين إنتاجية العمل. ومن بين هذه الإجراءات نذكر خاصّة التنقيحات التي عرفتها مجلّة الشغل سنة 1996 ومن بينها إضافة فصل جديد (134–3 ) يخوّل إمكانية تحديد جزء من الأجر على أساس الإنتاجية بمقتضى إتفاقات تبرم داخل المؤسسة بين المؤجّر وممثلي العملة وكذلك تشجيع ممثلي العمّال وأصحاب العمل بمناسبة كلّ جولة من المفاوضات على تحديد مقاييس الإنتاج.

كما تتدخل وزارة الشؤون الإجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج كحكم لتسوية الخلافات المتعلّقة بضبط مقاييس الإنتاج.

7- تحسين ظروف الصحة والسلامة المهنية:


تعدّدت الآليات والبرامج الهادفة لتعزيز الوقاية من المخاطر المهنية نذكر من بينها خاصّة: إصلاح أنظمة جبر الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في القطاعين العام والخاص وكذلك التعديلات المدخلة – سنة 1996 – على أحكام مجلة الشغل و المتعلّقة بالصحة والسلامة المهنية ( توسيع خدمات الصحة والسلامة وتعميم خدمات طب الشغل لتشمل كافّة العمّال مهما كان نشاط وحجم المؤسسة وإحداث وظيفة السلامة داخل المؤسسات).

8- تعزيز الإحاطة بالمؤسسات والعمال:


لقد تمّ اتخاذ العديد من الإجراءات التشريعية والهيكلية الهادفة إلى تعزيز الإحاطة بالمؤسسات والعمال، ففي إطار الإحاطة بالمؤسسات، تمّ إصدار القانون المتعلق بإنقاذ المؤسسات التي تشكو صعوبات اقتصادية والذي عرف عدّة تعديلات تهدف إلى تفعيل آلياته، كما تمّ إصدار قانون يهدف إلى إعادة إحياء المؤسسات التي توقفت عن النشاط بسبب صعوبات إقتصادية وفنّية.

ولمتابعة وضعية هذه المؤسسات، تمّ إحداث مكاتب للإحاطة بالمؤسسات بكل من وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى و المتوسّطة ووزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج.

وبالنسبة للتدخلات الاجتماعية لفائدة العمال ، فإنّه تسند للعمّال الذين فقدوا شغلهم لأسباب خارجة عن إرادتهم دون أن يتحصلوا على تعويض في صورة توقف المؤسسة عن العمل لأسباب اقتصادية أو فنية أو عند غلق المؤسسة نهائيا وبصفة فجئية دون احترام الإجراءات المنصوص عليها بمجلة الشغل، إعانة حدّد مقدارها الأقصى بأجرة إثني عشر شهر عمل تقاضاها العامل من قبل. ويواصل العمّال التمتّع بالتغطية الصحية وبالمنح العائلية طيلة سنة.

وتجدر الإشارة إلى أنّه ،تسند كذلك لهذا الصنف من العمّال إعانات بمناسبة الأعياد الدينية.