اعتبر الدكتور علي السلمي وزير التنمية الإدارية الأسبق في مصر ورئيس الجمعية العربية للإدارة انفصال التدريب عن عناصر ومكونات منظومة تنمية الموارد البشرية وتعاطي التدريب في جزئيات منفصلة ومتباعدة وعدم تكامله في ذاته كمنظومة، من أهم اسباب تواضع نتائجه وآثاره.
واوضح السلمي في محاضرة بعنوان "متطلبات تطوير الكفاءة وتحسين العائد على الاستثمار في التدريب" نظمتها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض في العشرين من شهر فبراير الحالي ان جانباً مهماً من اشكالية التدريب يعود إلى غياب "المنهج الاستراتيجي" في التعامل مع قضاياه والانطلاق في انشطته دون وجود معايير وتوجيهات استراتيجية الموارد البشرية من جانب آخر، مضيفاً ان ثمة بعد آخر لاشكالية التدريب يتمثل في افتقاد العلاقة بين التدريب ومبدأ "التمكين" الذي يتيح للمتدرب نقل خبرته وما استفاده من التدريب إلى مجال العمل ويترجمه في شكل اداء فعلي أفضل مما كان قبل التدريب.

وأشار السلمي إلى انه يمكن القول اجمالا أن لب اشكالية التدريب يتمحور في حقيقة أساسية هي اعتباره نشاطاً تكميلياً وتجميلياً وليس باعتباره ركناً جوهرياً في البناء الإداري الاستراتيجي للمنظمة.
واكد السلمي أن التدريب وجه لإدارة الجودة الشاملة من عدة جوانب أهمها تطور المفهوم حيث ينطبق مفهوم العملية في حالتي إدارة الجودة الشاملة، والتدريب بمعنى أن النتائج المستهدفة من أيهما (مخرجات) لا تتحقق إلا من خلال سلسلة من الاعمال (الانشطة) يستخدم فيها موارد مختلفة (مدخلات).
وذكر السلمي أن التدريب وباعتباره نظاماً مقترحاً، فانه يحصل على المدخلات من المناخ الداخلي والخارجي في صورة معلومات تستخدم لتنشيط وتحريك سلسلة مهمة من العمليات التي توفر مجمل الخدمات التدريبية لعملاء النظام بمفهوم إدارة الجودة الشاملة، وتضم تلك العمليات دراسة وتحليل المناخ الخارجي وتبين الفرص والمهددات للنشاط التدريبي. ودراسة وتحليل المناخ الداخلي للمنظمة وتبين الامكانات المساندة للتدريب والمعوقات بالإضافة إلى تحديد الاستراتيجية العامة للتدريب في ضوء استراتيجية إدارة الموارد البشرية بالمنظمة واعداد خطة التدريب العامة وتفصيلاتها التنفيذية، وكذلك تطوير المنتجات التدريبية وتخطيط وتصميم وتوقيت الفعاليات والموارد التدريبية.
وشدد السلمي على أهمية دراسة وتحليل المناخ الداخلي للمنظمة حيث انه يتيح التعرف على مجمل الظروف والأوضاع التنظيمية، الإنتاجية، التكنولوجية، والمالية السائدة في المنظمة، وما يتوفر لها من امكانات مادية وبشرية كماً ونوعاً، وطبيعة وتوجهات الثقافة التنظيمية السائدة، وكذلك التعرف على أهداف وسياسات الإدارة العليا التي توجه مجمل عمليات وفعاليات المنظمة ومنها التدريب، وذلك بغرض معرفة الامكانات الذاتية المتاحة للمنظمة والتي يمكن الاعتماد عليها في إدارة التدريب، وما يقيد استخدام تلك الامكانات من قيود أو معوقات تنظيمية أو بشرية أو تقنية، كذلك التعرف على الثغرات أو المشكلات والاختناقات التي تعاني منها العمليات، لتحديد الاحتياجات التدريبية.
وعرج السلمي في محاضرته إلى أهداف التدريب حيث ذكر انها تتركز في ثلاثة، الاول: الأهداف الاقتصادية وتتمثل في زيادة الإنتاج، تحسين الإنتاجية، تخفيض الفاقد والضائع، زيادة المبيعات، تنمية الحصة السوقية، زيادة معدلات النمو، وتأكيد المركز التنافسي والثاني : الأهداف التقنية وتدور حول تحسين استغلال الطاقات الإنتاجية المتاحة، وسرعة وتعميق استيعاب التقنيات الجديدة وحل مشكلات ادماجها في الحزمة التقنية بالمنظمة، اما الثالثة فهي الأهداف السلوكية وتهتم بتعديل اتجاهات ودوافع العاملين وتنمية رغباتهم في الاداء الأحسن، وتنمية روح الفريق بينهم. وتعميق الاحساس بمفهوم خدمة العملاء.
وأشار السلمي إلى المنطق الذي تتعامل به الإدارة في المنظمات العربية بشكل عام وهو ما يعتبر الانفاق على التدريب نوعاً من المصروفات التقليدية التي لا تدر عائداً وتعتبر مستغرقة بمجرد انفاقها، بينما يتجه المنطق الحديث في التدريب إلى اعتباره نوعاً من "الاستثمار" ينبغي أن يتحقق عنه عائد يمكن قياسه "العائد على الاستثمار" ويكون عنصراً مهماً في تحديد حجم ومدى الانفاق التدريبي مقدماً، مؤكداً ان التعامل مع التدريب على انه استثمار سيؤدي إلى تغيير جذري في منطق وتوجهات وآليات إدارات الموارد البشرية ونظم تخطيط وتقويم التدريب.
وحول تطبيق مفهوم العائد من الاستثمار في مجال التدريب اعتبر السلمي استخدام "مفهوم العائد على الاستثمار" تحولا جديداً في فكر القائمين على إدارة الموارد البشرية يهدف بالاساس إلى قياس كفاءة الانشطة التدريبية وتبرير الاستمرار فيها، وان كان يمثل أيضاً وسيلة لتوجيه التخطيط التدريبي نحو الأخذ بمفهوم "النتائج" وتقديرها مسبقاً كأساس للاختيار والمفاضلة بين التدخلات التدريبية المختلفة، وبحسب السلمي فإن تطبيق مفهوم "العائد على الاستثمار" في التدريب يحقق هدفين الاول هدف تخطيطي، إذ يعتبر وسيلة للمقارنة بين أنشطة وفعاليات التدريب المختلفة واختيار تلك التي تعد بعائد أعلى (أي بنتائج أفضل من حيث استجابتها للاحتياجات التدريبية للمنظمة) والثاني هدف تقويمي، إذ يستخدم معيار "العائد على الاستثمار" للحكم على كفاءة النشاط التدريبي وتقرير مدى نجاحه في تحقيق الأهداف التي كانت اساساً في الالتجاء اليه.
وتناول السلمي في محاضرته الخطوات التي تمر بها عملية قياس العائد على الاستثمار في التدريب واعتبر حصر وقياس نفقات التدريب الخطوة الاولى يتبعها حصر وقياس العائد من التدريب ومن ثم الخطوة التالية وهي تقدير العائد على الاستثمار.