النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية في الوطن العربي
والدروس المستفادة للاقتصاد اليمني


أ. د. مطهر عبد العزيز العباسي
عدن، يوليو 2004



مقدمة:
خلال عقدي السبعينات والثمانينات واجهت البلدان العربية تقلبات حادة في معدلات النمو الاقتصادي، فبعد تحقيق معدلات نمو عالية في النصف الثاني من عقد السبعينات بسبب الطفرة النفطية وارتفاع أسعار النفط واستفاد منها كل من الدول المنتجة للنفط والدول المصدرة للعمالة في المنطقة، فإن معظم الأقطار العربية عانت من انخفاض حاد في مستويات الدخول وتدني معدلات النمو في عقد الثمانينات نتيجة انخفاض أسعار النفط وتراجع نمو الاقتصاد العالمي.

وتعتبر المنطقة العربية ضمن المناطق التي تتسم بالعلاقة غير المتوازنة بين النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية. فرغم تحقيق معدلات نمو موجبة خلال العقود الماضية، إلا أن معظم البلدان مازالت تواجه تحديات كبيرة في مجال التنمية الإنسانية، وهو ما جعل غالبية الأقطار العربية تقع ضمن مجموعة الدول متوسطة أو منخفضة التنمية الإنسانية خلال عقد التسعينات.

وفي هذه المداخلة، سنحاول استعراض اتجاهات النمو الاقتصادي ووضع البنية الاقتصادية في المنطقة العربية في ضوء ما جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني واستخلاص الدروس المستفادة بالنسبة لواقع النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية في اليمن.

تحليل اتجاهات النمو الاقتصادي في تقرير التنمية الإنسانية العربية:
قدم تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني تحليلا دقيقا لمتطلبات النمو الاقتصادي في المنطقة العربية في ظل ما يسمى باقتصادات المعرفة. واعتمد التقرير في تحليلاته تلك على ما طرحته نظريات النمو الاقتصادي الحديثة خلال عقدي الثمانينات والتسعينات، ومن رواد تلك المدرسة بعض الاقتصاديين المعروفين مثل باول رومر، روبرت لوكاس، وروبرت سولو. وتستند تكل النظريات في نتائجها على دراسات تطبيقية لقياس أثر رأس المال البشري على معدل النمو في الأجل الطويل. فهذه المدرسة ترى أن زيادة الإنتاجية تمثل عنصرا داخليا وليس خارجيا في عملية النمو ولها علاقة بسلوك الأفراد المسئولين عن تراكم المعرفة والعناصر المنتجة الأخرى مثل تراكم رأس المال المادي والتوسع في قوى العمل والتقدم التكنولوجي.

وجاء البعض ليوضح أن عنصر المعرفة في معادلة النمو الاقتصادي يتمثل في البحث والتطوير (R&D) كعنصر أساسي في نمو الإنتاجية، وهو الذي يعتمد بدوره على تراكم رأس المال البشري. وهذا ما يؤكده تقرير التنمية الإنسانية العربية، حيث يشير إلى أن استثمار الدول الغربية في قطاع البحث والتطوير قد حقق أعلى العوائد الاستثمارية الإجمالية مقارنة مع الاستثمارات في الجوانب الأخرى. فقد أثبتت الدراسات أن أكثر من 45% من دخل الفرد في تلك البلدان خلال عقد التسعينات يعود إلى التقدم الثقاني المحقق في تلك البلدان.

وفي نفس سياق نظريات النمو الاقتصادي الحديثة، جاء تقرير التنمية الإنسانية العربية ليؤكد على الأهمية المحورية للمعرفة في عملية النمو الاقتصادي وتوليد العمالة وتعزيز التنافسية. فاقتصاد المعرفة، كما يراه التقرير، يتطلب قيام نسق للابتكار يقوم على الإدارة الكفوءة لنقل التقانة واستيعابها في المجتمع وتنشيط إنتاج المعرفة المؤدي إلى توليد تقانات جديدة، وهو ما يحقق غايات الكفاءة الإنتاجية والتنمية الإنسانية معاً. وفي هذا الإطار فإن التقرير يرى أن الابتكار يمثل القاطرة الأساسية كما يمثل القاعدة الرئيسية للمنافسة في الأسواق العالمية. فالابتكار هنا يعرف على أنه القدرة على توظيف رأس المال المعرفي في إنتاج التقانة وتوظيفها في عملية النمو الاقتصادي.

سياسات التصنيع والتقانة وأثرها في تحفيز نمو الاقتصادات العربية:
تمثل الهدف الرئيسي لسياسات والتصنيع والتقانة في البلدان العربية في نقل التقانة وتوطينها لتحقيق مستوى أعلى من النمو والتشغيل. وكانت الوسائل في تحقيق ذلك الهدف تشمل اقتناء المصانع من خلال عقود شراء مع شركات أجنبية، وتدريب العمالة المحلية على الإنتاج في تلك المصانع باستخدام وسائل الإنتاج المقتناه. إلا أنه وبعد أكثر من خمسة عقود في هذا الاتجاه كانت النتائج كما يلي:
• تغطية احتياجات السوق الحلية أو بعضها من المنتجات المصنعة محلياً ولفترة معينة من الزمن.
• تقادم التقانات المستخدمة في المصانع حولها إلى مؤسسات غير قادرة على المنافسة.
• انتهاج سياسات الحماية للمنتج الوطني.
• أصبحت الصناعات تشكل عبئا على الاقتصادي الوطني وعامل استنزاف للثروات الوطنية وسبباً رئيسياً لضعف النمو الاقتصادي والتنمية بشكل عام.

وتركزت المعالجات في شكل سياسات وبرامج إصلاح احتوت على تحرير الاقتصاد والتجارة خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر وتوفير البيئة المناسبة للشركات متعددة الجنسيات للعمل في بعض البلدان ( مصر ، تونس...). إلا أن نتائج تلك السياسات والمعالجات أخفقت في تحقيق هدف نقل التقانة وتوطينها بسبب:
• احتفاظ الشركات الأجنبية بأجزاء من عمليات الإنتاج ذات الكثافة المعرفية والمتطلبات العالية في مستوى مهارة الموارد البشرية.
• انخفاض الإنتاجية في القطاع الصناعي، رغم أن إجمالي التكوين الرأسمالي الثابت في المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين بلغ أكثر من 2.5 تريليون دولار، وانخفاض الإنتاجية في القطاع الزراعي رغم أنه يستحوذ على 50% من إجمالي القوى العاملة.
• تدني حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، ففي عام 2001 لم يتعد صافي الاستثمار الأجنبي المباشر نسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي لمعظم البلدان العربية.

حجم صافي الاستثمار الأجنبي المباشر
كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية لعام 2001م
الدول الاستثمار الأجنبي المباشر
(مليون $) الناتج المحلي الإجمالي
(مليون $) صافي الاستثمار الأجنبي المباشر/ الناتج المحلي
قطر 237 16500 1.43
الكويت -40 32800 -0.12
ليبيا -101 34100 -0.29
السعودية 20 186500 0.01
عمان 49 19800 0.24
لبنان 249 16700 1.49
الأردن 169 8800 1.92
تونس 486 20000 2.43
الجزائر 1196 54700 2.18
سوريا 205 19500 1.05
مصر 510 98500 0.51
المغرب 2658 34200 7.77
السودان 574 12500 4.59
اليمن -205 9300 -2.20
المصدر: البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة،2003، تقرير التنمية البشرية

لماذا هذا التدهور؟ يعود ذلك إلى عدد من الأسباب من أهمها:
• غياب سياسات وطنية للعلم والتقانة.
• عدم وجود نظم فعالة للابتكار.
• ضعف مؤسسات البحث والتطوير من جانب وضعف العلاقة بين تلك المؤسسات وقطاعات المجتمع الإنتاجية والخدمية.
• غياب النشاطات الابتكارية في جوانب البحث والتطوير أو في الإنتاج والترويج للبحث العلمي وتوظيف نتائجه في التنمية.

تحديات أمام اقتصاد المعرفة في البلدان العربية:
تتجلى أهم التحديات فيما يسمى بالبنية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية والمتمثلة في الآتي:
• نمط الإنتاج المتسم باستنضاب المواد الخام "استخراج النفط"، فالبعض يعتمد بشكل كلي ومباشر على النفط ( الدول المنتجة للنفط )، والبعض يمثل فيه النفط نسبة عالية من الموارد، وأخرى تعتمد على تحويلات العاملين في دول النفط.
• تركز الإنتاج في الأنشطة الأولية ( الزراعة، السلع الاستهلاكية)، مما يعني انخفاض الطلب على المعرفة والاستثمار فيها، وبالتالي تعطيل منظومة المعرفة وافتقار النشاط الاقتصادي لها.
• تدنى معدلات النمو الاقتصادي وصغر حجم الناتج المحلي الأجمالي العربي والذي وصل إلى 604 مليار دولار في عام 2000م، يزيد قليلاً عن الناتج المحلي لأسبانيا (559 مليار دولار)، بينما يكاد يشكل 60% من الناتج المحلي الإيطالي ( 1074 مليار دولار).


معدل نمو دخل الفرد خلال الفترات 1975-2001، 1990-2001م
ترتيب الدول حسب مؤشر التنمية البشرية متوسط معدل نمو دخل الفرد
1975-2001 معدل نمو دخل الفرد
1990-2001
مستوى عالي
البحرين 1.1 1.9
قطر -- --
الكويت 7.- 1.0-
الإمارات 3.7- 1.6-
مستوى متوسط
ليبيا -- --
السعودية 2.1- 1.1-
عمان 2.3 0.6
لبنان 4.0 3.6
الأردن 0.3 0.9
تونس 2.0 3.1
فلسطين المحتله -- 3.0-
الجزائر 2.0- 0.1
سوريا 0.9 1.9
مصر 2.8 2.5
المغرب 1.3 0.7
جزر القمر 1.0- 1.4
السودان 0.8 3.2
مستوى منخفض
اليمن -- 2.4
جيبوتي 4.6- 3.6-
موريتانيا 0 1.2
المصدر: UNDP, Human Development Report, 2003




• غلبة المشروعات الصغيرة وغير النظامية والتقليدية وفقدان الصله بينها وكثافة المعرفة، مما يؤدي إلى تدني القيمة المضافة للابتكار والمعرفة في العملية الإنتاجية لتلك المشروعات.
• تدنى مستوى التنافسية للاقتصادات العربية، بسبب غلبة القطاع العام على النشاط الاقتصادي وغياب الشفافية والمساءلة وقلة الانفتاح واعتماد الحماية، مما أدى إلى إضعاف حافز الإنتاجية وتوظيف المعرفة في هذا الشأن.
• انخفاض الإنتاجية للعامل في البلاد العربية، فالبيانات تشير إلى أن إنتاجية العامل في البلدان العربية تقل عن نصف مستواها في كل من كوريا والأرجنتين.
• سوء توزيع الدخل والثروة والقوة والذي يؤثر جوهرياً على النمو الاقتصادي وعلى تخصيص الموارد لاكتساب المعرفة. فالبيانات تشير إلى تركز الدخل والثروة في أيدي فئة محدودة رغم تحقق نمواً اقتصاديا مقبولا في العديد من البلدان العربية، وخاصة النفطية. وهذا ما يفسر ضعف الترابط بين النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية في البلاد العربية، ولذلك فإن طبيعة النمو الاقتصادي الذي ساد عقب الطفرة النفطية يوصف بأنه:
النمو القاسي: والذي يجسد حالة استفادة شريحة الأغنياء والميسورين من عوائد النمو، بينما يقبع الملايين من أفراد المجتمع عند المستويات المتدنية للمعيشة والفقر المدقع (أمثلة: البرازيل، المكسيك....).
النمو الخانق: توصيف لحالة النمو الاقتصادي الذي لا يصاحبه توسع في المناخ الديمقراطي وتمكين المرأة، وهذا النوع من النمو الاقتصادي ساد في العديد من البلدان التي تقدمت خطوات في الجانب الاقتصادي لكن انظمتها السياسية أتسمت بالقمع والاضطهاد وأخرست الأصوات الداعية لمزيد من المشاركه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . (أمثلة تشيلي ، جنوب أفريقيا.....).

اتجاهات النمو في الاقتصاد اليمني – الدروس المستفادة:
لا يشذ كثيراً واقع واتجاهات النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية في اليمن عن مثيلاتها في المنطقة العربية. فخلال الثلاثة عقود الماضية، مر الاقتصاد اليمني بعدد من الدورات الاقتصادية حقق فيها معدلات نمو عالية في النصف الثاني من عقد السبعينات تلاه ركود اقتصادي خلال عقد الثمانينات حتى منصف التسعينات، بسبب الركود الاقتصادي في منطقة الخليج وعلى المستوى العالمي، بالإضافة إلى ما واجهه الاقتصاد من آثار سلبية عقب حرب الخليج الثانية في 1990، وعودة قرابة مليون مغترب كانوا يعملون في دول الخليج- معظمهم في السعودية. فخلال عقد التسعينات بلغ متوسط النمو الاقتصادي حوالي 5.9% كما أن القطاعات التقليدية والاستخراجية ( النفط) تشكل أكثر من 50% من تركيبة الناتج المحلي الإجمالي.

مساهمة القطاعات الاقتصادية في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي
خلال الفترة 1990-2000م
القطاعات نسبة إلى
الناتج المحلي % معدل النمو
% نسبةالمساهمة في معدل نمو الناتج المحلي %
الزراعة 19.0 5.9 1.1
الصناعة
( استخراجية، تحويلية ) 33.3
7.3 2.4
الخدمات 47.7 5.0 2.4
المصدر : البنك الدولي 2002م – النمو الاقتصادي في اليمن

وخلال الفترة 1995- 2000، حقق الاقتصاد معدلات نمو موجبة بلغت بالمتوسط حوالي 5%، نتيجة توفر الاستقرار السياسي وتبني برنامج الإصلاحات الاقتصادية وتوفر الدعم الفني والتنموي من المانحين وتزايد النشاط الاستثماري للقطاع الخاص.

ومع بداية العقد الأول للألفية الثالثة، تم بلورة العديد من الأطر والوثائق الوطنية الهادفة إلى تحسين إدارة الاقتصاد الكلي لتعزيز فرص النمو وتخفيض معدلات البطالة والفقر في المجتمع بالشراكة مع كل أطراف التنمية – الدولة، القطاع الخاص، منظمات المجتمع المدني، المانحين.

فالرؤية الاستراتيجية لليمن 2025 تقوم على أساس تحقيق معدل نمو اقتصادي حقيقي لا يقل بالمتوسط عن 9% سنوياً خلال العقدين القادمين. وهذا الهدف المحوري يتطلب أن يصاحبه تطور في الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية لتحقيق الغاية الشاملة للرؤية الاستراتيجية وهي الانتقال باليمن إلى مجموعة الدول متوسطة التنمية الإنسانية بتنوع اقتصادي وتطور اجتماعي وثقافي ومعرفي وسياسي. وفي هذا السياق فإن محور النمو الاقتصادي في الرؤية ينظر إليه من بعدين :
الأول: زيادة وتيرة النمو بشكل عام وهذا يحتاج إلى تحريك عملية النشاط في كل من القطاعات التقليدية والواعدة.
الثاني: توسيع القاعدة الاقتصادية وتحفيز النمو في القطاعات الواعدة مثل: الثروة السمكية، السياحة.

وفي سبيل ترجمة تلك الغايات الاستراتيجية إلى أهداف وبرامج عمل متوسطة المدى، جاءت الخطة الخمسية الثانية 2001-2005 متضمنة أهداف محددة على المستوى الكلي وعلى المستوى القطاعي كما يلي:
- تحقيق نمو حقيقي في الناتج المحلي يصل إلى 5.6% في المتوسط سنوياً.
- زيادة في معدل نمو القطاعات غير النفطية إلى 8% في المتوسط سنوياً.
- التركيز على قطاعات الإنتاج السلعي لتحقيق معدل نمو يتراوح بين معدل 6-13% لتتوسع الاقتصاد ومصادر الدخل.

وفي نفس الاتجاه احتوت استراتيجية التخفيف من الفقر على إعادة صياغة للأهداف الكمية المحددة في الخطة والتي كانت أكثر طموحاً حيث استهدفت تحقيق معدل نمو سنوي في الناتج المحلي يبلغ 4.7% في المتوسط وتحقيق معدل نمو في القطاع غير النفطي عند مستوى 6.3% سنويا.ً

اتجاهات النمو المحققة خلال الفترة 2001-2003
تشير التقارير السنوية لمراجعة وتقييم الخطة الخمسية الثانية (2001-2005) والصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، إلى أن معدلات النمو على مستوى الاقتصاد الكلي وعلى مستوى القطاعات الاقتصادية المختلفة قد تحققت عند مستويات أدنى مما استهدفته الخطة أو استراتيجية التخفيف من الفقر. فقد بلغ معدل نمو الناتج المحلي خلال الفترة 2001-2003م حوالي 4.23% بالمتوسط، وبفارق 1.4 نقطة مئوية عن المستهدف في الخطة. كما أن متوسط معدل النمو في القطاعات غير النفطية لم يتجاوز 4.4% خلال الفترة ويقل عن المعدل المستهدف بحوالي 3.6 نقطة مئوية، إضافة إلى ذلك فإن توقعات النمو للأعوام 2004 و2005 تشير إلى تراجع معدلات النمو في الناتج المحلي الحقيقي إلى حوالي 3.1 بالمتوسط، واستمرار تحقيق معدلات نمو سالبة في القطاع النفطي تصل إلى 6.74-% في عام 2005م.


معدلات النمو خلال الفترة 2001-2003 (%)
2000 2001 2002 2003 2004 2005
الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.43 4.56 3.93 4.20 3.27 3.06
القطاعات غير النفطية 3.51 5.18 4.58 4.58 4.59 4.64
الناتج المحلي للقطاع النفطي 9.43 1.32 0.41 2.11 4.20- 6.64-
المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء، 2003

وهذا يعني أنه في ظل معدل نمو سكاني مرتفع (حوالي 3.5% سنويا)، فإن معدل نمو دخل الفرد ظل ثابتا خلال الفترة الماضية وقد يصبح سالبا في الفترة المتبقية من الخطة الخمسية الثانية واستراتيجية التخفيف من الفقر.

ويعود التراجع في معدلات النمو إلى نوعين من الأسباب:
مؤقتة: تتمثل تباطؤ معدلات النمو في أهم القطاعات غير النفطية مثل الزراعة وصناعة تكرير النفط وقطاع التجارة، كما يوضح الجدول.

وهناك أسباب هيكلية لتدني معدل النمو منها:
 إن نمط الإنتاج السائد يتسم بما يسمى "بنمط اقتصاد الريع"، فاستخراج النفط وتكريره وتصديره يشكل المصدر الرئيسي لتحريك النشاط الاقتصادي في عدد من القطاعات، حيث يساهم القطاع النفطي بما نسبته 30% من تركيب الناتج المحلي، وحوالي 70% من إيرادات الموازنة العامة، كما أن عوائد الصادرات النفطية تزيد عن 90% من إجمالي الصادرات وتمثل المصدر الرئيسي للاحتياطيات من النقد الأجنبي.
 إن جزءاً كبيراً من النشاط الاقتصادي يتركز في القطاعات التقليدية من الأنشطة الأولية فقطاع الزراعة يساهم بنسبة 15% من الناتج المحلي ويستحوذ على أكثر من 54% من القوى العاملة، إلا أن مساهمة الصادرات الزراعية لا يتجاوز 3% من إجمالي الصادرات اليمنية، كما أن معظم إن لم يكن كل النشاط الصناعي مخصص لإنتاج السلع الاستهلاكية التي تعتمد إلى حد كبير على رخص إنتاج من شركات أجنبية وهذا يعني قلة الحاجة إلى معرفة معظمها في كل هذه الأنشطة، ولا تمثل المعرفة مدخلاً أساسياً في النشاط الاقتصادي التقليدي أو الحديث.
 المؤسسات والشركات الإنتاجية الخاصة يغلب عليها النمط العائلي أو الفردي مما يعني ندرة الشركات المتوسطة والكبيرة، وانعدام الحاجة إلى التراكم المصرفي لتحريك النشاط الإنتاجي فيها.
 سؤ توزيع الدخل بين شرائح المجتمع، والذي يفي وفقاً لأدبيات التنمية صعوبة تحقيق اقتصادي مرتفع في ظل انتشار معدلات الفقر والبطالة، فالبيانات تشير إلى أن حوالي 43% من الأسر تعيش تحت خط الفقر وأن "معامل جيني" لم يتجاوز 0.36 مما يعني تركز الدخل في شرائح محدودة في المجتمع.

أهمية الترابط بين النمو الاقتصادي المنشود والتنمية الإنسانية:
يمثل هدف تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع جوهر الخطط والاستراتيجيات الوطنية المقرة والتي تمثل برنامج عمل الحكومة خلال السنوات القادمة، ومن خلال ما تم نقاشه في تقارير التنمية الإنسانية الدولية والعربية استناداً إلى تجارب العديد من الدول، فإن تحقيق معدل نمو اقتصادي عالي يجب أن ينظر إليه على أنه وسيلة لتحقيق هدف حقيقي أكثر وهو تحقيق مستوى أعلى من التنمية الإنسانية، وهذا الأمر يتطلب إعادة صياغة برامج واستراتيجيات النمو الاقتصادي بما يضمن:
 توسيع الفرص المدرة للدخل لشرائح المجتمع المختلفة، وهذا يحتاج إلى التركيز على أنماط النمو المولد لفرص العمل والاستثمار في المجالات كثيفة العمل، لضمان تخفيف الفقر من جانب والحد من البطالة من جانب آخر.
 ضمان المساواة في توزيع الموارد بين القطاعات العام والقطاع الخاص. ويتحقق ذلك من خلال تهيئة البيئة المناسبة للاستثمارات الخاصة – الوطنية والأجنبية، وفي المقابل تخصيص نسب أعلى ومقبولة من الإنفاق العام في راس المال البشري وتحديدا في قطاعات التعليم والصحة.
 توفير الفرص لمختلف شرائح المجتمع من الحصول على الأصول المنتجة- البنية التحتية والائتمان، وضمان مشاركة كل الأطراف في عملية اتخاذ القرار وخاصة المرأة ومؤسسات المجتمع المدني.
 تعزيز امكانات المشروعات الصغيرة والقطاع غير الرسمي المنتج في مجال الحصول على تقنيات حديثة والتأهيل والتدريب بالإضافة إلى الائتمان المناسب لتطوير منتجاتها وزيادة إنتاجية العاملين فيها.

آفاق النمو الاقتصادي:
وفقاً لتوجهات الرؤية الاستراتيجية والخطة الخمسية الثانية وما أكدته استراتيجية التخفيف من الفقر، لتحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية وللدفع بعجلة النشاط الاقتصادي إلى مستويات متقدمة في المدى المتوسط والبعيد، فإنه لابد من اعتماد الأسس والمنطلقات الاستراتيجية التالية :
• أن يكون النمو الاقتصادي المنشود مولداً لفرص العمل ويساهم في الحد من البطالة في أوساط القوى العاملة.
• التقليل من الاعتماد على العوائد النفطية للحد من أثار التقلبات السلبية على الأوضاع الاقتصادية.
• تفعيل مصادر النمو غير التقليدية وتعظيم المزايا التي تتمتع بها القطاعات الواعدة في الاقتصاد.
• تعزيز الشراكة مع دول الجوار والجهات المانحة والاقتصادات المزدهرة في العالم لضمان تدفق رأس المال لتمويل الاستثمار العام والخاص للنهوض بالنشاط الاقتصادي.