النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: قراءة في مفهوم التنمية

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
اليمن
مجال العمل
طالب دراسات عليا - باحث ومتخصص في إدارة التنمية المحلية
المشاركات
242

قراءة في مفهوم التنمية

قراءة في مفهوم التنمية البشرية

أصل الموضوع موجود في الرابط التالي:
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]



لا يأتي تعقد مفهوم التنمية من تعقد ظاهرة التنمية في حد ذاتها ، أو من السيرورة التاريخية التي تعمل بداخلها، بل و أيضا من الطبيعة المركبة للمفهوم ذاته، وتعدد أبعاده و اختلاف مستوياته.
و الواقع أن مفهوم التنمية لم يأتي إلا بصيغة التقدم « المادي» و لم يعتمد في الأدبيات الماركسية إلا من باب توصيف عمليتي التحديث و العصرنة التي كانت تتخد من البعد المادي و الكمي المرجعية و المقياس.
و على هذا الأساس فإن إنتاج الثروة كان و لزمن طويل هدف علم الإقتصاد و منتهاه، و لم يكن البشر إلا عنصرا من عناصر الإنتاج، بحيث أن الإنسان هنا يبدو وسيلة لإنتاج الثروة ، على اعتبار أن هذه الأخيرة وسيلة لتطوير طاقات الإنسان الجسدية و العقلية ليعاود عملية الإنتاج على نطاق أوسع.
إلا أن على الرغم من شيوع أطروحة الرأسمال البشري في الخمسينيات فإن جوهر تصور مكانة الإنسان بقي على ما كان عليه، إذ لم يؤدي هذا التطور « الأكاديمي» إلى الإهتمام بالإنسان بقدر ما تم التركيز عليه من منظور دوره في خدمة العملية الإنتاجية تراكما و توسعا. بمعنى أن اكتشاف دور المهارات و الكفاءات و الخبرات جاء على اعتبار أن الرأسمال البشري عاملا مستقلا في نمو إتاجية العمل و الزيادة في الإنتاج على المستويين الكمي و النوعي١. وهذا ما جعل مفهوم التنمية يتداخل في كليته مع مفهوم النمو ذي المحتوى الكمي مما يستدعي التمييز بين المفهومين: النمو و التنمية، و إبراز الأبعاد المتداخلة بينهما ، و الظروف المتباينة التي تميز كلا منهما عن الآخر و ذلك للوصول إلى منهج تكاملي بين ظواهر النمو المادي و عناصر التنمية البشرية. وفي تحليله لمفهوم النمو يعتبر جوزيف شومبيتر j.chompiter
أن النمو يشير إلى النمو الإقتصادي و الذي يمكن الإستدلال عليه في حجم ارتفاع نصيب الفرد من الدخل القومي خلال الدورة الإقتصادية للمواد المتاحة. فالنمو هو نمو في حجم الإنتاج الكلي الخام، و الذي يشير إلى مجموع السلع و الخدمات التي تم الحصول عليها خلال فترة زمنية محددة، و لذلك فمفهوم النمو ينطوي على الزيادة في الإنتاج. النمو إذن ظاهرة تدريجية و تراكمية و هذا يعني ضمنيا أن عملية النمو في الغالب تكون بطيئة٢، و هكذا فالنمو مفهوم كمي يطلق على الزيادة في الإنتاج.
و لقد اعتبر جوزيف شومبيتر أن التنمية تعني في الواقع تحقيق تغيرات جوهرية و تكنولوجية و اجتماعية و سياسية بالإظافة إلى تغيرات في الإقتصاد. فالتنمية لم تقوم على معطى اقتصادي محض ، بحيث أن استراتيجية التراكم الرأسمالي و إن كانت هي الأساس الذي قامت عليه التنمية الإقتصادية بالنسبة للدول المتقدمة، إلا أن الواقع يشير إلى فقر عوامل أخرى مساندة كقوى العمل و المهارات و الكفاءات التنظيمية والتطورات التكنولوجية المتتابعة و المرتبطة بالحضارة ، و أنماط من السلوك مرتبطة بأخلاق العمل، و بالإتجاهات العامة نحو العمل الصناعي.
و هكذا فالتنمية لم تعد تتلخص في تحقيق الزيادة في حجم الدخل القومي أو الفردي ، إنها تتضمن اعتيارات أكثر إلحاحا من تلك الإعتبارات التي يتضمنها مفهوم «النمو» كإنجاز تغيرات أساسية نحو الأفضل في مختلف أوجه الأبنية الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية التي تؤثر في إنتاجية المجتمع و بالذات في مجال التنمية البشرية٣. لقد أكدت تجارب الدول النامية وجود اختلافات عميقة تحد من إقامة علاقة بين مختلف النظم و بين ظواهر النمو الإقتصادي في كل المجتمعات ، حيث أتبثت التجربة اختلاف الموارد المادية و البشرية، و أساليب الإدارة السياسية ، و عمليات التنظيم ، بالإضافة إلى عدم تجانس مراحل التطور في كل المجتمعات ، و حتى بالنسبة للبلدان المتقدمة فقد ظهر فيها تفاوت في أنماط و مستويات التطور و نماذج التنمية المتبعة، نجم عنه تفاوت في النتائج سواء من حيث سرعة النمو أو مستوى تعميم المكاسب الإقتصادية و الإجتماعية على فئات المجتمع.
و بناءا على ذلك فإن المفهوم المجرد للنمو ليس له قيمة ، إنه أساس غير ملائم لبناء سياسة اقتصادية، حيث يقترح في الغالب نموذجا معينا مبنيا على أسباب غير ذات صلة تماما بالواقع الإجتماعي .
إن تحليل مفهوم النمو كما حدد و استخدم نظريا خلال السنوات الثلاثين الماضية، يجعلنا نطرح مجموعة من الأسئلة:
النمو من أجل ماذا؟ و لأية غاية؟ و بأية شروط؟ ...
إن هذه التساؤلات تشكل قاعدة مطالب الدول النامية، والتي عجزت نظرية النمو الإجابة عليها، بحيث لم يعد تحقيق الزيادة في حجم الدخل القومي أو ارتفاع نصيب الفرد من الدخل هو الهدف النهائي للتنمية. كما أن الأرقام و الإحصاءات و البيانات الكمية عن «النمو» على الرغم من كثرتها و تنوعها لا تعطي الصورة الحقيقية عن الوضع الإقتصادي و الإجتماعي في بلد ما. كما أن من الصعب إخضاع تلك البيانات للتحليل خصوصا في مجال دراسة نتائج التنمية نظرا لتدخل مجموعة من العوامل الكمية و الكيفية التي تؤثر على السكان.
وهكذا فإن مفهوم النمو يمكن اعتباره جزء من ظاهرة التنمية البشرية التي تشمل ما هو اجتماعي و اقتصادي و ثقافي و سياسي.
بحيث أن مفهوم التنمية البشرية في العمق هو عملية مستمرة في الزمان و المكان من أجل توسيع خيارات الإنسان التي تتجلى في الأنشطة اليومية «اجتماعية ، اقتصادية ، ثقافية، سياسية...» . و يعتبر الإنسان مكون أساسي في عملية التنمية ككل حيث أن التنمية مهما كان ميدانها فهي تمس المورد البشري و نظرته إلى الأمور٤.
إن مفهوم التنمية البشرية يعبر عن انشغال إنساني دائم يتجلى في تحقيق الرخاء الإجتماعي و ضمان العدالة بين مختلف الاجناس . و يقوم المفهوم كذلك على أن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم ، وأن التنمية البشرية تتجلى في توسيع خيارات الإنسان، و هذا يعني مركزية الحرية في عملية التنمية البشرية التي تهدف إلى التوصل لمستوى راق في الرفاه الإنساني .
و معنى هذا أن التنمية البشرية عبارة عن منهج للتنمية الشاملة ، المتكاملة للمؤسسات المجتمعية و التي تسعى إلى ضرورة توسيع خيارات البشر بهدف تحقيق الغايات الإنسانية الأسمى بتجاوز المفهوم المادي للرفاه الإنساني إلى الجوانب المعنوية و الحياة الإنسانية الكريمة التي تشمل التمتع بالحرية السياسية و الإقتصاية و الإجتماعية و توافر الفرص لإكتسات المعرفة و الإنتاج و الإبداع و الإستمتاع بالجمال و الكرامة الإنسانية ، و تحقيق الذات دون تمييز بين البشر استنادا إلى أي معيار كان ، النوع أو الأصل، أو المعتقد أو الجنس في مجتمع ديمقراطي يقوم على التمثيل الصحيح والمساءلة التي هي الأساس و المحيلة على شتى ضروب الحكم الصالح.
ومعناه فوق كل هذا و ذاك الإعتراف بأن الثراء ليس شرطا لتحقيق الكثير من الأهداف المهمة للأفراد و المجتمعات مثل الديمقراطية و المساواة بين الجنسين أو الحفاظ و تطوير الثرات الثقافي، كما أن الثروة لا تضمن الإستقرار الإجتماعي أو التماسك السياسي، هذا فضلا على أن حاجات الإنسان ليست كلها مادية، فالحياة المديدة الآمنة و تذوق العلم و الثقافة و توفير الفرص لممارسة النشاطات الخلاقة وحق المشاركة في تقرير الشؤون العامة ، و حق التعبير و الحفاظ على البيئة من أجل الأجيال الحالية و المقبلة ، مجرد بعض الأمثلة على حاجات و حقوق غير مادية قد يعتبرها المرء أهم من المزيد من الإنتاج، بالمقابل فإن التلوث البيئي و ارتقاع معدلات الجريمة و العنف و الأمراض في الكثير من البلدان تعتبر عائق نحو التنمية.
إن العنصر البشري يشكل ركيزة أساسية في عملية التنمية المتكاملة ، بحيث أن مفهوم التنمية البشرية ينظر إلى الناس بوصفهم الثروة الحقيقية لأي مجتمع ، و عليه فإن الهدف الأساسي للتنمية يجب بالضرورة أن يتمثل في توفير البيئة الملائمة للبشر ليتمتعوا بحياة سعيدة ، كما أنه يعني عملية توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس.
ولهذا فإن التنمية البشرية من هذا المنظور تهدف إلى تشكيل و بناء القدرات الإنسانية ، ثم انفتاح الناس بقدراتهم المكتسبة على مجالات العمل. ونخلص من هذا التعريف أن مفهوم التنمية البشرية يحمل مضمون أشمل و أعمق لدور و مستوى و أسلوب استفادة الفرد من عملية التنمية ككل.
وإذا خلصنا إلى كون أن التنمية لا تعني فقط الزيادة في إنتاج السلع بل تعني كذلك تنمية البشر و إثارة و تحفيز قدراتهم الفطرية و زيادة ثقتهم بأنفسهم ، فلا يمكن النظر إليها بوصفها عملية التراكمات المادية للثروة، فهي أكثر من التوسع في عملية التصنيع، أو الزيادة في التحضر و التقنية، و ارتفاع مستويات المعيشة و نمو الإستهلاك ، أي أنها تحمل مضمونا أكبر من التعبير عنها بمستويات الدخل الفردي ، و لذلك فإن التنمية ليست هندسة الإقتصاد فقط ، فهي يجب أن تفهم تحت شروط القيم أو الأبعاد الثقافية للحياة الإقتصادية و الإجتماعية التي لها تأثيرات كبيرة على تنمية القدرات البشرية .
المراجع: ١ـ مجلة وجهة نظر، العدد ٢٩ صيف ٢٠٠٦ ، ص٣٢. ٢ـ علم احتماع التنمية، جهينة سلطان العيسي، زكزياء خضور، كلثوم علي الغانم، مطبعة الأهالي للطباعة و النشر و التوزيع، الطبعة الأولى ١٩٩٩، ص٣٧. ٣ـ نفس المرجع ص٣٩. ٤ـ مصطفى حجازي: التخلف الإجتماعي ، مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، المركز الثقافي العربي، الطبعة التاسعة٢٠٠٥، ص ١٠
عبد الرحيم كدار


سفـــــــــارة فرنســـــــا لدى مملكة البحرين , المنامة
هاتف : 000 000 00 (000 00) ـ فاكس : 000 000 00 (000 00)

























[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]

ملتقى الاقتصاد: تحليل مؤشرات التنمية البشرية في العراق/العدد الحادي عشر

ان مفهوم التنمية البشرية قد اخذ بعداً مؤسسياً بعد ان تم تبنيه من قبل البرنامج الانمائي للامم المتحدة ،الذي اعتمد على طروحات محبوب الحق (باكستاني) وأمارتينا صن ( هندي ) خلال عملهما في هذا البرنامج ليضعا نظرية للتنمية البشرية المستدامة توجت بإصدار التقرير أعلاه وما تبعه من إصدار تقارير وطنية تجاوزت 500 تقرير.
أ.د كامل علاوي
كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة الكوفة


تحليل مؤشرات التنمية البشرية في العراق
الأستاذ الدكتور
كامل علاوي كاظم

المقدمة
ان البحث في تحليل مؤشرات التنمية البشرية في العراق يتطلب جهداً لا يقتصر على الاقتصاد فحسب، بل يستوعب جدلاً في مجالات السياسة والاجتماع ، وتشير الوقائع ان العراق لم يعش يوماً دولة المؤسسات العصرية ،اذ كان الاقتصاد مسيساً وخاضعاً في تحولاته الى التحولات التي تحدث في طبيعة الممارسة السياسية التي شكلت عبئاً كبيرا على الاقتصاد ، فما ان انتعش الاقتصاد وارتفعت أسعار النفط وبالتالي العوائد النفطية دخل النظام السابق حرباً مع ايران لا جدوى منها سوى التدمير ، وبدلاً من توجيه الموارد نحو الأعمار والتنمية وجهت الى عسكرة الاقتصاد والمجتمع وكانت ماكنة النظام السابق الإعلامية أقوى من الحقيقة فكان الحديث يجري عن الرفاه الزائف والانتعاش بدلاً من التدمير والتدهور الصحي والتعليمي. وما ان حطت حرب الخليج أوزارها حتى بدت المشاكل البنيوية في الاقتصاد العراقي وفي مقدمتها المديونية، التضخم ، البطالة والاهم من ذلك تدهور مؤشرات التنمية البشرية ...... ، ويعود الإعلام مرة اخرى ليتحدث عن التدمير والتدهور الذي لحق بالاقتصاد والمجتمع نتيجة غزو الكويت وما تبعه من فرض الحصار الاقتصادي ليس بصدد نشر الحقائق ، وإنما للحصول على مصادر تمويل و استدرار العطف من دول العالم ،وقد أصبحت التنمية البشرية في العراق تثير المخاوف الحقيقية على مستقبل أبناء البلد فقد تدهورت وبشكل حاد مؤشرات التنمية البشرية في مجال الصحة والتعليم فضلاً عن اتساع نطاق البطالة والفقر البشري ، على الرغم مما يمتلك البلد من إمكانات مادية وبشرية وما يختزن من ثروات فيه .
وعلى الرغم من أهمية العنصر البشري في العملية الإنتاجية الا ان هذا العنصر لم ينل الاهتمام الكافي من حيث التطوير والتدريب والتأهيل مما اثر بشكل سلبي على الكفاءة الاقتصادية و رفع الإنتاج والإنتاجية، لذا جاء الهدف من البحث في دراسة وتحليل مؤشرات التنمية البشرية في العراق لتبيان مدى الاستفادة منها في تحقيق النمو الاقتصادي، وانطلق البحث من فرضية مفادها" هنالك علاقة ايجابية وقوية بين أوضاع التنمية البشرية والنمو الاقتصادي" . ولغرض الوصول الى أهداف البحث فقد قسم الى ثلاثة أقسام تناول الأول منها تحديد مفهوم ومتضمنات التنمية البشرية بينما خصص الثاني الى تحليل مؤشرات التنمية البشرية في العراق في حين أختتم البحث في القسم الثالث منه بخاتمة.

اولاً:- التنمية البشرية :المفهوم والمضمون
ان الاتجاه الذي كان سائداً في الفكر الكلاسيكي والنيوكلاسيكي يؤكد على أهمية العنصر البشري في زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحقيق النمو الاقتصادي حسب ادم سمث من خلال التخصص وتقسيم العمل ، او انه عنصراً مكملاً لراس المال حسب الفكر النيوكلاسيكي لينتجا الثروة التي هي مجرد وسيلة لتلبية حاجات الإنسان وتطوير قدراته وطاقاته وبهذا يكون الإنسان الوسيلة لانتاج الثروة والهدف النهائي لها.اما التنمية التي تجلت مفاهيمها واستراتجياتها وسياساتها فهي نتاج الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها الدول النامية من رقبة الاستعمار المباشر والتي أصبحت التنمية بالنسبة لها لم تتحدد ايجاباً (( ما يجب ان تكون عليه)) بأهداف النمو الاقتصادي بل طغى عليها التحديد السالب (( أي ما لا يجب ان تكون عليه)) وبذلك بدا مفهوم التنمية الخروج من حالة التخلف باعتباره تركة الاستعمار بالدرجة الأساس وبالتالي اكتسب معنى اكثر تركيباً وتعقيداً كونه يجمع أهداف اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية. ولاهمية العنصر البشري في القضاء على التخلف وتحقيق التنمية البشرية طرحت منظمة العمل الدولية منهج الحاجات الاساسية الذي كان هدفه ان تقدم الحكومات الحاجات الاساسية كالصحة والتعليم بغية تحرير طاقات الانسان مع ضمان حقوقه وسميت "التنمية بالمشاركة" سواءاً المشاركة على مستوى التنفيذ او باتخاذ القرارات، وفي عقد الثمانينيات من القرن الماضي والذي يعد عقد التنمية المفقودة نتيجة المشاكل التي عانى منها الاقتصاد العالمي ، شكلت الامم المتحدة لجنة برئاسة رئيسة وزراء النرويج في عام 1983 وقدمت تقريرها في عام 1987 ، اذ استخدمت لاول مرة التنمية المستدامة التي يقصد بها التنمية التي تلبي احتياجات الاجيال الحاضرة دون المساس بقدرات الاجيال القادمة .
لقد شكلت التسعينيات من القرن الماضي تتويجاً لتحولات متدرجة ودراماتيكية تتالت خلال العقود التي سبقته نقطة الانعطاف في الفكر التنموي واهم تلك التحولات انهيار برتون وودز ، الصدمات النفطية الاولى والثانية ، ازمة المديونية ،التوسع في التجارة الدولية ......، وعلى الصعيد السياسي انحسار دور حركات التحرر الوطني ،وقد توجت تلك بانهيار المنظومة الاشتراكية وسيادة القطب الواحد ، شكلت هذه التحولات الاطار العام والخلفية للظهور المتجدد لمفهوم التنمية البشرية ليكون بديلاً عن المصطلحات التي كانت سائدة مثل راس المال البشري ، تنمية الموارد البشرية ....." كونه اكثر شمولاً لأنه وضع الناس في صلب عملية التنمية ، وارتكز مضمونه على التراث الفكري الخاص بدور البشر في عملية التنمية، الذي طرات عليه تطورات متعاقبة تمخضت عن معظم العناصر التي تبناه تقرير التنمية البشرية لعام 1990 .
ان مفهوم التنمية البشرية قد اخذ بعداً مؤسسياً بعد ان تم تبنيه من قبل البرنامج الانمائي للامم المتحدة ،الذي اعتمد على طروحات محبوب الحق (باكستاني) وأمارتينا صن ( هندي ) خلال عملهما في هذا البرنامج ليضعا نظرية للتنمية البشرية المستدامة توجت بإصدار التقرير أعلاه وما تبعه من إصدار تقارير وطنية تجاوزت 500 تقرير.
لقد اصبح منظور التنمية البشرية ذا وزن عالمي لاستخدامه من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية و بشكل سلبي وايجابي ، وشكل منظومة فكرية جذابة في تناولها لقضايا العالم الثالث بأفق مختلف وأكثر إنسانية ، كما انه لا يقلل من أهمية النمو الاقتصادي ولكن يضعه بأفق جديد.
ان مفهوم التنمية البشرية جاء على أساس استقراء التجارب والخبرات في مختلف البلدان ، وانه ليس نظرية محددة من نظريات التنمية والمذاهب والأيدلوجيات التي كانت تتصارع في العقود السابقة ،وبهذا المعنى فان المفهوم تشكل باعتباره مفهوماً مستقلاً عن سياق نظري متماسك، اما المحاولات التي جاءت لتحصينه بمثل هذا الاطار فهي محاولات لاحقة ، ولحد الان تشكو من الاتساق الداخلي بين عناصره وهذه عنصر قوة للمفهوم لان بمرونته واستقلاله يوسع قاعدة استخدامه و ينوعها ، اما عنصر ضعفه فانه يتيح الى استخدامات متناقضة وتجعل المفهوم مجرد شعار مفرغ من اية مضامين تغييريه.
عرف تقرير التنمية البشرية الاول "التنمية البشرية على انها توسيع الخيارات المتاحة امام الناس،وهذه الخيارات تلد عن طريق توسيع القدرات البشرية وعلى كافة مستويات التنمية "[1] واكد التقرير على ان للبشر ثلاث حقوق اساسية هي ان يعيش الانسان حياة طويلة خالية من العلل وهي تمثل البعد الصحي لعملية التنمية البشرية، حق البشر في اكتساب المعرفة وهي تمثل البعد التعليمي ، واخيراً حق البشر في الحصول على الموارد اللازمة لتحقيق مستوى معاشي لائق ، وهو يمثل بعد الدخل . ولم تقتصر التقارير اللاحقة على الحقوق اعلاه بل اضيفت لها حقوق اخرى ولا تقل عنها اهمية مثل حقوق الانسان، الديمقراطية، الحريات السياسية والاجتماعية والثقافية والتي لها دور حيوي في تحقيق التنمية البشرية . ويعرفها محبوب الحق على انها " تنمية الناس ، من اجل الناس ، بواسطة الناس "[2] ، تنمية الناس تعني حق البشر في الحصول على الصحة ، التعليم ، الخدمات العامة .......، ليكونوا اكثر انتاجية ، والتنمية من اجل الناس تعني توزيع ثمار التنمية بشكل عادل، والتنمية بواسطة الناس هي افساح المجال لكل فرد للمساهمة فيها. وفي تقرير 1994 اصبحت التسمية"التنمية البشرية المستدامة "[3] لتدل على " انها تنمية لا تكفي بتوليد النمو فحسب بل توزع عائداتها بشكل عادل ايضاً، وهي تجدد البيئة بدل من تدميرها ، وتمكن الناس بدل من تهميشهم،وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم ، ان التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في صالح الفقراء والطبيعة ، وتوفير فرص عمل ، وفي صالح المراة ، انها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة ويحافظ على البيئة ، تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقيق العدالة فيما بينهم".من خلال ذلك نستنتج بان هناك اربع مكونات اساسية للتنمية البشرية المستدامة هي[4] :-
1- الانصاف
2- الاستدامة
3- الانتاجية
4- التمكين
ولاهمية الموضوعات التي اندرجت تقارير التنمية البشرية عقد مؤتمر الألفية وحدد ثمانية اهداف اساسية يجب تحقيقها في 2015 وهي[5]:-
1- القضاء على الفقر والجوع وتخفيض نسبتهم الى النصف
2- تحقيق الزامية التعليم الابتدائي
3- تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ، أي ازالة التفاوت الجنوسي.
4- تخفيض وفيات الاطفال دون سن الخامسة بمقدار الثلثين
5- الارتقاء بصحة الام وتخفيض الوفيات عند الوضع وأثناء الحمل بمقدار ثلاثة ارباع
6- مكافحة فايروس نقص المناعة المكتسبة
7- ضمان الاستقرار البيئي من خلال انقاص نسبة المحرومين من فرصة مستديمة للحصول على مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي الآمن.
8- اقامة شراكة عالمية للتنمية واصلاح انظمة المعونات والتجارة مع معاملة خاصة لأفقر دول العالم

ان هذه العناصر والمكونات والاهداف تستخدم لبناء إستراتجيات تدخل تقليدية كما انها تستخدم لبناء إستراتجيات تدخل تنموية ، كونها تمثل الكل الذي يكتسب معناه ضمن البنيان المتكامل ، وهو لب مفهوم التنمية المعاصر ، وبدون هذا التكامل تصبح التنمية مجرد كلام إنشائي ولا يكتسب أي معنى حقيقي ما لم يستند الى خلفية اكثر تكاملاً وعمقاً [6].

ثانياً :- مؤشرات التنمية البشرية
ان ثمة تفارق بين الظاهرة وقياسها ، وهذا ما ينطبق على التنمية البشرية من حيث هي مفهوم او من حيث هي خيار يتحقق واقعياً ، وان عملية القياس هي تمكين الشركاء في التنمية وصانعي القرار وواضعي السياسات من التعرف على الواقع التنموي وتحليله استناداً الى مؤشرات كمية ، بغية تحديد الاولويات كما يمكن ان تستخدم في رصد التقدم والتاخر في بلوغ الاهداف اضافة الى انه يساعد على المقارنات الدولية .
ان المؤشرات هي ادوات تستخدم في عملية القياس لذا يفترض بهذه المؤشرات ان تعبر عن التنمية البشرية ، فاذا كان المفهوم الذي قدم للتنمية البشرية يتجاوز النمو الاقتصادي فهذا يعني ان يكون الدليل الذي يستخدم في قياس التنمية لابد ان يتجاوز المؤشرات الاقتصادية ليشمل المكونات الاخرى لمفهوم التنمية البشرية ، وهذه العملية ليست بالسهلة اذ تواجه عملية القياس صعوبات منهجية متصلة بالمفهوم نفسه وبعملية القياس نفسها ، كما يواجه محددات خارجية تتعلق بطبيعة المؤشرات والبيانات وتوفرها وطرق حسابها.
ان تكوين صورة واضحة ومتكاملة عن الاوضاع التنموية يتطلب استخدام عدد كبير من المؤشرات عن مختلف النشاطات الانسانية ، ولايمكن الاكتفاء بعدد محدود من المؤشرات والادلة.
ان مفهوم التنمية البشرية اوسع من أي مقياس يمكن ان يقاس به ، ويصعب ايجاد مقياس شامل يختزل الجهد التنموي برمته، فاختيارات البشر لا تحدها نهاية وتتبدل مع الزمن.الا ان الحاجة الى ادلة تصبح ضرورة لاعتبارات عملية وذلك لعدم توفر بيانات في جميع الدول عن جميع المؤشرات ، لذا فان اعتماد دليل تتوفر له جميع البيانات يكون سهلاً لإغراض المقارنات الدولية، ومن هنا جاء دليل التنمية البشرية ليعبر عن ثلاثة ابعاد لعملية التنمية وهي[7]:-
1- البعد التعليمي
2- البعد الصحي
3- بعد الدخل
وكل بعد من هذه الابعاد يقاس وفق مؤشرات معينة ومجموعها تمثل دليل التنمية البشرية الذي يوضح البلد عما هو عليه. وقد اضيفت الى هذه الابعاد ابعاد تكميلية هي[8]: -
1- دليل التنمية المرتبط بنوع الجنس
2- دليل الفقر البشري بنوعيه
3- التمكين.
ان العراق لم يدرج في تقارير التنمية البشرية بعد عام 1998 ، وتعبر تلك المدة عن الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً على العراق نتيجة غزو الكويت ، فهي تظهر بجلاء الدمار الحاصل في التنمية البشرية جراء السياسات الطائشة للنظام السابق. اذ يشير تقرير التنمية البشرية لسنة 1994 الى تراجع النمو الاقتصادي في العراق اربعة اعوام لكل عام من اعوام فرض الحصار وهذا يعني تراجع التنمية بحوالي نصف قرن الى الوراء . وحسب دليل التنمية البشرية احتل العراق المرتبة 76 في تقرير 1990 وبقيمة 0.589 تراجع الى المرتبة 126 سنة 1998 وبقيمة 0.583 ، وهذا لا يشير الى التدهور الحاصل في مؤشر التنمية فحسب بل الى ان التدهور الحاصل في العراق يقابله تطور في دول العالم اذ نجد على الرغم من انخفاض المؤشر بنسبة ضئيلة جداً الا ان تسلسله قد تراجع 50 مرتبة ، في حين تقرير التنمية الانسانية العربية يشير الى ان العراق قد تراجع من المرتبة 80 الى المرتبة 110. وعلى ضوء ابعاد التنمية البشرية سوف نستعرض اوضاعها في العراق.

1- التعليم
يعد التعليم الركيزة الأساسية في تطوير الإنسان ورفع قدراته، وتستخدم تقارير التنمية البشرية مؤشر نسبة القراءة والكتابة للبالغين من مجموع السكان كمؤشر للتعليم إلا إن هذا المؤشر غير كاف للوقوف على المستوى التعليمي للبلد لذا استخدمت مؤشرات تكميلية مثل عدد العلماء وعدد الفنيين لكل 1000 شخص من السكان او نسبة خريجي التعليم العالي كنسبة من الفئة العمرية المقابلة لها . أو نسبة المسجلين في المراحل الابتدائية والثانوية والعليا كنسبة من الفئة العمرية المقابلة لها أيضا" ان تحقيق مستوي تعليمي جيد يتطلب القضاء على ألامية التي تعد احد أركان التخلف في الدول النامية لذا لابد من معرفة حال ألامية في العراق أولا.
أ#- ألامية
تعد الامية من اخطر الافات التي تعاني منها الدول النامية لما لها من انعكاسات سلبية على غالبية المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وبحسب مؤشر الامية بين البالغين الفئة العمرية 15 سنة فما فوق كنسبة من السكان ونسبة الامية بين الشباب الفئة العمرية(15 – 24 ) سنة والتي يوضحها الجدول ( 1 ) .

جدول ( 1 )
نسبة الامية في العراق بين البالغين والشباب للسنتين 1990 و 2002
كنسبة مئوية من الفئات العمرية المقابلة لها

السنة البالغين الشباب
ذ أ مج ذ أ مج
1990 43 67 64.3 43.6 75 59
2002 34 76 59.9 40 70 55
التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005 ص257


نلاحظ من الجدول اعلاه ان نسب الامية مرتفعة جدا خاصة عند مقارنتها مع المعدل العالمي البالغ 20% [9]. وهذه النسبة المرتفعة تعود الى اسباب عدة لعل اهمها العامل الاقتصادي وانصراف الاطفال الى العمل بشكل غير مشروع لمواجهة متطلبات العيش اضافة الى ضعف الوعي الثقافي وانعدام الدافعية لدى الاباء مما حدى بهم الى توجيه ابنائهم للعمل دون الالتحاق بالدراسة. كذلك تردي الوضع العلمي بشكل عام في العراق كان حافزا سلبيا" لعدم الدخول الى المدارس للشعور بالا جدوى من الحصول على الشهادة ........... ، وبالرغم من هذه النسب المرتفعة لم تتخذ الدولة أي اجراء للتخلص من هذه الافة منذ انتهاء الحملة الشاملة لمحو الامية في عام 1986 ، وقد ازداد الامر سوءا" خلال فترة الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق جراء غزوه الكويت اذ بلغت نسبة الامية 14.5% بين الذكور و71.7% بين الاناث حسـب التعداد العام للسكان لعام 1997 في الفئة العمريــــــــــة 15-24 . وبلغت فجوة الامية (رجال/نساء) 44% سنة 1990 وارتفعت الى 50%سنة 2001 وهذا يدل على انتشار الامية بين الاناث بسبب العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.[10]


ب-الالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي والعالي
يستخدم دليل التنمية البشرية نسبة الطلبة الذين يلتحقون بالدراسة ويصلون الى المرحلة الخامسة كنسبة من الفئة العمرية المقابلة وصافي القيد في التعليم الابتدائي ومعدل الالمام بالقراءة والكتابة كمؤشرات لقياس البعد التعليمي وشكلت هذه المؤشرات الهدف الثاني من اهداف الالفية الثانية كان الغاية منها الحصول على مستوى معين من التعليم. فقد بلغت نسبة عدد التلاميذ الذين يلتحقون بالمرحلة الأولى ويصلون إلى المرحلة الخامسة 83.7% سنة 1998 كنسبة من الفئة العمرية المقابلة ، ارتفعت قليلا" لتصل إلى 88.1% سنة 2002 [11]
وتقدر النسبة حسب مسح أحوال المعيشة في العراق لسنة 2004 ب 89% [12]
ولمعرفة وضع التعليم في العراق يعرض الجدول (2) نسبة الالتحاق في مراحل التعليم المختلفة و نلاحظ من الجدول إن 89.8% ممن هم في سنة السادسة يلتحقون في المدارس الابتدائية يصل منهم 90% الى المدارس المتوسطة و 50%الى المدارس الإعدادية و51.7% الى التعليم الجامعي سنة 1990/1991 إضافة إلى 32.7% الى التعليم المهني و44% في التعليم الفني لتكون نسبة الملتحقين في المدارس الإعدادية والمهنية الى 82.7% . إلا إن هذه الصورة قد تغيرت في العام الدراسي 1999/2000 إذ أصبحت نسبة الالتحاق بالتعليم الابتدائي 74.2% يصل ما نسبته 96.1% الى المدارس المتوسطة ويذهب منهم ما نسبته 69.5% إلى المدارس المهنية و 12.3% الى المدارس المهنية إلا إن نسبة الالتحاق في التعليم العالي ارتفعت إلى 90.2% . ان التغير في النسب أعلاه يعود الى تغير آلية القبول في المراحل اللاحقة إذ ألغيت آلية الأنسابية وتركت الحرية للطالب لاختيار نوع الدراسة . كما ان تدني النسب يعود إلى ارتفاع نسب الهدر في التعليم ، يشير الجدول (3) الى نسب الرسوب والتسرب في مراحل التعليم المختلفة.
وتماشيا" مع تقارير التنمية البشرية لابد من معرفة القيود الإجمالية* في مراحل التعليم الثلاث ويوضح الجدول (4) ان القيد الإجمالي للمراحل الأولى والثانوية بلغ للذكور 120.3% و57.1% وللإناث 101.8% و36.4% وبشكل إجمالي بلغت النسبة 111.3% و 47% سنة 1990 وبلغت للتعليم العالي 12.6% اما في عام 2000 فقد تغيرت الصورة اذ كانت المعدلات للذكور 111.4% و47.1% وللإناث 91.3% و29.1% وبشكل إجمالي 101.6% و 38.3% اما القيد العام للتعليم العالي فقد بلغ 18% للذكور و10% للإناث و 14% إجمالي سنة 2002 .
اما اذا اخذنا دليل المساواة بين الجنسين الذي يعرف بانه معدل القيد الإجمالي للاناث الى معدل القيد العام للذكور ، ويوضح الجدول(5) ان النسب كانت مرتفعة في المراحل الدراسية الاولى اذ بلغت 85% سنة 1990 انخفضت الى 82% سنة 2002 لترتفع الى 85.5% سنة 2004 وفي الدراسات العليا بلغت 56% سنة 2002 لتنخفض الى 54% سنة 2004 وهذا يدل على مدى التباين الحاصل بين الجنسين في مجال التعليم والذي يعود في اسبابه الرئيسة الى العوامل الاقتصادية وارتفاع تكاليف التعليم خاصة عند المستوى الجامعي والى العادات الاجتماعية الموروثة و تردي الوضع التعليمي في العراق بشكل عام.
و الى ذلك يشير تقرير الراصد الاجتماعي ان العراق بين الدول الأسوأ اذ بلغت فجوة الالتحاق بالتعليم الاساسي ( نساء / رجال ) 89% سنة 1990/1991 بينما بلغت بالبحرين 100؟% اما فجوة الالتحاق بالتعليم الثانوي فقد بلغت 67% للسنة اعلاه لتنخفض الى 66% سنة 1999 وفي التعليم الجامعي بلغت 53% سنة 1999/2000[13].
اما الانفاق على التعليم الذي يعد في غاية الاهمية ويساهم في توفير فرص الالتحاق بالتعليم والقضاء على الامية وعادة ما يستخدم مؤشر نسبة الانفاق على التعليم كنسبة من الانفاق العام وكنسبة من GDP الا ان البيانات لا تتوفر في العراق بشكل دقيق سوى انها بلغت 3% من GDP سنة 1980 بينما بلغت في مصر 5.7% وفي المغرب 6.1% وفي الاردن 6.6% . وقد انخفضت النسبة بشكل كبير في موازنة 2006 اذ بلغت للتربية والتعليم 1.9% من الموازنة العامة للدولة وهذا يوضح مدى التدهور الحاصل والذي سيحصل في قطاع التعليم.[14]



جدول (2)
نسبة الالتحاق في مراحل التعليم الثلاث للسنوات 1990/1991 و1995/1996 و 1999/2000 %
المستوى التعليمي
90/91
95/96
99/2000

نسبة الالتحاق بالدراسة الابتدائية مقارنة بالسكان 6 سنوات
89.9
76.9
74.2

نسبة الالتحاق بالدراسة المتوسطة من خريجي الدراسة الابتدائية لسنة سابقة 90
90
96.1

نسبة الالتحاق بالدراسة الإعدادية الأكاديمية من خريجي الدراسة المتوسطة لسنة سابقة
50
74.2
69.5

نسبة الالتحاق بالمرحلة الإعدادية المهنية من خريجي الدراسة المتوسطة لسنة سابقة
32.7
20
12.3

نسبة الالتحاق في مرحلة التعليم الفني من خريجي الدراسة (الأكاديمية+10% مهنية) لسنة سابقة
44
64.3
34.9

نسبة الالتحاق في التعليم الجامعي من خريجي الدراسة (الأكاديمية+10% مهنية) لسنة سابقة
51.7
99
90.2

المصدر:الجهاز المركزي للإحصاء – دائرة الاحصاء الاجتماعي



جدول ( 3 )
نسب الهدر في مراحل التعليم الثلاثة للسنوات 90/91 و95/96 و 99/2000 %
السنة البيان الدراسة اللابتدائية الدراسة المتوسطة الدراسة الاعدادية الاكاديمية الدراسة الاعدادية المهنية الفنية الدراسة الجامعية
90/91 رسوب
تسرب 16.2
1.9 30.7
5.1 15.7
1.5 21.1
1.9 25.4
4.8 14.4
1.9
95/96 رسوب
تسرب 13.1
3.1 34
6.8 22.4
1.7 25.1
2.2 40.1
4.5 19.8
2.9
99/2000 رسوب
تسرب 11.1
2.3 31.2
5.6 21.8
2 18.2
2.9 29.7
7.4 16.1
4.3
المصدر: وزارة التخطيط ، دائرة الاحصاء الاجتماعي والتربوي

جدول ( 4 )
معدلات القيد الإجمالي للمراحل الدراسية الثلاث 1990/2002
السنة

نوع الدراسة
1990
2000
2002

ذ
أ
مج
ذ
أ
مج
ذ
أ
مج

المرحلة الاولى
120.3
101.8
111.3
111.4
91.3
101.6
-
-
-

الدراسة الثانوية
57.1
36.4
47
47.1
29.1
38.3
-
-
-

الدراسة العليا
-
-
12.6
-
-
-
18
10
14

المصدر : التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005 ص 258




جدول (5)
دليل المساواة بين الجنسين في التعليم في مراحل التعليم الثلاث %
السنة
المرحلة
1990
2002

المرحلة الاولى
85
82

المرحلة الثانوية
64
62

المرحلة العليا
ـــــ
56

المصدر : التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005 ص 260

2- الصحة
يستخدم دليل التنمية البشرية العمر المتوقع عند الولادة كمؤشر لقياس طول العمر وقد لاقى هذا المؤشر رواجا كبيرا عندما استخدم لاول مرة في تقرير التنمية البشرية لعام 1990 ليعبر عن البعد الصحي . ان تحقيق عمر متوقع اعلى يتم عبر التقدم الصحي ومن خلال خفض معدلات وفيات الاطفال و الامهات ،و اضافة الى هذا المؤشر تستخدم بعض المؤشرات لتعبر عن الامن الصحي ومنها وفيات الاطفال دون سن الخامسة لكل 1000 ولادة ومعدل وفيات الاطفال الرضع لكل 1000 مولود حي و معدل الوفيات الخام لكل الف نسمة من السكان وكذلك عدد الاصابات بمرض الملاريا والسل لكل 100000 نسمة اما الاصابات بمرض الايدز فلا توجد بيانات يمكن الاعتماد عليها ..

الجدول (6)
بعض مؤشرات الامن الصحي للمدة 1970-2003
لبيان

السنة
العمر المتوقع عند الولادة سنة
معدل الوفيات الخام لكل 1000من السكان
معدل وفيات الاطفال الرضع لكل 1000 مولود حي
معدل وفيات الاطفال دون سن الخامسة لكل 1000 مولود حي

1970
55
15.5
102
127

1980
62
9
80
95

2003
61
9
102
125

المصدر التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005 ص 262

نلاحظ من الجدول اعلاه ان العمر المتوقع عند الولادة قد انخفض من 62 سنة في عام 1980 الى 61 سنة في عام 2003 وهو اقل من العمر المتوقع في الدول العربية وفي العالم اذ بلغا 64.8 و 66.9 سنة على التوالي كما نلاحظ تدهور جميع المؤشرات في سنة 2003 مقارنة مع سنة 1980 ويعود سبب هذا التدهور الى الظروف الاقتصادية التي مر بها البلد من جراء الحروب الذي خاضها النظام السابق ضد ايران وغزوه دولة الكويت وكذلك الحصار الاقتصادي لاكثر من عقد من الزمان وهذا ما اثر على الوضع الصحي وعلى الخدمات الصحية بشكل كبير. يشير الجدول (7) الى ان عدد الاصابات بمرض الملاريا قد ارتفعت من 23 حالة سنة 2001 الى 26 حالة سنة 2003 علما ان العراق يعد من البلدان التي تتسم بانخفاض مستوى التوطن لهذا المرض ويعود هذا الارتفاع الى عدم كفاية تغطية الرعاية الصحية وقلة فرص وصول الفرق الصحية الى المناطق الريفية كما ان النقص في العقاقير المضادة له وانخفاض جودة الموجود منها من العوامل التي أثرت على انتشار المرض اما الاصابة بمرض السل فقد استقرت عند 14 اصابة في عامي 2001 و 2003 وهو اقل بكثير من باقي الدول العربية اذ بلغت في المتوسط الإقليمي 81 اصابة.[15]
جدول ( 7)
عدد الاصابات بمرض الملايا والسل لكل 100000 نسمة للمدة 2000-2003
السنة
عدد الاصابات بمرض الملايا
عدد الاصابات بمرض السل

2000
ــــــ
2

2001
23
14

2002
24
15

2003
26
14

المصدر:وزارة التخطيط والتعاون الانمائي، مديرية احصاء التنمية البشرية "تقرير مؤشرات رصد الاهداف الانمائية للالفية ،2005 ،ص11-12

ومن الابعاد المختارة في معرفة الامن الصحي هي صحة المراة الانجابية وقد تم اختيار مؤشرين لذلك هما وفيات الامهات لكل 100000 ولادة حية وكذلك الولادات المنجزة على يد جهاز طبي .وقد كان هذان المؤشران هدفا من اهداف اللالفية في تحسين صحة المراة . اذ بلغت وفيات الامهات 117 حالة لكل 100000 ولادة حية سنة 1990 طبقا"لدراسة جامعة هارفرد في حين ارتفعت الى 291 حالة سنة 1999[16] وحسب نتائج مسح احوال المعيشة لسنة 2004 بلغت 193 حالة وقدرت الامم المتجدة بانها بلغت 370 حالة في العقد الماضي وكان ما يناهز 70% من النساء الحوامل يعانين من فقر الدم مما يعرضهن لخطر الوفاة والاعتلال.[17] اما نسبة الولادات التي تجري باشراف موظفي الصحة وذوي الاختصاص فقد بلغت النسبة 80.79% سنة 2000 ارتفعت الى 89.23 % سنة 2004 حسب إحصاءات وزارة الصحة في بلغت 96% سنة 2004 حسب مسح احوال المعيشة .[18]
ولمعرفة الوضع الصحي بشكل أكثر تفصيلا" تشير المؤشرات الموضحة بالجدول (8)
مدى التدهور الحاصل فيها بالرغم من ارتفاعها بشكل مطلق إلا إنها انخفضت كنسبة الى عدد السكان اذ كان عدد الاطباء 9366 طبيب سنة 1990 ارتفع الى 14704 طبيب سنة 2003 ، الا ان نسبة طبيب الى 1000 نسمة انخفضت من 1.91 الى 1.8 طبيب لكل 1000 نسمة . وهكذا بالنسبة الى بقية المؤشرات.



جدول ( 8 )
بعض المؤشرات الصحية في العراق للمدة( 01990-2003)
المؤشرات
19990
1995
2000
2003

عدد الاسرة
31227
32718
33721
31856

عددالسكان/ سرير
572
628
625
826

معدل اشغال الاسرة
43.5
44.3
43.8
45.3

عدد الاطباء
9366
9769
11920
14704

عدد السكان / طبيب
1910
2102
1935
1791

معدل طبيب لكل 1000 شخص
1.91
2.1
1.9
1.8

عدد اطباء الاسنان
1464
1746
2235
2680

عدد السكان / طبيب اسنان
12220
11762
9127
9828

عدد الصيادلة
1470
1594
1957
2309

عدد السكان / صيدلي
12170
12883
10419
11407

عدد المستشفيات
177
197
216
217

عدد السكان / مستشفى
101076
104244
109015
121382

عدد المراكز الصحية
737
881
941
955

عدد السكان / المركز الصحي
24275
23310
21119
27581

عدد العيادات الشعبية
133
262
313
402

عدد السكان / عيادة شعبية
134514
78382
62707
65522

المصدر -: احمد الحسيني التحليل الاقتصادي لمؤشرات التنمية البشرية في العراق للمدة (1990-2000) ، اطروحة دكتوراة مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد جامعة القادسية – 2004 غير منشورة ص 156
- وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ، المجموعة الاحصائية لسنة 2004
اما الانفاق على الصحة فانها تعد مسالة في غاية الاهمية اذ جاءت النسبة منخفضة حتى مقارنة مع الدول االنامية فقد بلغت النسبة 3% من GDP و 4.6% كنسبة من الانفاق العام في حين كانت النسب 5.4% و 15.1% في الجزائر وبلغت في موريتانيا 3.6% و 10.3% على التوالي وهذا يعكس مدى التدهور الحاصل في القطاع الصحي .[19]
ومن المؤشرات المستخدمة في مجال الامن الصحي هو مدى توفير مياه شرب امنه وصرف صحي ملائم . وقد كانا هذين المؤشرين من اهداف الالفية ويوضح الجدول ( 9 ) ان النسب في عامي 1990 و2002 كانت مرتفعة قياسا" بعام 2004 وقد يكون السبب في ذلك الارتفاع الى عدم الدقة في البيانات كونها غير مطابقة للواقع الذي يشير الى تدهور وضع المياه والصرف الصحي بشكل خطير . كما نلاحظ مدى التباين بين الريف والمدينة في هذا المجال.

جدول ( 9 )
نسبة السكان الذين يحصلون على مياه شرب امنة وصرف صحي ملائم في العراق للسنوات 1990 ، 2002 ، 2004 %

المؤشر
1990
2002
2004

حضر
ريف
اجمالي
حضر
ريف
اجمالي
حضر
ريف
اجمالي

مياه شرب
92
44
78
97
50
81
60
33
54

صرف صحي ملائم
85
37
70
95
48
80
47
3
25

المصدر: -السنوات 1990 و 2002 التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005
سنة 2004 وزارة التخطيط والتعاون الانمائي " تقرير مؤشرات رصد الاهداف الانمائية للالفية ص 16
3 – الفقر البشري
ان قياس الفقر يعد من اعقد المسائل التي تواجه الباحثين وذلك لوجود صعوبات فنية تتعلق بعدم كفاية البيانات كسلسلة زمنية تصلح لبيان التغير فيه او المقارنة او لاسباب منهجية تتعلق بتحديد مفهوم الفقر .ويعرف الفقر بانه انخفاض الدخل عن المستوى المطلوب للحصول على الغذاء ( فقر مدقع ) ، او الانخفاض عن المستوى المطلوب في الانفاق على الغذاء والصحة والتعليم ( فقر مطلق ) وهذان النوعان يمكن تحديدهما بخط يسمى خط الفقر حيث يكون الناس اسفل هذا الخط فقراء وفوقه غير فقراء .[20] ويمكن من خلال هذا الخط معرفة حجم الفقر ونسبته الى السكان في البلد.[21] وحددت الامم المتحدة حد فقر الدخل بدولار واحد في اليوم لكل شخص على أساس تعادل القوة الشرائية لعام [22]1985 .والفقر مفهوم نسبي يختلف من بلد لاخر بل حتى في البلد الواحد لذا لابد من اخذ خصوصية المجتمع والفقراء فيه بنظر الاعتبار . وقد تعددت وكثرت مفاهيم الفقر وتجاوزت المفاهيم الاحصائية فلم يقتصر على الافتقار بل تعدى ذلك الى كل ماهو ضروري لتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي وبذلك اصبح يعني الحرمان من الفرص والخيارات في الحصول على حياة طويلة خالية من العلل والتمتع بمستوى معيشة لائق والشعور بالحرية واحترام الذات.وبذلك يكون الفقر هو فقر الفرص والخيارات وليس فقر الدخل .[23] ان مؤشر الدخل لا يعكس الصورة بشكل صحيح عن حالة الفقر لذا تم اللجوء الى مؤشرات أخرى تستخدم في معرفة التطور الذي لحق بالبلد والشوط الذي قطعه في مكافحة الفقر فقد استخدم البرنامج الانمائي التابع للامم المتحدة مؤشرا" مركبا" لقياس الفقر البشري ليكون اوسع من المقياس السابق المحدد بدولار واحد يوميا" ويستند هذا المقياس الى مفهوم الاستطاعة اى الحصول على فرصة حقيقية لكي يعيش الانسان حياة لها قيمة .وهذا المؤشر يعتمد على ثلاث مؤشرات فرعية وهي نسبة السكان الذين يحصلون على مياه شرب امنة والنسبة المئوية للاطفال ناقصي الوزن ونسبة السكان الذين لا يحصلون على خدمات صحية.وفي العلاقة بين التنمية البشرية والفقر البشري
وعلى الرغم من القصور في مؤشر الدخل الا انه يمكن ان يستخدم دليل على مستويات الفقر في العراق فقد قدر مكتب الشفافية ومكافحة الفساد بان عدد الفقراء في العراق قد بلغ خمسة ملايين شخص .
وعادة ما تستخدم الاسرة كوحدة تحليلية في قياس الفقر وحسب هذه المنهجية فان الفقر يعرف" بانه حالة عدم الحصول على مستوى للمعيشة يعتبر لائقا" او كافيا" بواسطة المجتمع الذي تعيش فيه الاسرة"[24] وقد استخدمت هذه المنهجية من قبل قمة الالفية وحددت هدفها الاول القضاء على الفقر والجوع و بلغت الاسر التي تعاني من الفقر الشديد 11% والاسر الفقير 43% وبذلك يكون المجموع 54% سنة 2003 .[25] وحسب ميزانية الاسرة لعام 2005 فقد بلغت 9% والفقر المطلق 40% والمجموع 49% ، وحسب خارطة الحرمان لسنة 2006 فقد تم استخدام تصنيف ثلاثي و خماسي لمستوى المعيشة فحيب التصنيف الثلاثي بلغ نسب الاسر في حال وضع متدن 31.2% وفي وضع متوسط 44.8% والمتبقي في وضع عال ، امااا وووفق التصنيف الخماسي فقد بلغت نسب الاسر المحرومة بشكل منخفض جداً 5.4% ومنخفض 25.8% ومتوسط 44.8% ومرتفع 22% ومرتفع جداً 2% وحسب لجنة الاستثمار في مجلس النواب العراقي فقد بلغت نسبة الفقر مابين 40-50% من السكان ، بمعنى ان ما بين 12-14 مليون نسمة يعيشون دون مستوى خط الفقر وان هؤلاء يعيشون بدخل 50000 خمسون الف دينار شهرياً.وهذا يعني ايضاً ان نصف سكان العراق يعانون من نقص في الخدمات الاساسية ويزداد الامر سوءاً اذا تمت المقارنة بين الريف والمدينة ، فقد بلغت نسبة الحرمان في الريف 65% مقابل 21% في الحضر ، وبالمقابل فان الاسر ذات الاسر ذات المستوى المعاشي قد بلغت 30% و 5%في الريف مما يل على ان الحرمان في الريف اشد عمقاً. وهذه من النسب المرتفعة جدا الامر الذي يستلزم وضع الحلول الناجحة والسريعة للحد من هذه الآفة اما اذا اخذنا فجوة الفقر فقد بلغت 87.7% للحضر و86% للريف حسب المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة العراقية سنة 1993.[26]
واذا عدنا الى مفهوم الدخل لتحديد مفهوم الفقر نجد ان الجدول (10) يوضح لنا مدى التدهور الحاصل بمتوسط دخل الفرد اذ بلغ 29659.6 دينار سنة 1980 انخفض الى 14067.7 دينار سنة 2003 بالاسعار الثابتة لسنة 1993 وبمعدل تدهور مركب بلغ 3.19% .
وتماشيا" مع مفهوم اللامم المتحدة للفقر فقد تم تقويم متوسط دخل الفرد بالدولار باسعار سنة 1993 ، نلاحظ انه بلغ 190 دولار سنة 2003 وهو اقل من دولار واحد في اليوم الواحد لنرى مدى شيوع ظاهرة الفقر في العراق وخطورتها و تزامن ذلك مع ظاهرة لاتقل عنها خطورة الا وهي ظاهرة البطالة التي تفشت بشكل خطير اذ قدرت وزارة التخطيط نسبة البطالة ب 30.2% بين الذكور و16% بين الاناث بشكل اجمالي بلغت 28.1% سنة 2003 [27] .
لقد طور الراصد الاجتماعي في تقريره عن الفقر والتكافؤ الجندري دليلا" ليعبر عن حالة الفقر كونه يشكل تهديدا" امام الامن الانساني وهذا الدليل هو "دليل نوعية الحياة" الذي يعتمد على ثلاث مؤشرات فرعية هي نقص التغذية ووزن ولادي متدن وسوء التغذية. ووفق هذة المؤشرات والتي يوضحها الجدول ( 12) فان العراق بقع ضمن الدول الأسوأ. [28]
جدول ( 10 )
متوسط دخل الفرد بالعراق للمدة 1980-2003 بالاسعار الجارية والثابتة لسنة 1993
السنة
متوسط دخل الفرد بالاسعار الجارية دينار
الرقم القياسي لاسعار المستهلك 1993=100
متوسط دخل الفرد بالاسعار الثابتة لسنة 1993 دينار

1980
939231
3166.7
29659.6

1999
(يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة)
3565
35033.6

2000
(يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة)
3742.5
46656.2

2001
(يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة)
4355.3
31904.6

2002
(يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة)
5196.6
26752.8

2003
976794
6943.5
14067.7

المصدر: وزارة التخطيط والتعاون الانمائي " المجموعة الاحصائية لسنة 2004" ص 118 وص 408
جدول ( 11 )
متوسط دخل الفرد بالعراق مقوما" بالدولار باسعار 1993**
السنة
معدل دخل الفرد بالدولار

1998
400.8

1999
473.4

2000
630.5

2001
431.0

2002
361.5

2003
190.0

المصدر:من اعداد الباحث بالاعتماد على جدول 10

جدول ( 12 )
مؤشرات دليل نوعية الحياة في العراق
المؤشرات

السنوات
1990-1992
1991
1998-2000
1998
2000
2004

نقص التغذية
7
27
ـ
ـ
ـ

وزن ولادي متدن
ـ
8
23
ـ
11.7

سوء التغذية
ـ
11.9
ـ
ـ
16
ـ

المصدر:الراصد الاجتماعي ص 100
4- البطالـة
تعد البطالة من اخطر الافات التي تفتك بالمجتمع العراقي لما لها من اثار سلبية سواءاً اكانت اقتصادية ام اجتماعية ام سياسية ، ولا تتوفر مصادر متفق عليها تحدد نسب البطالة بشكل دقيق ، الا انها حسب المصادر الرسمية قد بلغت 28.1% سنة 2003 كانت بين الاناث 30.2% و 16% بين الذكور ، وانخفضت في سنة 2005 الى 17.97% كانت بين الذكور 19.22% وبين الاناث 14.15% ، ويعود السبب في هذا الانخفاض الى قياس الدولة الى توظيف اعداد كبيرة والى التطوع بالجيش والى الهجرة الى الخارج بسبب الوضع الامني. وكانت البطالة في الريف اعلى مما في المدينة اذ بلغت 19.27% و 16% على التوالي .
ان مشكلة البطالة في العراق تحتاج الى حلول جذرية لما لهذه الافة من ارتباط وثيق بمسالة الامن والاعمار ، اذ لايمكن القضاء على البطالة ما لم يتحقق الامن ولا يمكن تحقيق الامن ما لم يتم استيعاب الاعداد الهائلة من القوى العاملة ، لذا فان الامر يتطلب كسر الحلقة المفرغة بين الامن والبطالة ، وقد اتخذت الحكومة اجراءات قد تخفف من حدة هذه المشكلة بعد ان استتب الامن نوع ما ، وتجدر الاشارة اليه ان بعض الاجراءات قد تكون لها اثار سلبية على الاقتصاد بعد ان ترهل جهاز الدولة وخاصة بالجانب العسكري ، وهذا يتطلب ان تؤخذ الاثار الاخرى للمسالة بعين الاعتبار ، وكانت القروض الصغيرة والميسرة خطوة بالاتجاه الصحيح.
الخاتمــــة
ان حال التنمية البشرية في العراق ينذر بالخطر ومؤشراتها تدل على التدهور الحاصل فيها نتيجة الدمار الذي لحق بالبنية الاجتماعية والاقتصادية بسبب الحروب الداخلية والخارجية والحصار الاقتصادي، على الرغم من امتلاك العراق الى ثروات مادية وبشرية قادرة على انتشاله من حالة التردي ، الا انه لايزال يحمل اعباء غير قادر على حملها بسبب السياسات الطائشة للنظام البائد ، خاصة بعد ان اخذ الضد يعمل بكل ما اوتي من قوة على تنميط حياته وفق مايراه هو ليثور السؤال على ابناء العراق هو كيف نحيا؟.
ان الاخفاقات في التنمية البشرية تتجسد معالمها في تدهور اوضاع التعليم بكل مستوياته فعلى الرغم من مرور اكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام الدكتاتوري لم تكن هناك فلسفة واهداف وسياسات واضحة المعالم للنظام التعليمي في العراق . كما ان الامية تشكل خطرا" يهدد امن الناس اذ بلغت مستوياتها 60% وهي اعلى من المعدل العالمي البالغ 20% .كما نلاحظ ارتفاع نسب الهدر والتسرب في مراحل التعليم الثلاث. و دليل المساواة بين الجنسين هي الاخرى تدهورت بشكل خطير اذ بلغت فجوة النوع الاجتماعي 50%لأ سنة 2002.
وفي المجال الصحي فان الامر يزداد سوءا" حيث لم يحدث اى تحسن في مؤشرات الامن الصحي بل تدهور العمر المتوقع وارتفعت الاصابات بمرض الملاريا مما يدل على تدهور الخدمات الصحية............
وفي مجال مكافحة الفقر البشري نلحظ مدى التدهور ايضا" والحاصل في نوعية الحياة حيث يصنف الراصد الاجتماعي العراق ضمن الدول الاسوأ
ان الوضع النهائي للامن البشري في العراق يعاني من تحديات جمة وفي كافة المستويات مما يتطلب الامر وضع السياسات الكفيله لتحقيقيه في الاجلين القصير والطويل .الا ان الامر يبدأ من وضع السياسات لاعادة الاعمار وكسر الحلقة المفرغة بين الاعمار والامن فلا يمكن اعادة الاعمار الا بتحقيق الامن ولا يمكن تحقيق الامن الا من خلال اعادة الاعمار وبناء الاقتصاد وهذا من شأنه ان يؤدي الى القضاء على البطالة وانخفاض مستويات الدخل وتفشي الفقر ........ . ومن ثم التاثير على المستويات الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.



الهوامش

[1] البرنامج الانمائي للامم المتحدة ، تقرير التنمية البشرية لسنة 1990، ص 21.
[2] البرنامج الانمائي للامم المتحدة ، تقرير التنمية البشرية لسنة 1993 ، ص3
[3] البرنامج الانمائي للامم المتحدة ، تقرير التنمية البشرية لسنة 1994 ، ص 13
[4] البرنامج الانمائي للامم المتحدة ، تقرير التنمية البشرية لسنة 1996 ، ص 1
[5] الأمم المتحدة ، الأهداف الإنمائية للألفية في المنطقة العربية لسنة 2005
[6] اديب نعمة " في مفهوم التنمية البشرية ومكوناتها " منشورات الامم المتحدة ، 2003، ص 5
[7] كامل علاوي كاظم (دكتور )،تحليل مؤشرات التنمية البشرية في الاردن، مجلة القادسية للعلوم الادارية والاقتصادية ،المجلد 6 ، العدد،2، 2004 ، ص 7-10.
[8] ايمان عبدالكاظم" التنمية البشرية في دول عربية مختارة – دراسة تحليلية- " رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد- جامعة الكوفة 2004، ص 19-21.
[9] التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005 ص 18
تقرير الراصد الا جتماعي لسنة 2004 ص 114[10]
وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ، مديرية احصاء التنمية البشرية ،تقرير مؤشرات رصد الاهداف الانمائية ،ص15 [11]
وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي "مسح أحوال المعيشة لسنة 2004" ص [12]
[13] التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005 ص 261
[14] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ، الموازنة الاستثمارية لسنة 2006-
[15] ا لاسكوا ، الاهداف الانمائية للالفية في المنطقة العربية 2005 ، ص 22
[16] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ، مديرية احصاء التنمية البشرية " تفرير مؤشرات رصد الاهداف الانمائية للالفية " 2005 ، ص8
[17] الاسكوا " الاهداف الانمائية للالفية ......." مصدر سبق ذكره ، ص 18
[18] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ، مصدر سبق ذكره ص8
[19] التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2005 ص 263
[20] محمد كاظم المهاجر "مفاهيم وطرق قياس الفقر،عرض وملاحظات ورؤية مضافة"المعهد العربي للتدريب والبحوث الاحصائية ، ندوة مفاهيم وطرق قياس مستوى المعيشة في الاقطار العربية بيروت ،2002، ص 21
[21] عبد الرزاق الفارس" الفقر وتوزيع الدخل في الوطن العربي " مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت،2001،ص 24
[22] اندريا فيغوريتو "بعض الملاحظات عن مقارنة مستويات الفقر بين البلدان´الراصد الاجتماعي ، تقرير 2003 ص64
[23] تقرير التنمية البشرية لعام 1998، ص 25
[24] علي عبدالقادر علي " حول دمج سياسات القضاء على الفقر ضمن سياسات التنمية في الدول العربية " المعهد العربي للتخطيط في الكويت، 2005 ، ص5
[25] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي "تقرير .................." مصدر سبق ذكره ص3
[26] المصدر السابق نفس الصفحة
[27] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي " المجموعة الاحصائية السنوية لسنة 2004"
[28] الراصد الاجتماعي " تقرير 2004 ، ص 100
* يعرف القيد الاجمالي هو عدد الطلبة السجلين في مرحلة تعليمية بغض النظر عن اعمارهم كنسبة مئوية من السكان في سن التعليم الدراسي الرسمي في تلك المرحلة.
** سعر صرف الدولار العراقي بلغ 74 دينار للدولار الواحد . انظر في ذلك البنك المركزي العراقي ، المجموعة الاحصائية ، عدد،2003،
ص 25

































آليات تنمية الموارد البشرية في اليمن دراسة سوسولوجية لواقع مؤسسات التعليم التقني والمهني ـ تعز نموذجاً
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]


الباحث: د / انتصار محسن محمد الصلوي
الدرجة العلمية:
دكتوراه
الجامعة:
محمد بن عبد الله
الكلية:
الآداب والعلوم الإنسانية
القسم:
علم الإجتماع
بلد الدراسة:
المغرب
لغة الدراسة:
العربية
تاريخ الإقرار:
2006
نوع الدراسة:
رسالة جامعية

الخلاصة:
قراءةً مُخْتصَرَةً لموضوعِ الأطروحة، التي حملتْ عنوان " آليات تنمية الموارد البشرية في اليمن، دراسةً سوسيولوجية لواقع مؤسسات التعليم التقني والمهني – تعز نموذجا"، وهي دراسةٌ ميدانية، عَمَدْنَا فيها إلى تسليطِ الضوءِ على واقعِ مؤسسات التعليم التقني والمهني، ومدى قدرة مخرجاتها في الاندماج في سوق العمل، وتَحَدَّدَ موضوعَ الدراسةِ في مقاربة التعليم التقني والمهني بالتنمية. من خلال تحليل عَلاقةِ التعليمِ والتدريبِ بالتشغيل، على اعتبارِ وجودِ عَلاقةٍ عضويةٍ بين التعليم التقني والمهني من جهة، والتنميةِ وسوقِ العملِ من جهة أخرى، والتي تفرضُ وُجُوبَ التعاونِ لبلوغِ النجاح في مجال التعليمِ والتنميةِ والعملِ، وعلى اعتبار أن مؤسساتِ التعليمِ التقني والمهني نَسَقٌ مفتوح، تُعْنَى بتنميةِ المهاراتِ والقدرات الذاتية للأفراد، وجعْلِها مواردَ بشرية مؤهلة، ذاتَ كفاءة وقادرة على المنافسةِ ومطلوبة في سوق العمل، وتَحْديد دور المنشآت الإنتاجية والخدمية في استيعابِ المخرجاتِ وتشغيلها، من خلال عقد شراكةٍ تهدفُ إلى تَفْعِيلِ الإستراتيجيةِ المعنيةِ بتطوير التعليم التقني والمهني، وكذا تحديد دور الفاعلينَ الاجتماعيين والشركاء الاقتصاديين وأصحاب القرار، في وضعِ معالمَ تلكَ الشراكة، التي سيتمُّ الاعتمادُ عليها في التعاملِ مع التعليمِ كظاهرةٍ اجتماعيةٍ، والتركيزِ على المواقفِ المتخذةِ من طرفِ الدولة وأربابِ العمل في القطاعِ الخاص، خاصة بعد التحولاتِ والتطوراتِ التي فرَضَتْها العولمة على الساحةِ الدولية، وما تُمَثِّلُهُ من بروزِ معاييرَ جديدةٍ في الإنتاجِ والتسويق، وكان للتسابقِ في إحرازِ علاماتِ الجودةِ للمنتجاتِ الهدفَ الأسمَى لمختلفِ المنشآت الصناعية، وفي ظل التحولاتِ المتسارعةِ، تَبَيَّنَتْ مكانة مؤسسات التعليم التقني والمهني في النسق الاجتماعي، ودورُها الجاد كفاعلٍ اجتماعي، له أهميتُهُ في تكوينِ مواردَ بشريةٍ مؤهلةٍ ودافعةٍ للتنمية.
إذا كان البحثُ يتمحورُ حولَ نظام التعليم التقني والمهني فإنَّ حالات الفشلِ التي عرفها هذا النظام والمتمثلة في حالاتِ الضعفِ الكمي والكيفي لمخرجاتِهِ التعليمية، تطرحُ علينا مُشْكلة جِدُّ مُعَقَّدَة، تَتمثَّلُ في البحثِ عن أسبابِ هذا الفشل، وبما أَنَّ الدولةَ لديها الرغبةَ في تطويرِ التعليم التقني والمهني، وذلك نظراً لعَلاقتِهِ المباشرة بالقطاعِ المُنْتِجِ ، إلا أنه على مستوى الواقع بقيت العَلاقةُ محدودةً جداً، ولم تتمكن مخرجات هذا النوع من التعليم الالتحاق بسوق العمل إلا بنسبة ضعيفة.
إن الوظيفة التقنية لهذا الفرع التعليمي، التي ركزَ عليها المنطق التعليمي للدولة، أصبحت تعرف انتفاءاً على مستوى الواقع، وهذا ما يُجَسِّدُ إشكاليةً يُفْتَرَضُ أن نَجدَ لها حلاً على مستوى هذه الدراسة، وذلك لكونِ هذا النوع من التعليم، أصبح يحتل أهميةً كبرَى، لدى كافة الفاعلين الاجتماعيين والشركاء الاقتصاديين من جهة، والدولة من جهة أخرى، لذا فإنَّ الوقوفَ حولَ معرفةِ مواقف واتجاهات مخرجاتِ هذا النوع من التعليم، وكذا الدارسين وأرباب الشركات الصناعية له أهميةً بالغة، إذ ستمكننا من الكشفِ عن المنطقِ الذي يُمْنَحُ للتعليم من طرفهِم، فهم من مَنْظُورِ مقارَبَتنا يمثلونَ فاعلاً اجتماعياً قوياً، فاعلاً يسعى إلى التعبير عن استراتيجية تنظيم المجال التعليمي، حفاظاً على مصالحهِ الاجتماعيةِ والاقتصادية.
إن الانطلاق من هذا المبدأ، يتطلبُ منا البحثَ بعمقٍ في الأحداثِ والمواقف، من أجلِ الكشف عن المنطق الذي يُوجه الفعل الاجتماعي للمؤسسات التعليمية التقنية والمهنية، وأرباب الشركات الصناعية في مجالِ تكوينِ الكفاءاتِ العُمَّاليةِ التقنيةِ والمهنية، ولتحقيقِ الغرضِ العلمي من هذه الدراسة.
وعلى اعتبار أن المؤسسة التعليمية نسقٌ مفتوحٌ، تؤثر وتتأثر بالمحيط الاجتماعي، فإن الأنظمة التعليمية التي تَخدمُ التنمية الاقتصادية وتدعمها، هي أنظمة مفتوحة أكثر منها مُغلقةً للتفكيرِ والسلوك. والطريقة التي تُتَرْجَمُ بها التربية إلى سلوك، هي في المدى الطويل أكثرُ من مُجَرد مجموعةِ معلومات، وأكثرُ من مجردِ اكتسابٍ لها، إنها مدخل إلى خلق المعرفة واستخـدامها، وطريقةٌ لتناولِها واختبارهَا واستخدامهَا، كما أنها تُقدمُ بَرَامِج قابلةً للتطبيقِ في المجالات المهنية والتكنولوجية والعلمية والحرفية، المتمشيةِ مع مرحلةِ التنميةِ التي يمر بها المجتمع، وتقدر جانبَ العمل، وبالتالي فإن وظيفة المؤسسة التعليمية يجب أن تركز على البحث العلمي، واكتشافِ وتنميةِ القدراتِ على التكيفِ بالنسبةِ للتوافقِ مع ظروفِ العمل، والوظائف المرتبطةِ بالنموِ الاقتصادي والاجتماعي، ومواجهةِ الحاجاتِ المستقبليةِ لأولئك الذين يتمتعون بقدرٍ عالٍ من المهارةِ والمعرفة.
إن بروز مفهوم تنمية الموارد البشرية، جاء كمُحصِّلَةٍ لتَطَورِ الأفكارِ الاقتصادية، وليكشف أن البشرَ همِ صانعوا التنمية وغايتها الحقيقية، لقـد زاد الاهتمـام بتنمية المـوارد البشرية من خلال صدور التقـارير السنـوية للبرنامج الإنمـائي للأمم المتحـدة عن التنمية البشـرية في العـالم، مع المحـاولة المستمـرة في تطـوير هـذا المفهـوم، ولمقاربتهِ مع الواقـع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعـات خلال الفترة 1990م/2001م، إلا أنه أصبح يركز على أهمية تكوين المعارف والمهارات المتنوعة للأفراد وتنميةِ قدراتِهم.
وجـاء تقريـر التنمية البشـريـة لعام 2001م ليركز على أن التنمية البشرية، تتعلق بما هو أكثرُ بكثيرٍ من ارتفاع أو انخفاض الدخول القومية، فهي تتعلق بتوفير بيئةٍٍ ملائمةٍ يستطيعُ الأفرادُ أن يقوموا فيها بتنمية قدراتهم الكاملة، وأن يحيوا حياةً منتجةً ومبدعة، تتوافقُ مع حاجاتِهم ومصالحهم.
والمفهوم الجديد جاءَ ليُعِيدَ ربطَ العَلاقَة بينَ البشرِ والتنمية، وكرَدِّ فِعْلٍ لتركيزِ المفاهيم السابقة على الجانب الاقتصادي دون الاجتماعي، وتجاهل وجود العنصر البشري والنظرِ إليه كوسيلة أو وسائل لزيادة الإنتاج، ليس فقطْ باعتبارِ البشر عنصراً من عناصرِ التنمية، بل أيضاً وقبل كل شيءٍ باعتبارهم غاية التنمية، وغاية التنمية يجب أن تكون رفاهية البشر ليسوا كمنتفعين فقط بل كمشاركين أيضاً، فالغايةُ تجمع بين إنتاجِ السِّلَع وتوزيعِهَا من ناحية، وتوسيع القدرات البشرية والانتفاع بها من ناحيةٍ أخرى، فالعملية التنموية عملية دينامية شاملة ومتكاملة لا تقتصر على جوانبَ مُعَينةٍ دونَ غيرها، بل هي متداخلةٌ ومتشعِّبةٌ مع كافةِ الظواهرِ الاجتماعيةِ بما فيها جانبُ القيم والسلوكيات في المجتمع.
ولقد برزت العديد من المقاربات التي أولت الاهتمام بالتنمية البشرية اهتماما خاصاً، وأدحضت كل الأفكار والمقولات التي تؤكد على أهمية التطور الاقتصادي وتقدم المجتمع، بدون الاهتمام بالعنصر البشري، وارتبطت نشـأة نظرية الموارد البشرية وقيامها بآدم سميث A. Smith، في القرن 18، والفريد مارشالF. Marchalle في القرن 19.
فالعلاقة بين التعليم والتنمية أثارت الجدل في أوساط المحللين الاقتصاديين والاجتماعيين، فبالنسبة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، نجدها تتناول موضوع التعليم والتنمية من خلال محاولات قياس العلاقات المحتملة بين متغير التعليم ومتغير النمو الاقتصادي، اعتمادا على الناتج القومي الخام الخاص بكل مجتمع، فنجد على سبيل المثال دراسة كل من بومن وأندرسن Bowman وAnderson، كما برزت على الساحة نظرية الرأسمال البشري النيوكلاسيكية التي ركزت على دارسة النمو الاقتصادي وعلاقته بالرأسمال البشري، مثل دراسة دينسون Denison ودراسة كلا من شولتز وبيكر Shultz و Beker حيثُ قامَ الأخيرُ بتحليل العلاقـات القائمة بين النمو الاقتصادي وتنمية التعليـم، وانتهى إلى التأكيد على دور المؤسسة التعليمية بأنها لا تختلف عن المؤسسة الصناعية، إذ أن الأولى تختص بإنتاج التدريب والثانية تختص بإنتاج السلع والخدمات، وهذه المقاربة أكدت على أهمية التعليم والتدريب، نظرا لكونهما يشكلان مجموع العمليات الهادفة إلى إكساب الفرد لعدد من القدرات سواء كانت يدوية أو فكرية تمكنه من تطويرِ إمكانيتِه ومؤهلاتِه، وبالتالي يلعبان دورا في تنمية رأسمال البشري، بينما شولتز أكد أن التعليم هو الأساس الذي ترتكز عليه التنمية البشرية، وهو عمليةُ استثمارٍ طويلةُ الأجلِ ومضمونةُ العائد، لا مُجردَ خدمةِ استهلاكية تقدمها الدولة للمجتمع، كما كان يُنظر إليه في السابق، وعَرَّفَ التعليم بأنهُ صناعة تهدف إلى إنتاج أعدادِ من القوى البشرية التي تعمل في قطاعات الحياة المختلفة، ومجالات الإنتاج المتعددة.
بينما اهتمت كتابات سوسيولوجية التربية بتحليل التفاعلِ الإيجابي المتبادل بين التعليم والتنمية، باعتبارهما متغيرين متلازمين ومتكاملين، إذا استطاعت الدولة السيطرة والتحكم فيهما بشكل يخدم ويوجه الفعل المجتمعي التنموي، عبر مؤسسات رسمية وغير رسمية، تهدف إلى تحويل الأفراد والجماعات إلى طاقاتٍ مُنتجة، وإكسابهم خَصائصَ تُساعدهُمْ على الاندماجِ في الحياة العامة باستمرار، والتكيف مع كافة المستجدات عوض تهميشهم.
وجاءت مقاربة " جون مشيل برتيلوJ.M. Berthelot " لتُؤكدَ على دور الفاعلين الاجتماعيين في تنمية الموارد البشرية، وأكد على أنه ليس مهماً التأكيدُ على الدورِ التنموي للتعليم، وإنما على الطريقة والشروط التي تتوافق بها مع الواقع، ولتحقيق التكافؤ ما بين متطلبات التنمية وسوق العمل وبين المخرجات التعليمية، ويجب إبراز مدى تفاعلِ وشراكةِ مختلفِ القِوَى الاجتماعيةِ في رسمِ استراتيجية التعليم الذي يحققُ فعلَ التنمية.
وعمدت المقاربة إلى تعريف النظام التعليمي كمجالٍ موجودٍ بين منطقين، منطق دعم الموقع الاجتماعي والطبقي الذي يتحكم في الاختيارات الفردية، ومنطق دعم البنيات الذي يوجه السياسات التعليمية، ومزجت بين منظورين من أجل وجود علاقة مزدوجة، علاقة استاتيكية من جانب، وديناميكية من جانبٍ آخر، ولهذا فإنه موقف متحرِّر من كل نزوعٍ وظيفي، يَنْشُدُ إلى موقف سوسيو- تربوي، يجمع بين مبدأين، الأول عدم الاكتفاء بالتركيز على الوظائف في تحليل الظواهر التعليمية، والثاني عدم عزل المؤسسة التعليمية عن اللعبة المعقدة للقوى الاجتماعية، وعملت المقاربة على التمييز بين المجهود الذي تقوم به الدولة في بناء النظام التعليمي من جهة، والسيـاسة المتبعة من قبل الفاعلين الاجتماعيين، الذين يندمجون ويؤثرون في النظام الاجتماعي من جهة أخرى، وتعتبر هذه المقاربة هي الأقرب إلى إشكالية هذه الدراسة.
ولكن ما مدى مساهمة السياسة التعليمية في المجتمع في تبني قضية التنمية وتحقيقها؟ وإلى أي مدَى تتطابقُ وظيفتُها مع الطلبِ الاجتماعي الملح ؟
أثبتت مختلف التحليلات للأوضاع التعليمية، عدم مطـابقة التعليم مع الطلب الاجتماعي الملح، الذي أدى بدوره إلى توفير مخرجات من حاملي الشهادات بشكل لا يتناسب مع متطلبات التنمية وسوق العمل، مما خلق إحباطاً للعديد من الطلبة وجعلهم يعزفون عن متابعة التعليم، وبالتالي عرقلة حركة التغيير، من أجل بناءِ جيلٍ متماسك، ومجتمعِ جديد مرغوبٍ فيه.
إن التعليم غير الوظيفي يتحدد في كونه لا يتواكب مع لغة المطالب المفروضة عليه، ولا يستطيع بحكم تكوينه وتاريخه ومنطلقاته، أن يساهم بفاعلية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهنا فإن فعالية التعليم تصبح عائقاً تنموياً، ومن هذا المنطلق يتضح جلياً أن فعالية التعليم ووظيفته تزداد كلما زاد الوعي والإدراك بضرورة الربط بين التعليم والتنمية الاقتصادية والمجتمعية، والقضاء على الهوة المصطنعة بينهما نتيجة تطبيق اختيارات سياسية واقتصادية مغلوطة.
إن تحقيقَ تنميةِ الموارد البشرية في اليمن، ليس بالأمر الهين، وذلك نتيجة للعديد من العوامل والأسباب، التي تحول دون تحقيقها، نتيجة لزيادة التراكمات المختلفة، للبنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والديمغرافية... إلخ، وهذه إشكالية استوجبت منا الوقوف أمامها والتعرف على ملامحهَا وخصائصها، ومحاولة معالجتها معالجة موضوعية، وإبراز أهمية الموارد البشرية في تقدم المجتمع. فمنذ قيام الثورة في شمال وجنوب اليمن، وحتى قيام دولة الوحدة اليمنية في مايو 1990م، أفرزت العديد من الاختلالات في مختلف جوانب المجتمع، وأدى ذلك إلى عدم قدرته على مواكبة التغيرات المتلاحقة، في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي المتطور.
وتشير الإحصائيات أن نسبة البطالة في اليمن بلغت 35% وهي في ارتفاع مستمر، وأن نسبة كبيرة من القوى العاملة الفعلية الموجودة في سوق العمل، هي عمالة غير ماهرة، كما بلغ معدل النمو السكاني حوالي 3.5 %، وارتفعت نسبة اللذين تقل أعمارهم عن 75 سنة إلى 50.3% من إجمالي السكان، وارتفعت بالتالي نسبة الإعالة، الأمر الذي استدعى مضاعفة الأعباء على الأفراد العاملين، وأن تكون لديهم المؤهلات والكفاءات، التي تمكنهم من الاستمرار في أعمالهم، وتتميز بإنتاج أفضل وأوفر يكفي لإعالة الأسرة، كما كان لعودة حوالي مليون مغترب يمني بعد حرب الخليج، تحد آخر لكونهم عمالة غير ماهرة، وأصبحوا بحاجة إلى إعادة التدريب ليتمكنوا من الحصول على فرص عمل، بالإضافة إلى وجود عمالة أجنبية في اليمن ذات مستويات تقنية ومهنية مختلفة.
كل تلك التحديات كانتْ ومازالتْ حجرَ عثْرَةٍ، أمام تنفيذِ سياسات واستراتيجيات التنمية في اليمن، وذلك لأن سياسة التعليم، لم تكن قادرة على تحقيق الانسجام بين العرض والطلب، وتكوين مخرجات مؤهلة ومطلوبة في سوق العمل، إذ ركزت على الجانب الكمي دون النوعي، مما أدى إلى توفير فائضٍ في تخصصات لا تلبي متطلبات العمل.
ومن خلال ما تقدم يمكن صياغة إشكالية الدراسة بالتساؤل الرئيسي الأتي :
- هل حققت منظومة التعليم التقني والمهني، أهدافَهَا في إعداد مخرجاتٍ تتسمُ بالكفاءة، وتمَّ إدماجُها في سوقِ العمل ؟ أي هل ساهمتِ في تحقيقِ التنمية للموارد البشرية ؟ وإلي أي مدى ساهمتْ في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ؟
من خلال التساؤل الرئيسي تم صياغة الفرضيات العامة للدراسة، إلى فرضيات أساسية وفرعية، والتي عمدنا للتحقق منها من خلال الدراسة الميدانية.
¯ الفرضية الأساسية الأولى.
- منظومة التعليم التقني والمهني في اليمن تعرض نسقا تقليديا ثابتا، مما قد يؤدي إلى اتسام مخرجاتها بعدم الفاعلية والمواكبة للمستجدات الحاصلة في العالم.
¯ الفرضية الأساسية الثانية.
- إفتقار سياسة التشغيل في اليمن للآليات الفعالة والحديثة للتنسيق بين المؤسسات التعليمية التقنية والمهنية وسوق العمل، قد يزيدُ من تفاقمِ ظاهرةِ بِطَالة ذوي المؤهلات، خاصةً التقنية والمهنية.
¯ الفرضية الأساسية الثالثة.
- انعدام تأهيل مخرجات التعليم التقني والمهني لمواجهة المستجدات التقنية، قد يؤدي إلى عدم تمكينها من معرفة مسؤولياتها، ومن تدبير معارفِهَا واعتمادِهَا على ذاتِهَا، واتخاذِهَا موقفاً إيجابياً من التجديد.
تتجلى أهمية الدراسة في ثلاث اتجاهات رئيسية، وهي الأهمية بالنسبة لمؤسسات التعليم التقنية والمهنية، الأهمية بالنسبة للمنشآت الإنتاجية والخدمية (سوق العمل) والأهمية بالنسبة للمجتمع، وتتجسد في :
- الكشف عن طبيعة الاختلالات السائدة في السياسة التعليمية والتدريبية في مؤسسات التعليم التقني والمهني، وأسباب عدم تفعيـل الاستراتيجيات المتعـلقة بشراكة القطاع الخاص والشركاء الاقتصاديين والفاعلين الاجتماعيين وغيرهم.
- عمل دراسة تتبعية لمخرجات التعليم التقني والمهني، سواء المشتغلة في أماكن عملها أو العاطلة عن العمل، بهدف الوقوف على نقاط القوة والضعف لمؤسسات التعليم التقني والمهني، لتلافي القصور في مستوى أداء الخريجين، وتعديل المناهج وتطويرها، ورفع مستوى التأهيل والتدريب.
- التأكيد على أهمية شراكة القطاع الخاص وسوق العمل، في تفعيل مؤسسات التعليم والتدريب من خلال تفعيل التدريب التعاوني أو المزدوج، وإشراكِ أربابِ العمل وخبراء النشاط الاقتصادي في تصميم البرامج والمناهج وطرق التدريب، وأن يُراعيَ هذا التصميم الشمولية والترابط بين الموضوعـات، ويلبي العدد الأكبر لاحتياجات جميع الدارسين، وأن يكون الانتفـاعُ به مُتاحاً للجميع.


تتجلى أهداف الدراسة في الناحية الاقتصادية والناحية الاجتماعية وهما :
- التعرف على مدى ارتباط منظومة التعليم التقني والتدريب المهني بالمحيط السوسيومهني، وهل حقق ذلك التفاعل شراكةً حقيقية، وماهية تلك الشراكة، وهل استطاع سوق العمل تشغيل كافة مخرجات التعليم التقني والتدريب المهني.
- إبراز مواقف الشركات الصناعية في طريقة أداء وتقييم مخرجات التعليم التقني والمهني، ودورها في زيادة التأهيل والتدريب.
- التعرف على الآليـات التي اعتمدتهـا المخرجات في البحث عن العمل، وكيفية حصولـها عليه، ومدى مسـاهمة مكاتب التشغيل في توفيـر فرص عمل لها.

ونظراً للموضوع الذي تم اختياره هنا، فقد تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي لموضوع دراستنا، كما تمت الاستعانة بالمنهج الإحصائي، الذي يساعد في تعزيز الجانب الوصفي التحليلي للدراسة الاجتماعية، وتمت الاستعانة بطريقة تحليـل المضمون، لتحليـل عدد من الدراسات وأوراق العمـل، والإستـراتيجيات الخاصة بالمؤسسـات التعليمية التقنية والمهنية، والسيـاسة التشغيـلية في اليمن، والتي تم تفعيلها في عدد من المؤتمرات وورش العمل المختلفة محليا وإقليميا ودوليا، ومعالجتها للتعرف على مدى استجابتها للواقع اليمني، ومدى تفعيلها في الواقع الملموس.
تمت الاستعانة بعدد من الأدوات عند جمع البيانات وهي :
- الملاحظـة المباشـرة.
- المقابلة الموجهة : مع عدد من مدراء الموارد البشرية.
- الاستبيـان : مكون من ثلاثةِ نماذج ، وشمل كل نموذج على أسئلة تتعلق بالبيانـات الذاتية للمبحوثين، وأسئلةٍ تتعلقُ بالبيانات الموضوعية خاصة بتقييم مؤسسات التعليم التقني والمهني، وأسئلةٍ لقياسِ الجانب النفسي والاجتماعي لوضعيةِ الخريجين بعدَ التخرج (العاطلين والمشتغلين).
وتم تحديد مجتمع البحث بمخرجات المؤسسات التعليمية والتقنية والمهنية، ومدخلات الشركات الصناعية التابعة للقطاع الخاص من تلك المخرجات للأعوام من 1999م-2004م، ونظراً لصعوبة القيام بمسح شامل لكافة تلك المخرجات، تم الاقتصار في تحديد مجتمع البحث على مدينة تعز لما لها من خاصية تمثيلية للمجتمع اليمني.
وبالنسبة للكيفية التي تم فيها اختيارأفراد العينة من المجتمع الأصلي، فقد لجأنا إلى تطبيق أنواعٍ مختلفةٍ من العينات، وكل عينةٍ تميزت بكونها وحدات متجانسة ممثلة للمجتمع الأصلي، وبلغ حجم العينة بعد إلغـاء الاستمـارات غير المستوفية للشروط العلمية حـوالي 293 من أصل 400 استمارة، كما عولجـت البيـانات وفقاً لنـوعيتهـا، وتم تفريغُهــا في جـداول عن طريق البرنـامج الإحصائي "SPSS"، لاختبار صحة الفرضيات الأساسية والفرعية، ومناقشتها وتحليلها سوسيولوجياً، واستخلاص النتائج النهائية.
وشملت الدراسة نوعين من العينات، تمثل النوع الأول بمخرجات مؤسسات التعليم التقني والمهني، وهي عينة عشوائية قصدية/ غرضية وتنقسم إلى قسمين :
الأولى : خاصة بمخرجات التعليم التقني والمهني وهي حالياً في وضعية تشغيل.

الثانية : خاصة بمخرجات التعليم التقني والمهني وهي حالياً في وضعية بطالة.
أما النوع الثاني من العينة هي عينة عشوائية منتظمة شملت الدارسين في المستويات الأخيرة، لأجل تقييم مؤسسات التعليم التقني والمهني، من خلال طرح آرائهم وتقييمهم، لنوعية المناهج الدراسية والبرامج التدريبية، وأطر التدريس، والتدريب والتجهيزات والورش، في المؤسسات التي يدرسون فيها.
وبالنسبة لهندسةِ البحث عمدنا لتقسيمهِ إلى بابين، شمل البابُ الأولُ على التأطير النظري ومكون من أربعةِ فصولٍ، بينما شملَ البابُ الثاني على التأطير الميداني ومكون من خمسة فصول، أربعة فصول تم فيهم تحليل المعطيات الكمية، والفصل الخامس تم فيه استعراض دراسة حالة مدى مساهمة الشركات الصناعية في تفعيل مؤسسات التعليم التقني والمهني ورفع كفاءة مخرجاتها التعليمية.
وأبرزت النتائجُ النهائيةُ للدراسةِ الميدانية أن منظومة التعليم التقني والمهني، سواءٌ في المرحلةِ السابقةِ لإعلان دولة الوحدة أو بعدها، تسير بخطًى حثِيثة، وتعاني العديد من الاختلالات في بنيتها التنظيمية أو التشريعية، ولم تصل بعد حتى يومنا هذا إلى المستوى المطلوب في تكوين موارد بشرية موائمة لمتطلبات سوق العمل اليمني، كما أن ما تم تحقيقه في مجال تنمية الموارد البشرية لا يتناسب مع الطموحات المرغوبة من قبل الأفراد ومختلف القطاعات والهيئات في المجتمع.
فالاختلالاتُ التي تعاني منها منظومةُ التعليم التقني والمهني على المستوى التشريعي، تتجسدُ في طريقةِ تسييرها بعشوائية، فعدم وضوح سياسة وأهداف التعليم التقني والمهني، ناتج عن التغيرات المستمرةِ فيه، وعدم استقراره على وضع معين وانتقاله من وزارة لأخرى، جعل كافة خططه وإستراتجيته تبدأ من حيث تبدأ، ولا تبدأ من حيث تنتهي الوزارة السابقة، مما أعاق تنفيذ الاستراتيجيات، إذ لم يتم تَفْعيلُ القانونِ الخاصِ بوزارة التعليم التقني والتدريب المهني، بالرغمِ من إصدارِ أمرِ مجلس الوزراء رقم 25 لعام 2004م، بشأن مراجعة مشروع قانون التعليم التقني والتدريب المهني، وتم مناقشةُ مشروعِ إصدارِ القانون مؤخراً في جلسات مجلس النواب في شهر مارس 2006م، ولم يبث بهذا الموضوع حتى يومنا هذا.
أما الاختلالات على المستوى التنظيمي في جميع المجالات الخاصة بتسييرها، سواءٌ في الجانب المنهجي، أو التجهيزات والورش، أو أطر التدريس والتدريب، كان نتيجة اِفتقارها للآلياتِ التحدِيثِية، والمتطورةِ في برامجِها الدراسية، ونوعيةِ تخصصاتِها برز ذلك من خلال :
* عدمِ مواكبةِ بعض التخصصات لمتطلبات سوق العمل
* الاِزدواجيةِ في تعليمِ تخصصات معينة دون غيرها، وعدمِ تفردِ كلِّ مؤسسة بخصوصية في مجالات تقنية أو مهنية معينة، إذ تم إغْراقُ سوقِ العمل بنوعيةٍ محددة من التخصصات، مما أدى إلى عدم التوازن بين العرض والطلب للقوة العاملة في سوق العمل.
* عدمُ تفعيل إستراتيجيةٍ واضحةٍ لتحديدِ مستويات ومعايير الشراكة مع الشركاتِ الصناعيةِ وسـوقِ العمل، لأنها المستقبل الرئيسي لمخرجـات التعليم، فعـدم استيعاب سـوق العمل لها، دلـيلٌ واضحٌ على فشـلِ سياسة التعليم فيهـا، مما يـؤدي إلى زيادة الضغط على المجتمع نتيجةَ زيـادةِ دُفعـات العـاطلين عن العملِ من ذوي المؤهلات العلمية.
وإذا كان الخطابُ السياسي جاءَ ليُؤكِّدَ على ضرورةِ الاهتمامِ بالتعليم التقني والمهني وبمخرجاتِهِ، لتفادي الازدحامِ الحاصلِِ في الكليات النظريةِ الأدبيةِ والعلمية، فإن النتيجةَ ظهرتْ واضحةً في الكثافةِ العاليةِ لمخرجات تلك المؤسسات، وخاصةً في الأعوامِ الدراسية 2002-2003م و2003-2004م، وفي المقابل كان تأثيرُها سِلبِيّاً، نتيجةَ عدمِ تفعيلِ وتنفيذِ إستراتيجية واضحةٍ لتحديدِ نوعيةِ التخصصات التي يحتاجُ إليها سوقُ العمل. مما أدى إلى تكوين مخرجات لا يحتاجُ إليها سوقُ العمل.
واستنادا على النتائج النهائية للدراسة الميدانية، تم استخلاصُ عددٍ من المقترحاتِ والتوصيات، نضعها أمامَ مخططي وواضعي الاستراتجيات في مختلف مجالات تنمية المجتمع بشكل عام، وكذا للمعنيينَ بالتعليم التقني والمهني، والفاعلين الاجتماعيين أو الشركاء الاقتصاديين بِشكلٍ خاص، بهدفِ تحسينِ الآليات المستقبلية لرسمِ سياسة التعليم وإنعاشِ التشغيل في اليمن، وضرورة الاهتمام بتنمية الموارد البشرية لتحقيقِ المستوى المطلوب للتنمية الشاملة للمجتمع، وذلك من خلال ضرورةِ تفعيلِ إستراتجيةٍ خاصة لتنميةِ المواردِ البشرية، تستَوْجِبُ وضعَ آليات فعَّالة، وتخطيطٍ محكمٍ وشامل، ذاتِ أبعادٍ تجديديةٍ وأغراضٍ تأشيرية، تستوجبُ ضرورة العناية بتخطيط القوى العاملة، لزيادة الحاجة إليها على المستوى المحلي والإقليمي والقطاعي، وعلى مستوى الوحدات الإنتاجية، وكذا ضرورةُ التنسيقِ التام بين مستويات التعليم المختلفة، وسرعة البَت في إجراءات إصدار القانون الخاص بالتعليم التقني والمهني، وضرورة تفعيله، وتنفيذِ الاستراتيجياتِ الخاصةِ به، وذلك للحد من العشوائيةِ في تسييره، وتعديل برامجهِ، وتطويرِ آلياتهِِ وتجهيزاته، وجَعْلِهَا مُوَاكِبَِةً للتطورات الحاصلة في سوق العمل، وتمييزِ مخرجاتهِ العلمية بالكفاءةِ نتيجةَ اكتسابهَا للقدرات والمهارات العالية.
وضرورةُ إيجادِ وتفعيلِ شراكةٍ حقيقيةٍ وليست تنظرية، ومخطط لها بين مؤسسات التعليم التقني والمهني من ناحية، والقطاع الخاص وسوق العمل من ناحية أخرى، لما لتلك الشراكةِ من أهميةٍ بالغةٍ في تفعيلِ الاستخدامِ الأمثلِ للمواردِ البشرية، والحد من بطالة المؤهلات العلمية، وصولا للتنمية الفعلية للموارد البشرية المؤهلةِ بشكلٍ خاص، والتنمية للمجتمع بشكلٍٍ عام.

وفي الأخير أكرر شكري لأساتذتي الأجلاء أعضاء اللجنة وأستسمحكم عذرا إذا أطلت عليكم













[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]







وقائع طاولة المدى المستديرة .. توجهات التنمية البشرية في العراق

كانت جلسة طاولة المدى المستديرة التي التأمت يوم السبت 4 تشرين الثاني الجاري تغص بالمشاركين والمدعوين من المهتمين بالشؤون الاقتصادية حيث اعتمدت توجهات التنمية البشرية عنواناً للجلسة. وبعد أن تلت الدكتورة آمال شلاش رئيسة قسم الدراسات الاقتصادة في بيت الحكمة ورقة عملها عن مفهوم التنمية البشرية وتلاها الدكتور مهدي العلاق رئيس الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات ورقة عمل عن مؤشرات النخبة البشرية في العراق قدم الدكتور عدنان ياسين التدريسي في جامعة بغداد بحثاً بعنوان (الأمن الإنساني والتنمية البشرية) وقد جاء فيه:

الامن الانساني... والتنمية البشرية

بغداد/د.عدنان ياسين مصطفى
جامعة بغداد / كليه التربيه للبنات
أضطلع برنامج الأمم المتحدة الأنمائي UNDP، منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، باصدار تقرير سنوي حول التنمية البشرية، وهو تقرير كان له الفضل في اعادة التأكيد على مقولة ان البشر هم صانعو التنمية ويجب ان يكونوا هدفها.
وإذا كان التقرير الأول لبرنامج الأمم المتحدة في عام 1990 قد ركز على ان التنمية البشرية تعنى بتكوين وتشكيل القدرات البشرية، كما تعنى بالأنتفاع بهذه القدرات، فضلا عن طرحه مؤشرا عمليا مركبا لقياس التنمية البشرية يستند في مكوناته إلى العمر المتوقع عند الولادةLife Expectancy at Birth، والألمام بالقراءة والكتابة وكذلك الناتج المحلي الأجمالي. فإن التقرير الثاني للتنمية البشرية عام 1991 قد ركز على كيفية تمويل التنمية البشرية، ودعا إلى خفض الأنفاق العسكري، والحد من انخفاض كفاءةالقطاع العام ومن هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، واستئصال الفساد الأداري. وركز تقرير عام 1992 على الأبعاد الدولية للتنمية البشرية وعلى ظروف فتح الأسواق العالمية أمام منتجات دول العالم. وقد بلور هذا التقرير دليل الحرية البشرية بشكل واضح.
بينما عرف تقرير عام 1993، التنمية البشرية بأنها تنمية الناس من أجل الناس وبواسطة الناس. وتنمية الناس ترتبط بمفهوم تنمية الموارد البشرية من حيث توفير التعليم والصحة والتدريب. في حين ان التنمية من أجل الناس تركز على النمو الأقتصادي وضرورة توزيعه توزيعا عادلا على مختلف الفئات الأجتماعية، أما التنمية بواسطة الناس، التي شكلت محور التقرير، فهي تمثل المشاركة الشعبية على جميع الأصعدة الاقتصادية والأجتماعية والثقافية والسياسية. وقد أدخل هذا التقرير مفهوم الأمن الأنساني، بحيث أعاد تعريف الأمن ليكون "أمن البشر وليس أمن الأرض فقط". وقد شكل هذا الأخير، أي الأمن الأنساني محور التقرير الخامس الذي صدر عام 1994، وركز على أمن البشر في حياتهم وعملهم ودخلهم وصحتهم وبيئتهم. كما دعا إلى التحول من التركيز الحصري على أمن الارض إلى التركيز على ماتريده البشرية اليوم من حاجات تتعلق بالديمقراطية والمشاركة والصحة والبيئة. وقد أكد التقرير على ان جوهر اللاأمن يكمن في التعرضية Vulnerability، وانه علينا ان نسأل انفسنا كيف يمكن حماية الناس بالإلحاح على أشراكهم وعلى الرابط الوثيق بين التنمية والأمن.
لقد نقل تقرير التنمية البشرية لعام 1994 تركيز الأمن من حماية الدولة وحدودها بوسائل عسكرية، إلى حماية الافراد من تهديدات عديدة لوجودهم الأنساني وأمنهم، كما تشير إلى نطاق واسع من المقاييس والسياسات، على المستوى المحلي والمجتمعي وصولا إلى الميدان الوطني والعالمي. لقد عرف تقرير التنمية البشرية لعام 1994 الأمن الأنساني بأنه يتضمن:"تحقيق الأمان من تهديدات الجوع والمرض والقمع، وحمايتهم من الأنهيار والتمزق المفاجئ والسريع في أنماط الحياة اليومية، في البيت أو العمل أو المجتمع المحلي".
أصل مفهوم الأمن الأنساني
ظهر هذا المفهوم كجزء من مصطلحات النموذج الكلي للتنمية Holistic Paradigm الذي تبلور في أطار الأمم المتحدة من قبل السيد محبوب الحق وزير المالية الباكستاني الأسبق، وبدعم من قبل الأقتصادي المعروف أمارتيا صن (الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصادعام 1998). وقد كان تقرير التنمية البشرية لعام 1994 الوثيقة الرئيسية التي أعتمدت مفهوم الأمن الانساني ضمن الأطار المفاهيمي، مع مقترحات لسياسات وأجراءات معينة. تلك كانت نقطة البداية لأطلاق هذا المفهوم.

الأمن الأنساني والتنمية
لقد عرف المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الأنمائي التنمية البشرية المستدامة بأنها"تنميةلاتكتفي بتوليد النمو وحسب، بل توزع عائداته بشكل عادل أيضا. وهي تجدد البيئة بدل تدميرها؛ وتمكن الناس بدل تهميشهم؛ وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم. ان التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في صالح الفقراء، الطبيعة، وتوفير فرص عمل، وفي صالح المرأة. انها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة، ويحافظ على البيئة، تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهم".
من هنا نجد قوة العلاقة مابين الامن الانساني والتنمية. إذ ان نموذج التنمية البشرية يربط بين كل من الأمن الأنساني والتكافؤ والاستدامة والنمو والمشاركة، بما ان التنمية تتيح أجراء تقويم لمستوى الأمن الحياتي الذي يحرزه الناس في المجتمع. فمفهوم الأمن الأنساني يتطور إذا والنقاش المتولد يشكل فرصة ممتازة لأعادة تحديد مخططات الأمن السابقة المبنية على القوة العسكرية ولأعادة تحديد الحاجات في كل أنحاء الأرض بكل تنوعها ولاسيما المظاهر التي نادرا ما كانت تؤخذ بعين الاعتبار في السياسات العامة. وبحسب مفوضية الأمن الأنساني Commission on Human Security يعني الأمن الأنساني حماية الحريات الحيوية وحماية الناس من الأوضاع والأخطار الحرجة والعامة وبناء قواهم وطموحاتهم، ويعني كذلك خلق النظم السياسية والأجتماعية والبيئية والأقتصادية والعسكرية والثقافية التي تمنح الناس لبنات ليبنوا حياتهم وبقاءهم وكرامتهم.
ان مفهوم الأمن الأنساني يمثل جهدا يستهدف إعادة بناء مفهوم الأمن بطريقة أساسية، لكي يصبح أداة تركز على امن الفرد وليس على أمن الدولة. انه-عمليا- يستهدف التخفيف من كل أثر لكل عامل يمكن ان يولد حالة اللاأمن، معبرا عن الحاجة إلى التركيز على بؤرة اللاأمن ضمن كل سياق محدد. وبالتالي فإن الأمن الأنساني بمعناه الأوسع، صار يشمل ماهو أبعد من غياب النزاع العنيف، فهو يضم حقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة والوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وضمان ان يكون في متناول كل فرد ذكرا كان أم أنثى الفرص والخيارات لتحقيق قدراته الكامنة. وكل خطوة في هذا الاتجاه هي خطوة نحو خفض الفقر وبلوغ النمو الأقتصادي والحيلولة دون نشوب النزاعات. كما ان التحرر من العوز والخوف وكذلك تحرر أجيال المستقبل حتى تتمكن من ان ترث بيئة طبيعية صحية، فهي كلها تشكل لبنات متداخلة لبناء الأمن الأنساني والأمن الوطني تاليا.
ان تحقيق الأمن الأنساني بدرجة من الفاعلية والكفاية يتطلب في اعتقادنا:
- ان تتبلور مرجعية واضحة تنظر إلى أمن الأنسان وأمن ألمجتمع، وأمن الدولة، باعتبارها وجوها متعددة لحقيقة واحدة لايمكن فصل عناصرها الا لأغراض تحليلية.
- درجة عالية من المأسسة التي تستطيع ان تنجز وظائف تحقق الأمن للأنسان وللمجتمع وللدولة. فالمأسسة تعني درجة عالية من التواتر والانتظام التي تجعل التنبؤ بما سيكون عليه الغد من حديث مجريات احداثه واضحا وممكنا. ولذلك فان راتب الاعانة الذي يحصل عليه الفرد المستهدف بشبكة الحماية أكثر أهمية من حيث تحقيق الشعور بالأمن بالقياس إلى مساعدة طارئة أو احسان عاجل يحصل عليه اليوم ولايحصل عليه غدا.

الأمن الأنساني والنوع الأجتماعي
تؤكد الوقائع التأريخية ان تجربة فقدان الأمن الأنساني للمرأة أكثر وضوحا في المجتمعات البشرية من الرجل. وتتجلى مظاهر العنف على أساس النوع في العديد من المجتمعات، حيث تشكل العنصر الرئيسي للصراع. فالمرأة تشكل عموما أكثر الفئات تضررا وعرضة للعنف اثناء الحروب والازمات بسبب طبيعتها البايولوجية ومهامها التقليدية. فالاستهداف يهدد المراة بوصفها حالة تجسد مضامين القيم الثقافية وتتولى التنشئة الأجتماعية. انها تتعرض للاغتصاب والحمل القسري، والتجارة الجنسية واشكال أخرى من الأحتقار الأنساني الذي يأخذ أبعادا سياسية ورمزية. كما ان بقاء المرأة في أطار الأقتصاد المنزلي يجعلها أكثر عرضة للتمييز في ميدان العمل، والتهميش على مراى من القانون، إلى جانب الأطر الثقافية والتقليدية الصارمة التي تحد من حركتها وتوقع أدوارها المستقبلية.
ان الأخذ بنظر الأعتبار حالات اللا أمن على أساس النوع الأجتماعي يتطلب توسيع مفهوم الأمن والامن الانساني لكي تغطي هذه المهمة. فمن خلالهايكون أمن النوع متضمنا لتجارب العنف التي تواجه المرأة، ومحاولة ربطها بالعنف على الصعيد المحلي والوطني والدولي، والتخفيف من العنف الهيكلي بدلا من التركيز على العنف المباشر للحرب. لذا فإن منهج النوع الأجتماعي يركز بشكل اساسي على المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لتوزيع السلطة والضبط، مع أدراك واضح لمن يتأثرون بها وكيف، وماهي الانواع الخاصة بالحماية أو المساعدة المطلوبة ومن قبل من.
ومن خلال الاستفادة من منظور الأمن الأنساني، فإنه بالامكان تحديد السياسات الواقعية ذات الصلة بحالة اللاأمن للنوع الأجتماعي، وتكامل تلك الأهتمامات مع القضية الواسعة للتهديدات الأنسانية. لذا فإن النوع الأجتماعي يشكل عنصرا حيويا في أجندة الأمن الأنساني. من هنا فإن التقارير الدولية تحاول التصدي لعدد من القضايا الحيوية ذات الصلة بالنوع الأجتماعي وهي:
- العبء المستمر والمتزايد الذي يلقيه الفقر على كاهل النساء.
- العنف ضد النساء.
- آثار النزاعات المسلحة على النساء.
- اللامساواة بين الرجال والنساء في تقاسم القوة وصنع القرار.
- التوصيف النموذجي المتحيز ضد المراة.
- اللامساواة بين الجنسين في ادارة الموارد الطبيعية.
التحيز المستمر ضد البنات وانتهاك حقوقهن.
- تعزيز ثقافة النوع.
اطار الأمن الأنساني والتقارير الوطنية
تقدم التقارير الوطنية سلسلة من البراهين والادلة والمؤشرات المتعلقة بالمشكلات والتحديات التي تضع الناس على محك الخطر في مختلف البلدان. وتظهر التقارير ان الأخطار والتحديات تتركز في سبع مجموعات هي: الأقتصادية، الغذائية، الصحية، الشخصية، المجتمعية، الثقافية(بما في ذلك البعد الجندري) والسياسي. ويشكل الفقر والأقتصادي وعدم التكافؤ الأجتماعي وعدم الأستقرار الغذائي أهم العقبات التي تقف بوجه الأمن الأنساني.
سنحاول وبعرض موجز أهم المتضمنات الأساسية لبعض التقارير الوطنية:
أفغانستان
لقد بني تقرير أفغانستان لعام 2004 على تحليل شامل لأوضاع الدولة الحالية من خلال منظور مفصل للأمن الأنساني. كما يظهر التقرير المذكور أن قضية الأمن الأنساني بسبب كونها تمس جميع مؤسسات المجتمع وبناه التحتية، فانها تحدد المسؤولية على الدولة لتقديم الضمانات للسكان بحيث لاينحدروا تحت خط المعيشة المقبول.
أرتكز التقرير على تحليل معمق لأبعاد الظاهرة من خلال الغوص تأريخيافي مستويات وجود الظاهرة تحت مايظهر على السطح، وابعد مما يبدو للعيان، وبما يرسم مسارات بناء الدولة المطلوبة. أنه مثال نموذجي لتحليل الأمن الأنساني بأبعاد مختلقة، مع أشارة خاصة إلى مرحلة اعادة الاعمار.

تقرير لاتفيا 2003
الصورة الأساسية لتقرير لاتفيا يستند على تطوير مفهوم الأمن-مجموعة العوامل الذاتية والموضوعية التي تؤثر في مشاعر الأمن عند الأنسان.وفي هذا الأطار، ركز التقرير على تقويم وضع الأمن الأنساني في لاتفيا، من خلال التعرض لمستويات مختلفة من التجارب التي تعكس حالة اللاأمن عند الأفراد، ومن خلال الأعتماد على نتائج الأستبيان لعينة من 1000 شخص من البالغين.
لقد تضمن التقرير تحليلا معمقا لمجموعة من العوامل المؤثرة في الأمن الأنساني، مع تركيز واضح على قضايا الأمن الأقتصادي، السياسي، الشخصي، الغذائي، والصحي. كما سلط التقرير الضوء ومن خلال تحليل معمق في جزء منه على الفئات المهمشةVulnerable groups في البلاد، بضمنها المرأة، الأطفال والجماعات ذات الدخل المنخفض.
تقرير مقدونيا2001
اللاأمن الأنساني والأستبعاد الأجتماعي كانا القضية الأساسية التي ركز عليها التقرير الوطني لمقدونيا. إذ ركز التقرير على ثلاث مجموعات من حالات اللاأمن: العوامل الأقتصادية، بضمنها الأنتقال نحو اقتصاد السوق، العلاقات الأجتماعية، والعلاقات في اطار المجتمع المحلي، فضلا عن العلاقات بين الأفراد أنفسهم، والعوامل السياسية والمؤسسية مثل قضية الحكم، وعلى وجه الخصوص تحليل حالة الأمن الشخصي.،أظهرت ان الأرتباط بين الأمن البيئي والصحة كان قويا جدا.
كما أظهرت المعطيات في التقرير ان المصدر الأقوى لحالة اللاأمن عند المقدونين هي البطالة، تتبعها حالات انخفاض الدخل في ميدان العمل. فضلا عن المعوقات التي تقف في مجال العناية الصحية والتعليم والاقصاء السياسي. لقد تضمن التقرير خاتمة تؤكد ان المعركة الشاملة لتحقيق التنمية المستدامة ربما تطرح حالات حرجة من اللاأمن التي تغزو مشاعر الناس.
تقرير الفلبين 2005
ركز التقرير الوطني للتنمية البشرية الفلبيني عام 2005 على حالات اللاأمن الأنساني الناجمة عن نموذجين من الصراع المسلح: الاول ناجم عن التهميش والأقصاء للمورويين والجماعات الأسلامية ذات الخصوصية (الأثنية-اللغوية)، الذين شكلوا جبهة تحرير مورو التي تكافح من أجل استعادة السيادة وبناء دولة مستقلة. والأخرى متمثلة بحالة الكفاح الشيوعي الذي يعود إلى عقد الستينات من القرن الماضي، الذي أستمد دعائمه من الثورة الثقافية في الصين وهي تسعى لازالة النظام الحالى وتحويل المجتمع إلى نظام ديمقراطي من منظور اشتراكي.
وبالنظر للاهمية العلمية والمعرفية التي تضمنها التقرير الأفغاني، وقرب التجربة الأفغانية من التجربة العراقية، سنحاول تسليط الضوء على أبرز متضمنات التقرير الأفغاني لعام 2004.
أفغانستان - تحليل شامل لحالة اللاأمن الأنساني
يعد التقرير الوطني للتنمية البشريةالأفغاني المثال الافضل من بين ثلاثه عشر تقريرا أو أكثر حللت في هذا السياق. إذ تناول التقرير وبشكل دقيق وبعناية ملحوظة مفهوم الأمن الأنساني والتنمية البشرية، وتحليل تلك المفاهيم من خلال عمليات التحليل والخلاصات والتوصيات.
لقد جاء التقرير الأفغاني شاملا، انتقل وبعبارات واضحة من الأطار المفاهيمي إلى تقويم مفصل لحالة التخلف البشري واللاأمن الأنساني في أفغانستان. يلي ذلك قلب التقرير الذي تضمن ثلاثة فصول ضمت العناوين الاتية:
- تحليل معمق لمهددات الأمن الأنساني (الخوف والعوز): تحليل لأسباب ونتائج حالات اللاأمن الأنساني، وتحليل وتقويم لعمليات اعادة الاعمار في أفغانستان من منظور الامن الأنساني. بعد ذلك احتوى التقرير على فصلين صيغا في ضوء التنمية والأمن الأنساني، كما تضمن أيضا تطوير للرؤية المستقبلية للمجتمع الأفغاني والأولويات بالنسبة للمجتمع الدولي لتقديم المساعدات ودعم مهمة حفظ السلام. الفصل الأخير تضمن خلاصة لأهم التوصيات والمقترحات.
ان المضامين التي جسدها التقرير، تظهر ان النموذج الأفغاني يقدم دراسة حالة مهمة في ميدان الأمن الأنساني. والتقرير يمثل أطارا مهما ذلك ان افغانستان اليوم تمثل مظهرا أساسيا يقع عند مفترق طرق تقع في دائرة الاهتمام الدولي، وهي تجربة غنية ومعقدة في ترابطاتها الداخلية وامتداداتها الأقليمية والدولية.

بعض الانتقادات حول استخدام مفهوم الأمن الأنساني
قدمت مجموعة من الأكاديميين والمختصين في العلاقات الدولية تحفظاتها حول مفهوم الأمن الأنساني، وقد تركزت شكوكهم حول خمس نقاط رئيسية هي:
1- أعتبار الأمن الأنساني ليس الا اعادة تسمية للعديد من المشكلات التي سبق ان تمت الأحاطة بمخاطرها وأبعادها في أطر وسياقات حظيت بتسميات دقيقة وجيدة. فما الجدوى والمكتسبات التي يمكن تحقيقها من إعادة طرحها تحت مسميات جديدة؟
2- الأمن الأنساني لايتضمن إطاراً واضحاً ومحدد المعالم، لذا فإن اية قضية أو مشكلة ربما تنضوي تحت قائمة المخاطر التي تهدد الأمن. ان ذلك يجعل مهمة صياغة ورسم السياسات في غاية الصعوبة والغموض.
3- ان توسيع الأمن الأنساني ليشمل قضايا مثل التغير المناخي؛ الارهاب؛ التهديدات الناجمة عن الأمراض، سوف يعقد الاليات الدولية في الوصول إلى قرارات، أو القيام بفعل لمواجهة التهديدات المحددة.
4- عند مواجهة المخاطر التي تهدد الأمن الأنساني، غالبا مايزج بالوسائل العسكرية في قضايا يمكن معالجتها بشكل أنجع بوسائل غير عسكرية.
5- مواجهة الأخطار التي تهدد الأمن الأنساني تحت مظلة الأمم المتحدة تبعث ببارقة أمل في مواجهة هذه التحديات. الاٌ انها في حقيقة الأمر غير قادرة على القيام بتلك المهام.
وبالاشارة إلى التقارير الوطنية التي تتناول موضوع الأمن الأنساني ثمة تساؤلات تطرح: هل ان تقارير التنمية البشرية تطرح القضايا المعنية بهذا الشان فعلا ؟ أم أنها مجرد اعادة تسمية لمشكلات اخرى تدخل في اطار الأمن الأنساني؟ان مما لاشك فيه ان المستويات العالية من التهديد والتحديات والتغيرات تضعها بشكل أكثر وضوحا. اليوم أكثر من أي وقت مضى، التهديدات تبدو متداخلة، وان التهديدات لبلد ما هو بمثابة تهديد للجميع. ان التهميش المتبادل Mutual Vulnerabilityللضعف والقوة ليس واضحا بشكل تام. وعلى أية حال، التنمية هي الأساس الذي لايمكن الأستغناء عنه لنظام الأمن الجمعي الذي يتولى بجدية عمليات الردع.
لقد اظهرت تلك التقارير ان التنمية والأمن حلقتان مترابطتان لافكاك بينهما. فالعالم يكون أكثر أمنا عندما تمنح البلدان الفقيرة فرصة للتنمية. الفقر المدقع والأمراض بأنواعها تهدد الشعوب بشكل مباشر، ولكنها في الوقت نفسه توفر أرضا خصبة لتهديدات أخرى، منها الصراع المدني. وحتى الناس في البلدان الغنية سيكونون أكثر أمنا إذا تمكنت بلدانهم من تقديم المساعدة للبلدان الفقيرة للتغلب على الفقر والأمراض، وتلبية متطلبات الأهداف الأنمائية للألفيةMillennium Development Goals.
إلى جانب ماتقدم، توجه حالات رفض أخرى لهذا المفهوم من خلال التأكيد على ان هذا المفهوم لم يحدد بشكل دقيق وواضح، فليس هناك حدود ومقاييس ثابتة ومتفق عليها، فكل شيئ وأي شيئ يعد تهديدا للأمن. وبالنتيجة، يترك صانعو السياسات بلا توجهات واضحة ومحددة، والاكاديميون بلا أدوات تحليلية ومقارنة. هذا الرفض يؤكد وبشكل خاص مظاهر اللامرونة التي يمكن من خلالها تحليل واحتواء هذا المفهوم في اطار فهم العلاقات الدولية والمضامين الجوهرية التي يقدمها هذا المفهوم.
وعند الأخذ بنظر الاعتبار التهديدات المطروحة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، فإن نموذج الدولة المركزية يبدو انه يشكل خللا معيبا يجعلها غير قادرة على القيام بأي فعل.
ان تأثيرات الأرهاب، والأمراض، والأضطرابات، والعولمة والكوارث البيئية على النظام المركزي للدولة يدفعنا إلى الأخذ بنظر الأعتبار الجوانب البديلة للأمن.
ان الظروف والتحديات التي واجهت العالم خلال السنوات المنصرمة وخصوصا المناخية (حالة التوسونامي في اسيا، والجفاف في نيجيريا،والتغير في النظام البيئي لنهر الأمزون) تعزز التحليلات النقدية للأبعاد متعددة الجوانب التي تحيط بالمشكلة وفق منظور الأمن الأنساني.
إذ جعلت هذه ألاحداث (وبسبب ظروف المعيشة الهشة) الناس تحت رحمة التغيرات البيئية المحتملة.
ان ظروف معيشة الملايين التي لاتعد ولاتحصى، تحتم زيادة نسبة المهمشين في المجتمع. ومن خلال منهج الأمن الأنساني، فإن احتمالات وجود هذه الأنواع من المخاطر تكون واقعية، وبالتالي فإن هذا المنهج يهدف إلى حماية ظروف المعيشة، فضلا عن تعزيز الأستدامة البيئية















[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]

مفهوم التنمية
بقلم/ د.نصر عارف
كلية العلوم السياسية-جامعة القاهرة
يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أُطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يُسمى بـ "عملية التنمية"، ويشير المفهوم لهذا التحول بعد الاستقلال -في الستينيات من هذا القرن- في آسيا وإفريقيا بصورة جلية. وتبرز أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل التخطيط والإنتاج والتقدم.
وقد برز مفهوم التنمية Development بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يُستعمل هذا المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز "آدم سميث" في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان استُخدما للدلالة على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي Material Progress، أو التقدم الاقتصادي Economic Progress.
وحتى عندما ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث Modernization، أو التصنيع Industrialization.
وقد برز مفهوم التنميةDevelopment بداية في علم الاقتصاد حيث استُخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛ بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال. ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوربية تجاه الديمقراطية. وتعرف التنمية السياسية: "بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية"، ويقصد بمستوى الدولة الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوربية تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
ولاحقًا، تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية. فأصبح هناك التنمية الثقافية التي تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظمات الأهلية.
بالإضافة لذلك استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته وتحسين أوضاعه في المجتمع.
ويلاحظ أن مجموعة المفاهيم الفرعية المنبثقة عن مفهوم التنمية ترتكز على عدة مسلمات:
أ - غلبة الطابع المادي على الحياة الإنسانية، حيث تقاس مستويات التنمية المختلفة بالمؤشرات المادية البحتة.
ب - نفي وجود مصدر للمعرفة مستقل عن المصدر البشري المبني على الواقع المشاهد والمحسوس؛ أي بعبارة أخرى إسقاط فكرة الخالق من دائرة الاعتبارات العلمية.
ج - إن تطور المجتمعات البشرية يسير في خط متصاعد يتكون من مراحل متتابعة، كل مرحلة أعلى من السابقة، وذلك انطلاقًا من اعتبار المجتمع الأوروبي نموذجًا للمجتمعات الأخرى ويجب عليها محاولة اللحاق به.
الاختلاف بين مفهوم التنمية في اللغة العربية عنه في اللغة الإنجليزية:
يتضح الاختلاف بين مفهوم التنمية في اللغة العربية عنه في اللغة الإنجليزية، حيث يشتق لفظ "التنمية" من "نمـّى" بمعنى الزيادة والانتشار. أما لفظ "النمو" من "نما" ينمو نماء فإنه يعني الزيادة ومنه ينمو نموًا. وإذا كان لفظ النموّ أقرب إلى الاشتقاق العربي الصحيح، فإن إطلاق هذا اللفظ على المفهوم الأوروبي يشوه اللفظ العربي. فالنماء يعني أن الشيء يزيد حالاً بعد حال من نفسه، لا بالإضافة إليه.
وطبقًا لهذه الدلالات لمفهوم التنمية فإنه لا يعدّ مطابقًا للمفهوم الإنجليزي Development الذي يعني التغيير الجذري للنظام القائم واستبداله بنظام آخر أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق الأهداف وذلك وفق رؤية المخطط الاقتصادي (الخارجي غالباً) وليس وفق رؤية جماهير الشعب وثقافتها ومصالحها الوطنية بالضرورة.
ويلاحظ أن شبكة المفاهيم المحيطة بالمفهوم الإنجليزي تختلف عن نظيرتها المحيطة بالمفهوم العربي.
فعلى سبيل المثال تُعالج ظاهرة النمو (في المفهوم العربي الإسلامي) كظاهرة جزئية من عملية الاستخلاف التي تمثل إطار حركة المجتمع وتحدده، وكذلك نجد مفهوم "الزكاة" الذي يعني لغة واصطلاحًا الزيادة والنماء الممزوجة بالبركة والطهارة، وسمى الإخراج من المال زكاة وهو نقص منه مادياً بمعايير الاقتصاد، في حين ينمو بالبركة أو بالأجر الذي يثاب به المزكي من الله تعالي. وهو ما يقارن بالعكس بالربا الذي قال عنه الله (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) [البقرة:276].
ويتضح من ذلك أن مفهوم النمو في الفكر الإسلامي يُعبر عن الزيادة المرتبطة بالطهارة والبركة وأجر الآخرة وإن لم يتجاهل مع هذا "الحياة الطيبة" في الدنيا، بينما يركز مفهوم Development على البعد الدنيوي من خلال قياس النمو في المجتمعات بمؤشرات اقتصادية مادية في مجملها، حيث تقوم المجتمعات بالإنتاج الكمي، بصرف النظر عن أية غاية إنسانية، وتهتم بالنجاح التقني ولو كان مدمرًا للبيئة ولنسيج المجتمع، وتؤكد على التنظيم الاجتماعي ولو أدى إلى الاضطهاد للآخر/ الغريب.
وفي الواقع فإن "التنمية" تعد من المفاهيم القليلة التي تجمع بين البعد النظري والجانب التطبيقي، وتستدعي الرؤية الفلسفية والغيبية للمجتمعات ومقاصد تطورها




































[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]
أهمية الاستثمار في تنمية الموارد البشرية
خير أون لاين- 07/04/2007


بقلم : محمود حسين عيسى
مقدمة:

أصبح عالمنا اليوم لا يعترف إلا بالدولة القوية، لا من حيث القوة العسكرية فحسب، وإنما من حيث قوتها الاقتصادية، وإذا كانت القوة العسكرية ضرورةً لأية دولة لكي تحمي بها سيادتها، فإن القوة الاقتصادية أصبحت ضرورةً أيضاً؛ تحمي بها قرارها، فالدولة التي تعتمد في مأكلها، وصناعتها، وتجارتها... إلخ على الغير تفقد الكثير من عناصر التحكم في قراراتها - إن كان بيدها قرارٌ في الأصل - وقديماً قالوا: "مَنْ أكل من فأسه، قراره من رأسه"!، وهذا لا يتعارض مع التبادل التجاري، والتقني، والتكنولوجي، والزراعي... إلخ بين الدول، القائم على أساس المشاركة لا التبعية؛ فالدولة الحرة لا تكون عالةً على غيرها، سواء كانت دولةً أو اقتصاداً عالمياً.
ولم يعد خافياً على أحد أن مقياس تقدم الدول هو فيما تنتجه وتقدمه لشعبها أولاً، ثم لشعوب الدول الأخرى، فها هو العالم الموسوم بالعالم المتقدم - (7+1): الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وكندا، واليابان، وروسيا - لم يوسم بالتقدم إلا من خلال ما قدمه للعالم أجمع من تكنولوجيا صناعية متقدمة، أنتج بواسطتها منتجات متقدمة ومتنوعة.
واعتمدت الدول المتقدمة في نهضتها العلمية والعملية على ما تمتلكه من ثروة بشرية، فوجهت جل استثماراتها نحو تنمية هذه الثروة البشرية وتمكينها، من أدوات ووسائل العلم النظري، والتطبيق العملي المتقدم..! وهدفت من وراء ذلك إلى رفع الكفاءة الإنتاجية، وتميز هذه الثروة البشرية، وقد حققت هدفها، والواقع خير دليل على ذلك.
وإن كان تقدم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا - وهم الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية – طبيعياً، فإن من غير الطبيعي أن نجد من بين الدول المتقدمة (ألمانيا، واليابان) وهما الدولتان الخاسرتان في الحرب! وهما خير نموذج للاهتمام بالاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وخاصةً اليابان، التي لديها ندرة شديدة في الموارد الطبيعية، وبالرغم من ذلك؛ فقد استطاعت بما تمتلكه من ثروة بشرية أن تبني اقتصاداً قوياً، تقف من خلاله بين مصاف الدول الثمانية الكبار – المشار إليها آنفاً.
وقبل الولوج في الحديث عن أهمية الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، ومساهماته في معالجة التنمية الاقتصادية، نود أن نتحدث بإيجاز عن بعض المفاهيم الخاصة بالتنمية بشكل عام، وكذلك الحديث عن الإنتاجية، وأهمية الإنتاجية على مستوى كل من: الفرد، والشركة أو المنظمة، ومردود ذلك على الاقتصاد الوطني والمجتمع ككل؛ ومن ثَمَّ الحديث عن أهمية واستخدامات تحليل الوظائف والتدريب كوسيلتين هامتين تشترك كلٌّ منهما - مع العديد من الوسائل الأخرى - في عملية الاستثمار في التنمية البشرية.

للتنمية مفاهيم عدة، تختلف هذه المفاهيم باختلاف المجال الذي تنشده التنمية، فهناك مفهوم خاص بـ (التنمية الاقتصادية)، يهتم بإحداث تغييرات اقتصادية تساعد على إكساب المجتمع القدرة على إشباع حاجاته الأساسية (الفسيولوجية)؛ من مأكل، ومشرب، ومسكن، تتبعها مراحل أخرى تصل بهذا المجتمع إلى درجات متزايدة من الرفاهية، وذلك عن طريق الترشيد اليقظ والمستمر في استغلال هذا المجتمع لثرواته البشرية، وموارده الاقتصادية المتاحة.
وهناك مفاهيم خاصة بـ (التنمية السياسية)، و(التنمية الثقافية)، و(التنمية الاجتماعية).. وغيرها.
وما يهمنا في هذا المقام هو مفهوم (التنمية البشرية)؛ حيث اهتم هذا المفهوم بدعم القدرات الخاصة بالفرد الذي يتكون منه المجتمع، وقياس درجة مستوى معيشة هذا الفرد، ومدى تحسن أوضاعه المعيشية في المجتمع الذي ينتمي إليه.
وبالنظر إلى مفهوم التنمية البشرية – كما ذكرنا – نجده أكثر شمولاً عن مفهوم التنمية البشرية الذي سيطر على فكر الدول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى بداية التسعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين)، والمفهوم القديم للتنمية البشرية كان مقتصراً على كمية ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات مادية (فسيولوجية)، أي: كلما استطاع الفرد أن يحصل على المزيد من تلك السلع والخدمات؛ كلما ارتفع مستوى معيشته؛ ومن ثَمَّ زادت رفاهيته، وهنا تتحقق التنمية البشرية.
إلا أنه مع توسيع مفهوم التنمية ليشمل العديد من النواحي النفسية (السيكولوجية) مثل: الغايات والأهداف الخاصة بالفرد، والتي يحقق معها ذاته وطموحاته... إلخ، إضافةً إلى الأهداف الاقتصادية، مما أدى إلى تغيير مفهوم التنمية البشرية من مجرد إشباع النواحي الفسيولوجية للفرد - كدليل على وصوله إلى مستوى معيشي كريم - إلى مفهوم التنمية البشرية الأوسع، والذي يرتبط بجودة حياة الفرد، بإشباع حاجاته الفسيولوجية والسيكولوجية معاً؛ وليس حياته الفسيولوجية فقط.
وقد أخذت الأمم المتحدة على عاتقها إبراز مفهوم التنمية البشرية، وذلك منذ العام 1990م؛ حين نادت بـ (برنامج الأمم المتحدة للإنماء)، وخصَّصت له تقريراً سنوياً.
ويرجع الاهتمام العالمي بتنمية الموارد البشرية إلى أن البشر هم الثروة الحقيقية لأيَّة دولة، ولأي أمة، وكلما تمكنت الأمة من الحفاظ على ثروتها البشرية، وعملت على تنمية قدراتها عن طريق التأهيل والتدريب المستمر، لإكسابها القدرة على التعامل مع الجديد الذي يظهر على الساحة الدولية بين الحين والآخر؛ كلما تقدمت هذه الأمة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً بين الأمم الأخرى.
فالتنمية البشرية تهدف إلى توسيع مدارك الفرد، وإيجاد المزيد من الخيارات المتاحة أمامه، كما تهدف إلى تحسين المستويات الصحية، والثقافية، والاجتماعية، وتطوير معارف ومهارات الفرد، فضلاً على توفير فرص الإبداع، واحترام الذات، وضمان الحقوق الإنسانية، وضمان مشاركاته الإيجابية في جميع مناحي الحياة.
فالاستثمار في تنمية الموارد البشرية أمر هام وضروري، لما للموارد البشرية من أهمية قصوى؛ فهي الثروة الحقيقية والرئيسة للأمم، والأمم المتقدمة أيقنت تلك الحقيقة؛ فأحسنت التخطيط الاستراتيجي، ونفذت برامج محددة لتنمية هذه الثروة البشرية على مدار عقود من الزمان، ونجحت فيما خططت ونفذت، وها هي اليابان خير شاهد على نجاح الاستثمار، وها هي الصين – صاحبة المليار ونصف المليار من البشر - تخطو بخطى ثابتة ومدروسة نحو قيادة العالم، من خلال هذه الثروة البشرية الهائلة، التي جعلت منها ميزة تميزها عن سائر الأمم، ولم تجعل منها عبئاً ثقيلاً أو شماعة تلقي عليها فشلها كما تفعل كثير من حكومات العالم الثالث أو العالم النامي - كما يسمونه.
إن الموارد الطبيعية والأموال المتوافرة لدولة ما - رغم أهميتهما وضرورتهما الكبرى - لا يغنيان أبداً عن العنصر البشري الكفء، والماهر، والفعال، والمدرَّب، والمعد إعداداً جيداً مبنياً على أسس علمية دقيقة، وهذه حقيقة راسخة على مر العصور والأزمان، فالأموال والموارد الطبيعية لا ينتجان منتجاً بذاتهما، فالبشر – بخصائصهم التي خلقهم الله - سبحانه وتعالى - عليها - هم القادرون على استخدام هذه الموارد - بنسب متفاوتة من حيث الكفاءة والفعالية - في العمليات الإنتاجية، للحصول السلع والخدمات التي تعمل على تحقيق أقصى إشباع ممكن للحاجات الفسيولوجية للفرد، بهدف الوصول إلى تحقيق الرفاهية أو الحياة الكريمة للفرد والمجتمع؛ ومن ثَمَّ التقدم الاقتصادي للدولة، وللاقتصاد العالمي ككل.
فالعنصر البشري بما لديه من قدرة على التجديد، والإبداع، والاختراع، والابتكار، والتطوير، يمكنه أن يتغلب على ندرة الموارد الطبيعية، وألا يجعلها عائقاً نحو النمو والتقدم، عن طريق الاستغلال الأفضل - إن لم يكن الأمثل - لطاقات المجتمع العلمية والإنتاجية، فضلاً عن الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية والاستثمارات المتاحة.
ومما ذكرنا: يتبين لنا أهمية العنصر البشري؛ والذي يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة في كافة المجالات الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية... إلخ.
ومما لا شك فيه أن الدولة التي لا تستطيع - أو تعجز عن - تنمية مواردها البشرية لا يمكنها أن تحقق غاياتها وأهدافها المخططة والمأمولة، مهما ابتكرت من وسائل، وإنما يمكنها أن تحقق غاياتها وأهدافها عن طريق تضافر جميع عناصر الإنتاج: ( الأرض، والعمل، ورأس المال، والإدارة).
ونلاحظ: أن العنصر البشري بما حباه الله - سبحانه - من عقل وطاقات وجهد بشري يمثل عنصرين من عناصر الإنتاج، وهذا التضافر يؤدي بلا ريب إلى التطور والتقدم المنشود، واستغلال الموارد الطبيعية المتاحة الاستغلال الأمثل، وفتح الأسواق، والقيام بعمليات التبادل التجاري... إلخ، فهناك دول تمتلك موارد بسيطة، ومع ذلك فهي دول متطورة، مثل اليابان – كما ذكرنا سابقاً.
وقبل أن نوضح دور تحليل الوظائف والتدريب في رفع الكفاءة الإنتاجية للأفراد المكونين للعمالة البشرية، أود أن أتطرق للحديث – بإيجاز - عن: ماهية الإنتاجية، أهمية الإنتاجية على مستوى الفرد (العامل)، والشركة أو المنظمة، والاقتصاد الوطني، والمجتمع.

الإنتاجية: هي كمية الإنتاج من السلع أو الخدمات، التي تتحقق خلال مدة زمنية محددة، عن طريق وحدة معينة من وحدات العمل.
أهمية الإنتاجية على مستوى الفرد (العامل)، والشركة أو المنظمة، والاقتصاد الوطني، والمجتمع:

إنتاجية الفرد العامل ما هي إلا انعكاس حقيقي لمدى مساهمته في العمل - ككل - بالجزء المكلَّف به، والذي يستخدم جهده، وعلمه، ومهارته في أدائه، وتحسب مساهمة الفرد العامل بمقدار القيمة المضافة إلى المنتج النهائي.
ومن الطبيعي أنه كلما زادت إنتاجية الفرد؛ زادت مساهمته في القيمة المضافة إلى المنتج النهائي، فضلاً عن زيادة أهمية دوره الوظيفي، مما ينعكس على شعوره بمدى أهميته في مكان عمله، وما يحصل عليه من مزايا معنوية، متمثلة في شهادة تقدير، أو ثناء رؤسائه على عمله وتقديرهم له، مما يزيد من روحه المعنوية، التي تدفعه إلى بذل المزيد من الجهد، ومن ثَمَّ الحصول على المزيد من التقدم على المستوى الفردي، وعلى مستوى العمل، ومن ثَمَّ شعوره بمدى أهميته داخل مجتمعه، فضلاً عن المزايا المادية، المتمثلة في زيادة الدخل، والمزايا العينية الأخرى.
وعلى النقيض من ذلك: كلما انخفضت إنتاجية الفرد؛ انخفضت – وقد تتلاشى - مساهمته في القيمة المضافة إلى المنتج النهائي، فضلاً عن انخفاض أهمية دوره الوظيفي، مما ينعكس على شعوره بمدى عدم أهميته في مكان عمله – والذي قد يتعرض لفقده – وما يترتب على ذلك من آثار نفسية سلبية ومؤلمة، تؤدي بلا شك إلى المزيد من انخفاض الروح المعنوية، فضلاً عن العقوبات المادية التي قد يتعرض لها، من خصومات تؤدي في النهاية إلى انخفاض دخله، ومن ثَمَّ شعوره بمدى عدم أهميته داخل مجتمعه.

استمرار الإنتاجية يعبر عن وجود إدارة تؤدي دورها، وزيادة الإنتاجية وجودتها وكفاءة عملياتها يعبر عن كفاءة الإدارة في استغلال الموارد الطبيعية والإمكانيات المادية والبشرية المتاحة لها على الوجه الأمثل، وهذا يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوَّة – وليست المطلوبة فقط - من العملية الإنتاجية.
ومن المسلَّم به: أن زيادة الإنتاجية لا تأتي فقط نتيجة كفاءة الإدارة في استخدام الأساليب الإدارية الحديثة في إدارتها للعملية الإنتاجية؛ بل يتواكب مع ذلك استخدام التكنولوجيا المتطورة والحديثة في تطوير المنتج بشكل مستمر، فضلاً عن الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وتطويرها المستمر، عن طريق وضع البرامج التدريبية المدروسة على أسس علمية؛ للنهوض الدائم والمستمر بالقوى العاملة المتاحة للشركة أو المنظمة، وحرص الإدارة الدؤوب على جودة المنتج وتميُّزه، وهذا يتطلَّب التخطيط السليم، والمتابعة المستمرة للعملية الإنتاجية؛ منذ البداية، وحتى الوصول إلى المنتج النهائي في الصورة المرجوَّة، ويتطلب ذلك من الإدارة أن تكون حريصة على كفاءة الخامات المكوِّنة للمنتج، والآلات والمعدات التي يمر بها المنتج، فضلاً عن كفاءة العمالة الماهرة التي تقوم بالعملية الإنتاجية.

كما ذكرنا آنفاً – إن استمرار الإنتاجية يعبر عن وجود إدارة تؤدي دورها، وزيادة الإنتاجية وجودتها وكفاءة عملياتها يعبر عن كفاءة الإدارة في استغلال الموارد الطبيعية والإمكانيات المادية والبشرية المتاحة لها على الوجه الأمثل، وهذا يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوَّة – وليست المطلوبة فقط - من العملية الإنتاجية – هذا على مستوى الشركة أو المنظمة – وكذلك ينطبق الحال على أهمية الإنتاجية على مستوى الاقتصاد الوطني – مع الاحتفاظ بالفوارق بين اقتصاد الشركة أو المنظمة والاقتصاد الوطني ككل - فإن الإنتاجية تعبر عن كفاءة الدولة ككل في إنتاج سلعها وخدماتها، فالعملية الإنتاجية - على مستوى الدولة - تعكس مستوى أداء كافة أجهزة ومؤسسات الدولة، ومدى نجاح هذه الأجهزة وتلك المؤسسات في تحقيق غايات وأهداف خطة الدولة في مجال إنتاج السلع والخدمات بالجودة والكفاءة المرجوَّة.

إذا لم تُزد العملية الإنتاجية في القيمة المضافة للمجتمع، ولم يكن تأثيرها إيجابياً ومباشراً وملموساً على رفاهيته؛ فإن العملية الإنتاجية في هذه الحالة تكون قد انحرفت عن المسار الطبيعي لها.
فالمسار الطبيعي للعملية الإنتاجية هو: توفير السلع والخدمات - بالجودة والكفاءة العالية - لجميع أفراد المجتمع، وأن تعمل هذه السلع المنتَجَة والخدمات المقدَّمة على إشباع أذواق ورغبات المستهلكين لها، فضلاً عن توافر كميات مناسبة من هذه السلع وتلك الخدمات لمواجهة حاجات المستهلكين.

من بين الأساليب والوسائل الإدارية الهامة التي تأخذ بها الإدارات العليا الناجحة في أيَّة منظمة أو شركة أسلوب (تحليل الوظائف)، فهذا التحليل الدقيق للوظائف يوفر للإدارة بيانات ومعلومات هامة عن واجبات ومسؤوليات الوظائف، ومدى الحاجة إلى إنشاء وظائف جديدة، أو إلغاء وظائف قائمة، وهذا من شأنه مساعدة الإدارة في إدارة مواردها البشرية بشكل ناجح وفعَّال.

1- التنظيم الإداري للشركة: عن طريق تقسيم العمل، وتحديد المسؤوليات والسلطات الممنوحة للمسؤولين، والعمل على إيجاد التوازن بين السلطة والمسؤولية.
2- التدريب: حيث يقوم تحليل الوظائف بتحديد الفجوة بين المهارات الحالية للموظفين والمهارات المأمول والمطلوب توافرها، ومن خلال هذا التحديد تتمكن الإدارة من وضع الخطة التدريبية الصحيحة لسد هذه الفجوة.
3- التخطيط السليم للقوى العاملة.
4- التعويضات والمكافآت والحوافز للعاملين.
5- إعادة تصميم وتصنيف الوظائف.
6- تحسين الأداء الوظيفي.
7- اكتشاف الخلل في بيئة العمل الداخلية، ومحاولة القضاء عليه، والعمل على تحسين ظروف العمل الداخلية والخارجية، في حدود الإمكانات المتاحة.

تتجه غالبية دول العالم الآن نحو الأخذ بوسائل التدريب المتقدِّمة؛ لرفع وزيادة الكفاءة الإنتاجية؛ والتي تمثل إحدى الأهداف الرئيسية للتنمية البشرية، وإن اختلفت درجات هذا التوجُّه بين العالم المتقدم، والعالم الذي يقف على أبواب التقدم، والعالم النامي.
فمعظم الدول أصبحت تعي أهمية التدريب؛ لما له من دور فعَّال في المحافظة على مكتسباتها الحالية، والمساعدة في تحقيق استراتيجياتها المستقبلية.

1- وجود كفاءات منتقاة من المديرين، تم صقلها بأساليب تدريبية عالية، أكسبتهم مهارات خاصة، وخبرات كبيرة.
هؤلاء المديرين تعقد عليهم شركاتهم آمالاً عريضة في الانتقال بها نحو مصاف الشركات الناجحة؛ بل والمتميزة، فالمدير الناجح يعمل دائماً على رفع مستوى أدائه، ورفع مستوى أداء وتنمية مهارات العاملين معه تحت إدارته.

استمرار جودة المنتج وتطوره، مع خفض التكاليف، وخلق أسواق جديدة للمنتج، مع المحافظة على حصة شركاتهم، والعمل على زيادتها في الأسواق الموجودة بها، مما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية فيها، ويكون له مردوده الإيجابي والمباشر على التنمية البشرية للعاملين في هذه الشركات، وعلى التنمية الاقتصادية للصناعة التي تنتمي إليها، فضلاً عن التنمية الاقتصادية للمجتمع والدولة ككل.
2- العمل على توافر وامتلاك المهارات المكتسبة، عن طريق التدريب، وتنمية هذه المهارات واستغلالها الاستغلال الأمثل، فالمهارات يمكن إكسابها للأفراد عن طريق الخطط التدريبية ذات الكفاءة العالية، والمخطط لها بشكل علمي سليم، مع الحفاظ - في ذات الوقت - على المهارات الموهوبة للأفراد بعد اكتشافها، بالعمل على تنميتها وصقلها ببرامج تدريبية خاصة، وتوفير البيئة الصحيحة المساعدة على تأصيل هذه الموهبة.
3- وجود خطط تدريبية عامة وخاصة؛ فتدريب العاملين أمر هام وضروري، خاصةً العاملين أصحاب المهن الفنية المعقَّدة، باتباع طرق التدريب الأساسي، والتدريب التخصصي.
فالصناعات الدقيقة والمعقدة تتطلب دائما عمالة فنية ذات مهارات عالية، وهذه العمالة تحتاج أيضاً – وبشكل مستمر – برامج تدريبية متخصصة؛ لكي تؤهلهم وتمكنهم من التعامل مع الصناعات القائمة، وما يستجد عليها من تطور وتقنيات حديثة.
ولا يخفى على أحد أن العمالة الماهرة المدربة، تتهافت عليها كبريات الشركات العالمية، ولها كادر مميز من حيث الرواتب والمكافآت والحوافر لا يتوافر لغيرها، فالتدريب المتخصص يساعد على تنمية الموارد البشرية.
4- انفتاح العمالة (المدرِّب والمتدرِّب) على العلم في مجال التخصص، والثقافة بشكل عام، والعمل على اكتساب لغات الدول المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً؛ حتى تتمكن هذه العمالة من مسايرة كل جديد في مجال تخصصها، فضلاً عن فتح فرص عمل ذات مميزات خاصة لها، عن طريق الالتحاق بالوظائف المميزة في الشركات متعددة الجنسيات، التي أصبحت منتشرة حول العالم كمظهر من مظاهر العولمة، أو ترغيب هذه الشركات في الاستثمار في بلدان هذه العمالة الماهرة، مما ينعكس بدوره على إنعاش اقتصاديات أوطان هذه العمالة، وخلق فرص عمل جديدة، وبالتالي تنمية الموارد البشرية والاستثمار فيها، وهذا كله يصب في تقدم بلدانهم صناعياً، واجتماعياً، وثقافياً.
إن الاهتمام بالفكر والتخطيط الاستراتيجي يساعد كلاًّ من الشركة أو المنظمة أو الدولة على الوصول إلى ما تصبو إليه من تقدم، ونموٍّ مطَّرد؛ ومن ثَمَّ الازدهار والرفاهية، وصولاً إلى الحياة الكريمة.
ويعد الاهتمام بالتنمية البشرية حجر الزاوية، وأساساً جوهرياً لتأكيد التنمية بمفهومها الشامل لكل المجالات، سواء كانت اقتصادية، أم اجتماعية، أم سياسية، أم ثقافية... إلخ.
والأخذ بالتطوير الشامل المدعوم بالتدريب العام والمتخصص يمكِّن الدولة، والشركة، والمنظمة، والفرد، من مواكبة التغيُّرات السريعة التي يشهدها عالم اليوم.
والتدريب هو استثمار حقيقي ومباشر يؤدي إلى تنمية الموارد البشرية؛ فكلما زاد استثمار الدولة - أو الشركة أو... - في تنمية مهارات الأفراد، ورفع مستوى كفاءتهم العلمية والعملية، ومن ثَمَّ الإنتاجية، مما يصب في النهاية في مجرى رفع مستوى معيشتهم؛ كلما ملكت عليهم أفئدتهم وعقولهم، وولائهم وانتمائهم، فضلاً عن امتلاكها لمهاراتهم التي أكسبتهم إياها ببرامج التدريب المدروسة والمفيدة.
وتظهر كفاءة المديرين من خلال نتائج عدة، أهمها:وهناك علاقة وطيدة بين التدريب وتنمية الموارد البشرية؛ حيث ترتكز تنمية الموارد البشرية فيما ترتكز على:التدريب والتنمية البشرية والاقتصادية:ويمكننا تلخيص بعض المزايا التي يقدمها تحليل الوظائف للإدارة فيما يلي:تحليل الوظائف:- أهمية الإنتاجية على مستوى المجتمع:- أهمية الإنتاجية على مستوى الاقتصاد الوطني: - أهمية الإنتاجية على مستوى الشركة أو المنظمة: - أهمية الإنتاجية على مستوى الفرد (العامل): ماهية الإنتاجية:التنمية Development:

#2
الصورة الرمزية elfarkh
elfarkh غير متواجد حالياً مستشار
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
موارد بشرية
المشاركات
691

رد: قراءة في مفهوم التنمية

جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الرائع
يجب علينا العمل على تنمية قدرتنا وذلك يؤدي إلى تنمية المنظمة والمجتمع بأكمله

#3
الصورة الرمزية huntergo
huntergo غير متواجد حالياً أقدمية
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
أعمال ادارية
المشاركات
36

رد: قراءة في مفهوم التنمية

مشكور و على الموضوع ،،، واذكركم و نفسي لا ننسى فضل العلم و العلماء

#4
نبذه عن الكاتب
 
البلد
اليمن
مجال العمل
طالب دراسات عليا - باحث ومتخصص في إدارة التنمية المحلية
المشاركات
242

رد: قراءة في مفهوم التنمية

الجميع:
أشكركم على المرور والتعقيب على الموضوع، لكم مني كل الإحترام والتقدير.

#5
الصورة الرمزية samerhassan82
samerhassan82 غير متواجد حالياً مستشار
نبذه عن الكاتب
 
البلد
سوريا
مجال العمل
موارد بشرية
المشاركات
513

رد: قراءة في مفهوم التنمية

شكرا جزيلا أخي الكريم ........................

#6
الصورة الرمزية reembadr
reembadr غير متواجد حالياً مستشار
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
موارد بشرية
المشاركات
291

رد: قراءة في مفهوم التنمية

بصراحة موضوع جميل وهائل
شكرا جزيلا على الافادة
جعل الله ذلك فى ميزان حسناتك

إقرأ أيضا...
قراءة في تجربة التنمية بماليزيا - بقلم: عبدالحافظ الصاوي

التجربة الماليزية جديرة بالتأمل وخصوصاً أنها تتميز بكثير من الدروس التي من الممكن أن تأخذ بها الدول النامية كي تنهض من كبوة التخلف والتبعية. فعلى الرغم من الانفتاح الكبير لماليزيا على الخارج... (مشاركات: 3)


نبذة عن مفهوم التنمية البشرية

التنمية البشرية التنمية البشرية Human Development هي عملية توسيع اختيارات الشعوب والمستهدف بهذا هو أن يتمتع الإنسان بمستوى مرتفع من الدخل وبحياة طويلة وصحية بجانب تنمية القدرات الإنسانية من خلال... (مشاركات: 6)


قراءة في تجربة ماليزيا التنموية

قراءة في تجربة ماليزيا التنموية عبدالحافظ الصاوي التجربة الماليزية جديرة بالتأمل وخصوصاً أنها تتميز بكثير من الدروس التي من الممكن أن تأخذ بها الدول النامية كي تنهض من كبوة التخلف والتبعية. فعلى... (مشاركات: 0)


مفهوم التنمية

مفهوم التنمية بقلم/ د.نصر عارف كلية العلوم السياسية-جامعة القاهرة يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أُطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما... (مشاركات: 2)


دورات تدريبية نرشحها لك

برنامج المحاسبة السحابية باستخدام برنامج كويك بوك

برنامج تدريبي متخصص في الحوسبة السحابية يتناول ما هى المحاسبة / الحوسبة السحابية والمزايا والتهديدات من استخدامات الحوسبة السحابية ونظرة عامه على كويك بوكس أون لاين QuickBooks Online وفتح حساب جديد على كويك بوكس اون لاين وإضافة المستخدمين ومجالات إستخدام كويك بوكس أون لاين واصدارت


كيفية إعداد قوائم تحقق مراجعة نظام إدارة الجودة

جلسة تدريبية اونلاين، تهدف الى تأهيل المشاركين فيها على فهم قوائم التحقق والتي تعتبر من اهم عناصر مراجعة نظام ادارة الجودة، نظرا لما تمثله هذه القوائم من اهمية كبيرة باعتبارها المرشد الاساسي للمراجع خلال رحلة التحقق من تطابق المؤسسة مع نظام الجودة.


دبلومة الاستدامة البيئية في مجال الفنادق والمطاعم

برنامج تدريبي متخصص يتناول مفاهيم صناعة الضيافة الخضراء وتصنيفات المطاعم والفنادق والدرجات البيئية للفنادق وممارسات إدارة الطاقة الخضراء والإدارة الخضراء للمياه في الفنادق والمطاعم ومعايير كفاءة استخدام المياه والحصول على الشهادة الخضراء في معيار كفاءة استخدام المياه وبرامج الإدارة الخضراء للمخلفات الصلبة في الفنادق والمطاعم و نماذج لبعض المطاعم والفنادق التي حصلت على الشهادة الخضراء.


كورس دراسات الجدوى الاقتصادية لإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية

اذا كنت بصدد انشاء مستشفى او مركز صحي او مؤسسة طبية خاصة او عامة فأنت بحاجة الى تعلم كيفية اعداد دراسة جدوى اقتصادية لمشروع انشاء مستشفى او مركز طبي، لذلك فقد تم تصميم هذا البرنامج التدريبي الاول عربيا، ليؤهلك بشكل علمي وعملي ويساعدك على تعلم كيفية اعداد دراسة جدوى متكاملة لمشروع إنشاء مستشفى او مركز طبي خاص او عام


برنامج اليات التصدير وفتح اسواق لدول الكوميسا

كورس يشرح آليات التصدير وفتح اسواق لدول الكوميسا ويتناول تحليل البيئة الداخلية لدى المصدر او المنتج وتحليل البيئة الخارجية وتأثيراتها على الاسواق الجديدة والمتغيرات الدولية وتنمية مهارات الاعمال وأخيرا التسويق الدولي واختيار أسواق التصدير


أحدث الملفات والنماذج