تعد إدارة الموارد البشرية من علوم الإدارة المهمة، والمورد الأول والأهم في التنمية الاقتصادية، وهي ثروة المنشأة الحقيقية التي تنمو بها الأمم وتتطور، فالمنشأة تستثمر في أهم الموارد وأكرمها, لذلك فمتى ما توافر العنصر البشري المناسب تكون المنشأة قد حققت أهم أدوات النجاح, فالإصلاح الوظيفي والنجاح كلاهما مرهونان بإدارة الموارد البشرية, كما أن نجاح إدارتها يعد المفتاح الذهبي لنجاح المجتمع الاقتصادي ككل, فهي المحرك الأساسي لنجاح المنظمات.

ولإدارة الموارد البشرية علاقة مباشرة بجميع مستويات الإدارة في المنشأة، فمتى ما توافرت إدارة موارد بشرية متميزة وتدعم الصفات القيادية في المنشأة, وكذلك توافرت بيئة العمل المناسبة من نظم وقوانين وإجراءات وعناصر، فإنه سيتفاعل العنصر البشري مع تلك البيئة من جهة، وتتمكن المنظمة من تحقيق الهدف الأساسي لوجود إدارة الموارد البشرية من جهة أخرى. وتعرف إدارة الموارد البشرية بأنها أداء فعاليات وأنشطة الإدارة, التي تتمثل في التخطيط والتنظيم والتطوير والقيادة، وهي الإدارة التي تعنى بتشجيع وتحفيز الموظفين للوصول إلى أعلى مستوى من الإنتاجية بكفاءة وفاعلية، والجمع بين المنشأة والموظف في الاتجاه الواحد والمساهمة في تحقيق أهداف كل منهما.

وفي الوقت الحاضر أصبحت إدارة الموارد البشرية جزءا أساسيا في المنشآت, فتطورت وتوسعت لتصبح إدارة كاملة للموارد البشرية, وتسهم في المكانة التنافسية للمنشأة، وكذلك في ربحيتها، كما أنها تسهم في تحقيق أهداف المنشأة عن طريق توظيف المهارات والكفاءات وزيادة الرضا الوظيفي وتحقيق الذات والمساهمة في المحافظة على السياسات العامة والسلوكية وأخلاقيات العمل وضبط عملية التغيير وتحقيق مستوى أداء جيد عن طريق برامج تدريب العاملين وتطويرهم وغير ذلك. كما أنها الإدارة المسؤولة عن استقطاب الأفراد داخل المنشأة لتكوين قوة عمل فاعلة ومستقرة، حيث إن كفاءة الأنشطة الإدارية تعتمد بشكل رئيس على إدارة الموارد البشرية. كما أن اختيار الأفراد لشغل الأماكن الشاغرة في المنشآت لا بد أن يكون مبنيا على أسس علمية سليمة حتى يتم توافر الكفاءات الجيدة القادرة على الأداء والعطاء المتميز، لذا لزم أن تتبع المنشآت آلية حديثة تعتمد على ما توفره التقنية من أنظمة وبرامج مبنية على أسس علمية تساعد على عملية اختيار الموظفين وتقييمهم، لأجل الارتقاء بالأداء الوظيفي وزيادة إنتاجية الموارد البشرية وتحقيق أفضل النتائج لكل منشأة بناء على نوعية الخدمات التي تقدمها للمجتمع. ولقد بدأت بعض المنشآت العامة والخاصة في التحول لاستخدام تقنية المعلومات في أداء أنشطتها وأعمالها، حيث إن التقنية تعد آلية رائعة في تقييم جودة وكفاءة الموارد البشرية العاملة في المنظمات، كما أنها تعد الأساس في التعامل، بما توفره من برامج تساعد على إدارة الموارد البشرية وتقييمها وإبراز مكامن القوة والضعف لدى الموظف بناء على كيفية أداء الموظف في إنجاز مهام عمله أثناء الفترة المحددة في النظام، كما أنها تساعد على اختيار الموظف المناسب لكل وظيفة, ما يعطي أفضلية وحسن استغلال الموارد البشرية العاملة في المنشأة بطريقة مناسبة، لذلك سنجد تحسنا ملحوظا في ثقافة تحسين أداء العمل، وكل ذلك سينعكس إيجاباً للمستفيدين من الخدمات التي تقدمها تلك المنشأة. وبطبيعة الحال فإن أسس تقييم مستوى الموارد البشرية تختلف من منشأة إلى أخرى لأسباب كثيرة, لعل أهمها استراتيجية العمل المعتمدة في كل منشأة في تقييم الموارد البشرية، ورؤية ورسالة وأهداف المنشأة، إضافة إلى الأنظمة الداخلية المتبعة في كل منشأة على حدة، وإن كان هناك بعض التشابه بين المنشآت الحكومية بسبب اتباعها قوانين ولوائح متشابهة. وفي الآونة الأخيرة سعت بعض المنشآت إلى إيجاد نظم تقنية حديثة وبديلة لإدارة الموارد البشرية وتقييمها تكون أكثر دقة وتتناسب مع المتغيرات العالمية. ولهذه التقنية الحديثة خصائص وتحديات ومعوقات وتأثير داخلي وخارجي حين التطبيق والاستخدام، وهذا ما سنكمله في الموضوع القادم - إن شاء الله.
بقلم: د. عبدالله بن سليمان العمار