أعجبتني دراسة اكاديمية سعودية اقترحت تبديل بعض الاسماء الوظيفية التي يشيع استخدامها في القطاعين العام والخاص ولها مدلولات تحبط العامل او العاملة وتؤثر في نفسيتهم وضرب مثلا باستبدال مسمى وظيفة «قهوجي» باسم موظف ضيافة، كذلك استبدال «طباخ» بمعد اغذية او مشرف تغذية.. هكذا دواليك. وبررت الدراسة ان الانسان بطبعه يحب السمو والعلو ولا احد يرضى مهما كان مستواه التعليمي او الوظيفي ان ينظر اليه نظرة دونية لمجرد انه يشغل وظيفة بسيطة.
سبب اعجابي بالدراسة رغم المآخذ الكثيرة عليها انها جاءت مواكبة لاحتياجات المجتمع لأن كثيرا من الشباب يحتاجون للعمل ولكنهم لا يقبلون على بعض الوظائف خوفا من نظرة المجتمع السلبية لهم رغم انهم لا يملكون مؤهلات كافية تجعلهم يتطلعون لوظائف أرفع.
أهم المآخذ على نتائج الدراسة ان تغيير مسمى الوظائف البسيطة لا يحل المشكلة لأن الناس تعارفوا على ان من يقدم القهوة والشاي في المكاتب هو قهوجي حتى لو خلع عليه لقب مدير الكيف، والمحك هو مدى احتياج الشخص للعمل بغض النظر على نوعه وفي الحديث الشريف «لأن يحتطب احدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه او يمنعه».
والحديث يتناول مهنة الحطاب وهي من اقل المهن المعروفة في الماضي سواء في المردود المادي او نظرة المجتمع.
كذلك يرمي الحديث الشريف الى ان العمل ليس عيبا وانما العيب استجداء الناس او التسول، لذلك لا داعي للهرب من المسميات الوظيفية الدنيا خصوصا اذا عرفنا ان كثيرا من عظماء التاريخ والمخترعين بدأوا حياتهم بمهن بسيطة مثل بيع الصحف او ممارسة اعمال حرفية بسيطة وهم اكثر من ان يحصوا.
وفوق هذا وذاك فان ديننا الاسلامي يعلي من شأن العمل وبوجه خاص العمل اليدوي الذي يبذل فيه الانسان جهدا عضليا وفي الحديث الشريف «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من ان يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده».
بخلاف اليهود الذين ينظرون للعمل على انه عقاب من الله سبحانه وتعالى لليهود على ما فعلوه في الانبياء.
ولا يختلف اثنان في ان الانسان بطبعه يحب السمو والعلو تلك فطرة مفطور عليها الانسان ولكنها تحتاج الى مضاعفة الجهد للوصول الى تلك الغاية فلا يعقل ان يمتنع انسان بلا مؤهلات عن العمل لمجرد ان المسمى الوظيفي لا يعجبه وقديما قال الشاعر العربي.
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والاقدام قتال
والوظائف العليا من امثلة السيادة لأن الشخص كلما علت مرتبته يعني ذلك زيادة الاعباء الملقاة على عاتقه فلا بد ان يقابل ذلك استعداد لتحمل هذه المشاق من حيث الدراسة الاكاديمية والدورات التدريبية المتقدمة.
يقيني ان المسميات الوظيفية في الوظائف البسيطة لو تغيرت حتى تصبح مقبولة اجتماعيا فسوف نجد ان كل شبابنا العربي تحولوا الى سعاة ومقهوجين بدرجات مديري عموم.