عملية الاختيار الامتداد الطبيعي لوظيفة تخطيط الموارد البشرية في المنظمة بحيث أن النتائج المترتبة عن عملية التخطيط كما لا تخرج عن حالتين: وجود فائض أو عجز في الموارد البشرية،وبالتالي يتطلب الأمر اتخاذ قرارات بشأن هذه النتائج،فوظيفة الاختيار تمارس فقط في حالة وجود عجز في الموارد البشرية والمطلوب توفيرها.
مفهوم وظيفة الاختيار:
وظيفة الاختيار هي العملية التي بمقتضاها تستطيع إدارة الأفراد أن تفرق بين الأفراد المتقدمين لشغل وظيفة معينة من حيث درجة صلاحيته لأداء هذه الوظيفة،بمعنى آخر ينطوي المفهوم على تحقيق التوازن والتوافق بين متطلبات وواجبات الوظيفة من ناحية وبين سمات،مؤهلات وخصائص الفرد المتقدم للوظيفة وفقا لما هو منصوص عليه في توصيف كل وظيفة من ناحية ثانية.من هذا المنطلق لا يمكن الفصل بين وظيفتي تخطيط القوى البشرية و وظيفة التوصيف من جهة وبين وظيفة الاختيار من جهة أخرى،وبالتالي فإن عاملاً أساسيا من عوامل نجاح خطة الموارد البشرية هو مدى نجاح إدارة الأفراد في القيام بوظيفة الاختيار بطريقة سليمة.
وتبــدأ عملية الاختيار فور الانتهاء من التحديد الكمي والنوعي لكافة الموارد البشرية اللازمة للمنظمة الناتج عن عملية تخطيط الموارد البشرية،ومن ثم عبر توصيف كامل لكافة الوظائف المطلوبة،هذا ومن الناحية العملية لا يمكن أن تبدأ هذه المرحلة إلا بعد إتمام كافة الإجراءات المتعلقة بالتوصيف خاصة ما يتعلق بالوظائف الجديدة الناتجة عن مقتضيات التخطيط أي تخطيط الموارد البشرية.
ولا شك أن هناك تكاليف تتحملها المنظمة في حالة الخطأ في الاختيار الذي يتمثل في فصل الموظف أو تركه للخدمة،وقد يكون من الصعب قياس هذه التكاليف على وجه الدقة،ومع ذلك يمكن إبراز بعض هذه التكاليف كما يلي:
1- تكاليف التعيين بما في ذلك الوقت والتسهيلات اللازمة للتجنيد أي البحث عن الأفراد المرتقبين والمقابلات والاختبارات.
2- تكاليف التدريب بما في ذلك الوقت الضائع لإدارة الأفراد
3- الأجر الذي يحصل عليه الفرد الجديد(المتدرب)عادة يفوق ما يقدمه من إنتاج.
4- ارتفاع معدلات الحوادث في الغالب بالنسبة للموظف الجديد
5- فقدان الإنتاج في الفترة ما بين فصل الفرد القديم وتعيين فرد جديد
6- عدم استخدام معدات الإنتاج بالكامل خلال فترتي التعيين والتدريب
7- ارتفاع معدلات الضياع والفاقد في حالة الفرد الجديد
8- دفع أجور إضافية في حالة زيادة حالات الفصل،وما قد ينجم عن ذلك من تأخير في مقابلة مواعيد التسليم
9- تكلفة البحث عن فرد بديل واختياره(المقابلات والاختبارات واستيفاء النماذج وغيرها)وتدريبه(الوقت غير المنتج للفرد البديل والإنتاج المرفوض ووقت المدرب وما إلى ذلك)
10-تكلفة إنهاء خدمة الفرد مثل التعويضات والتقارير الكتابية والمقابلة النهائية
مصادر الموارد البشرية:
تنحصر مصادر الموارد البشرية بعد تحديدها كما ونوعاً بمصدرين أساسيين:
1- الاختيار من داخل المنظمة أو ما يعرف بالمصادر الداخلية InternalSources.
2- الاختيار من خارج المنظمة أو ما يعرف بالمصادر الخارجية ExternalSources .
* الاختيار من داخل المنظمة:إن سياسة الترقية المتبعة في المنظمة تعني إتاحة الفرصة لجميع أفراد التنظيم للترقي إلى المستويات العليا مع الأخذ في الاعتبار عدم التميز في تطبيق هذه القاعدة،ويترتب على هذا التطبيق المزايا التالية:
ـ رفع الروح المعنوية لأفراد التنظيم وازدياد الشعور لديهم بالأمان على مستقبلهم الوظيفي في المنظمة
ـ الاستفادة من كافة الكفاءات المتوفرة داخل المنظمة
ـ إلمام الأفراد بكافة ظروف المنظمة وبالتالي تستمر عملية التكيف مع بيئة التنظيم
ـ القدرة على تامين التعاون الاختياري والتنسيق مع كافة أفراد التنظيم
ـ خلق سمعة ممتازة للمنظمة تمكنها من جذب الأفراد الذين يتمتعون بالطموح الوظيفي
ـ تمكن المنظمة من امتصاص مقاومة التغيير في سياسة الاختيار والترقية
ولكن بمقابل هذه المزايا تتعرض المنظمة من اتباع هذه السياسة لمجموعة من المخاطر أهمها:
أ- إن الاختيار على أساس الترقية قد يسبب جواً من الغيرة بين المرؤوسين الذين لم يتم ترقيتهم،وبالتالي يفقد الفرد الجديد القدرة على التعاون مع زملائه نتيجة الغيرة أو عدم استعدادهم لذلك
ب- حرمان المنظمة من الاستفادة من أفكار وآراء جديدة التي قد تتوفر من المصادر الخارجية مما يخلق جموداً في ديناميكية التنظيم
ج- سيطرة مكونات الوظيفة السابقة على الوظيفة الحالية مما يحد من انطلاقتها
د- احتكار المناصب الأمامية،قد يحرم المنظمة في كثير من الأحيان من مزايا المنافسة بين سوق العمل والمنظمة.
هذا مع التسليم بأهمية المصادر الداخلية في تولي المناصب الأساسية في المنظمة،إنما يجب أن لا يطلق العنان لهذه السياسة وغلق الأبواب أمام مرونة المنظمة في الاعتماد على المصادر الخارجية لجذب الكفاءة المطلوبة لتفعيل التنظيم،لأنها قد تشكل خطراً حقيقياً على مستقبل المنظمة فالديناميكية تستوجب ضخ دم جديد للتنظيم يستطيع أن يزيد من ديناميكيته في الاتجاه الصحيح،ويمكن للمنظمة استخدام كافة الطرق لعدم الربط بين اختيار الأفراد وسياسة الترقية وأن يكون واضحاً لأفراد التنظيم،أن المنظمة ستلجأ إلى الاختيار من الخارج طالما هناك خلافاً في التوازن بين الكفاءة الداخلية والخارجية،ويصبح للمنظمة الحرية الكاملة في توفير الأفراد الأكفاء لشغل المناصب الأساسية من المصادر الخارجية المناسبة
* الاختيار من خارج المنظمة:تلجأ المنظمة إلى هذا المصدر بسبب اقتناعها بضرورة تفعيل ديناميكية التنظيم عن طريق كفاءات تستطيع أن توفر للتنظيم قوة الدفع الجديدة،ولا شك أن المنظمات الكبيرة خاصة في قطاعات الصناعة المتطورة تلجأ إلى المصادر الخارجية نظراً لقوة المنافسة لجذب الأفراد المميزين القادرين على تأمين قوة الدفع المميزة والمطلوبة،إن هذا الأسلوب في الاختيار قد يحقق مزايا كثيرة كما أوردناها إلا أن له انعكاسات سلبية وآثاراً قد تختلق مشكلات تنظيمية وأيضاً مشكلات سلوكية أهمها:
أ- انخفاض الروح المعنوية لأفراد التنظيم نتيجة عدم ارتياحهم أو اقتناعهم بهذه السياسة.
ب- في منظمات العالم الثالث،ينظر دائماً إلى الفرد الجديد الآتي من خارج المنظمة على أنه دخيل سقط على التنظيم من السماء
ج- ظهور نوع من المقاومة للفرد الجديد وهذا أمر طبيعي يتبلور في عدم التعاون معه أو وضع كافة الصعوبات أمامه لعدم نجاحه في وظيفته
مراحل عملية الاختيار Selection Process
إن المسار العملي لهذه المرحلة قد يختلف من منظمة لأخرى،كما وأن نوع ومستوى الوظيفة المطلوب شغلها قد تحدد إلى درجة كبيرة مدى التفصيل والدقة في عملية الاختيار،وتتكون مراحل عملية الاختبار عادة من:
ـ الإعلان عن الوظائف
ـ المقابلة المبدئية للمتقدمين Preliminary Interview
ـ استيفاء طلب الاستخدام Completion of application form
ـ الاختبارات The Tests
ـ المقابلة الشخصية Personal Interview
ـ التقصي عن طالبي الوظائف Back ground Investigation
ـ الاختبارات الطبيةPhysical Tests
ـ إصدار قرارات التعيين Employment Decision
هذا وسوف نركز في هذا الإطار على مرحلتين أساسيتين يعتبران جوهر عملية الاختبار وهما الاختبارات والمقابلات الشخصية
1-الاختبارات((The Tests:
بعد أن تتأكد إدارة الأفراد من استيفاء الفرد المتقدم للوظيفة للشروط العامة،يكون بذلك على استعداد لإجراء مجموعة من الاختبارات تهدف إلى تقدير نجاح الفرد في أداء الوظيفة.ولا تتوقف أهمية هذه الاختبارات على وصف قدرات وإمكانيات ومهارات الشخص لشغل الوظيفة الحالية فقط،إنما التنبؤ بقدراته وإمكانياته المستقبلية لشغل وظائف أخرى ذات مستوى أعلى
إن استخدام نظام الاختبارات يمكن ادارة الافراد من الاختيار السليم من بين كافة المتقدمين لشغل الوظائف الشاغرة،على أن هذه الاختبارات قد تكشف قدرات ومهارات معينة قد تساعد الغدارة على توجيه الفرد إلى وظيفة أخرى تتناسب مع هذه القدرات.
أنواع الاختبارات:
يمكن لادارة الأفراد استخدام كل أو بعض الاختبارات في عملية الاختبار،لذا فإن الاختبارات الأكثر شيوعا وتطبيقاً في هذا المجال هي:
1-اختبار القدرات Aptitude Tests
2-اختبارات الشخصية Personality Tests
3-اختبارات الذكاء Intelligence Tests
4-اختبارات الأداء Performance Tests
5-اختبارات الميول والاتجاهات Attitude Testes
6-اختبارات الدقةDexterity Tests
تقييم الاختبارات:
بالرغم من أهمية الاختبارات المستخدمة في عملية تقييم الافراد وتحديد مدى صلاحيتهم في بعض النواحي لخصائص الوظيفة المطلوب شغلها،إلا أنها ليست وسيلة سهلة وقد لا تؤدي في بعض الأحيان الهدف المطلوب منها،لذا عند استخدام الاختبارات كوسيلة للتقييم يجب مراعاة مايلي:
أ- اعتبار الاختبارات مكملة لوسائل الاختيار الأخرى وليست بديلاً عنها
ب- استخدام عدد قليل من الاختبارات واعتبارها صحيحة في الاختيار لوظيفة معينة،واعتبار الاختبار مفيداً إذا ثبت أنه ساعد في التمييز بين الأشخاص الذين يعتبرون أكثر نجاحاً بالمقارنة مع الأشخاص الذين تم اختيارهم دون اختبار
ج- إذا لم تثبت صحة الاختبار لوظائف متشابهة فيجب أن لا يكون محدداً للاختيار لهذه الوظائف دون اختباره والتأكد من صلاحيته
د- يجب أن يكون معلوما أن الاختبار يوضح مقدرة الشخص على أداء عمل معين، ولكنه لا يوضح ما سيفعله الشخص فعلاً بعد اختياره.
هـ ـ يجب أن تعطى الاختبارات في ظروف موحدة
و- يجب أن يشرف على الاختبارات شخص مدرب
ي-يجب أن يتم توزيع الاختبارات بمنتهى الحرص،غذ لا معنى لاستخدامها غذ تمكن بعض المتقدمين من الحصول عليها مقدما
2- المقابلة الشخصية personal interview :
إن الغرض من المقابلة الشخصية هو معرفة الأفراد الذين يعتقد أنهم صالحين للعمل في المنظمة،ويعتبر البعض المقابلة الشخصية وسيلة لتحسين العلاقات العامة بإعطاء فكرة حسنة للمتقدمين عن ظروف وأحوال العمل والعلاقات داخل المنظمة،وعلى الأفراد الذين يقومون بالمقابلة الإلمام بالوظائف ومتطلباتها،كما يجب أن تتوفر لديهم المقدرة للحصول على ثقة المتقدم،وبالتالي يستطيعون الحصول على إجابات كاملة وصريحة عن أسئلتهم،وكذلك يجب أن يكون في مقدورهم التأثير على المتقدم بإظهار اهتمامهم به وعنايتهم التامة بكل ما يقول،ويجب في بعض الأحيان أن يتغلبوا على تردد المتقدم في الكلام أو مناقشة خبرته السابقة في العمل،ويجب أن يعرفوا الحد الذي حصلوا عنده على ما يلزمهم من معلومات وكذلك طريقة انهاء المقابلة،وأخيراً يجب على المقابلين أن لا يدخلوا عنصر التحيز أو التحامل في حكمهم على الأفراد أو الحكم عليهم بمظهرهم الخارجي أو الانطباعات العامة،والتي قد تؤدي إلى إصدار قرار غير سليم،كذلك يجب تحاشي الأسئلة التي قد يعتبرها الفرد تافهة أو أساسا لاتخاذ قرار في غير صالحه.
وتكون المبادأة في المقابلة الشخصية للمقابل لأنه يسعى للحصول على الإجابة عن أسئلة معينة،وتكون المقابلة عادة موجهة،أي أن المقابل عن طريق الأسئلة التي يوجهها يقود المناقشة إلى عدد من المسائل التي يعتبرها مهمة،ومن ناحية أخرى قد يكون جزء من المقابلة غير موجه لتشجيع المتقدم على مناقشة أية موضوعات قد يراها مناسبة وهامة.
وقد يقوم بالمقابلة الشخصية بعض الأفراد العاملين بالمنظمة،ويكون الهدف من ذلك ما يلي
1-الحكم الجماعي على المتقدم
2-اختبار واعادة اختبار المتقدم في النواحي التي تبدو ذات أهمية
3-تعريف المتقدم بالأعضاء البارزين في المنظمة
وقد تتبع سياسة أخرى وذلك بأن تتم عدة مقابلات متتالية مع عدة أفراد على انفراد،ثم يجتمع المقابلون لتقييم الشخص المتقدم ومقارنة ما توصلوا إليه في حكمهم عليه.