منذ سنوات قليلة، واجه المحاسب ويل كيلي قراراً مصيرياً، فقد وقف وهو على باب التخرج في كلية التجارة التابعة لجامعة ألاباما حائراً بين أمرين، إما الانضواء تحت مظلة شركة محاسبة عريقة راسخة الجذور، أو الالتحاق بشركة محاسبة صغيرة مغمورة، براتب يسيل له اللعاب.


قرار محيِّر ولا شك، حسبما قال كيلي مواطن بيرمنغهام، آلابامار البالغ من العمر 25 عاماً، والذي أسقط في يده، فأيهما يختار ....!!!


المنصب والوجاهة أم يسير وراء إغراء الراتب .... أيهما تختار.. منصباً في شركة معروفة أم راتباً سخياً في شركة مغمورة؟

إنها معضلة واجهت كثيراً من الباحثين عن وظيفة، سواء كانوا على أبواب التخرج أو عاطلين باحثين عن وظيفة، أو طرّاق لآفاق جديدة. كثيراً ما تكون الأسماء الكبيرة مصحوبة بأرقام كبيرة، غير أن الشركات الصغيرة تلوِّح بعقود أكثر سخاءً في وجه الموظفين المحتملين،


تعويضاً لهم عمّا يفقدونه من حيث المنصب والجاه. الاسم اللامع، يبدو لافتاً في السيرة الذاتية، وقد ينطوي على استقرار وتدريب أكثر مما يتوفر في الشركة الصغيرة، غير أن الراتب الضخم، إغراء، لا قِبل لأحد بمقاومته. كما ان الشركة الصغيرة تعرض عليك مسؤوليات جسام، وأعباء ثقال في مسيرتك المهنية.


ويرى بعض استشاريي التوظيف أن القرارات يجب ألا تُبنى على أساس المال أو الاسم فقط، محبِّذين اعتماد عوامل أكثر أهمية، مثل مدى حب المرء لعمله، والآفاق التي ستفتح في وجهه، كي يصعد سلم النجاح والترقي.


ويتساءل لين بيرغر، استشاري التوظيف في مدينة نيويورك، عن الأمور الأكثر جذباً في ضوء متطلبات العمل. وما هي الوظائف التي تستدعي الاهتمام والمهارات أكثر من سواها؟


ويقول إذا ما تساوت الوظائف في مغرياتها، من حيث الواجبات، فما الذي يمكن التنازل عنه لقاء إغراء المال. هل فرق الراتب من الكبر، بحيث يتردّد المرء في قبول وظيفة أدنى مرتباً؟ ومن جانبها، توصي بربارة لاروك، مدربة مهنية، مقرها ريستون فيرجينيا، بعدم الذهاب إلى مقر العمل، مقطب الجبين، كاسف البال، فذلك من شأنه التأثير في أداء العمل.


وأفتت بأن المال إذا ما شكّل عائقاً أن يستثمر فرصة عرض الراتب الأعلى لاستعراض عضلاته والمطالبة بعرض أكثر سخاء، أو المساومة على المزيد من التعويضات، إلى جانب الراتب، كالإجازات الإضافية، أو المزايا الأخرى، أو خيارات الأسهم مثلاً.


أو المراجعة الدائمة للعلاوات والترقيات ويختلف استشاريو التوظيف حول ميزات الشركات الصغيرة والشركات الكبيرة، ويقترح براد كارس رئيس رجوب باوندر التي تقدم خدمات الاستشارات الوظيفية ومقرها شيكاغو، على الشباب المقبلين على التوظيف، التوجه إلى شركة كبرى، فقد تعرض عليه مجالات أوسع للتدريب والتطور والتي برأيه أكثر نجاعة من حفنة من الدولارات.


غير أن لوري دافيلا مدربة التوظيف في اتلانتا تذهب مذهباً آخر حجتها أن الشركة الصغيرة توفر فرصا قيادية أكثر ومسؤوليات أوسع. وترى أن درجة المنصب وحجم المسؤوليات وضخامة الإنجازات هي مواضع جذب تستأثر باهتمام أصحاب العمل اليوم، وفيما هو كذلك عنت لمحاسب ألاباما فكرة التوجه إلى أحد أساتذته طلباً للمشورة.


فما كان من الأستاذ الذي عمل سابقاً محاسباً في شركة كبرى، إلا أن ايد كيلي في مسعاه والاهتداء بهديه وحجته في ذلك أن الممارسة والخبرة اللتين سيكتسبهما في الشركة كفيلتان بتعويضه عن رجاحة كفة الراتب الذي يمكن أن يخسره.


انقشعت الغمامة أمام كيلي فانشرح صدره وحزم أمره، فالمال ليس كل شيء، إذ ان الخبرة على قدر كبير من الأهمية وهو يعمل الآن في شركة كبرى للمحاسبة وعلى يقين كبير أنه اتخذ القرار الصائب.