مشروع الخدمات الاجتماعية المساعدة للمرأة السورية في منزلها
استبدال الاجنبية بالمحلية المدربة
موضوع هام جدا وهو في قلب المشكلة الاقتصادية والادارية
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالاقتصاد
دبلوم علوم نفسية وتربوية
مقدمة
المرأة نصف المجتمع وعملها المنتج حاجة وقوة للاقتصاد الوطني ودليل حيويتها وتطورها الاجتماعي وتعتبر الصعوبات التي تواجه عمل المرأة إحدى المشكلات التي تفاقم تدني مستوى معيشة الأسرة السورية.
فبسبب تدني نسبة عدد النساء العاملات يرتفع معدل الإعالة في سورية إلى 1،3 فرداً للعامل الواحد أ ان الفرد عليه ان يعيل نفسه وثلاثة آخرين معه بسبب الاعتماد على عمل الرجل في الأسرة علماً أن وسطي عدد أفراد الأسرة يصل إلى 5,6 أفراد تقريباً مما يعني أن عدداً قليلاً من الأسر تعتمد على دخل آخر غير دخل رب الأسرة والحالات التي يعمل فيها الرجل والمرأة معاً في الأسرة مازالت أقل بكثير مما هي عليه في المجتمعات الأكثر تطوراً ويظهر ذلك من خلال الارقام الاحصائية التي تعطي دلالاتها في هذا الاتجاه فمن أصل 4,304 مليون عامل وعاملة في سورية عام 2004 في كافة القطاعات بلغ عدد الذكور العاملين منهم 3,680 مليون عامل في حين أن عدد النساء العاملات لم يتجاوز 624 ألف عاملة.
واذا كان معدل البطالة قد بلغ في نفس العام 12,4 منهم 10,5 من الذكور قد بلغت النسبة بين الاناث 22% وهو رقم له دلالة معبرة عن تفاقم مشكلة البطالة بين النساء.
وحيث أن الفقر في الدول النامية مرتبط بغياب فرص الدخل كما تقول تقارير التنمية البشرية للامم المتحدة وهو ما يدفع الباحثين عن عمل رجال ونساء للاضطرار بقبول أي عمل يمكن ان يكفل لهم الحد الأدنى من مستوى المعيشة
هذا الامر ينطبق على الذكور والإناث في مجتمعنا وهو ما يدفع الكثير من النساء للعمل في قطاع العمل غير المنظم وهو قطاع يعمل فيه حوالي 39% من قوة العمل.
ونظراً لأن المرأة في سورية معنية بأن تجد لها دخلاً مشرفاً لقاء عمل يساعدها على تحقيق ذاتها وتأمين مورد رزق يعينها في الإنفاق على تأمين متطلباتها عندما تكون مسؤولة عن نفسها ومستقبلا لتتحمل المسؤولية ضمن أسرتها التي ستكونها، لذلك فان وضع خطط وبرامج عمل لمواجهة هذه الاحتياجات تمثل مسألة حيوية وهامة لتوفير فرص عمل جديدة ومتنوعة في قطاع الأعمال المنظم من خلال جملة من المشاريع التي يجب أن تقيمها الدولة.
وبالتالي فان هذا المشروع – الخدمات الاجتماعية المنزلية الوطنية- والذي يقوم على أساس الاستبدال التدريجي للعمالة المنزلية الأجنبية الوافدة بعمالة محلية مدربة على نحو منافس.
- تفيد التقديرات الأولية إلى حاجة سوق العمل في سورية لعدد كبير من العمالة المنزلية إما لمساعدة ربات المنازل العاملات والتي لا تسمح ظروفهن بانجاز الأعمال المنزلية على الوجه الأكمل، أو لحاجة بعض الأسر إلى المساعدة المنزلية والذي يجب الاعتماد فيها على العمالة الأجنبية الوافدة من الدول الأسيوية.
وخلال ورشة العمل حول التجربة السورية في مكاتب استقدام العمالة والإجراءات والقوانين ذات الصلة التي أقامتها المنظمة الدولية للهجرة في دمشق في 30- 31 آذار 2009 كان هناك مداخلة للسيدة سمية غانم رئيسة مكتب التخطيط والمكتب القانوني المركزي في الاتحاد النسائي حول المشروع الوطني للخدمة الاجتماعية المنزلية لاستبدال العمالة المنزلية الوافدة بأخرى وطنية مدربة ومنافسة وما له من آثار اجتماعية واقتصادية إيجابية في المجتمع


تساؤلات البحث

1- لماذا لا يرغب بالعمالة المنزلية الوطنية ويميل المستخدمون إلى تفضيل العمالة الأجنبية.
2- هل يرجع ذلك إلى عامل الإطاعة والسيطرة وانعدام المرجعية للعاملة والحق بالخصوصية المنزلية
3- هل الوافدات أقل كلفة وأكثر فهما وعلماً في الخدمة المنزلية.
4- كيف كانت الخدمة مؤمنة قبل قرار وزارة الداخلية رقم 234/2001
5- كم هو واقعي عدد العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية وما هي وتيرة الازدياد في ظل غياب إحصائيات دقيقة.
6- ما هي المبالغ من القطع الاجنبي الذي يجري تحويله سنوياً إلى خارج القطر وكم هي الحاجة اليه في عملية التنمية.
7- هل يمكن تشغيل عمالة وطنية في هذا القطاع وكيف
8- هل يمكن تعميم ثقافة تصبح الخدمة المنزلية مهنة يجري تدريسها في معاهد متخصصة وفق أسس علمية.
9- هل يمكن للخدمة المنزلية أن توجد فرص عمل لآلاف من العمالة المحلية المحتاجة من مختلف الأعمار.
10- لماذا لا نعمل على تعميم اصطلاح بديل عن الخادمة مثل أمينة منزل أو مدبرة منزل- جليسة أطفال مما يزيل عقدة الدونية للعاملات في هذا القطاع وكسر هذا الحاجز النفسي
11- هل سمعتم عن استقدام نساء بصفة عاملات منزل ثم استخدمن في مجال الدعارة أو الاتجار بالأعضاء البشرية وكل ذلك على أساس الخدمة المنزلية.

أولاً- الفئات المستهدفة من المشروع:
يستهدف المشروع النساء اللواتي يتراوح أعمارهن مابين 18-45 سنة بشكل رئيسي اذ تشير إحصائيات القوة البشرية وقوة العمل خلال عام 2004 إلى أن نسبة هذه الفئة العمرية المستهدفة من مجموع النساء في الريف والمدينة بلغت 75% الأمر الذي يدل على وجوب ايلائهن الأهمية اللازمة لتنظيم عملهن وخلق الفرص المناسبة بما يضمن رفع السوية الاجتماعية.
ومن جهة أخرى نلمس أهمية المشروع وتوجهه إلى هذه الفئة العمرية (18- 45) من خلال معدلات البطالة بين الإناث تحديداً فقد أشارت إحصائيات القوة البشرية إلى أن نسبة 78% من النساء المتعطلات اللواتي سبق لهن العمل ونسبة 74% من الإناث المتعطلات اللواتي لم يسبق لهن العمل أيضا هم من نساء هذه الفئة العمرية ومما يجدر ذكره ان 31% من هؤلاء المتعطلات هن من حملة الشهادة الثانوية فما فوق ويجب أن يكون التوجه لإعطاء افضلية لهن كما يمكن إتاحة الفرصة لعدد من الذكور من نفس الفئة العمرية والمستوى العلمي في حالات خاصة تتعلق بمرافقة المسنين الذكور أو الإناث ورعايتهم.
وان الاعتماد في تقديم هذه الخدمة على من يحملن مؤهل الشهادة الثانوية فما فوق مبرر في إعطاء قيمة معنوية عالية لهذا العمل أياً كان نوعه وبغية ترويج هذه القيمة على المستوى الاجتماعي وإضفاء الاحترام على مثل هذه المهن التي ينظر لها على الغالب في مجتمعنا نظرة تحمل قيمة دونية لمن يؤديها
كما أن خصوصية البدء بمثل هذه الخدمة انطلاقا من مستوى حملة الشهادة الجامعية أو الثانوية غرضه نزع تسميات متسرعة عن الشخص الذي يؤدي مثل هذه الخدمات من قبل خادمة- صانعة- لفاية- عاملة تنظيف. والتحول من هذه النظرة إلى نظرة تحترم العمل أياً كان نوعه وتحترم من يؤديه أيضاً (ثقافة العمل)
ونذكر هنا الإحجام في الانتساب إلى المعهد الفندقي عند بداية إحداثه والإقبال الكبير عليه الآن بمختلف اختصاصاته وتبدل النظرة إلى من يقوم بالأعمال الفندقية من ولد كرسون وغيرها إلى معلم متر –شيف.
نلاحظ أن نسبة الإناث اللواتي أتممن مرحلتي التعليم الإعدادي والثانوي هي بحدود 50% من مجموع الإناث العاطلات عن العمل مما يستوجب إلى أهمية البحث عن فرص عمل وخلق دخول جديدة لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع
أما نسبة النساء اللواتي أتممن التعليم الجامعي فهي 20% لذلك يمكن توسيع نطاق البحث عن فرص عمل ليشمل مستوى تعليم أعلى (معاهد متوسطة وجامعات) شريطة تأمين التوافق المنطقي بين السوية العلمية وطبيعة النشاط المطلوب. ويساعد ذلك في نزع النظرة الدونية إلى هذه الأعمال من الثقافة الشعبية وإضفاء الاحترام على العمل أيا كان نوعه باعتباره جهداً له قيمته ويؤدى ضمن نطاق العمل الاجتماعي ولذلك ينبغي إعطاءه التسمية الملائمة
ثانياً- نوع الخدمات التي يقدمها المشروع:

وتتمثل الاختصاصات التي سيحدثها المشروع ويدرب العاملات المنزليات عليها وهي:
1- جليسة أطفال
2- جليسة أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
3- مرافقة أطفال خارج المنزل
4- متابعة لدروس الأطفال وانجاز وظائفهم
5- مدبرة منزل من أجل خدمات منزلية متعددة (غسيل كوي خياطة)
6- رعاية مرضى ومسنين
7- قيادة سيارة
8- طاهية
9- تنظيم حفلات
10- خدمات أخرى يمكن تطويرها حسب الطلب

ثالثاً- التدريب والتأهيل:
ويكون بإحداث معهد خاص بالخدمات المنزلية أسوة بالمعهد الفندقي يقوم بتأهيل الطالبات و أحياناً الطلاب وفق برامج مصممة ليتناسب احتياجات أرباب المنازل ويحوي على اختصاصات متعددة ولفقاً لما ذكر سابقاً ,ويحاضر في المعهد أساتذة متخصصون من الجامعات بشؤون التربية وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم المناسبة لاختصاصات المعهد. ويجب ان تكون نساء المساعدة المنزلية ذوات سوية تعليمية أي من حملة الشهادة الثانوية الأمر الذي يجعلهن أكثر قدرة على استيعاب المواد التدريسية ويرفع من القيمة المضافة لإعمالهن والأهم أنها تحسن النظرة العامة للمساعدة المنزلية والمهنة التي تقوم بها
وفي نفس الوقت تنفي عن العاملات بها الصفة القديمة (خادمات)
كما تشعر أرباب المنازل أن من يستخدموهن للعمل لسن خادمات بل مساعدات في الخدمة المنزلية ذوات اختصاصات محددة يؤدين المهمة الموكلة إليهن على أتم وجه ويتقاضين مقابل ذلك أجر وهناك جهة مشرفة على هذه المهنة (الاتحاد النسائي) الذي يمثل المظلة الاجتماعية لهذا العمل

رابعاً- التنظيم القانوني للعاملات في الخدمة المنزلية الوطنية
العاملات السوريات في الخدمة المنزلية خارج نطاق التنظيم القانوني فليس هناك تشريع ينظم وضعهن القانوني فقانون العمل السوري استثناهم من أحكامه بموجب المادة الخامسة منه:
(لا تسري أحكام ها القانون على خدم المنازل ومن في حكمهم إلا فيما يرد به نص خاص)
وبالتالي فان مرجعيتهن القانونية تكمن في بعض الأحكام العامة في القانون المدني وقانون العقوبات أي وفق الاحكام العامة للقانون (القانون العمومي )
أي ان العاملات المنزليات السوريات يعتبرن خارج أي تنظيم قانوني يوفر لهن الحماية القانونية اللازمة بخلاف العاملة المنزلية الوافدة التي تتمتع ببعض الحقوق التي تميزها عن الوطنية والفضل يعود للأمر الواقع والاتفاقيات الدولية.
وباعتبار ان هذه المهنة خارج التنظيم القانوني فمن الطبيعي انتشار ممارسات غير قانونية وانتشار سوق سوداء وما نراه على صفحات جرائد الإعلان الدليل والوسيلة، منها تأمين عاملات منزليات سوريات على مدى 24 ساعة وان المكاتب المرخصة باستقدام العمالة المنزلية الأجنبية هي غير ملزمة الترخيص بالنسبة إلى العمالة المنزلية الوطنية.
لذلك يجب معالجة الوضع القانوني لهذه الفئة ويكون ذلك اما بتشميلهن بأحكام قانون العمل أو إصدار تشريع خاص ينظم هذه المهنة ويتضمن الحقوق مثل تحديد ساعات العمل – الاستراحات- والاجازات المأجورة – الاشتراك في مؤسسة التأمينات الاجتماعية فرع المعاشات- وكذلك الواجبات والمرجعيات القضائية وقواعد أساسية للعقود , دون إغلاق باب العمالة المنزلية الوافدة لأن ذلك يصادر الحرية الشخصية باختيار العاملة المنزلية سواء أكانت مواطنة أو أجنبية.
وإن تأهيل مناسب للعاملات المنزليات السوريات في إطار تنظيم قانوني متكامل يحقق تكافؤ الفرص وتكون المنافسة هي الأساس بين العمالة الوطنية والأجنبية
وختاماً قد يكون من المفيد عقد مقارنة بين الفئتين:
العاملة المنزلية الوافدة العاملة المنزلية السورية
تنقطع عن أهلها لا تنقطع عن أهلها
يحجز جواز سفرها لا تحجز هويتها
بلا مرجعية لها مرجعية "أهلها"
لا تتكلم اللغة العربية تتكلم اللغة العربية لغة "رب العمل"
معرضة للإساءة والعنف لا تتعرض للإساءة إلا نادراً لأن هناك من يسأل عنها ويحميها "أهلها"
تتردد في المطالبة بأجورها تطالب بأجورها
تقبض أجرها بالعملة الصعبة تقبض أجرها بالعملة الوطنية
ليس لها تواصل اجتماعي و تقاسي الغربة لها تواصل اجتماعي ولا تعاني من الغربة
أحياناً لديها نفقات للعودة ليس لها نفقات للعودة