الأزمة كظاهرة اجتماعية مثل باقي الظواهر تمر بمراحل وخطوات معينة ويكون لها دورة حياة مثل أي كائن, وتمر الأزمة في دورة نشأتها واكتمالها بعدة مراحل أساسية توضح سلسلة تطورها منذ بدايتها كحدث عارض بل وحتى قبل ظهورها على السطح وحتى مواجهته وبدء التعامل معها.
وتبدو أهمية تحديد مراحل نشأة الأزمة ومتابعة دورتها في الوقوف على بدايات ظهور الأزمة أو بتكوين عواملها , مما يسهل السيطرة عليها والتعامل معها بكفاءة , والحد من تداعياتها وآثارها.

أولاً : مرحلة ميلاد الأزمة :
ويطلق عليها مرحلة التحذير أو الإنذار المبكر للأزمة , حيث تبدأ الأزمة الوليدة في الظهور لأول مرة في شكل إحساس مبهم وتنذر بخطر غير محدد المعالم بسبب غياب كثير من المعلومات حول أسبابها أو المجالات التي سوف تخضع لها وتتطور إليها.
ومن العوامل الأساسية في التعامل مع الأزمة في مرحلة الميلاد , هو قوة وحسن إدراك متخذ القرار وخبرته في افتقار الأزمة لمرتكزات النمو ومن ثم القضاء عليها في هذه المرحلة أو إيقاف نموها مؤقتاً دون أن تصل حدتها لمرحلة الصدام.

ثانياً : مرحلة نمو الأزمة :
تنمو الأزمة في حالة حدوث سوء الفهم لدى متخذ القرار في المرحلة الأولى (ميلاد الأزمة) حيث تتطور نتيجة تغذيتها من خلال المحفزات الذاتية والخارجية والتي استقطبتها الأزمة وتفاعلت معها, وفي مرحلة نمو الأزمة يتزايد الإحساس بها ولا يستطيع متخذ القرار أن ينكر وجودها نظراً للضغوط المباشرة التي تسببها الأزمة.

ثالثاً : مرحلة نضج الأزمة :
وتعتبر من أخطر مراحل الأزمة, إذ تتطور الأزمة من حيث الحدة والجسامة نتيجة سوء التخطيط أو ما تتسم به خطط المواجهة من قصور أو إخفاق عندما يكون متخذ القرار على درجة كبيرة من الجهل والاستبداد برأيه أو اللامبالاة فإن الأزمة تصل إلى مراحل متقدمة حيث تزداد القوى المتفاعلة في المجتمع والتي تغذي الأزمة بقوى تدميرية بحيث يصعب السيطرة عليها ويكون الصدام محتوماً .


رابعاً : مرحلة انحسار الأزمة :
تبدأ الأزمة بالانحسار والتقلص بعد الصدام العنيف الذي يفقدها جزءاً هاماً من قوة الدفع لها ومن ثم تبدأ في الاختفاء التدريجي, وهناك بعض الأزمات تتجدد لها قوة دفع جديدة عندما يفشل الصراع في تحقيق أهدافه , وينبني على ذلك أنه من الأهمية أن يكون لدى القيادة بعد النظر في مرحلة انحسار الأزمة وضرورة متابعة الموقف من كافة جوانبه خشية حدوث عوامل جديدة خارجية تبعث فيها الحيوية ويكون لها القدرة على الظهور والنمو مرة أخرى بعد اختفائها التدريجي.

خامساً : مرحلة اختفاء وتلاشي الأزمة :
وتصل الأزمة إلى هذه المرحلة عندما تفقد بشكل كامل قوة الدفع المولدة لها أو لعناصرها حيث تتلاشى مظاهرها , وبالتالي تمثل تلك المرحلة آخر مراحل تطور الأزمة التي تصل إليها بعد تصاعد أخطارها إلى مرحلة التلاشي.

ومما يجدر الإشارة إليه (في جميع مراحل نشأة الأزمة) ضرورة أن يكون صانع القرار ملماً بأدوات التعامل مع الأزمة حسب مقتضيات وظروف كل مرحلة حتى لا يقع فريسة لمسألة التشخيص. ومن ناحية أخرى , فإن مراحل نشوء الأزمة في تتابعها واتصالها تشكل حلقات متصلة يصعب بل قد يستحيل فصلها أو تجاوز إحدى مراحلها.