لم يتردد الشاب السويسري سامي ليختي في قبول وظيفة بسيطة بالعلاقات العامة بإحدى الشركات بعدما أعيته السبل في الحصول على عمل يناسب شهادته العليا ودرجة الماجستير بكلية الاقتصاد؛ فمعدل البطالة في سويسرا ارتفع من 2% إلى 4% في عام 2002، وهي تعد نسبة كبيرة بالنسبة لتعداد السكان (7 ملايين نسمة).

وشاءت الظروف أن تكون أول مقابلة يرتبها سامي لمديره مع وفد ياباني، إلا أن الشاب فوجئ بأن مديره أراد تهيئة جو ياباني خالص لضيوفه، ومن بين ذلك الجلوس على الأرض دون أحذية ودراسة الموضوعات مع احتساء الشاي.
تملك سامي الحرج الشديد؛ لأن جواربه لم تكن في شكل يسمح له بأن يجلس بحريته مع الضيوف، حيث كان يجب عليه طيلة الجلسة أن يداري ثقوب جواربه بطريقة أو بأخرى.
الحرج الشديد الذي تملك الموظف البسيط الشاب، والموقف الذي لا يحسد عليه، دفعه إلى التفكير في أهمية الجوارب، لاسيما لرجال الأعمال أو الدبلوماسيين وكبار الموظفين. وإذا كان هو قد أهمل ذلك، فمن المؤكد أن المئات لا يهملونه.
البيع بالإنترنت
وبعد تفكير استغرق عدة أشهر، قفزت إلى ذهن الشاب فكرة بيع الجوارب ولكن عن طريق شبكة الإنترنت، لمن يمثل لهم الجورب جزءًا مهمًا من حياتهم اليومية.
انطلق الشاب وفي يديه مجموعة من الخطوط الرئيسية:
- سجّل موقعًا على الإنترنت(www.blacksocks.com) يروج للجوارب التي يبيعها، مشيرًا إلى مميزاتها من ناحية جودة الصناعة والخامات وأسعارها.
* اختار منتجا جيدا، يتطابق مع جميع المواصفات القياسية العالمية.
* درس الأسعار في الأسواق، وحدد أسعاره في حدود مقاربة لها مع ميزة مهمة جدا، هي أن السعر يشمل التوصيل حتى المنزل، أينما كنت.
وللتسويق قام سامي بعدة خطوات:
* خاطب أولا إدارات المشتريات في أكبر البنوك والشركات الدولية.
* لم يحدد حدًّا أدنى للمشتريات.
* التزم بسرعة تلبية الطلبات التي ترد عادة سواء عن طريق البريد الإلكتروني أو الفاكس.
* أدرج الموقع على محركات البحث بشبكة الإنترنت توفيرًا لنفقات الدعاية والإعلان في الصحف.
* حرص على أن يكون بموقعه قسم لتلقي الشكاوى والانتقادات وأن يتواصل شخصيا مع عملائه.
* توصل إلى إقناع عدد غير قليل من عملائه بتوقيع عقود توريد على مدى عام كامل، وحتى ولو كان المطلوب جوربا أو اثنين كل 3 أشهر، وبذلك ضمن طلبات مستقبلية.
مليون فرنك

أحد أنواع الجوارب التي يبيعها سامي

طور سامي مشروعه وساعده شخصان، وداوموا معا على العمل لمدة أكثر من عامين ونصف دون أي إجازات سوى يوم واحد في الأسبوع. والمحصلة في عام 2003 هي ما يلي:

* مبيعات بما قيمته مليون فرنك سويسري خلال النصف الأول من العام.
* العملاء الدائمون المواظبون على الشراء يمثلون 40% من إجمالي الزبائن.
* انتشر عملاؤه إلى خارج سويسرا ليشملوا ألمانيا والنمسا.
هذه القصة مثال حي لشاب لم يتملكه اليأس، بل استغل إمكاناته المحدودة جدا وحقق هذا المشروع برأس مال متواضع. ولكن كيف يمكن تطبيق هذا المثال عربيا؟
في البداية يجب اختيار المنتج الذي يمكن إرساله بسهولة عبر البريد دون أن يتعرض لتلفيات كبيرة، وأن يكون له علاقة بالمنطقة العربية، كمنتجات النسيج القطنية مثل الملابس الداخلية والقمصان وحتى الجوارب، أو السجاد اليدوي بمساحات صغيرة للديكور، أو ورق البردي.
ومن المهم عدم المغالاة في السعر بشكل ينفر العملاء، فمن يشتري عن طريق الإنترنت عادة ما تكون لديه الفرصة لمقارنة الأسعار، وبالتالي سيبتعد عن الأثمان المبالغ فيها، كما أن هناك مواقع متخصصة في مقارنة أسعار البضائع المعروضة على الإنترنت، وينظر عادة إلى المواقع التي تبيع بأسعار غالية على أنها مواقع استغلالية.
فمثلا يمكن عرض ورقة البردي الكبرى بـ 3 يوروات، ولا تستهن بالمبلغ، أو 5 يوروات لقطعة الملابس الداخلية المصنوعة من القطن أو الـ"تي شيرت". وتذكر أن السعر المعتدل سيعمل على جذب الكثير من المشترين، وأنك تخاطب شريحة عريضة حول العالم.
وعند عرض السلعة يجب التأكد من ذكر جميع خواصها ومواصفاتها حتى تكون قريبة من المشتري وكأنها بين يديه. كما يفضل كتابة سعر البيع بالعملة الأوربية الموحدة (اليورو)، باعتبار أنها أكثر ثباتًا من الدولار ومتداولة في جميع دول العالم.
ومن المهم تحديد تكلفة البريد بدقة ودون مغالاة، أما في حالة الشحن، أي للأحجام أو الأوزان التي لا ينقلها البريد، فيمكن تقديم السعر بناء على طلب المشتري بعد استشارة إحدى شركات الشحن الجوي.
بيع السلعة
ويمكن بيع السلعة على الإنترنت بطريقتين:
1- البيع من خلال موقع وسيط: فعلى الرغم من أن موقع Ebay مخصص للبيع بطريقة المزايدة، فإنه يعرض أيضا خدمة البيع المباشر، أي أنك تعرض ما تريد بيعه، وتحدد سعرا نهائيا له، ويمكن تكرار الإعلان أكثر من مرة دون أن يكلفك شيئا. ومن التجارب الناجحة على هذا الموقع تجربة لشاب مصري يبيع قواميس اللغات الأجنبية مع العربية (ألماني – عربي، فرنسي – عربي... وهكذا)، وآخر متخصص في بيع المنتجات النحاسية وورق البردي، وثالث يبيع أشغالا خشبية يدوية، وكلهم لا يغالون في الأسعار.
وجدير بالذكر أن أرباح موقع إي باي Ebay تبلغ سنويا قرابة نصف مليار دولار، ويتعامل مع هذا الموقع 68.8 مليون شخص من جميع أنحاء العالم سواء في البيع أو الشراء، أو كلاهما معا. وكما هو معروف فالموقع يربح فقط من تحصيل عمولة لا تتجاوز 4% عن كل عملية بيع تتم من خلاله.
2- البيع من خلال موقع خاص بك، ويمكن في البداية الاستعانة بالمواقع التي تعطي مساحات مجانية مثل المواقع التالية:
home.100free.com
www.1asphost.com
www.netfirms.com
ldbreg.lycos.com
webhosting.bootbox.net
أو مواقع تمنح مساحات مجانية لفترات محدودة، مثل:
ixprss.com
أما تصميم الموقع فيمكن أن يكون من خلال النماذج الجاهزة التي توجد مع برنامج معالجة النصوص (وورد)، أو (فرونت بيج) مثلا، ويجب أن يكون بسيطًا وواضحًا تعرض فيه اسم السلعة التي تبيعها، مواصفاتها ومميزاتها، سعرها، تكلفة البريد أو الشحن، عنوان الاتصال... ويفضل أن يكون عن طريق البريد الإلكتروني. ومن الضروري التعريف بالموقع وإدراجه في محركات البحث وأشهرها:
www.google.com
www.alltheweb.com
وعليك بالرد السريع على كل رسالة تصلك، فهذا يعطي انطباعا بالجدية في التعامل. كما أنه لا بد من تحصيل السعر مقدما إما بأن يبعثه لك المشتري على عنوانك بخطاب مسجل أو بأن تتعاون مع إحدى الشركات الوسيطة في هذا المجال وأشهرها باي بال،