النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أيها المسلمون قليلاً من التواضع

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
هندسة
المشاركات
3,066

أيها المسلمون قليلاً من التواضع

أيها المسلمون قليلاً من التواضع



عندما كان أبوبكر عبدالكلام رئيساً للهند زار دولة خليجية، وكان ضمن برنامجه أن يزور إحدى الكليات ويلقي كلمة لأساتذتها وطلبتها وجمهور من الحاضرين، وأثناء وقوفه أمام المنصة، قال للجمهور الغفير الذي كان ينتظر كلمته: اسمحوا لي بدقيقة أسلّم فيها على صديق لم أره منذ فترة، وقد رأيته الآن بينكم، ثم نزل من على المنصة واتجه إلى باب القاعة حيث كان يقف حارس الأمن الهندي في تلك الكلية، واحتضنه وسلم عليه وتبادل معه بعض الكلمات، ثم عاد إلى المنصة وألقى كلمته.
وبعد أن غادر موكب الرئيس هرع المسؤولون في الكلية إلى ذلك الحارس يسألونه عن علاقته بالرئيس، فقال لهم: إن الرئيس رجل متواضع ومحترم، ولم يقل لكم طبيعة عملي معه، فأنا لست سوى السائق الذي كان يعمل عنده قبل أن يصبح رئيساً!!

ولمن لا يعرف هذا الرئيس «المتواضع»، فهو أبوالقنبلة النووية الهندية، وصانع مجد الهند الحديثة، وهو الذي وضعها على طريق استخدام الطاقة النووية حيث كان يسمى «الرجل الصاروخ»، لأنه كان الأب الروحي لبرنامج الهند الصاروخي، قبل أن ينتقل إلى مجال الطاقة النووية، وله شعبية واسعة بين الهنود بمختلف أديانهم وأعراقهم

فقد كان يحترم كافة طوائف شعبه، وقد لقبه الهنود بـ «رئيس الشعب»، وهو حاصل على الدكتوراه في الهندسة التكنولوجية، وحاصل كذلك على 30 شهادة دكتوراه فخرية من أرقى جامعات العالم تقديرا لجهوده ومكانته العلمية، كما أنه حاصل على عدد من مراتب الشرف، وتولى رئاسة الهند عام 2002 حتى عام 2007، ومن كلماته: «ما لم نكن أحراراً فلن يحترمنا أحد»!

أردت بهذا أن أُبَيِّنَ مكانة الرجل العلمية والسياسية، هذه المكانة التي لو توافر ربعُها لأحدهم لوضع نفسه بين السماء والأرض!! لكن الرجل لم يكن من هؤلاء؛ فقد ترك الرئاسة بعد انتهاء ولايته وترك أبحاثه بعد أن أدى رسالته، ونسي الناس حياته الشخصية، لكنهم لم ينسوا ذلك الموقف المتواضع؛ فكم من الناس يملك تلك الصفة.. بل كم مسؤولا تواضع أمام من هو مسؤول عنهم؟!

إننا نتحدث كثيرا عن مواقف في تاريخنا لكننا لا نجد لها تطبيقا في حياتنا، ولذا فهي ليست سوى «ترف فكري» ومعلومات عامة مثلها مثل معلوماتنا عن أطول أنهار العالم، أو عن جنكيزخان، أو عن أول من صنع المصباح، أما الممارسة العملية لتلك القيم والمبادئ فلا مقام لها في حياتنا إلا قليلا منها، ليس مهماً أن نحفظ نصوصا مقدسة، أو نتذكر مواقف تاريخية لأبطال وزعماء، بل المهم أن يكون لذلك تأثير في حياتنا فالتواضع ليس سمة أخلاقية نظرية، بل هو ممارسة عملية.

إن الناظر حوله في مجتمعاتنا يجد صورا كثيرة من «اللاتواضع»، أو -بتعبير آخر- من التكبر والتعالي على الآخرين، ويمكن ملاحظة ذلك مع كثير ممن يتولون مسؤوليات يترفعون بها عمن هم دونهم من العاملين معهم أو من غيرهم من الناس، بل ربما ترفع بها عن أصدقائه وأقاربه، فلا يتعامل معهم إلا برؤية متعالية، يحقّر من تصرفاتهم ويستهزئ بآرائهم، ويسخر من صورهم وأشكالهم، وما إن يترك موقعه إلا ويذهب يستجدى التواضع منهم!!

ولعل الوفرة المالية من أسباب ذلك «اللاتواضع»، إذ إن تملُّك المال يدفع البعض إلى الشعور بالقدرة على تملك كل شيء: العلم والمعرفة والمكانة الاجتماعية، ولذا فهم ليسوا بحاجة للآخرين، بل الآخرين بحاجة إليهم، فلماذا يتواضعون لهم؟!

وصدق الله العظيم حين قال «كَلّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى».

فئة أخرى يدفعها إلى «اللاتواضع» حصولها على قدر من العلم في جانب تخصصي معين، أتذكر أستاذا جامعيا كان يقول: إن أَعلمَ من هم في تخصصي ثلاثة، ثم يكرر اسمه ثلاث مرات!!

ويبدو أن هذا الأستاذ لم يمر عليه قول الشاعر العربي:

(وقل لمن يدعي في العلم فلسفة، حفظت شيئا وغابت عنك أشياء)،

فالعلم -كما المال- يغري بالتكبر إذا لم يردع صاحبه وازع يمنعه من ذلك.

إن التاريخ مليء بصور التكبر الذي يلازمه الطغيان في معظم الأحيان، وليس شرطا أن يكون المتكبر أو الطاغية حاكما، أو مسؤولا، أو زعيما، بل قد يكون ذلك التكبر في الأب مع أسرته، أو رب العمل مع عماله، أو المسؤول مع موظفيه، أو المواطن مع الأجنبي، أو غير ذلك من صور «اللاتواضع»،

لكن أسوأ تلك الصور حين يأتي «اللاتواضع» ممن هو في موطن التوجيه والنصح والإرشاد، فما زال يمر أمامي مشهد منذ سنوات في أحد المؤتمرات، حين طلب أحد الباحثين من رجل له مكانة مرموقة عند الناس، كان مشاركا في المؤتمر، أن يرافقه في سيارته المخصصة له، حتى يستطيع ذلك الباحث أن يلحق بالجلسة الأولى ليقدم ورقته البحثية،

فأشار إليه «صاحب المكانة» أن يتحدث مع مساعده، وحين اتجه ذلك الباحث إلى المساعد، كان «صاحب المكانة» يشير من خلفه إلى المساعد بأن لا يوافق!

في المساء كان «صاحب المكانة» يلقي علينا محاضرة في المؤتمر عن حقوق الإنسان واحترامه وعن المساواة والتواضع بين الناس، ولسان حال الحاضرين يقول: نرجوك أن تطبق شيئا من التواضع.


قليلاً من التواضع – سعيد حارب
أَسأل اللهَ عز وجل أن يهدي بهذه التبصرةِ خلقاً كثيراً من عباده، وأن يجعل فيها عوناً لعباده الصالحين المشتاقين، وأن يُثقل بفضله ورحمته بها يوم الحساب ميزاني، وأن يجعلها من الأعمال التي لا ينقطع عني نفعها بعد أن أدرج في أكفاني، وأنا سائلٌ أخاً/أختاً انتفع بشيء مما فيها أن يدعو لي ولوالدي وللمسلمين أجمعين، وعلى رب العالمين اعتمادي وإليه تفويضي واستنادي.



"وحسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلاِّ بالله العزيز الحكيم"

#2
الصورة الرمزية ابوليلي10
ابوليلي10 غير متواجد حالياً مستشار
نبذه عن الكاتب
 
البلد
المملكة العربية السعودية
مجال العمل
موارد بشرية
المشاركات
534

رد: أيها المسلمون قليلاً من التواضع

بارك الله فيك ... من تواضع لله رفعه..

إقرأ أيضا...
ممارسة التواضع

ممارسة التواضع ان التواضع والسلام الداخلي متلازمان فكلما تخليت عن اثبات ذاتك امام الاخرين كلما كان من السهولة ان تشعر بالسلام الداخلي. ان اثبات ذاتك يعتبر عيبا خطيرا يستنفذ منك طاقة هائلة لكي... (مشاركات: 1)


رفقا بغير المسلمون.. هام.. للجميع

السلام عليكم أثار غضبي مواقف كثيرة ..ومفاهيم وتصرفات خاطئة الله ورسوله منهم برااااااء .. صلي الله عليه وآله وصحبه وسلم وكنت أري بعض المواقف ... ولكن طفح الكيل .. وأي دين .. يقبل بتلك... (مشاركات: 15)


تقرير: المسلمون اصحاب اقل معدل توظيف في بريطانيا

أظهر تقرير جديد عن المساواة في بريطانيا نشر يوم الاثنين أن المسلمين لديهم أقل معدل توظيف بالمقارنة بالجماعات الاخرى في البلاد. واضاف التقرير الذي أعدته لجنة المساواة وحقوق الإنسان البريطانية أن... (مشاركات: 0)


وآلمنـي سؤالُ الدهرِ: أين المسلمون ؟‏

أبيات لهاشم الرفاعي : مَلكنـــــا هــــذهِ الدنيـــــا قُرونـــــاً *** وأخضَعَها جـــــدودٌ خالـــــدونـا وسطَّرنا صحــــائفَ من ضيــــــاءٍ *** فما نســــيَ الزمانُ ولا نسينـــا ... (مشاركات: 7)


التواضع قيمة أخلاقية

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وجدت هذه المقالة ووددت انا اشارككم إياها وهى بعنوان :- ..:: متى يكون التواضع قيمة أخلاقية ؟ ::.. (مشاركات: 1)


دورات تدريبية نرشحها لك

دبلومة التمكين الإدارى للقيادات بالمؤسسات الرياضية

برنامج تدريبي يتناول تمكين القيادات الادارية في المؤسسات الرياضية ويشرح منظومة التمكين الاداري وتطوير فرق العمل بالمؤسسات الرياضية وقيادة منظومة حوكمة الاعمال الادارية والمالية وادارة الازمات والمخاطر وعملية التحول الرقمي وقيادة الادارة المالية لغير الماليين في المؤسسات الرياضية


دبلومة الشبكات سيسكو - CCNA

برنامج تدريبي متخصص في بناء وصيانة الشبكات سيسكو (CCNA) تتعلم من خلاله أساسيات الشبكات والربط بين الشبكات ونماذج OSI و TCP/IP وشرح IPV4 وشرح IPV6 وتقنيات الواي فاي وحماية الشبكات من الهجمات الإلكترونية.


كورس المراجعة الداخلية في ظل تطبيق قواعد حوكمة الشركات

كورس تدريبي يهدف الى تعريف المشارك في البرنامج التدريبي بمفهوم المراجعة بشكل عام، ومفهوم المراجعة الداخلية بشكل خاص، ودور المراجعة الداخلية في الشركات.


دورة إدارة عمليات الاستحواذ والاندماج للشركات

برنامج تدريبي يشرح عمليات الاستحواذ والاندماج وبين الشركات وأهميتها وكيفية التخطيط لتنفيذها لتحقيق افضل النتائج، وتضمن لك الدراسة في هذا البرنامج فهم استراتيجية الاستحواذ والاندماج بين الشركات، وكيفية تقييم وتحليل الشركات المستهدفة من عمليات الاندماج، وستتعلم آلية ادارة التكامل المؤسسي والعمليات والتكنولوجيا وادارة الموارد البشرية والثقافة التنظيمية بعد الاندماج، كذلك دراسة الأسلوب الأمثل لإدارة العلاقات العامة والتواصل الاستراتيجي اثناء وبعد عملية الاندماج، وكيفية ادارة المخاطر والامتثال وتقييم الأداء والقياس وكيف تتم ادارة العلاقات مع الشركاء والموردين في الشركة بعد اتمام عملية الاندماج بشكل كلي.


برنامج العلاقات العامة والإتصال المؤسسي في المجال الرياضي

برنامج تدريبي متخصص في العلاقات العامة والاتصال المؤسسي في المؤسسات الرياضية يشرح ماهية العلاقات العامة في المجال الرياضي وأهدافها وعلاقتها بالتسويق والاعلام والاتصال ويشرح استراتيجية العلاقات العامة في المجال الرياضي


أحدث الملفات والنماذج