*عقيد خالد بن حمدي



السعودة لم تفشل كنظام وإنما فشلت كتطبيق بسبب تاجر لا وطنية لديه أو موظف حكومي جمع بين التجارة والعمل. الأمر الذي أدى إلى تسرب غاز الفقر السام بين ردهات المجتمع لتخاذل هذين الطرفين الأول لجشعه والثاني لعدم جديته ومصداقيته بتطبيق النظام حيث يتعارض مع مصالحه الخاصة مما أدى إلى احتباس «ارتفاع» نسبة البطالة عن معدلها الطبيعي ليحدث في أوزون سوق العمل الوطني ثقب أثر على غلافنا الاجتماعي. وهنا لن أتحدث عن اسدال ستارة الفشل على السعودة بعد مرور ١٥ عاماً من تدشينها ولن أطالب بتحديد المسؤولية وحجم خسائرنا المادية والنفسية والفكرية ولن أؤيد أو أعارض من يقول ان المشاريع الصغيرة قد تكون طوق نجاة.. بل لن أسأل وزير العمل بذاته هل الشركات التي رأس مجالس إدارتها طبقت نظام السعودة أم..

ولكنني بعد هذا كله أتساءل ما مدى الاستفادة من تجاربنا الفاشلة وهل سنواصل تلك التجارب. بل أين نحن من الأسواق الموسمية التي تمر كل عام مرور الكرام دون ان تستثمر لصالح المواطن الباحث عن عمل شريف فها هي المواسم الدينية «كالحج، والعمرة والزيارة» وكذا الوطنية «السياحية، التراثية، الرياضية، الثقافية، الصيفية، الربيعية.. تنشأ دون استراتيجية تنظمها أو حتى دعم يساعد العاطل في إيجاد ضالته بل يمكنه من الاشتراك مع هؤلاء الذين ورثوا المهن الإدارية والفنية والأعمال الحرة بتلك الأسواق وكأنها آلت إليهم من كابر عن كابر. وما يدريك لعل هذه الاستراتيجية تقضي على زمرة الاقطاعيين الذين احتكروا السوق الوطني ومازالوا على صدره جاثمين، أم نحن أيها الوزير: قد فشلنا أيضاً في هذا الاتجاه أو أننا لم نفهم بعد ان نجاح السعودة مرتبط بمعالجة سبب فشلها الذي يكمن بانطلاقها من بيئة وطنية تتكون من تاجر وطني مخلص ومسؤول حكومي لديه رقابة ذاتية وضمير حي. أما البيئة الأخرى فعلينا ان نحصرها حتى يتم إما إعادة تأهيلها أو تحجيم دورها في القرار الوطني وبالذات الإداري منه والاقتصادي ولا عيب في فشل بعد اجتهاد ولكن العيب في التفاشل قبل الاجتهاد.

وقفة

من حاول أو يحاول إنكار جهد الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السابق رحمه الله في معالجة ظاهرة البطالة والعمل بنظام السعودة فهو لا ينكر ذلك الا من نفسه وعلى نفسه وان كان جاداً بما يقول فنحن نطالب بنشر تقرير كامل عما قدمه الدكتور غازي. للوطن والمواطن والمقيم منذ ان استلم سدة وزارة العمل حتى توفاه الله لكي يبصر كفيف البصيرة ويحكم مبصر العقل على ما قدمه معاليه.

ويكفي هذا الرجل فخراً إخلاصه لدينه وولاة أمره ولوطنه ووقوفه شامخاً بوجه المتنفذين أو هؤلاء الذين يعيشون بأسماء غيرهم ويقتاتون فوق موائدهم على حساب مواطن تقلد عزة النفس أو مواطنة لبست جلباب العفاف والعفة حيث غير كد أيديهم لا يقبلون.

ختاماً

ماذا لو قلنا يا معشر التجار من أراد منكم تطبيق نظام السعودة والعمل به فليتقدم ففي هذه الحال منهم القادمون ومنهم الهاربون بل من هو الذي عرف بركة هذه الأرض عليه ومن هو الذي أنكرها وذهب خيره لأرض خرج منها هيكلاً عظمياً وشبه عار وعاد إليها بجسم سمين وثوب ثمين.


*المديرية العامة للجوازات