أريد اليوم ان أتكلم معك عن معنى أصيل من معاني الزواج، والذي قد يخفى عليك ومن الجائز انك لم تفكر فيه من قبل، ولكن ها هي الفرصة قد حانت لنفتح معا حوارا خاصا حول جزء صغير من دنيا الزواج، هذا المعنى وان كان موجودا ومتأصلا في وجدان الرجال بلا شك، فإنه يغيب عنا نحن الرجال في متاهات الحياة، ككل المعاني والكلمات التي تختفي في براثن هذا الفعل المسمى الزواج.
إن الزواج كما نرى من الكلمة يحمل في مضمونه معنى الزج، والزج في اللغة يعني الدفع نحو فعل ما، وبإعمال العقل وبقليل من الخيال تجد ان معنى الدفع متحقق في الزواج منذ الولادة وحتى الممات .. كيف؟
فأنت ومنذ وعيك على الحياة تتعلم ان الزواج هو نصف الدين، وهو دفع ديني بحت لا تجد منه مفر، فلا يصح ان تخالف القاعدة الدينية بأن دينك منقوص حتى تتزوج وبهذا يدفعك هذا المفهوم الديني دفعا للزواج، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فبعد بلوغك سن المراهقة تجد الأحاسيس الداخلية المتولدة في عقلك الباطن، مضافا اليها الفتن التي تنتشر من حولك تدفعك لا إراديا للتفكير في المرأة ولأن قواعد المجتمع تفرض عليك ألا تفكر في المرأة إلا في نطاق الحلال والمقبول فإنك تجد نفسك مدفوعا مرة أخرى للتفكير في الزواج وهو أيضا دفعا لا أراديا، وعندما تكبر وتصبح في غمرة شبابك، تجد المجتمع يدفعك الى الزواج دفعا بحجة ان العازب سمعته سيئة، وان الاحترام لا يكتمل إلا بالزواج، وما تقتضيه العادات والتقاليد، وما يخبرك به الدين، وما يتمناه أبويك لك، الى غير هذا من الأقوال التي تجعل عملية الدفع تستمر لإيقاعك في هذا الشرك الرهيب دونما تفكير ودونما إرادة.
ولا يكفيك كل هذا الزج طوال تاريخ حياتك العازبة، فبعد أن تستسلم تماما للأمر الواقع على رأسك وتقرر الزواج تحت وطأة الزج والدفع ممن حولك، فالزج الحقيقي والذي لا يقارن بما مررت به طوال حياتك لا يبدأ إلا مع اللحظة الأولى من الزواج حيث تجد نفسك مدفوعا لتقبل شخص أخر اقتحم حياتك الخاصة، ليغير صفتك من عازب الى متزوج، هذا الشخص جاء ليهنيك ساعة ويحزنك ساعات، ثم تجد نفسك مدفوعا كالعادة للبحث عن الذرية منعا للقيل والقال، وحينما ترزق بالبنين والبنات تجد نفسك مدفوعا بحكم المسئولية للدوران في الساقية المسماه الحياة، لإطعامهم وتربيتهم وتعليمهم و... إلخ، حتى تنسى انك كنت انسانا، وتتذكر وقت ما كنت قادرا على ان تفكر وتبدع وكم كنت تستطيع بلا شك أن تدفع نفسك بنفسك دون الحاجة الى زواج يدفعك الى إتيان أفعال ما كنت لتفعلها لولا الزج باسم الاحترام والدين والعرف.
إن فكرة الدفع والزج التي تحيط بالزواج وتملؤه لم تأتي من فراغ، ولم تكن أقوالا وانما أفعال تترك آثارها عليك وعلى تفكيرك وعلى عقلك وحتى أحيانا على جسدك، لتتحول بعدها الى طاقة معطلة في مجتمع مدفوع دفعا، ليكون الشغل الشاغل لكل فرد في المجتمع هو دفع الأخرين انتقاما من عملية الدفع التي يتعرض لها هو شخصيا، وما رغبة جميع من حولك في ان تتزوج إلا أن ترى لونا مما يرون، وأن تشاركهم أتراحهم طالما انهم لم يعودوا قادرين على مشاركتك أفراحك، فحينما تعم السيئة، تختفي الحسنات، ويعم العدل في المجتمع، أو هكذا يفكرون.
أما ان تظن انهم يدفعونك للزواج تحت شعارات كالاحترام والدين والعرف، فإن هذه الصفات بريئة منهم براءة الذئب من دم بن يعقوب، انما هو الثأر المتأصل في وجدان الانسان، هو الاحساس بأن الظلم يجب ان يعم على الجميع حتى يتحقق العدل، فكأس الزواج يجب ان تمر على كل الرجال.
صديقي العازب، انا لا أدعوك ان تفكر قبل الزواج، بل أنك لو قابلتني لن أتردد لحظة في أن أدفعك الى نفس المصير الذي دفعوني إليه، فأنا انسان لا أريد ان اتنزه عما أبى الأخرون ان يتنزهوا عنه، ولا أطمع في إيثارا هو النفاق بعينه، انا اتحدث لك عن الحقائق، التي كم أود ان اخفيها عنك حتى تقع فيما وقعت انا فيه من قبلك، وحتى تذوق ما تجرعته انا على مر سنوات، وحسب ظنك انك ستنجو من هذا البحر المسموم، فلن اقاوم فيك هذا الاحساس وسأتركك على ضلالك كأخر ما أشتهيه من الدنيا، أن أراك وانت تحاول بكل طاقتك مع صديقك العازب وتدفعه دفعا تحت شعار الاحترام والدين والعرف.

لمتابعة المقال على الفيس بوك .. اتبع الرابط التالي:
https://www.facebook.com/note.php?note_id=112112222194403