[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]




اضغط هنا لاغلا النافذة
أدخل بريدك الإليكتروني





كيف تخطط لحياتك (5)  الخطوة الثانية رتب اولوياتك














والآن هل تسمح لي أن أهنئك؟ فنحن قد أنهينا ـ بتوفيق من الله ـ الخطوة الأولى من خطوات وضع الخطة الناجحة، ألا وهي تحديد الأهداف، ولكن وبعد أن قمت بوضع أهدافك التي ستترجم رؤيتك وتحقق رسالتك، ربما تنظر إلى مهامك فترى وكأنها قد اثاقلت عليك، ولا تدري بأيها تبدأ؟ وأيها تؤخر؟ وهذا بالتحديد ما سنتناوله في هذا الفصل، فهيا بنا لنتعرف على الخطوة الثانية من خطوات وضع الخطة الناجحة؛ لنعرف فيها أولويات حياتنا، ونرتب أهدافنا على أساسها.
الأهم أولًا.
فبعد تحديد الأهداف، هناك سؤال يطرح نفسه، ألا وهو: ما هو الأهم، والأفضل لك؟ ما الذي يمنعك أن تعطي الأمور الأهم في حياتك الوقت والطاقة اللازمين؟ وهناك قاعدة جليلة تقول: (إن الجيد هو عدو الأفضل).
إن المشكلة تأتي في أن أغلبنا يسير في الحياة بالساعة فقط لا بالساعة والبوصلة؛ فالساعة تمثل مواعيدنا والتزاماتنا وجداولنا وأنشطتنا، أي كيف ننفق وقتنا ونوزعه ونستغله؟ أما البوصلة فهي التي تمثل ما نحمل داخلنا من رسالة ورؤية وتوجيه، فهي التي تحدد ما هي الأشياء ذات الأولوية في حياتنا؟
ويأتي الشعور بعدم الراحة في الحياة من وجود الفجوة بين الساعة والبوصلة، ساعتها نجد أن ما نقوم به لا يساهم كثيرًا في إنجاز ما نعتبره الأهم في حياتنا.
ولذلك تجد بعضنا يشعر بالفراغ الداخلي، وهذا إنما يأتي بسبب أننا (لا نربط بين ما يجب تحقيقه وما تحقق، وما نحب نحن أن نحققه، فنحن دائما في حالة صراع وتعارض، ويسيطر علينا الشعور بالذنب حيال ما لم نتمكن من إنجازه، بينما لا نستطيع أن نستمتع بما تم إنجازه بالفعل).
وقد تأتينا أحيانا لحظات توقظنا من هذه الغفلة التي نعيش فيها عند موت صديق حميم مثلا أو ضياع ابن أو مرض خطير ونفاجأ حينها أننا لم نكن نحيا تلك الحياة التي كنا نود أن نحياها، فمثل هذه الكوارث تدفع بنا إلى منطقة الوعي بأن أسلوبنا في الحياة لم يكن يتمشى مع الاعتناء بالأشياء ذات الأولوية بالنسبة لنا.
إن الأمر يبدأ بأن تتحرك في الحياة على وفق ما تريده أنت من الحياة لا على وفق ما يريده الآخرون منك، أن تقوم بالأدوار التي تود القيام بها لا على أن تقوم بالأدوار التي وجدت نفسك فيها، فقدرتنا على تحسين نوعية الحياة تكمن بداخلنا، إنها في قدرتنا على تطوير البوصلة الداخلية بحيث نتصرف بنضج ونفضل ونختار دائما الأهم على المهم.
علامات على الطريق.
إنها تلك العلامات الإرشادية التي تنتشر على جنبات الطريق نحو ترتيب أولويات الحياة بشكل ناجح وفعال، ومن أهم تلك العلامات ما يلي:
العلامة الأولى: رأس مال الناجحين.
دخل المدرب قاعة التدريب، ووضع الجرة في وسط القاعة، ثم أخرج المدرب كيسا كبيرا مليئا بقطع الصخور المتباينة الأحجام والأشكال، وأخذ يلقي بالقطع داخل الجرة، حتى بدأت تتساقط على الأجناب، حاول المدرب زحزحة الصخور في الداخل، فهز الجرة بشدة، لكنه لم يستطع إدخال المزيد، وهنا سأل الحاضرين: (هل امتلأت الجرة؟)، فأجابوا بصوت واحد: (نعم).
هز المدرب رأسه نافيا: (ليس بعد)، ثم أخرج كيسا متوسطا مليئا بالحصى، وبدأ يلقي بقطع الحصى الصغيرة داخل الجرة فتستقر في الفراغات بين قطع الصخور الكبيرة، وعندما فاضت الجرة بالحصى، سأل: (هل امتلأت الجرة؟)، فرد الحضور بصوت واحد: (نعم).
فهز المدرب رأسه نافيا: (ليس بعد)، ثم أخرج كيسا صغيرا مليئا بالرمل الناعم، وبدأ يسكب الرمل في الجرة، فتسللت حبات الرمل الناعمة بين الحصى وقطع الصخور؛ لتملأ كل الفراغات المتبقية، وعندما فاضت الجرة بالرمل، سأل المدرب الحضور: (هل امتلأت الجرة؟)، فرد الجميع حينها: (نعم).
ابتسم المدرب مرة أخرى، وقال: (الصخور الكبيرة هي الأولويات، وقطع الحصى المتوسطة هي الأعمال الملحة، وحبات الرمل هي الأعمال الصغيرة التي تهم الآخرين).
والآن دعني أسألك عزيزي القارئ، هل امتلأت جرة الوقت؟ فإن المشكلة ليست في الوقت نفسه، إنما في كيفية إدارة أوقاتنا، فالطريقة التي ندير بها أوقاتنا هي التي ستحدد هل امتلأت الجرة أم لا؟ فقد رأيت الجرة قد اتسعت للأولويات، وللأعمال الملحة، وللأعمال الصغيرة التي تهم الآخرين.
في أي المربعات تعيش؟
ربما تعجب من السؤال وتقول: وهل من أحد من البشر يعيش في مربعات؟ ولكن الأمر ليس كما تعتقد، إنما هي مربعات أربع تختصر كل أنشطة حياتنا اليومية، وهي ترتكز على عاملين رئيسين وهما:
<!--[if !supportLists]-->1. <!--[endif]-->الأنشطة العاجلة: ونعني بها الأنشطة التي تحتاج إلى بذل الجهد فورا في سبيل الانتهاء من أدائها دون تأخير أو تعطيل.

عاجل
غير عاجل

هام
(1)
هام عاجل
مربع الإنتاج
(2)
هام غير عاجل
مربع الجودة (القيادة الذاتية)

غير هام
(3)
غيرهام عاجل
مربع الخداع
(4)
غيرهام غير عاجل
مربع الضياع
<!--[if !supportLists]-->2. <!--[endif]-->الأنشطة الهامة: ونعني بها الأنشطة التي تحوز على أهمية كبيرة في حياتك سواء كنت تحتاج لتنفيذها عاجلًا أم آجلًا.











ودعونا نتعرف على خصائص كل مربع على حدى كما يلي:
<!--[if !supportLists]-->1. <!--[endif]-->المربع الأول: وهو يمثل الأمور العاجلة والهامة في نفس الوقت، فمثلا إصلاح عطل في آلة مهمة أو الانتهاء من عمل له وقت محدد.
<!--[if !supportLists]-->2. <!--[endif]-->المربع الثاني: وهو يحوي أمورًا هامة، ولكنها ليست ملحة أو طارئة، ويعرف هذا المربع بمربع الجودة، وهنا يكون مجال التخطيط طويل الأجل، حيث نتوقع المشكلات ونحاول منع حدوثها، ونحفز الآخرين ونساعدهم، ونوسع من نطاق قدراتنا الذهنية، ونطور مهاراتنا المختلفة، وفي هذا المربع أيضًا يكون الاستعداد للقاءات الهامة والتحضير الجيد لها؛ ولذلك يصفه ستيفن كوفي قائلا: (إن إنفاق وقتنا في هذا المربع يبني قدراتنا على الفعل في الحاضر والمستقبل).
<!--[if !supportLists]-->3. <!--[endif]-->المربع الثالث: وهو شبح المربع الأول، فهو يشمل أمورًا عاجلة، ولكنها غير هامة في الوقت ذاته، ولذلك يمكن تسميته مربعالخداع، ويحوي هذا المربع بعضا من الأنشطة مثل المكالمات الهاتفية، أو استقبال زائر مفاجئ بدون موعد مسبق.
<!--[if !supportLists]-->4. <!--[endif]-->المربع الرابع: وهو يحتوي على الأنشطة التي لا تتمتع لا بالأهمية ولا بالإلحاح؛ ولذلك يسمى بمربع الضياع، مثل الانشغال الزائد بالترفيه واللعب، وما يحدث أننا في بعض الأحيان نشعر بالخوف من كثرة الركض بين المربعين الأول والثالث؛ فنهرب سريعا إلى المربع الرابع للنجاة بأنفسنا رغبة في التجديد، مثل قراءة بعض الصحف والمجلات في وقت العمل، ولذلك يقول عنه ستيفن كوفي: (إنه في البداية يعطيك شعورًا بالراحة والسعادة، ولكنك سريعا ما تكتشف أنه غير مجد).
إدمان من نوع خطير.
كثير من الناس للأسف الشديد يسيطر عليهم أسلوب الطوارئ في إدارة الوقت فهو دائما ما يكون مشغولًا بأعمال اقترب موعد تسليمها، ودائما ما يكون في تحد مع الزمن، شاعرا بضرورة انهاء هذه الأعمال قبل موعدها المحدد، وهذا يمنحه شعورا بالسعادة، فهو يشعر بأنه مهم ومفيد وناجح وقوي، وكلما ظهرت مشكلة من المشاكل العاجلة، استنفرت قواه حتى يتمكن من إنهاء الأزمة ويخرج منها، إنه يشعر بالسعادة المؤقتة عند حل المشكلات الطارئة، وهذا الانشغال يعطيه شعورا بالأمان، ويعطيه الاعتقاد بأنه مشغول إذا فهو شخص مهم، بالإضافة إلى أن هذا الانشغال مبرر جيد للهروب من الأمور الأكثر أهمية في حياته.
وهنا يكمن الإدمان الذي نحذرك منه عزيزي المؤمن، وهو ليس إدمان شراب أو مخدر معين، إنما هو إدمان الطوارئ، وهذا تماما ما يحذر منه ستيفن كوفي حين يقول: (من الضروري أن نتأكد من أن المشكلة ليست في الطورائ، لكن المشكلة في أنها أصبحت العامل المسيطر على حياتنا)، ويضيف شارلز هوميل قائلا: (الأمر الهام نادرا ما يتم إنجازه اليوم، ولا حتى هذا الأسبوع، ولكن بعد أن يمضي قطار العمر يأتي الإحساس بالخسارة؛ حيث نتذكر المهام الحيوية التي تركناها تحت ضغط الطوارئ ونندم على تركها).
الحل في المربع رقم (...).
والآن دعني أسألك بعد أن تعرفت عزيزي المؤمن على خصائص المربعات الأربع، في رأيك أي المربعات هو المربع الذي يستحق أن ينفق الإنسان فيه جل وقته؟ هل مربع الإنتاج بأنشطته الهامة العاجلة؟ أم مربع الجودة بأنشطته الهامة غير العاجلة؟ أم يا ترى نعيش حياتنا في مربع الخداع لأنشطة عاجلة غير هامة؟ أم سنترك لمربع الضياع أن يشغل أوقاتنا الثمينة بأنشطة غير عاجلة ولا هامة؟
وكأني أسمعك تقول بل نريد أن تكون أغلب أوقاتنا في المربع رقم (2)، فهو جوهر الإدارة الذاتية الناجحة من أجل تخطيط مثمر وفعال، فهو المربع الذي يتعامل مع الأمور التي ليست عاجلة ولكنها هامة، مثل تكوين العلاقات، تدوين رسالة الحياة الشخصية، التخطيط للمدى البعيد، ممارسة الرياضة، وجميع تلك الأشياء في غاية الأهمية، ولكنها أحيانا كثيرة تسقط من الحسبان لأنها غير عاجلة.
إن العيش في المربع رقم 2 هو الذي يسمح لك فقط أن تعيش حقيقة على وفق رسالتك ورؤيتك، وأن تكون مقدما للأمور الأهم في حياتك، والإصرار على العيش في هذا المربع سوف يترك أثرا ضخما على فاعليتك الشخصية، وهذا هو ما سنعمل على الوصول إليه معا خلال ما تبقى من الكتاب فتابع معنا.
العلامة الثانية: المادة الفعالة.
من القواعد الرئيسة في علم الأدوية أن كل دواء يحوي مادة فعالة، وهي مادة عادة ما تضاف إلى الدواء بنسبة ضئيلة، ولكنها تعد المادة الأكثر تأثيرا في أي داء، وهكذا عملية إدارة الحياة والتخطيط لها، تحوي مادة فعالة يصوغها لنا عالم الاقتصاد الإيطالي الشهير باريتو، ألا وهي قاعدة 20/80، والتي تتلخص في أنه (80% من نتائج الأمور تتلخص في 20% من الوسائل المستخدمة فيها)، فعلى سبيل المثال نجد أنه في الأعمال التجارية تأتي 80% من نسبة الأرباح من 20% من المنتجات و بالاستقراء والبحث تأتي أكبر نسبة من الاستنتاجات عن طريق استعمال نسبة لا تتعدى خمس المعلومات المتاحة والأفكار المعروضة، وفي الموارد يتحكم 20% من سكان العالم في 80% من موارده بينما الباقي لا يحصل إلا على النسبة الباقية ويعانون الفقر والجوع.
وقد وضع هذه القاعدة الاقتصادي الإيطالي الشهير 'باريتو' عام 1897م، عندما وجد أن توزيع الثروة في مجتمعه هو بهذه النسبة فعلاً وأن الأثرياء القليلين هم الذين يتحكمون في نسبة لا تقل عن 80% من الثروة.
ونحن عندما نريد أن نحقق غاية معينة يكون أمامنا عدد من الوسائل لتحقيق هذه الغاية، والمبدأ الأساسي الذي نريد أن نقره هاهنا أن عليك أن تختار أكثر هذه الوسائل فاعلية وأعمقها تأثيرا للوصول إلى الهدف بأيسر الطرق الممكنة، فإن العمر قصير والطموح كبير ولكن يمكن اختصار سنوات العمر بهذه القاعدة الهامة ـ حيث تركز دائما على أهم 20% في أي شئ تفعله والذي يجلب لك 80% من النتائج.
إن استخدام قاعدة 20/80 بمثابة استخدام المادة الفعالة في الدواء، فالمادة الفعالة في أي دواء نسبتها فيه صغيرة جدًا ومع ذلك فهي العنصر المؤثر فيه وهكذا نحن نطلب منك أن تدخل على المادة الفعالة في أي شئ والتي تجلب لك معظم النتائج المطلوبة.
أهم المراجع:
<!--[if !supportLists]-->1. <!--[endif]-->الأهم أولًا، ستيفن كوفي.
<!--[if !supportLists]-->2. <!--[endif]-->صناعة النجاح، د.طارق السويدان وفيصل عمر باشراحيل.
<!--[if !supportLists]-->3. <!--[endif