الادارة فى سطور.(2) كيف يدير المدير وقته(1)
[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]



ا




الادارة فى سطور.(2) كيف يدير المدير وقته(1)














(إن التحرر من خرافة عدم وجود الوقت الكافي، هي أُولى المحطات التي ننطلق منها إلى حياة منظمة، واستغلال أمثل للوقت وللحياة بشكل عام).
د.إبراهيم الفقي.
أسس بيتر ويكمان وزوجته لورا شركة مخابز تدعى (Great Harvest Bread) قبل أكثر من خمسة وعشرين عامًا، وحيث أنهما يحبان عملهما وملتزمان به، لم يجدا صعوبة في تكريس كل لحظة من حياتهما في العمل، وكان لديهما رؤية مشتركة حول كيفية قضاء الوقت، وكان لديهما أولوية وضعاها نصب أعينهما من البداية، وهي أن لا يعملا في عطلة نهاية الأسبوع، وأن يأخذا إجازة من العمل كل عام.
وهذا ما عبر عنه بيتر ويكمان بقوله: (كانت لدينا قواعد بسيطة اعتمدناها منذ الأيام الأولى لعملنا، وأولى هذه القواعد عطلة نهاية الأسبوع لمدة يومين، ولم نخرق هذه القاعدة قط مهما كان الأمر)، والآن قد أصبحت تلك الشركة تضم 137 فرعًا، ومع كل هذا الاتساع ظل بيتر وزوجته يقضيان عطلة نهاية الأسبوع ويستمتعان بعطلة سنوية.
إذًا مهما كان قدر عملك ـ عزيزي المدير الفعال ـ فإنك تستطيع أن تدير وقتك بالشكل الفعال، والذي يُمكِّنك من التوازن بين عملك، وصحتك، وأسرتك، وجميع مهام وأولويات حياتك، فقط بأن تقيم وتخطط طريقة استخدامك للوقت لتحقق أهدافك، ولكن الطريق إلى ذلك ليس مفروشًا بالورود، فدون ذلك عقبات، ولكن هيَّا بنا في ثنايا السطور التالية لنتجاوز تلك العقبات.
ولكن قبل أن ننطلق في رحلة إدارة الوقت، لابد من أن نتعرف على مجموعة من الحقائق تصف لنا طبيعة الوقت وماهيته، فالوقت أغلى ما يملك الإنسان؛ فكما قال الحسن البصري رحمه الله: (إنما أنت أيام مجموعة كلما مضي يوم مضي بعضك)، كما أن الوقت مورد محدود، لا يتجدد وما مضى منه لا يعود، بل هو (مركبة تنقلك من أي مكان كنت إلى أي مكان تريد أن تذهب إليه)، فهو من أنفس الموارد وأغلاها على الأطلاق الوقت، يمضي سريعًا فينساب دون أن تشعر به.
شكوى أم خرافة؟!
إنها تلك الكلمات التي طالما نسمعها من كثير من المديرين، كقول البعض: ليس لدي وقت كافٍ، أو تمني آخرين بأن يكون لهم أربع وعشرون ساعة إضافية، وشكوى الكثيرين من كثرة الأعمال وقلة الأوقات المتاحة، وعظم الضغوطات وكثرتها، وعدم القدرة على التوازن بين الأسرة ومتطلباتها، والأولاد واحتياجاتهم.
وهذه الكلمات وتلك العبارات، لا تعدو كونها خرافة نُوهِم أنفسنا بها، وليس لها أيُّ أساس من الصحة، وحينما يتحرر الإنسان من تلك الخرافة، فإن القوة الكامنة بداخله سوف تدفع به إلى نجاحات باهرة، فكما يقول إليان ألكين صاحب كتاب (كيف تسيطر على الوقت وعلى حياتك): (ليس هناك شيء يُسمَّى نقص الوقت؛ فنحن جميعًا نملك الوقت الكافي لنفعل كل ما نحتاج إليه فعلًا).
وإليك تجربة واقعية يحكيها الدكتور إبراهيم الفقي، فقد كان يتحدث مع مدير إحدى الشركات بكندا، فسأله: (هل حصلت على إجازة ترفيهية قريبة؟)، فأجابه: (نعم، لقد ذهبت إلى المكسيك، ومكثت فيها أسبوعين كاملين)، فقال له: (جيد، وكيف خططت لإجازتك؟)، قال: (حددنا ميزانية الرحلة، ثم أخطرنا المكان الذي نود الذهاب إليه بقدومنا؛ كي ينتظرونا، ثم اتصلنا بأكثر من شركة سياحية؛ لنرى أيهما يعطي مزايا أكثر، واخترنا أفضلها بالفعل، وحملنا حاجياتنا وذهبنا إلى المكسيك، وتمتعنا برحلتنا التي خططنا لها).
فقال له: (رائع، أرى أنك ممن يخططون لأنفسهم بدقة)، فقال باسمًا: (بالطبع، خاصة الإجازات؛ فالتخطيط الجيِّد يجنبني المفاجآت، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، يوفر عليَّ الوقت في إصلاح ما قد يفسد من الأشياء، وبهذا أتجنب المفاجآت غير السارة وخيبة الأمل التي قد تطل برأسها)، فبادره بسؤال: (إذن هل لديك برنامج منظم لحياتك؟)، فقال: (هذا يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، وهذا ما لا يتوفر لي، لكنني أسجل في ذهني دائمًا خططي، وأحفظ في ذاكرتي خططي المستقبلية).
فانظر كيف ينفق هذا المدير الوقت الكثير للإعداد للعطلة؟! إذًا إنها ليست مشكلة ضيق الوقت أو قلة الساعات، ولكنها مشكلة إدارة تلك الدقائق، ومن ثم ستعتني الساعات والأيام بنفسها، بل وتدفعك إلى قمة النجاح وذروة التميز.
اللصوص الستة:
هل سبق لك أن سألت نفسك مُتعجبًا: أين ذهب الوقت؟ هل نظرت في ساعتك في إحدى الأيام مندهشًا من مرور الساعات دون أن تدري؟ فكيف يتسرب ذلك الكنز من بين أيدينا؟ لابد أن هناك لصوص متربصون بالوقت، يسطون على ساعاته، ويسرقون دقائقه، وينهبون ثوانيه.
وإليك ـ عزيزي المدير الفعال ـ بيان باللصوص الستة المطلوب القبض عليهم؛ حتى تنعم بكل ثانية من حياتك، وتستثمر كل دقيقة فيها؛ من أجل نجاح وتميُّز دائم ومستمر.
اللص الأول: فاصل ولا نواصل:
ونعني به تلك المقاطعات التي تنهب من ساعات يومك الكثير والكثير، وأنواع تلك المقاطعات كثيرة، من أهمها ما يلي:
1. المقاطعات التليفونية:
فبينما أنت في ذروة تركيزك في مهمة عليك إنجازها، إذا بجرس الهاتف يدق، ربما يكون المتصل أحد الموظفين أو مدير آخر في شركتك أو أحد العملاء، وربما يكون اتصالًا عائليًّا، أيًّا كان نوع الاتصال فهذا لا يَهم، المهم أنك ستنفق الدقائق العديدة؛ لكي تستعيد تركيزك مرة أخرى.
ü روشتة سريعة:
أ*. اطلب ممن اتصل بك أن يعاود الاتصال في وقت لاحق تكون قد انتهيت فيه من مهامك الرئيسية.
ب*. اطلب من سكرتيرك أن يحجب عنك المكالمات وأن يتلقى الرسائل نيابة عنك.
2. مقاطعات الآخرين:
هب أنك جالسًا تفكر في حل مشكلة ما، أو تُخطط لإنجاز مشروعٍ معين، ثم يطرُق أحدهم على باب حجرتك، أو يعلن السكرتير المسئول عن مكتبك، أن أحدهم يريد أن يراك، بلا موعد سابق ولا إخطار مسبق، فهذا الزائر بلا موعد سيؤخذ من وقتك، ويشتت تركيزك، ويجعلك تضيع الأوقات هباءً دون فائدة تُذكر.
ü روشتة سريعة:
أ*. تحدث لمن يقاطعك وأنت واقف حتى لا تعطيه الفرصة للجلوس وتضييع الوقت في عرض شكواه.
ب*. إن كنت تعرف بمجيئه إليك، فبادر أنت بالذهاب إليه، ومن ثم تستطيع أن تنهي اللقاء في الوقت الذي تحدده، لا الوقت الذي يحدده هو.
ت*. اغلق باب مكتبك، واطلب من سكرتيرك أن يأخذ المواعيد بدلًا عنك في نهاية اليوم.
3. مقاطعات تتسبب فيها أنت شخصيًّا:
فمثلًا قد تكون منهمكًا في عمل ما، وفجأة تتذكر أن عليك أن تقوم بجولة تفقد في قسمك أو في إدارتك، أو أن تتصل هاتفيًّا بأحد عملائك، ثم ما يلبث تركيزك في الشتات عن هدفه الرئيسي إلى أهداف ومهام تكون في أغلب الأحيان أمورًا يُمكِن تأخيرها.
ü روشتة سريعة:
احرص على القيام بالعمل مرة واحدة، وركز على ما تقوم به من عمل، وإذا شعرت بالتعب أو بأن ذهنك يتشتت، وجه تركيزك إلى النتائج والفوائد التي ستعود عليك من وراء إنجاز العمل في وقته.
وختامًا:
فهذه بعض مضيعات الوقت التي يعاني منها المديرون، والذي يستطيع المدراء الفعالون التغلب عليها، ويتبقى بعض اللصوص الأخرى، نستعرضها في المقال القادم من سلسلة الإدارة في سطور.
أهم المراجع:
1. إدارة الوقت، مطبوعات كلية هارفرد لإدارة الأعمال.
2. أسرار قادة التميز، د.إبراهيم الفقي.
3. الكتيب الشامل عن تحكم في وقتك، براين ترايسي.
4. سيطر على حياتك، د.إبراهيم الفقي.
5. جامع العلوم والحكم، ابن رجب.