على غير المعتاد لم أجد كلمات كثيرة للبداية في الكتابة عما حدث ، خاصةً أنني فضلت منذ أيام وقبيل جمعة الغضب ألا أتحدث إلا حينما أحدد موقفي الذهني مما يحدث وتبعاً لما تعلمت، وقد أكدت في موضوعي السابق بعنوان (فضيلة الصمت) على أمانة الكلمة، وضرورة أن نتحرى ما نقول في كل المواقف، فما بالك بالمواقف التي ربما تحسم حياة الآف أو قُل ملايين، الكلمة التي ربما تؤثر في مصير شخص، في توجهه، وما أغلى ولا أهم من كيان إنساني تُحركه كلماتك حتى لو كنت لا تعرفه وقرأ لك كلمة مرة.
ولكوني ممن مَنَ الله عليهم وأنعم عليهم – وهي نعمة ربما أحتاج العمر كله لأشكره عليها – بأن أقابل أشخاص في حياتي لم أكن أعرفهم في محاضرة ولا في دولة ولا في لقاء ويقول لي أحدهم لقد أثر في ما كتبتي في موضوع كذا ، أو جربت ما ذكرتي في موضوع كذا ، فقد كانت أحد أهم أشكال الشكر على هذه النعمة هو تحري الدقة في كل ما يصدر إن كان هناك من يقرأ والأهم أن هناك من يتأثر..
ربما كنت في حاجة إلى كتابة هذه الكلمات لأنني تلقيت من شاب تونسي محترم ومهذب كما هم جميعاً في الحقيقة فقد عايشت بعضهم في مؤتمرات ولقاءات لأيام ، وقال لي على صفحتي الخاصة على موقع الفيس بوك الإجتماعي : أنا لا أقبل أن تصمتي ، وأن دورك الأن ليس الجلوس لتحليل الموقف بل الإلتحام بكل مطالب الشباب بوصفك من النخبة المثقفة!!!
وهنا .. بدأت أن أشرح له موقفي الذي بدأت به موضوعي الأن ، من أن التورط في أي كلمة وقت غياب الصورة وضبابية الرؤية أمر يحسب ضد مصداقية ما نقوله ولا يُحسب لنا ، خاصةً أن هناك عدد من الناس خصهم الله بالقدرة على الحديث في أي وقت وأياً كانت ضبابية الصورة ، وهنا بدأ الأخ التونسي الكريم في تقبل رؤيتي حتى ولو من باب أن كل صاحب رأي عليه أن يحترم الأخر ..
وبعد الهدنة التي كان بعضها - برغبتي الخاصة - لأمعن في فحص وفهم الصورة ليس من المستوى الشخصي وإنما من المستوى المهني وأكرر من حيث أن عملي وعلمي في إدارة الأزمات والكوارث ، بينما كانت بعض مدة الهدنة إجبارية لإغلاق وسائل الإنترنت ، إلا أن إتفاقي مع ذاتي دائماً في النظرة لكل الأمور تقع تحت مبدأ (لعله خير) ، جعلني أتقبل الهدنة بشكليها الإجباري والإختياري، ثم أعود الأن للكتابة حول ما حدث في عدة أجزاء أسأل الله في كل كلمة فيها الإخلاص ، وأسأل الله في كل كلمة فيها أن تصل لكل من يمنحني مسؤلية كبيرة بأن يقرأ ما أكتب كما أود أن تصل وأن يكون لها نفس المعنى الذي أريده عند وصولها وأن يجنبني سوء إختيار الكلمات التي للأسف قد تُحول مواقف كثيرة إلى كوارث بما تعنيه الكلمة وهل أدل على ذلك من أن الكلمة قد تلقي بصاحبها في قاع النار!!
والأن .. دعوني أقدم لحضراتكم الجزء الأول من سلسلة (ثورة الغضب) والتي عنونتها بـ : مكاسب .. مكاسب .. مكاسب ..
وسوف أسرد في هذا الجزء ما أفهم أنه أولى الأشياء التي يجب أن نلتفت لها وهي إيجابيات ما حدث على كافة المستويات، إيجابيات جاء الأمر الجلل المتمثل فيما عايشناه في الفترات الماضية لينبهنا إليها ، ذلك أننا تخصصنا في الفترات الأخيرة من الزمن في رصد كل السلبيات، وحينما كنا ننبه لبعض الإيجابيات فإن إتهامات كثيرة جاهزة وفورية وشديدة سوف تأتيك من قبيل العمالة لصالح الجهة الفلانية ، أو العيش في المدينة الفاضلة ، أو البقاء في الصورة النظرية أو تعبير سمعته وتوقفت عنده كثيراً لكن يبدو أنه هناك إتفاق عليه بين بعض الشباب للتدليل على كون الشخص الذي يتحدث عن إيجابيات في حياتنا مُنفصل عن الحياة الحقيقية ، والتعبير يصف هذا الشخص بأنه ( عايم في مية البطيخ)!!! سألت عنها الشباب من تلاميذي وحين سألت عن حيثية استخدام لفظ (مية البطيخ) دون غيرها .. فقال لي بعضهم (مية البطيخ بتبقى بمبي ، وكمان ساقعة يعني بتخلي صاحبها يشوف الصورة باردة وملونة بلون شفتشيي)!!!
إلا أنني مع ذلك لا أجد بداً من أن أكتب – بما إنني أعبر عن وجهة نظري – عن إيجابيات ما حدث لكن الإختلاف إنني سأكتب دون إنتظار أي تأييد في ظل أعداد كبيرة تنضم للفئة التي تُفسر شخص الإيجابيات بأنه يعيش في (مية البطيخ) ..
إيجابيات ثورة الغضب :
1-إطمأن كل شخص منا على مستقبل الوطن ، وهذا عكس ما كنا نرى في كثير من الأوقات حين كنا نيأس من إستجابة الشباب لأي نداء لفعل شئ إيجابي اللهم إلا في قليل من المواقف التي كان يتوجه فيها البعض في مجموعات صغيرة ، وكنا نتساءل جميعاً من سيحمل هم هذا الوطن ؟؟ من سيكملون مسيرته ؟؟ فرد علينا الشباب ، وطمأننا بأنه موجود.
2-توفير التجربة الحقيقية التي كنا نحتاجها لنتعرف على قوتنا ، وهنا أقصد الجميع ، وعلى رأسهم الشباب ، لقد أثرت في مقولة لشاب محترم يعمل في جهة إعلامية وله مريدين عدة حينما كتب على صفحته حين نزل للمظاهرات ( أخيراً كسرت خوفي) وشوفت إني أقدر ، فكم منا ينتظر إلى تجربة ليعرف قوته الحقيقية ، وربما يكون ذلك في أزمة بسيطة كالفصل عن العمل أو الطلاق أو غيره ، ليبدأ حين ترتيب بيته من الداخل في التعرف على نفسه وما يحمله من قوة ربما لم يكن يعرف أنها بداخله لولا الأزمة، فما بالك بأزمة تجمع 80 مليون مصري وربما ملايين غيرهم في أنحاء الوطن العربي حباً لمصر أو كرهاً لها يمرون معنا بهذه التجربة ليكتشفوا هم الأخرون قوتهم!!
3- ساعدت الأزمة في التعرف على خطوط الدفاع الخارجية ، وهنا أقصد الأصدقاء الذين نعدهم في هذا الركن ، والأعداء الذين نصنفهم في هذا الركن، ولعل ذلك من أهم ميزات الأزمات حتى على مستوى التراث الشعبي ، وهناك مثل شعبي أعتذر إن كنت لا أعرف كلماته جيداً لأنه قيل أمامي بأكثر من طريقة ، فقد ذكرته لي فتاة في الأحداث حينما سالتها عن إيجابيات القبض عليها فقالت ( كتر خيرك يا شدتي ياللي عرفتيني حبيبتي من عدوتي) وبالطبع له صياغات كثيرة سمعتها في أبحاثي بالأرياف ومع المدمنين حين نطلب منهم رصد إيجابيات ما تعرضوا له، لكن المعنى واحد ، فقد ساهمت هذه الأزمة على المستوى الخارجي – الذي أعتقد يحتاج تحرك حقيقي من الدبلوماسية المصرية بعدما تنتهي أزمة الإنفلات الأمني – في التعرف على أمور كثيرة في صنوف الأحباب والأعداء أو على الأقل قُل الأحباب وغير الأحباب.
(أما على المستوى الداخلي في تصنيف الفئات فسوف أفرد لها جزء منفرداً لأهميتها)
4- ساهمت الأزمة في رفع وعي الكثيرين من الناس في شعبنا ، فقد رأيت – وتعجبت – تغير وجهات نظر بعض الناس الذين كانوا يتخذون وجهات صارمة نحو بعض القضايا، منها مثلاً التحيز لبعض القنوات الفضائية وإعتبارها رسول الحق في المنطقة العربية ، فقد وجدت حالة كبيرة من الوعي أقسم بالله وصلت للأطفال الذين حرصنا في أسرتي على إبعادهم قدر الإمكان عما يحدث ، إلا أن مريم إبنة أخي ذات الإحدى عشرة عاماً صفقت حين تم وقف واحدة منهم ، وقالت أحسن بجد هو كل حاجة يقولوا مصر إتهزمت مصر إتهزمت .... زهقونا !! وعلى الرغم من أنني لم أناقش معها الموقف بعد حتى تكون لنفسها موقف نتناقش حوله إلا أن ما حدث لديها وجدته لدى عدد من الأصدقاء والزملاء حين الحديث للإطمئنان على بعضنا البعض، فحينما تكبر الصورة تبدأ الأخطاء أيضاً في الوضوح ، وهذا أمر يعرفه كل من يعملون بالتقنية، وكان الحدث الجلل الذي حدث في مصر بمثابة صورة كبيرة أوضحت أو بالأحرى فرزت من جديد طبيعة علاقاتنا بالأخرين بحيث لا نظل على تصنيفاتنا القديمة حين اللقاء الأكبر فيهزمنا بعضهم أو يخذلنا بعضهم مرة أخرى مثلما فعل البعض في اللقاء الأكبر الماضي عام 1973 أو قبيله .. في المقابل أوضحت الأزمة لنا الأحباب أيضاً أو أكدت تصنيفهم ..
5- أكدت لنا الأزمة قدر مصر في المنطقة العربية بل والعالمية ، لكي لا يحزن الشباب الذين قرروا أن يضحوا بحياتهم لأجلها من أنهم سيرثون تركة معطوبة ، فالأصداء التي أحدثتها الأزمة، وهذا التناول اللحظي ما كان ليوجد إلا لأننا كبار ، فالأشياء الكبيرة والهامة هي فقط التي تهمك سواء كنت معها أو ضدها ، فكل يوم تمتلئ صفحات الوفيات بأشخاص لكنك تتابع بتوتر وقلق وإهتمام أخبار شخصيات معينة تهمك أو تقلق عليها أو حتى تتمنى وفاتها .. أليس كذلك ؟!! وبالتالي فليطمئن الشباب إلى أن تركتهم عظيمة ، لازالت مصر عظيمة وهل أدل على ذلك من أنهم في حدود أعمارهم التي لم يتعدى متوسطها – كما يحدد بعض الخبراء – الثلاثة أو الأربع وعشرن عاماَ؟!!
6- بروزت الأزمة ما نتمتع به كشعب ونختلف فيه بنوعية ودرجة كبيرة عن الشعوب الأخرى وهو التوحد وقت الشدة ، فعلى الرغم من أنني درست أن الشدة من الفترض أنها تُجمع الناس بصورة دائمة ، إلا أن خبرتي في كثير من الدول – غير مصر- لم تؤكد تلك المعلومة ، فهناك شدائد فرقت شعوب، وهناك شدائد جعلت الإنقسام حتى في الحاجات الضرورية فيسألك من يقدم لك الخدمة أنت من أي فصيل؟؟
إلا أن منطقتي ومنطقة الكثير من أصدقائي لم تقل ذلك ، فقد أحضر جارنا المسيحي الطعام والشراب للشباب الذين أقاموا في الشارع لحراسته أمس ، وجلس شخصان يحددا معاً تقسيمة تواجدهم في الشارع وكنت قد علمت من أخي وجود خلاف بينهما من عدة أيام على مكان ركن سيارة كل منهما ، وكما قال لي أخي لم يحتاج الأمر لأي بدايات سوى السلام عليكم إزيك يا فلان .. الأولاد تمام .. طيب عاوزين بقى نشوف هنعمل إيه؟!!!
وهو نفس ما شاهدته وقتما كنت في الصف المرحلة الثانوية وقت زلزال مصر حينما نزلنا لنساعد العروسة الجديدة التي تقطن في العمارة المقابلة لنا ولم نكن نعرفها فقد كان زواجها الخميس وجاء الزلزال الإثنين على ما اذكر وكانت والدتي ووالدي لازالا بالعمل فنزلنا لها دون مقدمات لأنها ربما من إحساسها بالغربة إعتقدت أن المنزل ينهار فنزلت إلى الشارع في حالة هستيرية شديدة ، ها هو المشهد يتكرر مع مئات الآلاف وفي كل المستويات الإجتماعية ومختلف التيارات والتوجهات وعلى نطاق أكثر تنوعاً وأكثر عمقاً ووضوحاً لنبقى مختلفين ، اللهم أدم إختلافنا فليس كل الإختلاف سلبي.
7- أوضحت الأزمة الثغرات الأمنية وأكدت على ضرورة إعادة الصياغة بين الجهات الأمنية وبين الضمير الشعبي الأمني، بما يؤكد على أننا لسنا طرفين متضادين بل طرفين مكملين بعضهما لبعض ، وأعتقد أن الأمر سيكون مصدر إهتمام للقائمين على صياغة هذه العلاقة سواء كانت العلاقات العامة بوزارة الداخلية أو الجهات الأخرى المعنية أو بالأحرى الجهات التي يجب أن تتواجد لتوضح هذا الترابط بين رجل الشرطة الذي وُضِعَ في الأساس ليكون مصدر الأمن ، وبالتالي فهو الملاذ والمفر حتى لو كان هناك من يسئ لذلك ، فمن غير الطبيعي أن ألغي هذه الوظيفة لوجود أخطاء بها لكن الأجدر أن نحدد دستور يحدد طبيعة العلاقة ويرسم ملامح الأدوار ، فإذا ما راجعت كل برامج الحماية التي يتم تدريسها للأطفال في إنجليرا والتي أهداني بعض الأصدقاء عدد منها ستجد أن رجل الشرطة هو (علامة الأمن) أو كما يترجمه البعض (إشارة الحل) أو (إطمن) فحينما يعرضون للأطفال البرامج المعنية بحمايتهم من التحرش الجنسي مثلاً فإن ضمن البرنامج يأتي بضابط – حقيقي- ليقول له أدواره بالنسبة له ، ويقولون له (إبحث عن هذا فوراً وإجتهد في الوصول له وحين تصل له فقد إنتهى الأمر لأنه مؤهل لأن يفقد حياته لأجلك وهو دائماً أقوى من المغتصب)!!! ياترى كم شخص منا يقول ذلك لأطفاله؟؟ علماً بأنني لا أنفي بعض التجاوزات التي أعاني منها كمواطن ، لكن هذه إحدى الثغرات التي أوضحتها لنا الأزمة بشكل كبير والتي يجب تشكيل لجنة لتصحيحها أياً كان الثمن ، لأن في غياب هذا التنسيق لسد الثغرة بين الجهات الأمنية والشعب فإن الطرف الثالث أو ما يُطلق عليه (الوسيط) سيُدَفِع كل منا الكثير ، وهناك فئة طالبت كثيراً في كتابات عدة بضرورة النظر إليها وإعادة دراسة كل ما يتعلق بها وهي الفئة في منتصف التدرج بين العسكري الذي لا يملك أي شئ وبين الضابط الذي يحمل مؤهلاً عالياً في أغلب الأحيان تربى تربية سوية مثل كثير ممن حولنا ، ومكمن الخطورة في الفئة التي يطلق عليها (أمناء الشرطة) وهي الحالة البينة التي تأخذ من سلطة الظابط في السلطات ولكنه داخلياً يعلم أنه ليس هو ، ولكي يحل هذه المعادلة نكون نحن الثمن ، تمام مثل الممرضة خريجة المعهد التي تضع القسطرة وتقوم ببعض الأشياء الطبية ربما أحسن من الطبيب في بداية تخرجه ، ولكونها تشعر بانها الأحق من الطبيب ، بينما يعاملها النظام المهني على أنها (ممرضة) فهي عادةً ترغب في فرض سلطة بشكل ما فتجدها إنزعجت وأخرجتك من حجرة الزيارة بالقوة حين تقول لها يا ست الممرضة !! أو تسألها عن طبيب تراجعه في الحالة ، وهي حالة بينية تحدث عنها علم النفس لا يسع المجال لها ، لكننا في حاجة لدراستها جيداً حتى تعود طبيعة العلاقة بيننا وبين رجال الأمن وتحديد دورهم بوصفهم مصدرأمان لنا وليسوا مصدر أمان لحكومة أو غيره .
8- أكدت الأزمة على وجود كيانات داخلية لا يمكن أن نُؤَمِن خلفهم حينما يقولون ويكررون(هدفنا مصر) أو ( مصر أولاً) أو ( كلنا ... مصر) وهم من سأفرد لهم كما ذكرت جزء خاص لكن وجب التنويه إلى أنهم بدأوا في الظهور من خلف تلك الشعارات لتظهر ملامحهم الحقيقية ، وسأوضح الكثير عنهم وربما اضطر لأول مرة في الكتابة عنهم بدرجة من التحديد بما يتناسب مع ما فعلوه.
9- وجود مُبشرات على تغيير لم يكن أحداً منا يحلُم به ، ولكن حَلُمَ به هؤلاء الشباب وقرروا أن يحولوه لواقع ، وهو ككل حلم تُخلص له وتسعى له فيستجيب لك وإسألوا الكاتب البرايلي العظيم باولو كويهليو في الخيميائي وتذكروا مقولته وكرروها ..
10- أكدت الأزمة على أن (كرامة) المصري أحد الأمور الأهم في حياته والتي يمكن إستخدامها بشكل إيجابي ، وهذا ما إتضح من خلال إستقبال الشباب للجيش والذي حتى لو جاء من البداية إيجابياً إلا أنه ازداد إيجابية حين بدأ الجيش بما تعلمه رجاله من خلال شؤنهم المعنوية عن (فن) التعامل مع الأشخاص وقت الأزمة ، وهم ما يُدعم أن علاقة الشعب بالجيش في الأساس جيدة إلا أنك لو حللت الكلمات التي استخدمونها مع الشباب ستجد ما أحدثك عنه من (فن) في التعامل ، منها مثلاً كلمات مثل ( إعملوا ما تشاءوا وطالبوا بحقوقكم زي مانتوا عاوزين لكن سيبوا لنا التعامل مع الخارجين ولا إنتوا مابتثقوش فينا؟) هذه العبارة سمعتها على واحدة من القنوات الفضائية ضمن عدد من العبارات وطرق التعامل التي توضح تدريبهم الجيد وتفهمهم للرغبة الحقيقية لدى الشباب المصري فيمن يعامله على نحو يحفظ كرامته ويتيح له فرصة أن يكون ضمن الصورة لا متفرج عليها وهو ما قام به الجيش بصورة مشرفة توضح تدريبه العالي ليس فقط على مستوى القتال وإنما أيضاً على مستوى الحوار وإدارة الأزمات.
11- أوضحت الأزمة قدر الطاقة غير الموظفة لدى الشباب والتي تحتاج إلى تفهم وعمل على توظيفها دون الإستسلام إلى فكرة أن هذه الطاقة يمكن توظيفها أو التنفيس عنها من خلال فيلم جنسي أو لقاء على شات الإنترنت.
12- أكدت الأزمة – وكما هو الحال في الأزمات الكبرى- أنه لا يوجد شئ يمكن الإعتقاد في ثباته أبد الدهو سوى الله عز وجل وما دون ذلك أمور يمكن أن تتغير حتى لو طال الأمد، (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) وبالتالي فإن كل الأمور تزول ، ويجب علينا التفكير في هذا المعنى جيداً فالسلطات لا تبقى ، ولا حتى المال يبقى ، كما لا تبقى الأرواح وهي يمزة أردها هنا كنموذج للإيجابيات ولكنى أتمنى أبعد من ذلك ، أتمنى أن نفكر في ذلك جيداً حين خطواتنا القادمة ، حين حياتنا التالية ، حين علاقاتنا الشخصية والعامة ، حين تولينا مناصب قد نفقدها في لحظة لا يعلم توقيتها وطريقتها سوى الله .
وهنا أؤكد أن ما ذكرته بعض من إيجابيات ما أسميناه بـ (ثورة الغضب) وبالطبع هناك أمور أخرى يراها كل شخص من زاويته أتمنى ألا تبخلوا علينا بها لنتشارك فيها ..
أخيراً .. اذكر نفسي واذكر الجميع معي إلى أن الحلم وإن كان أمراً متخيلاً فإن الإخلاص في العمل عليه يحوله لحقيقة واقعة ، فاحلم لنفسك ولدينك ولوطنك ولأهلك حلماً رائعاً كبيراً وإخلص في العمل عليه وكن على يقين من أن الله لن يُضيعك حتى لو وقعت منك أو لك بعض الأخطاء أو الأخطار أو الإنحراف عن الحلم ، فسوف يتحقق لك ولو بعد حين ، وهذا ما أكده لنا شباب مصرنا الحبيبة التي ستظل حبيبة مهما شعر البعض منا في وقتٍ ما ومع ضغط الظروف بغير ذلك ، لكن حتى الحب أعظم الحب إنما يظهر حين الأزمة، حين لا نملك إلا مشاعرنا لتحركنا نحو رمز حبنا ، فنجدنا لا نفكر في قواعد تُنظم تدفق هذا الحب أو تحدد طريقة التعبير عنه .. تسلمي يا مصر وستظلي الكبيرة .. لا .. بل والحبيبة.
في الجزء الثاني إن شاء الله سأتحدث عن طبيعة الموقف في ظل أصحاب المصالح ومن أوضحت لنا الأزمة حقيقتهم .. القاهرة في الثانية صباح السبت 30 يناير 2011

المصدر:
https://www.3ain3alabokra.com/article-578.html