دخلت الأزمة بين السعودية من جهة وبين الفلبين وأندونيسيا من جهة أخرى منحى أكثر صعوبة، بعد أن اتهمت اللجان الوطنية السعودية للاستقدام الفلبين وأندونيسيا بالإخلال بالاتفاقيات الموقعة بين البلدين الخاصة بشروط الاستقدام والأسعار.

وتتجه السعودية إلى إيقاف استقدام العمالة المنزلية بشكل نهائي من إندونيسيا والفلبين وفتح الباب للاستقدام من دول أخرى.. وأكد رئيس اللجنة للاستقدام في مجلس الغرف التجارية السعودية سعد البداح للعربية.نت أنهم تقدموا بالفعل للجهات المعنية بقرار إيقاف منح التأشيرات، وفي انتظار صدور القرار بشكل رسمي.

وأكد البداح أن السبب وراء القرار هو: "الشروط التعجيزية التي وضعتها تلك الدول، ومنها إرسال صورة صاحبة المنزل إلى الجهة المعنية في دولة العاملة، إضافة إلى عدد الأطفال، فضلاً عن ارتفاع كلفة استقدام العاملة الإندونيسية".
تعليق الاستقدام
وشدد البداح على أن المجال سيبقى مفتوحاً للاستقدام من دول إثيوبيا، الهند، نيبال، إريتريا، وسريلانكا، على الرغم من التأخير في إرسال العمالة.. كما أنه سيسمح بالاستقدام من دولتي كمبوديا، ومالي، بعد التوقيع على مذكرات التفاهم في شأن استقدام العاملة المنزلية المؤهلة والمدربة منها.

ويهدد هذا القرار مصير أكثر من 280 ألف تاشيرة صدرت لأندويسيا والفلبين خلال الأشهر الثلاثة الماضية (180 ألف تأشيرة لأندونيسيا). ففي حين تصر السعودية على أن تتم التعاقدات وفق الأسعار المتفق عليها، تطالب المكاتب الأندونيسية بـ300 دولار إضافية مماعلق الكثير من التأشيرات وهو مايهدد مكاتب الاستقدام بالكثير من المشاكل مع العملاء الذين وقعوا عقودا رسمية معهم بالأسعار الرسمية.

وكانت اللجنة الوطنية للاستقدام في مجلس الغرف السعودية، علقت جميع تعاملاتها ونشاطاتها مع اتحادات العمالة الإندونيسية اعتبارا من الأسبوع الماضي بسبب عدم التزام الاتحادات الإندونيسية بتنفيذ مذكرات التفاهم التي وقعتها اللجنة معها، والتي تنظم العلاقة بين الجانبين.. ومن ضمنها اتفاقية خفض أسعار استقدام العمالة الإندونيسية من 7500 ريال إلى 6000 ريال (1600 دولار)، والتي كان من المفترض أن يبدأ العمل بها اعتبارا من 2011.

و أكدت اللجنة في بيان رسمي أنها كانت دائما ملتزمة بما وقعته من اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع اتحادات العمالة الإندونيسية، غير أن هذا الالتزام كان من جانب واحد، وأوضحت أن وقف التعامل مع الاتحادات الإندونيسية سيستمر إلى حين إيجاد اتحاد إندونيسي خاص بإرسال العمالة الإندونيسية للسعودية يكون ملتزما بما يتم الاتفاق عليه من بنود تحفظ حقوق جميع الأطراف.

ونصحت اللجنة الوطنية للاستقدام، المواطنين بعدم استخراج تأشيرات استقدام جديدة من إندونيسيا بسبب عودة الأسعار إلى الارتفاع المبالغ فيه وقلة توافر العمالة.. وأكدت اللجنة على مكاتب الاستقدام عدم استقبال تأشيرات حتى لا يقعوا في اشكالات مع الأشخاص الذين استخرجوا تلك التأشيرات ويرغبون في استقدام عمالة من إندونيسيا.
استغلال حوادث فردية
تفاقمت الأزمة السعودية الأندونيسية بعد أن أعلنت ولاية جوي باراد الأندويسية إيقاف تصدير العمالة للسعودية على خلفية الاعتداءات التي تعرضت لها عاملة أندونيسية في المدينة المنورة.. مما أدى إلي تعثر الكثير من التأشيرات الأندونيسية المتجهة إلى السعودية.. واتهمت جهات رسمية سعودية الجانب الأندونيسي بتسييس قضايا العمالة الأندونيسية في السعودية، واستغلال بعض الحالات الفردية لتحقيق مكاسب سياسية من جانب الحكومة، ومادية من جانب سماسرة إرسال العاملات لرفع الأسعار إلى معدلها السابق في محاولة منهم لضرب الاتفاقية الموقعة بين الجانبين قبل أربعة أشهر.. وهو مابدأت بعض بوادره في الظهور إثر طلب الجانب الأندونيسي رفع سعر الاستقدام 200 دولار إضافية، وهي خطوة رفضتها الجهات الرسمية السعودية وحذرت منها.. وأكد سعد البداح للعربية.نت أن هناك جهات غير حكومية في أندونيسيا استغلت ماحدث في المدينة المنورة لمصلحتها من خلال تضخيم الأمر والترويج لأكاذيب غير صحيحة.

وقال: "تقف المعارضة الأندوييسية خلف حملة التصعيد تجاه السعودية لتحقيق مكاسب سياسية محلية في بلادها.. من خلال قنوات مأجورة تهدف للهجوم على السعودية.. لهذا نطالب إعلامنا بتوضيح الصورة أكثر، وتبيين الجانب الحقيقي فيها كما هي".

ويتابع:" القنوات غير الرسمية في أندونيسيا تنقل أخبارا غير صحيحة، مثل أن العاملة قصت شفتيها، وأن الكفيلة ليست في السجن، وكل هذه أمور غير صحيحة ..المشكلة ليست في الاتفاقيه أو الأسعار، بل هي في ماعرضه التلفزيون الأندونيسي عن مشكلة العاملة، وهو أمر استغله السماسرة لإعادة الأسعار لما كانت عليه في السابق".
حماية العمالة
وأكد البداح على أنهم لم يمارسوا أي ضغوط لإجبار الجانب الأندونيسي على التوقيع على الاتفاقية.

وأضاف: "نحن لم نمارس أي ضغط على الجانب الأندونيسي لتوقيع الاتفاقية الجديدة معهم.. وهم اعترفوا أن الأسعار زادت بسبب رفع السماسرة للأسعار، ونحن سعينا معهم إلي إعادتها لوضعها الطبيعي.. واتفقنا على ذلك .. ولكن تأخير العمالة الحالي ليس له علاقة بالأسعار".

ويتابع: "بعد حادثتي عاملتي أبها والمدينة، بدأ التلفزيون الأندونيسي يعرض صور عاملة المدينة في اليم خمس مراتـ، ويتكلم على أمور لم تحدث، كالقول إنها تم قص شفتيها وحرقها.. وهذا ليس صحيحا، وأن المعتدية لم تسجن، وأنها في منزلها وهذا أيضا ليس صحيحا، فهي في السجن وستقدم للمحاكمة. هذا الأمر أثر على استقدام العمالة للسعودية مما أوجد ندرة عمالة.. ولهذا قام بعض السماسرة الذين كانوا ضد تحجيم الأسعار بطلب مبالغ أكبر، وهو أمر خطير لأنه قد يؤثر على جودة العمالة".

وشدد البداح على أن القوانين السعودية قادرة على حماية الجميع.. وأن الجانب الأندونيسي الرسمي يعرف هذا الأمر جيدا.

ويقول: "نحن لدينا حماية كاملة للعمالة الموجودة لدينا، نحن بلد نطبق الشريعة، وهو أمر يحمي المواطنين والمقيمين.. عندما نتحدث عن حماية فكأن هذا غير موجود.. المسؤولون في أندونيسيا وسيرلانكا يعرفون جيدا نوعية الحماية لدينا، وزيرة شؤون المرأة الأندونيسية التي حضرت للسعودية تعرف جيدا مقدما الحماية التي توفرها السعودية للجميع وهي تعرف أن المعتدية مسجونة وستقدم للمحاكمة، ربما ستكون هناك زيادة الوعي، ولكن الحماية الأولى تبدأ من أندونيسيا التي يجب أن توفر عمالة مدربة وتعي جيدا حقوقها وواجباتها، ولكن إعلامنا مقصر في هذا الأمر، لأن الإعلام المحلي هو من ضخم الأمر في البداية".

لا يبدو هناك حل سريع للأزمة المرشحة للتفاقم، خاصة مع تمسك الجانب الأندونيسي غير الرسمي برفع الأسعار دون موافقة الجانب السعودي.. في وقت تصر فيه الفلبين على وضع المزيد من الشروط التي يراها السعوديون مهينة، خاصة وأنها تطبق فقط على السعوديين دون غيرهم من الدول العربية.