"لم أكن أبدًا لأحقق النجاح، بدون عادات الدقة والنظام والاجتهاد، والتصميم على التركيز على عمل واحد في كل مرة"تشارلز ديكنز


عناصر الذاكرة:
لم يولد معظمنا بمهارات ذاكرة خارقة إلا أن هذا لا يعني أنه كتب علينا أن سير في هذه الحياة بحالة من الشرود والذهول ومن الممكن تحسين الذاكرة في كل مجال من مجالات الحياة، كل ما عليك القيام به هو تعلم استخدام ثلاثة عناصر أساسية لتحسين الذاكرة مثل الانتباه والربط والخيال.

العنصر الأول: الانتباه:
مجرد الملاحظة أو الانتباه أمر مهم يمكنك القيام به لتحسين ذاكرتك، ويتضمن الانتباه أن تقرر ما هي الأشياء التي تستحق تذكرها وتلك التي يمكن التخلص منها ونسيانها، كما اكتشف الطلاب على مر الأجيال أنه مهما كانت الطريقة التي تقدم بها المادة حيدة فربما لن تتذكر شيئًا من هذه المعلومات فيما بعد إذا كنت مستغرقًا في أحلام اليقظة عندما سمعتها للمرة الأولى.

عدم الانتباه هو السبب في أن معظم الناس ينسى الاسم على الفور عندما يدقم له شخص ما في المرة الأولى لانشغالهم بالنظر إلى هذا الشخص الجديد وإصدار الأحكام الأولية ومحاولتهم إجراء محادثة لطيفة أي أنهم في الحقيقة لا يسمعون اسمه مطلقًا.

شروط الانتباه:
إذا جذب انتباهك شيء ما فسوف تنتبه له وإذا لم يكن ذا أهمية لك فلن يكون لديك الحافز للتركيز، بالنسبة لمعظم الناس فإن الانتباه عبارة عن جهد واع وليس مجرد رد فعل لا إرادي ومن حسن الحظ حتى أكثر المنغمسين في أحلام اليقظة يمكنهم أن يتعلموا تحسين القدرة على الانتباه إذا حاولوا ذلك بنفس الطريقة التي تستطيع من خلالها تعلم تحسين أي مهارة أخرى.

من المستحيل في الحقيقة الانتباه لأي شيء إذا كنت مضطربًا عصبيًا أو تقع تحت ضغوط، أول ما يتعين عليك القيام به إذا أردت تحسين قدرتك على الانتباه هو أن تسترخي، تنفس بعمق لبضع دقائق وأرخ عضلات رقبتك وكتفيك، فهنا يكمن معظم الشد والتوتر.

الانتباه والهدوء النفسي:
وسواء كنت ترغب بإضافة شيء ما لذاكرتك أو تريد استدعاء شيء موجود في الذاكرة فإن رغبتك في النجاح بذلك سوف تؤثر على أدائك، من المهم أن تكون هادئًا وأن تثق أن بإمكانك التذكر، إذا بدأت بالتفكير بأنه من الصعب حفظ شيء ما فسوف تجد صعوبة في تذكره فيما بعد، وإذا كنت مقتنعا بأن لديك ذاكرة سيئة فإنك إنما تضعف من قدرتك على التذكر، من الضروري أن تقنع نفسك أن باستطاعتك التذكر قبل أن تقوم بتسجيل المعلومات.

يتلون كل ما ندركه بحواسنا ومشاعرنا، ومن ثم يتم التعرف على الإدراك الحسي الناتج من خلال التفكير ويتم وضعه بعيدًا في الذاكرة، يمكن لأي شخص أن يلاحظ شيئًا ما وهو شارد الذهن ولكن إذا أراد أن يتذكر فعلا فعليه الانتباه لهذه الملاحظة والتركيز عليها.

عندما تقوم بالتركيز على شيء ما، سل نفسك أولًا ما إذا كنت تحب ذلك الشيء أم لا، ومن ثم سل نفسكما الذي تحبه أو لا تحبه في ذلك الشيء، هذا التيقن والتأكد ضروري حيث أنك لن تتذكر إذا أهملت التيقن منه، عندما تقوم بالتركيز والانتباه بشكل حقيقي فسوف تلاحظ التعابير والشكل واللون والحالة النفسية.

طبيعة الانتباه:
مهما كانت ذاكرتك قوية وجيدة ودقيقة وقدرتك على تركيز انتباهك قوية، تبقى هناك حقيقة وهي أن الصفة المشتركة في أي مناقشة حول الانتباه هو مدى الهشاشة والضعف الكامن به، فلا يزيد متوسط مدة انتباه مجموعة من المستمعين عن عشرين دقيقة وهي السبب في أن كافة المتحدثين الجيدين يدركون أن عليهم تقديم الجزء الأكثر أهمية من رسالتهم في البداية ليكون بإمكانهم إحداث تأثير في مستمعيهم.
يدرك المتحدثون الجيدون أنه بعد العشرين دقيقة الأولى، يتعين عليهم توظيف استراتيجيات جذب الانتباه: الوقفات الطبيعية، تغيير السرعة ونبرة الصوت، الحكايات الجيدة، والقصص المضحكة، أو النشاط المسلي والمثير للانتباه.

لا تشتت انتباهك:
يمكن قياس الانتباه بطريقتين: قدرتنا على تجنب تشتيت الانتباه، ومقدرتنا على المحافظة على التركيز على مدى فترة معينة، في حين يجيد الناس توجيه انتباههم إلى مصدر واحد، إلا أن هناك دلائل على أن المعلومات التي لا يتم الانتباه لها تكون قيد التحليل، على سبيل المثال في اجتماع مثلا يرجح أن ينتبه شخص يركز على حوار ما إذا ما تحول حوار آخر يجري بالقرب منه فجأة إلى نف الموضوع.

وعلاوة على ذلك حتى وإن كان بإمكانك التلاعب والقيام بخمس أو ست أنشطة في نفس الوقت، سيكون من المستحيل تذكر الكثير مما يحدث أثناء قيامك بها، أفضل طريقة لتتذكر حقيقة أو حدثًا ما هي أن تركز على المعلومات أثناء عملية التعلم أو الإدراك.

ومن بين مشتتات الانتباه أيضًا عوامل بدنية مثل: التعب والإرهاق وقلة النوم والاستجمام وسوء التغذية واضطراب مواعيد الطعام وإفرازات الغدد الصماء، ومنها عوامل نفسية أخرى مثل: اجترار المتاعب والآلام والإسراف في التأمل الذاتي، ومنها عوامل اجتماعية مثل: المشاكل العائلية أو المالية وكذلك عوامل فيزيائية مثل: عدم كفاية الإضاءة وسوء التهوية وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة أو ارتفاع درجة الضوضاء.

الاسترخاء والانتباه:
يتعرض كل منا للإحباط وخيبة الأمل من محاولة تذكر شيء نجده يتحرك على حافة الذاكرة دون أن يتشكل تمامًا، يمكن أن تكون هذه الظاهرة مشكلة حقيقية في استرجاع الكلمات وهي شكوى شائعة خاصة عندما يتقدم بنا العمر، وفي معظم الأوقات تحاضرنا كلمة مشابهة بدلًا من المطلوبة الأمر الذي يزيد من خيبة الأمل، وجدت الدراسة أن ظاهرة "على طرف اللسان" تحدث عادة عندما تحاول تذكر اسم العائلة لشخص ما أو اسم علامة تجاربة أو اسم شيء ما، وفي حوالي 50% من الأحيان تتذكر الكلمة في أقل من دقيقة.

لا يعرف العلماء على وجه التحديد لماذا تحدث هذه الظاهرة؟ بالرغم من أنه ربما تكون لذلك علاقة بتعرض نظام الاسترجاع لتقدم السن أو بطء في عملة التمثيل الغذائي وتحدث هذه الهفوات بشكل غير متوقع وعادة تتعلق بكلمات نادرًا ما تستخدم، ولكن هذه النوع من هفوات الذاكرة أمر عادي.

إذا كنت تعاني من هذه المشكلة عليك أن تفهم أن أفضل فرصة أمامك لتذكر الكلمة هي الاسترخاء، بدلًا من الذغط على دماغك ليأتيك بالكلمة، ما عليك سوى أن تأخذ الأمور ببساطة وتتراجع وتستبدلها بكلمة أخرى، إذا تصرفت وكأن الفشل في تذكر الكلمة ليس بذي أهمية فإنها تصبح فعلًا أقل أهمية من الناحية النفسية.