يعتبر القرار الإداري تصرفاً قانونياً أو نظامياً ووسيلة من وسائل الإدارة لتحقيق أغراضها وأهدافها حيث يقوم القرار الإداري بدور كبير في مجال العملية الإدارية، فالقرار هو الذي يؤمن القوى البشرية والوسائل المادية اللازمين للعملية الإدارية كما أن القرار هو الذي يبلور التوجهات والسياسات إلى أمور محسوسة كما يعدل الأخطاء ويقوم الاعوجاج في مسار تلك العملية، كما أنه يوضح الالتزامات ويكشف الحقوق ولأهميته عهد بإصداره إلى المستويات العليا في الهرم الإداري حيث تعتبر عملية إصدار أو صنع القرار من الوظائف الأساسية للوزراء والوكلاء والمدراء ونحوهم، كما أن هذه العملية تضمن طابعاً تنظيمياً لكون القرار وإن كان يصدر باسم أحد المسئولين إلا أنه ناتج عن جهود مجتمعة.
لذلك فإن القرار في الغالب يكون خياراً واحداً من عدة بدائل مطروحة قبل صدوره حيث يقوم المسئول إما بصفة منفردة أو بالتشاور مع غيره باختيار أحد هذه البدائل لكونه الأقرب لتحقيق الهدف الذي من أجله نبعث فكرة القرار ولذلك فإن القرار قبل إصداره يمر بعدة مراحل هي:
* مرحلة الماضي الذي بدأت فيه مسببات فكرة القرار حيث يتم في هذه المرحلة حصر المشكلة أو الباعث للقرار ثم جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بها.
* مرحلة الحاضر، وفيها يتم تدارس المعلومات والبيانات التي جمعت حول موضوع القرار ثم تحديد البدائل التي يعتقد مناسبتها لمعالجة المشكلة أو موضوع القرار، حيث يتم تدارس هذه البدائل بحيث يتم ترجيح واحد منها أو أكثر ثم تعرض للمسئول الذي يختار منها ما يعتقد أنه الأقرب لتحقيق الأهداف وخدمة مصلحة العمل وذلك بحكم خبرته ومسئوليته، حيث يتم إصدار القرار بالبديل الذي اختاره المسئول.
* مرحلة المستقبل وفيها يتم تنفيذ القرار الذي صدر على أثر الجهود التي بذلت في المرحلتين السابقتين، كما أنه من الضروري أن يصاحب عملية التنفيذ عملية متابعة للتأكد من أن التنفيذ يتم حسب ما أورده القرار.
من ناحية أخرى ليس بالتأكيد التقيد بهذه المراحل في عملية إصدار القرار الإداري فهناك أحيانا حالات غير واضحة يتم بسببها إصدار القرار دون مراعاة للمراحل سالفة الذكر ومن هذه الحالات:
* حاجة مفاجئة تتطلب التقرير فيها بشكل سريع.
* كون السبب الحقيقي لاتخاذ القرار غير واضح ومعروف.
* ميل بعض المديرين إلى التكتم على اتخاذ القرار للتأكد من عدم وجود اعتراض عليه في المستقبل.
ومع ذلك فإن عملية إصدار القرار ينبغي ألا تخضع للصدفة أو تكون بعيدة عن ظروف العمل وأن تكون في حدود قدرات القائمين على إصداره وأن يكون له درجة من الدوام والاستمرار وهو ما يعرف (بمبدأ الالتزام) فالمدير عندما يتخذ قراره فإنه يعتبر مسئولاً عن درجة صحته ونجاح هذا المدير في عمله مرهون بما تحققه قراراته من نتائج إيجابية كما أن استخدام المنطق والتفكير السليم في صنع القرار يؤدي إلى تحقيق الأهداف باختيار أفضل البدائل وذلك على ضوء الأنظمة المعمول بها والعلاقات المتداخلة في مشروع القرار.
والقرارات أنواع سواء من حيث موضوع القرار أو من حيث من قام بإصداره ومن أهمها ما يلي:
* القرارات التنظيمية أو اللائحية وهي التي تتضمن قواعد عامة تطبق على فئة معينة أو على العديد من الفئات من المواطنين أو الموظفين وتتصف بالعمومية والبعد عن الارتباط بأي حالة معينة كلوائح الموظفين ولوائح العمال وضوابط الاشتراك في مرفق الماء أو الكهرباء أو الغاز، وهي تصدر في الغالب من هيئات جماعية وليس من مسئول واحد فمثلا لوائح الموظفين تصدر في بلادنا من مجلس الخدمة المدنية أو مجلس التعليم العالي بالنسبة لمنسوبي الجامعات أو من بعض مجالس إدارات المؤسسات العامة بالنسبة لموظفي هذه المؤسسات كما أن بعض هذه القرارات قد يصدر من مسئول واحد كاللائحة النموذجية للجزاءات والمكافآت التابعة لنظام العمل والعمال والتي صدرت من قبل معالي وزير العمل والشئون الاجتماعية.
* القرارات الفردية، وهي التي تتعلق بحالة شخصية وتصبغ على صاحبها مركزاً نظامياً معيناً كالقرار الخاص بتعيين أحد الأشخاص أو ترقيته أو معاقبته وقرار قبول الطالب في الجامعة وقرار منح الجنسية لأحد الأشخاص وهذا النوع من القرارات يصدر في الغالب من مسئول واحد كما أن مفعوله ينتهي بانتهاء الغرض منه.
* القرارات الأساسية والروتينية، فالقرار الأساسي يتعلق بالأمور الهامة المرتبطة بجوهر نشاط الإدارة أو المؤسسة وتتطلب عادة بذل الجهود لدراستها قبل إصدارها، أما القرارات الروتينية فهي المتعلقة بالحالات المساعدة التي تتكرر يومياً في مجال العمل.
من جانب آخر هناك العديد من الأمور الهامة في مجال صنع القرار وهي:
* اختيار توقيت مناسب لإصداره سواء بالنسبة لمصدر القرار أو للمعنيين به من مرؤوسين وأفراد خاصة تلك القرارات ذات العلاقة بالنشاط الأساسي لعمل الإدارة أو المؤسسة فالمرؤوسون يرغبون معرفة وقت صدور القرار لتحديد دورهم في تنفيذه، والأفراد من أجل معرفة ما يعنيهم فيه، وترجع أهمية توقيت القرار إلى أن هناك قرارات يلزم اتخاذها في لحظات وقرارات بعكس ذلك قابلة للتأجيل لأيام أو لأشهر.
* تحديد وقت إبلاغ القرار للآخرين وبالذات المعنيين بتنفيذه والمتأثرين به، فمن ناحية يجب المسارعة في إبلاغ القرار للجهات المعنية به بالإدارة أو المؤسسة حتى لا تفاجأ به من قبل الآخرين ومن ناحية أخرى يجب وضع استراتيجية لإبلاغه للمتأثرين به فمثلا إذا قررت الإدارة ترقية أحد الأشخاص وعدم ترقية شخص آخر فينبغي اختيار الوقت المناسب لإبلاغ الطرفين لكون ذلك يتعلق بنواحي شخصية ولتلافي الانعكاس السلبي المفاجئ على غير المُرَقَّى.