السلام عليكم ..
هذه نظرة سريعة على منظومة الآداب لابن عبد القوي _ رحمه الله _ وقد افتتحها بقوله :
بحمدك ذي الإكرام مارمت أبتدي
كثيراً كما ترضى بغير تحددي
وصلِ على خيرِ الأنامِ وآله
وأصحابِه من كل هادىٍ ومهتدي
وبعدُ فإني سوف أنظمُ جملةً
من الأدبِ المأثورِ عن خير مرشد
من السنة الغراء أو من كتاب من
تقدس عن قول الغواة و جُحَّدِ
ومن قول أهل العلم من علمائِنا
أئمة أهل السِّلم من كل أمجد
لعل إله العرش ينفعنا به
وينزلنا في الحشر في خير مقعدِ
إلى من له في العلم والدين رغبةٌ
ليُصغِ بقلبٍ حاضرٍ مترصدِ
ويقبل نصحاً من شفيقٍ على الورى
حريصٍ على زجر الأنام عن الرَّدي
فعنديَ من علم الحديث أمانةٌ
سأبذلها جهدي فأهدي وأهتدي .
إلى كل من رام السلامة فليصن
جوارحه عما نهي الله يهتدي

فكانت أول وصية في هذه المنظومة صون الجوارح عمّا حرم الله ثم قال :

يَكبُّ الفتى في النار حصدُ لسانه
وإرسال طرف المرء أنكى، فقيِّدِ

هذا إشاره إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم منظومة الآداب لإبن عبد القوي وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخر هم إلا حصادألسنتهم ).
وإرسال طرف المرءِأنكى فقيّدِ: يعني قيّد طرفك .. لا تُصب بطرفك الحرام، ولاتنظر إلى ماحرم الله عليك.
وطرف الفتى يا صاح رائد فرجه
ومتعبه فاغضضه ما استطعت تهتدي
يعني إطلاق النظر يؤدي إلى الوقوع في الزنا. ومتعبه فاغضضه: يعنى الذين وقعوا في العشق والتعلق بالصور والأشكال ،من أيّ جهه أوتوا ؟! من النظر فأورثه التعب النفسي لأنه أصيب بالعشق. وخصوصاً إذا عشق امرأة متزوجه أو لاقدرة له على الوصول إليها فما ذايكون حاله ؟! في غاية التعب والسوء ، ولذلك قال :
وطرف الفتى ياصاحِ رائدُ فرجِه ومتعبه فاغضضه ما استطعت تهتدي..
ثم يقول رحمه الله:
و يُحرَمُ بُهتٌ و اغتيابُ نميمةٍ وإفشاءُ سرٍّ ثم لعن مقيّدِ
البهتان حرام ، إذا قلت في أخيك ما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهتّه ، قوله (نميمةً) أي يحرم المشي بين اثنين للإفساد بينهما بالكلام. وكذلك إفشاء السر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال منظومة الآداب لإبن عبد القوي المجالس بالأمانة ) إذا حدّث الرجل حديثاً ثم التفت فهي أمانة فكذلك إذا استودعك سراً لا يجوز إفشاؤه . ثم لعنُ مقيّد: يعني لا يجوز لعن المُعَيَّن ..إلاّ إذا كان ممن لعنه الله بعينه كإبليس وأبي جهل وأبي لهب وقد ماتوا على الكفر ..فهؤلاء يجوز لعنهم ، لكن اللعن لا يجوز للمعين ولو كان كافرأ على الصحيح لأنه قد يموت على الإسلام فيكون غير مستحق للعن، فإذاً لا نلعن المعيّن، و لكن لو لعنت الجنس فقلت : ألا لعنة الله على الكافرين .. ألا لعنة الله على الظالمين .. ألا لعنة الله على الكاذبين . فلا بأس ، لكن "لعنة الله على فلان" أو"لعن الله فلاناً" بعينه .. لا يجوز إلا إذا لعنه الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .
ثم يقول:
وفحشٌ ومكرٌ و البذا وخديعةٌ وسخريةٌ والهزءُ والكِذبُ قيِّد .
البذاء: أي الألفاظ البذيئة .
قيّد: يعني قيّد نفسك عن هذه الأشياء ولا تطلق لسانك فيها .

بغير خداع الكافرين بحربهم وللعرس أو إصلاح أهل التنكّدِ
إذاً الكذب يجوز إذا كان في خداع الكافرين في الحرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الحرب خدعة).
أما معنى " وللعرس أو إصلاح أهل التنكّد "فجواز كذب الرجل على زوجته إذا خشي شقاقها أوأن تغضب عليه ، وإصلاح أهل التنكّدِ : الإصلاح بين المتخاصمين .
ويحرم مزمارٌ و شُبَّابَة و ما يضاهيهما من آلة اللهو والرَّدي
ذكر تحريم آلات اللهو والمعازف سواءً كان لها أوتارٌ أو ليس لها أوتار ، مزمار ، أو طبل،أو شبّابّه. كل ذلك حرام ، حتى لو ما كان معها غناءٌ ولذلك قال في البيت الذي بعده:
ولو لم يقارنْها غناءٌ جميعُها فمنها ذو الأوتار دون تقيدِ
لا تُقيد بالأوتار لكن ذوات الأوتار كالعود والكامنجا والشبّابّه والربابه داخلةٌ فيها.
ولا بأس بالشعر المباح وحفظِه وصنعتِه من رَدّ ذلك يعتدي
القاعده في الشرع أن الشعر حسنُه حسنٌ وقبيحُه قبيح ، وإذا كان لنصرة دين الله يكون عبادة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسّان منظومة الآداب لإبن عبد القوي أهجهم و روح القدس معك) ، يعني جبربل يؤيدك و يثبتك ويناصرك :
" صنعته " يعني: لو صنعه ونظمه أيضاً .
" من ردّذلك يعتدي ": يعني من يحرّم الشعر كله حتى المباح فهو معتدي مجانب للصواب.
فقد سمع المختارُ شعر ِصحَابِهِ وتشبيبِهم من غير تعيين خُرَّدِ
يعني الشعر الذي فيه غزلٌ عفيف دون ذكر إمرأةٍ بعينها ، ودون الوصول إلى درجة الكلام على العورات و الأعراض وإثارة الشهوات .
وحظر الهجا والمدح بالزور والخنا وتشبيبه بالأجنبيات أكِّدِ .
الهجاء حرام في الشرع . وكذلك المدح بالباطل - وهو عمل الشعراء لأنهم يمدحون لأخذ الأموال - " بالزور " قيّدَه بالزور لأن المدح الحق بما هو في الممدوح لا بأس به كما مدح النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والخلفاء الراشدون.
ووصف الزنا والخمر والمُرْدِ والنسا الفتيِّات أو نوح التسخط ُمورِد .
ووصف الزنا والخمر كشعر نزار قباني وغيره من الفتانيّن في هذا الزمان. ولو عمل الشعر نياحةً فهو حرام .
وأمرك بالمعروف والنهي يا فتى عن المنكر اجعل فرض عين تُسدَّدِ

جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين.
على عالم بالحظر والفعل لم يقم سواه به مع أمن عدوان معتدي .
على عالم بالحظر: أي ينبغي أن يكون عالماً فيما يأمر به ، عالماً بما ينهى عنه، مع أمن عدوان معتدي فبين أنه لو كان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مهدد بالضرب أو السجن إن فعل ذلك فإذا سكت عن الأمر والنهي فلا يأثم لأنّه مكره ، لكن لو صبر وأمر ونهى فهو مأجور فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جاهل فأمره ونهاه ، فقتله) . ثم قال :
وأنكر على الصبيان كل محرمٍ لتأديبهم والعلم في الشرع بالرد .
ولو رأى المؤمن مع صبيّ مزمارا ، فلا يقل هذا صغيرٌ غير مُكَلَّفٍ. بل يأخذه منه ولابدّ نزعه منه وأعطاه لوليّه ، وقال له لا يجوز لك أن تلبسه ذهباً ، ولا يجوز للصبي أيضاً أن يُلبس ثوباً مسبلاً ولا يجوز لوليه أن يفعل به ذلك . فالصبيان هل ينكر عليهم ؟.. الجواب: نعم .
وبالأسهل إبدأ ثم زد قدر حاجةٍ فإن لم ُيزل بالنافذ الأمرُ فاصددِ.
بالأسهل ابدأ " أي لا تبدأ بالضرب مثلاً ! بل يُبدأ بالكلام الطيب .. بالحكمة .. بالرفق .." ثم زد قدر حاجة " ، على قدر الحاجة تعلو الوتيرة في الإنكار حتى يُزال المنكر . فإذا لم يستجب لك ولا استطعت أن تغيّره بيدك ، فاصدد عنه ، ولا تجلس في مكان المنكر، فإن ذلك لا يجوز.
إذا لم تخف في ذلك الأمر حيفةً إذا كان ذا الإنكار حتمَ التأكد .
لأن بعض الناس قد يكون له سلطان فإذا فعل به ما فعل في مجلسه أوانكر عليه فآذاه ، فيسقط وجوب الانكار حينئذْ .
ولا غرم في دف الصنوج كسرته ولا صوَر أيضاً ولا آلة الدَّدِ .
"الصنوج " هذ الطار الذي له ِحلَق معدنية إذا هزها ضربت الحلق بعضها بعضاً فأصدرت صوتاً فهذا لا يجوز ،والدف المباح للنساء في الأعراس هوالدف المُعتاد الذي ليس له حِلق .. فإذا استعملوا دفاً آخر لم يجز . وإذا كُسِرَ الطبل أو العود لا غُرْمَ عليه .. ولا يستطيع صاحبه أن يشتكي إلى القاضي أو يقول إضمنه لي .. فلان كسر عودي .. أو كسر طبلتي ..فلاغرم في ذلك .
"ولا صور أيضاً " :يعني التماثيل فلو أتلفها فإنه لا يضمن الثمن ولا يستطيع أن يقول كسرت تمثالي هات قيمته . " الدد" هو اللهو وآلة اللهو .
وآلة تنجيم و سحر و نحوه وكتب حوت هذا وأشباهه أُقددِ
و مثل ذلك لعبة الآن موجودة في الأسواق . حدّثونا عنها بأنها عبارة عن لوحةٍ تحوي أحرف اللغة الإنجليزية وأرقامها ، كما تحتوي على سهم من البلاستيك ذي الاتجاه ، بحيث يضع المرء أصبعيه عليها ، ويُستحسن أن تكون معه إمرأة ؟! -هكذا يقولون في تعليمات اللعبة ؟!- حيث تضع أصبعيها أيضاً على هذه القطعة البلاستيكية ثم ينادي المرء الجنيّة، وتقول يا فلانه هل حضرت؟! فيشير هذا السهم إلى إشارة نعم أو لا - و مكتوب على اللوحة نعم أو لا- وبعد ذلك يقول مثلا : ما إسمي ؟ فتشير إلى الحرف الأول من إسمه -حيث يتحرك المؤشر لوحده- كم عمري ؟ فتتحرك إلى الثلاثة والسبعة مثلا أو إلى الأربعة والصفر.. لتشير إلى عمره !!، كم عدد أولادي ؟ ونحو ذلك .. وهذه اللعبة قد أفتتن بها أشخاص مع أنها من السفاهات والسذاجات ولا تدخل في عقل عاقل .. وهي تباع في بعض المحلات هنا . وكان سعرها سبعين ريالاً .. ولما ازداد الطلب عليها من الناس الذين عندهم قلة دين وعقل صارت الآن بمئة وأربعين..وأكثر من مئة وأربعين . وقد أتى لي أحدهم بهذه اللعبة فقلت : الآن لو قمنا بتشغيلها فهل تشتغل ؟ قال : لا.. إذ بمجرد عزمنا على إحضارها إلى الشيخ كفت عن العمل؟!!
فهذا مثل حيٌّ من الخرافات و الخزعبلات الموجودة بين الناس، وبعض الناس يصدقون بها فعلاً.. وهناك أيضاً ما يسمّى بلعبة الفرجار والإبرة ..وفيها إشارة " نعم" و"لا ".. وينادون الجنية –بزعمهم – أو الجن على أساس أنها تشير لهم على الأجوبة .. ويقال أن طالبة سألت اللعبة : ما هي أسئلة إختبار القرآن غداً ؟! فأعطتها أرقام السور.. وجاءت مثل ما قالت !! وكلامٌ كثيرٌ من ذلك!! .. فيقول الناظم - رحمه الله -: " وكتبٌ حوت هذا واشباهه أقدد" :
اقددِ : يعني مزِّقْ ، مثل كتاب "شمس المعارف" وغيره من الأشياء التي فيها تعليم السحر وتحضير الأرواح .. وتحضير الجن وغير ذلك .
وأضاف إليها الشيخ محمد السلمان أبياتاً من عندة مثل:
و قلت كذاك السينماء و مثلُه بلا ريب مذياع وتلفاز معتد
و أوراق ألعاب بها ضاع عمرهم وكرامتهم مزق هديت وقددِ
كذا بكمانٍ و الصليب و مزمرٍ وآلة تصويرٍ بها الشر مرتدي
كذاك دخان و شيشة شربه وآلة تطفاة له اكسر و بددِ
ثم يقول الناظم رحمه الله :- عودة إلى المنظومة الأصلية -
وهجران من أبدى المعاصي سنةٌ وقد قيل أن يردعه أوجب وأكدِ
كما دلّ عليه حديث كعب وغيره . فإذا كان الهجران يردع صاحب المعصية فإن الهجران في حقه واجب ..
وقيل على الإطلاق مادام معلِناً ولاقه بوجه مكفهرّ معربد
يعني مادام معلناً بالفسق سواءً كان يؤثر فيه الهجر أولا يؤثر فيه .. فأهجره وغيّر وجهك عليه لأنه صاحب منكر مجاهر به. فإذا كان الهجر لا يزيده إلا سوءاً فما حكم الهجر ؟ لا يجوز . لأن الهجر قائم مع قاعدة المصالح والمفاسد .
ويحرم تجسيس على متستر بفسق وماضي الفسق إن لم يجددِ

يعني أن المتستر بالفسق لا يجوز التجسس عليه في بيته ، ومن ثبت في ماضيه فسق سابق وماضي لا يجوز التجسس عليه مادام لم يرجع إلى فسقه السابق - حتى وإن كان صاحب سوابق مظهراً توبته-
وحظر إنتفا التسليم فوق ثلاثةٍ على غير من قلنا بهجرٍ فاكّدِ
يعني لا يجوز أن تهجر أخاك فوق ثلاثة أيامٍ لا تُسلم عليه.
على غير من قلنا " كالمعلن بالمعصية ، والمبتدع " حيث تهجره فوق الثلاثة والشهر والسنة حتى يرتدع.
و كن عالماً أنَّ السلام لسُنة وردُّك فرضٌ ليس ندباً بأوطدِ
ويجزئ تسليم امرئ من جماعة ورد فتى منهم عن الكل ياعدي .
لو سلم واحد من الجماعة على قوم جالسين فرد واحد من الجالسين أجزأ هذا عن هؤلاء وهذا عن هؤلاء .
و تسليم نزرٍ والصغيرِ وعابرِ سبيلٍ وركبانٍ على الضد أيّدِ
يعني بهذا الأدب تسليم القليل على الكثير ،والنزر: يعني القليل ، والصغير يسلم على الكبير .. والماشي يسلم على القاعد ، والراكب يسلم على الماشي .. على الضد .
و إن سلَّم المأمور بالرد منهم فقد حصل المسنون إذ هو مهتدِ
وسلَّم إذا ما قمت من حضرة امرئٍ وسلَّم إذا ما جئت بيتك تهتدي

إذا زرت شخصاً وأردت أن تغادر فسلّم عند المغادرة . وإذا دخل المؤمن بيته فليسلّم على أهله: ) فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة([النور:61].
وإفشاؤك التسليم يوجب محبةً من الناس مجهولاً ومعروفاً إقصدِ
ولذلك يخطئ كثير من الناس اليوم ،فإذا سار لايسلم إلاعلى من يعرف ، ويجب إفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف . وذلك لأن إفشاءك التسليم يوجب محبة من الناس مجهولاً ومعروفاً، و اقصد: أي سلّم على من عرفت ومن لم تعرف ، والسلام على الذين تعرفهم فقط من أشراط الساعة ، وهو أمرٌ مذموم .
وتعريفهُ لفظ السلام مجوّز وتنكيرهُ أيضاً على نص أحمدِ
يعني لو قلت: سلامٌ عليكم، أوالسلام عليكم ، تنكيراً أو تعريفاً.. فكل ذلك صحيح .
و سنة إستئذانه لدخوله على غيره من أقربين و بٌعَّدِ
يشير هنا إلى وجوب الإستئذان قبل الدخول على الأقربين والأباعد، فلو أردت دخول غرفة أمك -التي هي أمك- وهي فيها ، فلا تدخل حتى تستأذنها.. فهل تحب أن تراها على عري ؟! وكذلك الأبعدين-من باب أولى- فلا تدخل عليهم حتى تستأذنهم .
ثلاثاً و مكروه دخول لهاجمٍ و لاسيما من سفرة ٍ وتبعُّدِ
يعني الإستئذان ثلاثاً ، "لهاجم " يهجم أي يدخل من غير إستئذان ، حتى ولو كان الزوج ، لا يهجم على البيت وإنما يستأذن وخصوصاً إذا أتي من سفر حتى لا يقع على مايكرهه من زوجته ، وإنما يمهل حتى تستحد المغيبة، يعني تأخذ من شعرها الذي يسبب الرائحة الكريهة، وتمتشط الشعث ، وتتهيأ بالتزيُّن لزوجها ، حتى لايراها في حال ربما تشمأز نفسه منها .
ووقفته تلقاء با بٍ و كوّةٍ فإن لم يُجَب يمضي وإن يخف يزددِ
يشير هنا إلى النهي عن الوقوف تلقاء الباب مباشرةً ، فإذا فُتَحَ رأى من بالبيت ، والواجب أن يقف على جنب بحيث لو فُـتَحَ الباب فإنه لايرى ما لا يحل له رؤيته من بيت أخيه المسلم.
"وكوةٍ ": أيضاً النافذة أو الثقب .
" فإن لم يُجَب " : أي إذا استأذن ثلاثاً ولم يُستجب له ، فالواجب أن يمضي، يعني ضربت الجرس ثلاث مرات أو قلت السلام عليكم ثلاث مرات فإن لم يؤذن لك فامض في طريقك.
"وإن يخف يزددِ": أي إذا ظن أنهم لمّا يسمعوا إستئذانه فيجوز لك أن تزيد على الثلاث .
وتحريك نعليه وإظهار حسه لدخلته حتى لمنزله اشهدِ
كماجاء عن ابن مسعود أنه كان إذا جاء عند باب بيته تنحنح حتى يَعلم أهل البيت أنه داخل.
وصافح لمن تلقاه من كل مسلم تناثر حطاياكم كما في المُسَنّدِ
المصافحة سنّة وبها تتناثر خطايا المسلمين .
و ليس لغير الله حل سجودنا و يُكره تقبيل الثرى بتشدّدِ
أما السجود فلا يجوز لغير الله . "وتقبيل الثرى بتشدد": إذا قبّل الأرض وسجد يصير الحرام أكثر وأشد، كان سجود التحيه في من قبلنا من الأمم كما سجد إخوة يوسف ليوسف أو أهل يوسف ليوسف، ولكن ذلك في شرعنا حرام ، ولمّا رجع معاذ من الشام وسجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، سأله النبي عليه الصلاة والسلام : ما هذا؟ قال رأيتهم يسجدون لعظمائهم وأنت أعظم من هؤلاء العظماء - أي أنت أولى بالسجود - فنهاه عليه الصلاة والسلام عن السجود ، وقال لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها .
وُيكرهُ منك الإنحناءُ مسلِّماً وتقبيلُ رأس المرءِ حلٌّ وفي اليدِ
الإنحناء عند السلام منهيٌ عنه ، ولفظة " ُيكره" تأتي بمعنى يحرم ولكن يستخدمها كما استخدمها الإمام أحمد -رحمه الله - ورعاً ، مثل ما يحدث من الإنحناء في بعض الألعاب الرياضية ، كالكراتيه وغيرها ، حيث ينحني بعضهم قبل بداية اللعبة ، و هذا حرام لا يجوز. "وتقبيل رأس المرء ": ويجوز تقبيل رأس العالم والوالد و كبير السن وكذلك تقبيل اليد .
ونزع يدٍ ممن يصافح عاجلاً وأن يتناجى الجمع من دون مفردِ
يعني يُكروه إذا صافحت أخاك أن تستعجل فتسحب يدك قبله ، وأيضاً يُنهي عن تناجي جماعة من دون أحدهم.
وأن يجلس الانسان عند محدَّثٍ بسرٍّ وقيل أحضر وإن يأذن أقعدِ
أي لا تجلس بين إثنين يتناجيان ..وإن استأذنت جاز أن تجلس إذا أُذن لك.. وقيل لاتاتِ أصلاً .
وكن واصل الأرحام حتى لكاشحٍ توخّر في عمرٍ و رزق و تسعدِ
"كاشحٍ" : يعني صاحب عداوة، "توخّرفي عمر" : أي يطول عمرك ، وتزداد رزقاً.
ويحسن تحسين لخلق و صحبة و لا سيما للوالدِ المتأكَّدِ
هذا حثٌ على حُسن الصحبة و مع الوالدين أولى وأوكد.
ولوكان ذا كفر، وأوجب طوعه سوى في حرام أو لأمرٍ مؤكّدِ
"ذا كفر" : الوالد حتى لو كان كافرا وجب طاعته والإحسان إليه إلاّ إذا أمرك بمعصية.
كتطلاب علم لا يضرهما به و تطليق زوجاتٍ برأي مجردِ
يعني لا تطيعه اذا أمرك بشي’ٍ مؤكد شرعاً كطلب العلم الذي تحتاج إليه و لايضرهما . ولو قال لك طلق زوجتك برأي مجرد عن الأسباب الشرعيّة، حيث لم تفعل الزوجة شراً ولا أساءت خُلقاً .. فلا يلزمك طاعة والديك في هذه الحالة.
وأحسن إلى أصحابه بعد موته فهذا بقايا برّه المتعوّدِ
المراد الإحسان إلى أصحاب أبيك وأمك .." هل بقي من بر أبوي شيء أفعله بعد موتهما ". فأخبره عليه الصلاة والسلام :" أن تصل صديقهما من بعدهما" .
ويشرعُ إيكاء السقا وغطا الإنا وإيجاف أبواب و طف’ لموقد
تغطية الإناء بعد الشرب ، و" إيجاف أبواب" إغلاق الباب بعد ما تدخل البيت ، "طف’ لموقد": إطفاء السرج.
وتقليم أظفار و نتف لإبطه و حلقاً و للتنوير للعانة أقصدِ
"التنوير" : وضع النورة لإزالة الشعر ، والمقصود الإزالة سواءً كان بالحلق أو القص أو أي شيء من المزيلات أوالنورة.
وها قد بذلت النصُّح جهدي وإنني مقرّ بتقصيري وبالله أهتدي
تقضِّت بحمد الله ليست ذميمةً و لكنها كالدرّ في عُقد خردِ
"تقضَّت": يعني أنقضت القصيدة واكتملت أبياتها.
يحارُ لها قلب اللبيب وعارف كريمان إن جالا بفكر ٍ منضّدِ
فخذها بحرصٍ ليس بالنوم تد رِكن أهل النهى والفضل في كل مشهدِ
و قد كمُلت و الحمد لله وحده على كل حالٍ دائماً لم يُصددِ