: وظائف الإدارة.
الفصل الثالث:
أولاً :مفهوم التخطيط:
- مقدمة:
يمكن حصر الوظائف الرئيسية للإدارة في أربعة عناصر: التخطيط، التنظيم، التوجيه، والرقابة, وتمثل وظيفة التخطيط نقطة البدء لرجل الإدارة لمواجهة الأحداث والمتغيرات المستقبلية ومن ثم فإن محاولة التخفيف من مفاجآت هذه الأحداث والمتغيرات المستقبلية هو الدافع لعملية التخطيط، وفي هذا يقول فايول: " إن التخطيط يعني التنبؤ بما سيكون عليه المستقبل مع الاستعداد له".

- المسئولون عن التخطيط: والتخطيط بطيعته عملية مستمرة لا تتوقف عند حد إنجاز هدف معين وطالما ظلت هناك أهداف فلا بُد من وجود خطط. وإذا كان التخطيط وظيفة إدارية مستمرة فلا شك أنه من الناحية العلمية يجب أن ينصب على كل المستويات الإدارية (عليا، وسطى، إشرافية) أما من الناحية العملية فإن رجال الإدارة العليا الموجودين في قمة الهيكل التنظيمي يخصصون جزءاً أكبر من وقتهم لعملية التخطيط مما يخصصه اولئك بالإدارة والوسطى والإشرافية.
فالمدير يقوم منفرداً أحياناً بكل ما يتعلق بالتخطيط، وقد يقوم بالتخطيط مع الاستعانة بأفكار وآراء المرؤوسين التابعين له، بل قد يقوم المدير بوضع النقاط الأساسية التي يجب أن تحتويها الخطة مع تكليف المرؤوسين بوضع كافة تفاصيلها وفقاً للحدود التي رسمها وداخل الاطار المحدد مسبقاً، وقد يقوم المرؤوسين بوضع الخطط شريطة عرضها على المدير قبل تنفيذها لإعادة النظر فيها قبل اعتمادها ومعالجة ما يحتمل أن يكون فيها من أوجه القصور أو الثغرات.

- التخطيط بالمشاركة: هناك العديد من المزايا التي قد تنجم عن مشاركة المرؤوسين بالتخطيط من خلال أفكارهم ومقترحهاتهم وهي:
· إحساس المرؤوس بأهميته وبدوره وقيمته، الأمر الذي يرفع من روحه المعنوية ويجعله أكثر عطاءً.
· الوصول لخطط أكثر موضوعية وقدرة على تحقيق أهداف المنشأة مما يعود عليها بأفضل النتائج.
· تدعيم العلاقات الإنسانية، الأمر الذي يؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتحقيق أهداف المنشأة على المدى القصير والطويل.
· جعل الخطط أكثر مرونة وقبولاً من جانب الآخرين.
· الاستفادة الكاملة من الطاقات البشرية المتاحة داخل المنشأة.
· خفض الكثير من الجهد والوقت والتكلفة.
· تحقيق مبدأ علمي سليم متعارف عليه، يتمثل في إجراء الرقابة على الخطط ذلك أن الخطط والرقابة توأمان ولا جدوى من خطة موضوعه دون رقابة وكذلك لا جدوى من الرقابة الا إذا كانت هناك خطة موضوعه بالفعل. فهاتان الوظيفتان متكاملتان ومتلازمتان، والتخطيط بالمشاركة هو ترجمة حقيقية لتدعيم وثيق للعلاقة المركبة بين التخطيط والرقابة.

- الاطار الزمني للتخطيط: يمكن النظر لأنواع التخطيط وفقاً للإطار الزمني على النحو التالي: خطط طويلة الأجل. خطط متوسة الأجل. خطط قصيرة الأجل.
· الخطط طويلة الأجل: تتفق معظم آراء المتخصصين بأن المدة الزمنية للتخطيط طويل الأجل تغطي عادةً من 3-10 سنوات ويحدد فيها فلسفة المنشأة وأهدافها والبرامج الزمنية لتحقيق هذه الأهداف، وتعتبر الخطة بعد اعتمادها بمثابة الفلسفة التي تساعد الإدارة على الإجابة على كثير من التساؤلات والوصول إلى قرارات منسابة للعديد من الجوانب، مثل الموارد والاستثمارات اللازمة، مصادر التمويل، التقنية المستخدمة في الانتاج، الخدمات التي تقدّم. وأهم ما يميز هذه الخطة ما يلي:
أ*. أنها ذات خطوط عريضة وتتم بالمستويات الإدارية العليا.
ب*. المرونة.
ت*. تعتبر كمظلة تربط بين الخطط على مختلف المستويات التنظيمية.
ث*. تعتبر كإطار لتوجيه القرارات بالمنشأة.

· الخطة متوسطة الأجل: ومدتها قد تبدأ من سنة لأقل من ثلاث سنوات ويتمّ وضعها لأوجه النشاط الرئيسية في المنشأة كالانتاج والخدمات والبحوث والأفراد والتسويق وذلك لضمان تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد في ضوء الأهداف والسياسات والاستراتيجيات التي سبق وضعها بالخطة طويلة الأجل، ويتمّ وضعه هذه الخطة على مستوى الإدارة الوسطى، وتكون محددة بمجال وظيفي معين مع الاهتمام بالتفاصيل، وتتميز بالثبات نسبياً مقارنة بالخطط طويلة الأجل.

· الخطط قصيرة الأجل: يتم التخطيط قصير الأجل على مستوى الإدارة الدنيا، وفيه يتحدد الجدول اليومي أو الاسبوعي أو الشهري للعمل وكيفية أدائه ومن يؤديه وذلك على ضوء الأهداف المحدددة للخطة طويلة الأجل، وهو بمعنى أشمل، تفصيل أكثر للخطط متوسطة الأجل.
وهذه الخطط تكون أكثر فاعلية إذا تم ترجمتها لمعايير محددة كما ترتبط أساساً بإيجاد الميزانيات التشغيلية لكل نشاط من أنشطة العمل بالمنشأة، فإذا كانت مثلاً الخطة متوسطة الأجل للإنتاج قد حددت الميزانيات المطلوبة للعمال والمواد والآلات المستخدمة فإن الخطة قصير الأجل تتناول هذه الميزانيات بشكل أكثر تفصيلاً كعدد العمال المطلوبين من مستوى معين لأداء نشاط معين ومقدار الأجور المتوقعة.

- أنواع التخطيط: يجد المدير نفسه عادةً أمام أربعة أنواع من التخطيط، وكل نوع منها يعمل في مجال مختلف طبقاً للغرض منه، وهي:

· التخطيط من أجل أداء جديد: الأداء الجديد قد يكون إقامة مشروع أو التفكير في إنشاء قسم أو إدارة أو حدة عمل جديدة على المنظمة لكي يناط بها مهمة جديدة لم يسبق ممارستها من قبل، وهنا يكون المدير المخطط أمام تحد لقدراته وطاقاته، إذ يُنشيء شيئاً من العدم، وما يقتضيه التخطيط من نشاط وعمليات عمليات عقلية هنا قد يختلف عما تحتاج العمليات في أنواع التخطيط الأخرى، ومن أمثلة هذا النوع من التخطيط، إنشاء جهاز لبحوث التسويق في منشأة لم تكن تقوم بهذا النشاط من قبل، ويقتضي الأمر هنا أن يوضح المُخطِط اختصاصات هذا الجهاز ويرسم سياساته ويقرر له الإجراءات التي يسير عليها نشاطه، ويوضح كيف تدبر القوى البشرية وما يلزم من آلات وأدوات لمباشرة هذا النشاط، مع توظيف أهداف الجهاز الجديد والبرامج التي سوف يطبقها.

· التخطيط للتطوير أو للتحسين: من مهام المدير التطوير وتحسين أداء العاملين حتى ولو كان أداؤها مرضياً، وفي هذا يقوم المدير بإجراء الدراسات اللازمة التي يتبين منها اتجاه المنشأة وأجهزتها، لعله يجد سبيلاً لتطوير بعض النواحي لذلك النشاط، وقد يجد بعض المجالات المفيدة مثل تخفيض التكاليف بدون التأثير على جودة الإنتاج، أو إعادة تنظيم جهاز ما أو تبسيط إجراءات معقدة أو إجراء برنامج تدريبي للعاملين في جهاز ما لتحسين أدائهم وزيادة كفائتهم.


· التخطيط من أجل حل مشكلة: قد يجد المدير أن الأمور لا تسير بالمعدلات المطلوبة أو حسب المأمول، فيسح مثلاً أن هناك خطأ ما في إدارة أو قسم أو وحدة كأن يكون في الأفراد القائمين بالعمل أو نوعية السلعة المنتجة، أو المعدات المستخدمة، فمتى أحس أن هناك مشكلة تتطلّب حلاً، وأن من واجبه حلها، فيتحرّك للتعرف على حقيقتها وجمع المعلومات عنها وتحليل المعلومات والتعرف على الحلو البديلة لها ثم يتخذ قرار الحل حسب ما يراه ملائماً، ويضع الخطة التي من شأنها أن تضع ذلك الحل محل التطبيق، بالتعاون مع مساعديه أو من يعنيهم أمر القرار.

· التخطيط لعمليات رتيبة (روتينية) تتكرر: يتعلق بالعمليات التي من شأنها أن تتكرر دون تعديل في خطتها، ومن أمثلتها الميزانية والأعمال اليومية المتكررة.
ونظراً لتشابه الخطوات العملية اللازمة للأنواع المختلفة للخطط السابقة فسنقوم بعرض "التخطيط من أجل حل المشكلة" كمثال يُحتذى به عند النظر للأنواع الأخرى.
لا توجد أي منظمة أو منشأة لا تصادفها مشكلات، مهما كان احتياط مديرها للأمور، فلا يمكن أن يخلو الأمر عنده من أن تنبع مشكلة يرغب بحلها لإصلاح الأمور، ويجب ملاحظة أن الأمر بصدد مشكلات تشغيل وليس مشكلة عامة أو اثنتين، فالمشكلات التي نقصدها هنا هي التي تتطلب جهوداً تخطيطية محددة ومن أمثلتها ما يلي:
أ*. مشكلات الممارسة الإدارية: مثل تأخير الأوراق أو المعاملات أو ميزانيات غير كاملة أو منضبطة أو متأخرة، أو نظام حفظ غير سليم.
ب*. مشكلات الأداء: مثل الافتقار في الكم أوالكيف لأي عمل تقوم به الإدارة، أو تراخي بعض الأجهزة في إنجاز أعمالها.
ت*. المشكلات المالية: مثل زيادة التكاليف، مصادر التمويل، والانحراف عن ما ورد في الموازنة التخطيطية من أرقام، والعجز في إجراءات الأمن في المخازن، وعدم ضبط المخزون...الخ.
ث*. مشكلات شؤون العاملين: مثل زيادة معدل دوران العاملين (التسرب الوظيفي)، مما يحمل المنشأة أعباء مالية ومشكلات التأخير في الحضور للعمل أو التغيب عنه، أو انخفاض الروح المعنوية وكثرة الشكاوى، ضعف الانتاج الفردي، النقص في التدريب، وغير ذلك من اختيار موظفين وتدريب ومكافأة وترقية... الخ.
ج*. مشكلات العلاقات الداخلية: مثل وقوع صدام بين الإدارات المختلفة، أو حدوث تداخل في اختصاصاتها، ممايؤدي لتضارب بالأعمال وصراع يوقف التعاون الواجب ويضعف الثقة بين المديرين وبعضهم، أو حدوث خلافات بين العاملين ورؤسائهم، أو العاملين أنفسهم.
ح*. مشكلات العلاقات الخارجية: ما يحدث بين المنشأة وغيرها مما هو خارج نطاقها، مثل مشكلات المتعاملين وما يتصل بتسليمهم مشترياتهم بالمواعيد المقررة، وفقاً لشروط التعاقد، ومشكلات المستهلكين ووجهة نظرهم بالسلع، والمنافسة وأساليبها وحدتها..الخ.

ثانياً: عناصر التخطيط:
يتضح مما سبق أن أي خطة متكاملة يجب أن تقوم على سبع عناصر، هي:
· الأهداف.
· التنبؤ بالأحداث المستقبلية.
· البرامج.
· الإجراءات.
· الوسائل والأدوات اللازمة للخطة.
· الموازنة التخطيطية.

- الأهداف:
وتنقسم لقسمين، البعيدة والقريبة.
· الأهداف البعيدة: يجب التمييز دائماً بين الغرض – الذي يدلنا على السبب في إنشاء المنظمة أو أحد أجهزتها أو أحد وظائفها – وبين الهدف الذي يعد وصفاً لما تريد المنظمة أن تحققه، ومعنى ذلك أن الهدف أكثر تحديداً من الغرض، وهو في ذات الوقت أكثر قابلية للتحقيق والهدف البعيد هو تعبير واسع عن تحصيل نتوقعه في الأمد البعيد.
ويجب أن تتوافر في الأهداف البعيدة الشروط التالية:
أ*. أن تكون موقوتة، أي محدد وقت وقوعها.
ب*. أن تكون ممكنة التحقيق وفقاً للإمكانيات المتوافرة التي يمكن تدبيرها.
ت*. أن تكون واقعية، أي لا تكون مغرقة بالخيال أو جانحة نحو التفاؤل الذي يُعد حُلماً.
ث*. أن تثير اهتمام العاملين وتجعلهم يتحمسون لها.
ج*. أن تكون متآلفة مع بعضها، لا تتعارض إذا تعددت أو كثرت.
ولكي نزيد الشرح، فإن المنشأة الجديدة يجب أن يكون لها غرضاً عام واحد يتوقف على حجم الوحدة الإدارية التي ستقوم به، ويبنغي أن لا يتغير، هذا في حين أن الأهداف تتسم بالمرونة، ولذلك نجدها دائماً في حاجة للمراجعة، وعندما يتم التوصل لتحقيقها، فإنها تقود لتحقيق الهدف البعيد للمنشأة الجديدة، ويُلاحظ أن كلا من تلك الأهداف يتضمن نصاً على السياسات التي تتبع لتحقيقه.
فإذا كنت مثلاً بصدد إنشاء وحدة عمل مكتبية صغيرة فإنه يكفي في هذه الحالة ثلاثة أهداف تساعدنا للوصول لتحقيق الغرض الرئيسي:
1- الإعداد لخدمة الطبع بطريقة تعكس سمعة المنظمة من حيث الأناقة والنظافة والدقة والسرعة والصواب في وضع الكلمات وتركيب الجمل، وتجهيز المنسوخات حتى التوقيع من المدير المختص.
2- الإعداد والمحافظة على نظام حفظ سليم يقوم على أحدث الأدوات والأجهزة التي تضمن استمراره وسلامته وتنسيقه وسرعة أداءه.
3- إمداد الوحدة بسجلات منتظمة للبريد تحدد فيها أوقات وصول البريد مع بيان نوعه والجهة المختصة بنظره وموعد تحويله إليها، كذلك توضع فيها ملخصات للبريد الصادر والجهة المصدرة وموعد التصدير وما إلى ذلك.
كل هذه الأهداف تعتبر أكثر تحديداً من الغرض العامـ وكل هدف منها يصف الغاية التي تبغي المنشأة تحقيقها من إنشاء الوحدة الجديدة.

· الأهداف القريبة: يجب أن تترجم إلى تقديرات كمية ونوعية، أو كمية نوعية معاً، كما ينغي أن يوضع إطار لما ينوي المدير تحقيقه في تاريخ محدد، وهذه التقديرات هي التي تدل على النتائج التي ستحدث خلال فترة زمنية معينة، وكم أن الأهداف البعيدة تساعد على الوفاء بالغرض فإنّ القريبة تساعد على الوفاء بالأهداف البعيدة، وهناك فروقاً جوهرية بين الأهداف البعيدة والقريبة من أهمها:
أ*. أن الهدف القريب أكثر تحديداً من البعيد فيما يتعلق بما يُقصد الوصول إليه.
ب*. مدة الهدف القريب قصيرة وينتهي بالوصول للنتائج المرسومة، أما البعيد فهو الذي يعيش حياة المنشأة غالباً.
ت*. يحتوي الهدف القريب على قياسات كمية أو معدلات مئوية في معظم الأحيان، بينما البعيد أكثر عمومية.

هذا ويُشترط في الأهداف القريبة عدة شروط أهمها:
أ*. أن يكون بسيطاً في التعبير ويصف في يسر النتائج التي ترغب الإدارة تحقيقها.
ب*. أن يكون مفهومهاً لدى من سيقومون على تطبيقه.
ت*. أن تكون الخطوات التي تتخذ لوضعه موضع التطبيق واضحة تماماً.
ث*. أن يكون موقوتاً بوقت معين لإتمامه.
ج*. أن يكون محدداً واضح الكم ما أمكن.
ح*. أن يكون واقعياً يمكن تحقيقه فضلاً عن أن يكون قادراً على إثارة الاهتمام بالواجب لدى من يقومون عليه.
خ*. أن يتمشى مع غيره من الأهداف فلا يحدث تعارض أو تضارب بينه وبينها.
د*. أن يراعى فيه أقصى ما يُمكن من الاقتصاد بالنسبة للموارد والوقت مقارنةً بالأموال المستثمرة في سبيل الوصول إليه.

ومن هذا يتبين أن هناك تشابهاً كبيراً في شروط الأهداف بعيدة وقريبة المدى، بيد أن الاختلاف يتمثل في مدى أهمية كل منهما ودرجة ثباته وعمره الزمني، (مثال ص 72)

- التنبؤ بالأحداث المستقبلية: ويقصد به تلمس أحوال المستقبل بناءً على استقراء منطقي أساسي لأحداث الماضي، فالماضي يقود للمستقبل مع إضافة ما يمليه المنطق والتحليل العلمي، وفي مجال الأعمال يبدأ التخطيط كله بالتنبؤ بالمبيعات والعوامل التي تؤثر فيها بالزيادة أو النقصان. فالانتاج يتوقف على مقدار المبيعات والمشتريات والأرباح تكون نتيجة لها إذا ما تعرفنا على التكاليف، ولكي يتمّ التنبؤ بالمبيعات يمكن تأسيس المبيعات المستقبلية على هدي المبيعات بالعام الماضي خلال سلسلة زمنية معقولة، مع إضافة نسبة النمو الطبيعي، ومع مراعاة ما قد يجد من أحداث في المستقبل مؤثراً في المبيعات زيادة أو نقصاناً.
كذل قد يتم التنبؤ بالمبيعات على ضوء أحاسيس رجال الإدارة وما ينطبع في أذهانهم نتيجة لخبراتهم وتجاربهم السابقة، وتحمل هذه الطريقة في طياتها مخاطرة كبيرة حيث قد تخطئ.
وقد تلجأ منشأة الأعمال لطريقة أخرى إذا ماكان السوق الذي تمارس نشاطها فيه مستقرة، فتتعرف على نصيب المنشأة من حجم السوق الكلية كنسبة مئوية، فإذا أمكن التنبؤ بذلك من خلال أجهزة الدولة الاقتصادية والإحصائية، يمكن معرفة مبيعات المنشأة المستقبلية بدقة أكبر.
ويلاحظ هنا أن التنبؤ بالمبيعات شيء وهدف المبيعات شيء آخر، فالتنبؤ بها ينجم عن معرفة رقم المبيعات الذي يُنتظر أن يتحقق تلقائياً لو سارت الأمور مسارها الطبيعي، أما هدف المبيعات فيعبر عن الرقم الذي يسعى رجل الإدارة لتحقيقه، ويجند كل طاقاته لذلك.
ولهذا يجب تحديد العوامل المؤثرة بالخطط أولاً ومنذ البداية ثم إعطاؤها الاعتبار الكافي عند وضع الخطة وأهم العوامل مايلي:

أ. السياسات الحكومية: وهي مجموعة من الإجراءات تتخذها الحكومة تجاه العمل بأشكاله، بحيث يكون لها التأثير الكامل على حيوية ونشاط المنظمة فإما أن تكون الإجراءات مشجعة لها أو على العكس من ذلك، وتتمثل الاجراءات الحكومية في مايلي:
1- السياسات المالية الحكومية: وهي المتعلقة بالانفاق والاستثمار الحكومي سواءً بالتوسع أو الانكماش وعلى ضوء هذا الدور يخطط القطاع الخاص بارمجه وخططه إما بالتوسع أو الانكماش.
2- السياسات النقدية: وتتمثل في دور الهيئة النقدية والمشرفة على نظام وإصدار النقد بالدولة ومن خلال رقابة الحكومة على سعر الخصم على القروض فيما بين البنوك وهذه الهيئة أو البنك المركزي، أو سعر الفائدة السائدة في الأوساق النقدية والذي يكون للبنك المركزي دوره في تحديد حديه الأعلى والأدنى.
3- السياسات الضريبية: تتمثل في الإجراءات الحكومية في مجال فرض وجباية الضرائب ونجد هنا أن الاعفاء من أعباء هذه الضرائب على الآلات ومستلزمات الانتاج أو فرض ضرائب بمعدلات صغيرة يشجع المنظمات على التوسع الانتاجي بعكس الحال لو تحملت أعباء ضريبية كبيرة.
ب*. الظروف الاقتصادية العامة: وتلعب دوراً هاماً، إذ في ظل هذه الظروف السائدة وتحت ظل التنظيمات التجارية القائمة يبني رجل الأعمال تصوره عن مستقبل نشاطه إما توسعاً أو انكماشاً.
ت*. التنبؤات التجارية: وغالباً ما يقوم تقدير الظروف الاقتصادية المستقبلية على ضوء التنؤ بالأحوال التجارية المتوقعة، وهذه يمكن الوصول لها عن طريق عدة طرق إحصائية ورياضية إلى جانب قدر كبير من الخبرة والدراسة.
ث*. التنبؤات التقنية: وتقوم على فرضيات علمية أساسها قدرة العلم على إنتاج البدائل والطرق الحديثة في الانتاج والهندسة، وهذه التنبؤات أكثر ما تكون هامة للمنظمات العاملة في مجال الانتاج الهندسي والسلمي والإعلامي والثقافي.

- السياسات: ويقصد بها المبادئ والمفاهيم وأطر التفكير واتخاذ القرارات، وللسياسات أغراض تحققها من أهمها أن تعمل على توفير الجهود الإدارية إذ ترسم الدائرة الواسعة التي توضع البرامج وتقرر الإجراءات في نطاقها وعليه يتمّ التنفيذ. وهي مفيدة جداً في حالات الأعمال المشابهة والمتكررة، إذ توجه المدير نحو مواجهة ما يتكرّر أمامه من مواقف، وكذل في حال تفويضه صلاحياته لأحد ما، فيمكن لهذا الشخص العمل بحرّية كالمة ما دام يعمل في حدود السياسات المقررة.
والسياسات الحكيمة تسرع تحقيق الأهداف، إذ تضع أقصر الطرق لبلوغها كما أ،ها تساعد في وضع الخطط الفرعية، إذ توضع هذه في ظل السياسات المقررة بالإضافة إلى أنها تحقق التنسيق بين الأجهزة الإدارية حيث يعملون بسياسة محددة وواضحة، كما تكوّن صورة ذهنية طيبة عن المنشأة لدى الجمهور، إذ تميزها عن غيرها من المنشآت.
والسياسات أنواع، فمنها تلك التي يكون منصوص عليها بالنظام الأساسي للمنشأة وبعقد تأسيسها، كأن يتمّ تحديد نشاط المنشأة في الإنتاج فقط، فلا يصبح من أهدافها التسويق مثلاً، وبذلك تركز جهدها على نشاطها الرئيسي، وهناك السياسات العامة التي تضعها الإدارة العليا للمنشأة، وهي تدرو في فلك السياسة الأساسية، كأن تقرر المنشأة إنتاج أنواع محددة من السلع فقط، وهي سياسة مرنة يمكن تعديلها بواسطة السلطة التي أقرّتها، كذلك هناك السياسات التفصيلية التي يطلق عليها أحياناً السياسات الوظيفية أو التشغيلية أو سياسات الإدارات، وهي التي توضع كي تلتزم بها الوحدات الإدارية المعنية، مثل سياسات البيع بالتقسيط التي تلتزم بها إدارة المبيعات، وسياسة تصميم المنتجات التي لإدارة الإنتاج، وغير ذلك من سياسات البيع والشراء والتسعير،والنقل والتخزين والتمويل والإعلان والعلاقات العامة.
وفضلاً عن ما مضى توجد سياسات أخرى تسمى السياسات الضمنية وهي السياسات غير المكتوبة التي لا ينص عليها في سجلات المنشأة لكنها تكون بمثابة العُرف الذي جرى العمل به، وهي تنشأ نتيجة لمواقف سبق مواجهتها ومعالجتها بأسلوب معين، ثم تكررت حتى صارت سياسة ضمنية تلتزم بها المنشأة كلما تكررت تلك المواقف.
ويشترط في السياسة أن تكون مستوحاة من الهدف ومؤدية إلى تحقيقه، وأن تكون مقنعة لشتى المستويات الإدارية للمنفذين، وأن تكون محققة لمصالح شتى الأطراف المعنية بالعمل، فضلاً عن ضرورة أن تكون ممكنة التطبيق، وأن تنبع من واقع المجتمع وتتمشى مع قيمه ومثله، وأن تتصف بالمرونة لكي يمكن تطبيقها في شتى المواقف، ولا تقف عقبة أمام التطوير، وأن تكون مكتوبة ومعلنة فيما عدا السياسات الضمنية طبعاً.

- البرامج: عبارة عن خطط صغيرة محدودة النطاق منبثقة من الخطة العامة ويخصص كل برنامج منها لعمل معين، كبرنامج لحملة إعلانية، وبرنامج للتوسع في المبيعات، وبرنامج لتطوير إنتاج إحدى السلع. ويقتضي الأمر لوضع برنامج معين أن يحدد هدفه التفصيلي ثم تعيين الأعضاء والعمليات بالتفصيل الممكن، وترتب تلك العمليات ترتيباً منطقياً بحيث تتضح العلاقات بينها وتتكامل في مسيرتها نحو الهدف، ثم يقرر التوقيت الملائم للبدء في البرنامج وفي كل عملية، ويحسب الوقت الكلي لإنجاز البرنامج بأكمله، ثم يعين لكل عملية شخص مسئولاً عن إنجازها في وقتها المقرر.
وفي المنشأة الناهضة تترجم البرامج على هيئة خرائط زمنية تشبه الجداول، إذ تحتوي الخريطة على تفاصيل العمليات موضحاً أمام كل منها مسافات تبين الوقت الذي يستغرقه إنجاز كل عملية، ومدى التداخل الزمني بين بعض العمليات وكذلك الزمن لكلي اللازم لإتمام البرنامج كاملاً.

- الإجراءات: هي الأعمال التفصيلية الرتيبة التي تسير في طريق ثابت مرسوم والتي تسمى عرفا بالروتين، وهي ضرورية للأعمال التي من طبيعتها أن تتكرر والتي تتكون من مراحل أو خطوات او حركات تتوالى وراء بعضها منذ البدء حتى إنجاز العمل كاملاً.
والإجراءات يجب أن تكون مسلسلة ميسرة لانسياب العمل وتتسم بالمرونة بحيث لا تكون عقبة في طريق الإنجاز، بيد أنه للأسف كثيراً ما نجد بعض المنفذين يعوقون إنجاز أعمالهم بحجة أن الروتين يقتضي ذلك، وهذا أمر خطير لا يتمشى مع فلسفة الإجراءات، فالروتين هذا من صنع البشر، وُضع ليسهل العمل لا يعوقه، ولا يجوز أن تستبعد الإجراءات صانعيها، لذا فإنه إذا تبيّن أن الإجراءات معقدة بالواجب إعادة النظر فيها، وتبسيها بالقدر الذي يحافظ على سلامة العمل وسرعة تحقيق الأهداف.
ولكي توضع الإجراءات على أساس سديد، يحسن ان يتم الأمر على ست خطوات تبدأ بتحديد اسم العملية لتمييزها عن باقي العمليات (مثل إجراءات استصدار وثيقة تأمين)، ثم حصر ما يجب القيام به من أعمال أو حركات أو تحركات أو انسياب مستندات، بالتفصيل وتحليل الأعمال لأصغر جزئياتها، ثم ترتيب تلك الأعمال أو الحركات وراء بعضها بتتابع وتكامل، ثم تصميم النماذج والمستندات التي ستسخدم في إنجاز كل عمل تفصيلي أو في الربط بين كل عمل وآخر، أما الخطوة السادسة والأخيرة فهي توزيع الأعمال على عدد معين من العاملين ليختص كل منهم بعمل واحد كثير التكرار أو بأكثر من عمل تكراره قليل أو يوزع بحيث يختص على أكثر من عامل بعمل واحد يكررونه معاً، على أن يوضع بالحسبان الوقت الذي يستغرقه كل عمل ومدى تكراره، وبحيث إذا تتابعت الأعمال لا تتعطل في مسيرتها بسبب تكدسها عند بعض العاملين مما يؤخر من يتلونهم في الترتيب في القيام بواجباتهم.
ويبنغي أن يحدد لكل عمل تفصيلي الوقت الذي يستغرقه حتى يمكن حساب ما يستغرقه الإجراء كله إلى أن ينتهي العمل المطلوب.
ومما ييسر فهم الإجراءات ودراستها أن ترسم لها خريطة كالجدول يوضع بها بيان العمليات المطلوب القيام بها ثم يبين ما إذا كانت العملية حركة أو فحص أو انتقال أو انتظار مثلاً، مع تعيين الوقت اللازم لكل عملية والمسافة التي قطعها العامل أ, العميل إذا كانت العملية حركة، وفي العادة يرمز لكل نوع من العمليات برمز كأن يمثل الحركة دائرة والفحص مربع والانتقال خط والانتظار مثلث وهكذا، ثم يربط بين كل عملية وأخرى بخطوط توضح العلاقة بينهما.
هذا ويشترط في الإجراءات أن تكون منطقية بعيدة عن التعقيد ولا تؤدي إلى العمل الواحد بواسطة أكثر من عامل - إلا للأغراض الرقابية فقط - وألا تتعارض مع السياسات أو الأهداف المقررة، وأن تكون مسجلة ومعلنة على العاملين والمتعاملين على السواء، وأن تكون ممكنة التطبيق عملياً، كما ينبغي تدريب العاملين عليها تدريباً كافياً، وأن تجرب قبل وضعها موضع التنفيذ للتعرف على أوجه الاختناق فيها وإعادة النظر فيها إذا لزم الأمر.

- الوسائل والأدوات اللازمة للخطة: تعيين الوسائل والأدوات اللازمة لإنجاز ما ورد في الخطة من أعمال، والعمليات التي ينبغي إنجازها، وتشكل هذه الأوسائل والأدوات كافة القوى البشرية والمادية والمالية اللازمة لتحقيق الخطة من حالة سكون على الورق لحالة حركة وحياة سعياً وراء الأهداف. ويُفترض بالمدير أن يجري تقديراً لكل الوسائل بحصر ما هو متاح وما يلزم تدبيره، مع ترجمة ذلك رقمياً بالأعداد والأحجام والمساحات والأوزان.
ويلاحظ هنا أن هذا العنصر من عناصر التخطيط يرتبط ارتباطاً مباشراً بوظيفة التنظيم التي سنتناولها بالفصل الثاني.

- الموازنة التخطيطية: ويسميها البعض الميزانية التقديرية، وهي ترجمة رقمية للخطة عبارة عن كشف يشنل التقديرات العينية والمالية والنقدية لكافة المواد والاستخدامات ومختلف النتائج التي ستسفر عنها البرامج خلال فترة معينة (عام عند أغلب منشآت الأعمال)، وتتكون الموازنة التخطيطية عادةً من ثلاث موازنات متكاملة هي: العينية، المالية، والنقدية:
· الموازنة العينية: تشمل تقديراً كمياً عن وحدات من السلع أو الخدمات التي ستنتجها المنشأة أو تقدمها للمستهلكين، كما تشمل وحدات المستلزمات السلعية والخدمية اللازمة لتحقيق أهداف الانتاج أو المبيعات، كما تتضمن بياناً كمياً بالاحتياجات من القوى العاملة من إداريين ومنفذين.
· الموازنة المالية: ترجمة قيمية لما ورد بالموازنة العينية من أعداد أو كميات أو أوزان أو وحدات وما إلى ذلك من القاييس، ويعبر عن قيمة ما يرد من عناصر بالموازنة المالية بقيمتها النقدية، وتعد هذه الموازنة أداة لتحقيق التوازن بين قيمة الموارد والاستخدامات.
· الموازنة النقدية: تشمل التقديرات بالمقبوضات والمدفعوات النقدية خلال فترة الخطة، وتوضع على هدي الموازنتين العينية والمالية، والفرق بين المقبوضات والمدفوعات يثل الفائض أو العجز، مما يعطي صور عن الوضع التمويلي وحالة السيولة النقدية بالمنشأة عند تواريخ معينة هي المراحل التي تُجزّأ عليها تلك الموازنة. وعند إعداد الموازنة التخطيطية للمنشأة يجدر بالمدير أن يشرك معاونيه في إعدادها، وأن يسترشد بآراء المنفذين المعنيين حتى لا تكون الموازنة جانحة نحو التفاؤل الخيالي أو التشاؤوم غير المشجع. وغالباً تعد موازنات فرعية لكل ناحية من نواحي النشاط أو الخدمات مثل موازنة المشتريات والمبيعات والبحوث، وما إلى ذلك.
ويشترط لإعداد موازنة تخطيطية فعالة أن يتصف كل من يشترك في إعدادها بالمهارة والكفاءة والذكاء، وأن توزع الموازنة على فترات قصيرة ما أمكن، فتكون شهرية أو ربع سنوية مثلاً، حتى يقارن التنفيذ بما هو مقرر بالموازنة لكي يتم تدارك الأمر في الفترة التالية قبل أن يستفحل الانحراف ويتعذر تقويمه، كذلك يجب أن تتوافر في تقديرات الموازنة مرونة كافية لتواجه ما يحتمل من أن يحدث بالنشاط من تغييرات أثناء التنفيذ، حيث قد تشمل مبالغ احتياطية إضافية لمواجهة أي حالة، ويحسن أن تكون الموازنة واقعية ومعقولة قدر الإمكان، ولا بأس ببعض التحفظات على الموازنة التي قد يرى المدير ضرورة إثباتها، فيما يتعلق بالظروف التي وضعت فيها الموازنة والظروف التي قد تكون سائدة عند تطبيق الموازنة.

ثالثاً: الخطوات العملية للتخطيط:
مهما كانت المشكلة فإنّ هناك خطوات يجب اتباعها لمعالجة المشكلة تخطيطياً، وهي كالتالي:
· التعرف على المشكلة ومكانها: المبادرة هنا هي حصر مكان المشكلة ومنبعها وليس التعرف عليها بعد، فيجب الحذر من استخدام اللفظ فكل ما يدركه المدير في هذه المرحلة أنه يعرف أن هناك مشكلة ما في ناحية من نواحي العمل، وهو في هذه المرحلة لا يعرف الأسباب التي يمكن أن تكون العوامل الحقيقية التي تسبب الظرف غير المرغوب فيه. مثال على ذلك مسألة تزايد الغياب عن العمل في إدارة من الإدارات، فيمكن الوقوف على هذه المشكلة من خلال سجلات الحضور، وهو بدلاً من التسرع وإصدار التعليمات لتوجيه من يعمل إلى كيف يعمل، ينبغي له أولاً أن يدرج الغياب عنده كمشكلة يجب علاجها، يلي ذلك التعرف على نطاق المشكلة ودرجة أهميتها والأسباب التي أدت إليها حتى يضع العلاج المناسب.

· وضع الأهداف: متى عرفنا مكان المشكلة وموقعها، فإنّ المهمة التالية للمدير أن يقرر ما يريده من حل، كأن يكون كل عامل في مكانه من العمل دون غياب أو أن يتعلق الأمر بإنجاز عملٍ ما في موعده مثلاص، وعلى كل حال فإنّ من خواص الهدف السليم أن يتميّز بالواقعية وإمكانية التحقيق والقابلية للقياس وأن يثير الهمة على تحقيقه لدى العاملين.

· تحليل المشكلة: هناك أمران هامان تحت هذا العنوان العريض: أولهما هو البدء بالظروف التي يمكن ملاحظتها على التو، ومعرفة الأسباب الحقيقية أو التي يمكن التوصل إليها، وبيان الخسائر الحقيقية الناجمة عن وجود المشكلة. أما الأمر الثاني فإنه يتمثل في اتخاذ القرار، ويتوقف ذلك على نتيجة التحليل فالمدير يستعرض الحلو الممكنة، ثم يختار أفضلها، ويضع البرنامج لوضع الحل موضع التطبيق.
قج يبدو الأمر في تحليل المشكلة وكأنه مجرد شرح سلسلة العمليات الإدارية، ولكن هذه السلسلة هادفة، إذ تبدأ بتعريق ماهي المشكلة وتنتهي بالوصول إلى الهدف الي تقرر، ولهذا فإننا عندما نفكر في تحليل المشكلة يجب علينا أن نفكر فيها، وفي تدفق منظم للمعلومات التي تعين على ذلك التحليل، مستخدمين ذلك أدوات التحليل العلمية، كمالمنطق والإحصاء وبحوث العمليات.

· تقرير أفضل الحلول: تبدأ خطوات اتخاذ القرار بحل المشكلة بوضع قائمة بكل الحلول التي تستطيع أن تتغلب أو تصحح أو تقضي على أسباب المشكلة وتستأصلها من جذورها، أو تصحح مسارها، ويجب أن يُسجل أي حل يرد على الخاطر مهما كان شأنه، فأياً كان نوع الحل المعروض من حيث الواقعية أو الفعالية فإنه يجب أن يُبرز، وليكون معلوماً أن مجرد استعراض هذه الحلول قد يولد آراء أخرى نيرة، ولا شك أن الأفكار حتى وإن كانت غير ناضجة فغنها تساعد على توجيه التفكير إلى حل عملي مناسب.

· وضع برنامج للتحرك وبرامج بديلة مع تحديد الموعد: والمدير يجد نفسه هنا أمام خيارين، إما أن يطور تحركه وفق ما أسفر عنه تحليل المشكلة، أو أنه ينتقل إلى الأداء ويستخدمه لاستكمال التخطيط عن طريق وضع برنامج لوضع الحل الذ اختير موضع التنفيذ، مع وضع برامج بديلة قابلة للتطبيق إذا ما تعثر البرنامج الأول أو واجهته عقبات لم تكن بالحسبان.

· تقرير التوضيحات والتوقعات: قد تتطلب بعض الخطوات إيضاحاً، فمثلاً فيما يتعلق بالموظفين وإلحاقهم بالعمل وحاجتهم للتدريب المسبق وفترته الزمنية، وما إلى ذلك فإنه كقاعدة عامة إذا كانت الأمور تثير بعض الشكوك عند الرئيس فمن الأصوب أن اكون مستوفاة الشرخ ولكن باختصار غير مخل.
وقد يؤسس المدير بعض خطواته بالخطة على بعض مرئياته أو توقعاته، كأن يحتاج إلى تجهيز مالي لم يكن قد أدرجت له مبالغ بالموازنة التخطيطية وقد يكون توقع أن هذا الجزء من الخطة يمكن التغلب عليه بعملية شراء استثنائية من صاحب الصلاحية، أو أن يرسم النتائج ويحددها اعتمادا على ما وعدته له إدارة الشئون الإدارية بإمداده بما يلزم من عمال وموظفين بتواريخ محددة، ويجب أن لا تكون هذه التوقعات هي الشماعة التي يعلق عليها ما يصادفه من إخفاق ليس له عذر، بحيث يجب أن يشير لكامل هذه التفاصيل بالخطة نقصد التوقعات بناءً على الوعود المقررة من إدارات أخرى، باستثناء الظروف التي تفوق قدرته على الاحتياط.
كذلك ينبغي لواضع الخطة أن يتصور مختلف العقبات التي يحتمل أن تقف في وجه تنفيذ تلك الخطة على الوجه الاكمل، ويضمن خطته وما يذلل العقبات إذا حدثت.

· الحصول على موافقة الرئيس إن كان ذلك ضرورياً: غالباً تتطلب الخطط تأمين موافقة من سلطة أعلى، ومعنى ذلك أن يكون المديرعلى استعداد تام لشرح ما ينوي عمله تفصيلاً، وأن يكون على ثقة من أن منهج مساعديه وما يعرضه على رؤسائه قد تم التفكير وإمعان النظر فيه بطريقة واعية ومنظمة، وأن يكون على استعداد للرد على أي استفسار لإقناع رؤسائه، فضلاً عن استعداده لتقديم مقترحات بديلة، إذا سأل الرئيس عما يمكن عمله إن حدث تغيير، وإذا تمت الموافقة عليه أن يتسائل بينه وبين نفسه عن:
أ*. هل ما يسعى إليه أمر عملي؟
ب*. هل تستحق النتائج التكاليف التي تدفع في سبيلها؟
ت*. هل من شأن هذا العمل أو الجهاز الجديد أن يهدم أجزاء أخرى من المنشأة؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل هو أهم منها؟
ث*. هل من المستطاع تركيب الآلات الرأسمالية بيسر دون إضرار بالإنتاج أو الخدمات الجارية؟
وكذلك البحث عن أي تساؤلات أخرى يمكن أن يكون أغفلها ويثيرها رئيسه، والأفضل أن يلعب دور الرئيس. وهكذا جهود كثيرة تبذل لإخراج الخطة وليصبح كل شي جاهز تماماً للموافقة ومدعوم بتفاصيل قوية للموافقة على الخطة.

· وضع الخطة موضع التنفيذ: يجب أن تكون الانطلاقة فورية نحو التنفيذ فيتحرك العمل مع مراقبة الانضباط مع الخطة أو إدخال البدائل، فإذا كان التخطيط سليماً يتمّ التقدّم بالتطبيق دون خوف أو تردّد.

· المتابعة: هي خطوة مهمة وأساسية بالنسبة لكامل العملية التخطيطية، ففي إنجاز أي عمل جديد تأخذ عمليات كثيرة طريقها معاً وفي وقت واحد، وينشغل كثيرةن بوضع الخطة وما تشمله من برامج موضع التنفيذ وعند هذه النقطة يصبح المدير موجهاً ومرشداً لجهود المنفذين. ومعنى هذا أنه يجب أن يكون المدير على علم بآخر التطورات فيما يجري، سواءً سارت الخطة وبرامجها وفقاً للتوقيت أو خالفته، حتى يستطيع أن يتخذ ما يراه لازماً من تصرفات، فعندما نضع أمراً موضع التنفيذ علينا أن ندرك دائماً ما يحدث له، ولا نعتقد بأن عملنا انتهى بمجرد وضع الخطة وتفاصيل برامجها، لأن المدير مسؤول عن تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة في مواعيدها المقررة، وما دامت الأهداف في طريقها لتحقيق الأهداف فإن عمل المدير مستمر ولا يتوقف، وعليه متابعة مساعديه ليتعرف على مدى تقدم كل منهم نحو هدفه الفرعي المحدد له، ويقوّم مسار الخطة للاتجاه الصحيح وأن يعمل على استعجال ما هو متأخر من أعمال.
وليس معنى هذا أن يكون التعقيب يومياً لدى مختلف الأجهزة، ولا معناه تحديد المواعيد النهائية للوصول للأهداف ثم التنبيه قبل وقت قصير من تواريخ الانجاز والقيام بالتعقيب ولاسؤال عن مجريات الأمور وعما إذا كان تدخله للمساعدة مطلوباً، وإنما متابعة تجعل المعلومات تصل للمدير تباعاً لتوضح له مدى التقدم ونتائجه واتجاهات التنفيذ وفق مجريات الخطة وهي في مسار تنفيذها.



- خصائص التخطيط الجيد: يجب أن تتوفر أركان وشروط هامة بالتخطيط ليكون ناجحاً وفعالاً لتحقيق أهدافه، وهي:
· أن يكون للخطة هدف نهائي واضح ومحدد.
· أن تتميز الخطة بالبساطة والوضوح والبعد عن التعقيد.
· أن تتضمن تعريفاً واضحاً لكل الأجهزة الإدارية المسؤولة عن التنفيذ وكل تفاصيلها وجزئياتها.
· أن تكون واقعية وملائمة للزمان والمكان والظروف التي تنفذ فيها والمُشكلة التي تعالجها.
· الدقة في بيانات الخطة وحساباتها، إذ أن محصلة هذه كلها يُعتمد عليها في تحديد الأهداف ورسم طرق التنفيذ على ضوء الإمكانيات المتوفرة والمتاحة فإذا صحت البيانات حققت الخطة نجاحاتها، وإن بعدت عن الحقيقة بعدت الخطة عن أهدافها.
· احتساب الفعل وردّته وأثره ضمن إطار الخطة سواءً بالنسبة للعاملين أو الأجهزة الإدارية ذات العلاقة بالموقف أو المشكلة أو رد الفعل.
· ضرورة مرونة الخطة لتتمكن من مواجهة ما قد يُثار أو يظهر من صعوبات أو مشاكل لم تكن بالحسبان عند وضع الخطة والمخطط.
وقد تكون الخطة من أعلى لأسفل، فتصنعها الإدارة العليا وتجزأ لمستويات فرعية أدنى، هذا الأمر يجعل الخطة أمراً مفروضاً على المستويات الأدنى دون الأخذ برأيهم ووجهة نظرهم بالرغم من أنهم غالباً ما يكونوا أكثر خبرة بمشاكل التطبيق والتنفيذ من غيرهم.
ومن هنا يجب أن يتحدد دور المستويات العليا للإدارة في وضع الإطار العام للخطة الشاملة، وتترك بقية التفصيلات والجزئيات للمستويات التنفيذية الأدنى، ثم ترد بعد استكمالها ثانية للإدارة العليا لمراجعتها والتعرف على مدى ملائمتها للأهداف العامة المقررة في خطط التنفيذ.
· إشراك كافة المشرفين على تنفيذ الخطة في صياغة ورسم تفصيلاتها ومقوماتها، إذ أنهم أدرى الناس بما قد يعترض سياسة وأساليب تنفيذ الخطة من صعوبات ومشاكل عند التطبيق.
· شرح الخطة والإعلان عنها بوضوح لكل من يعنيه تنفيذها مع توجيههم نحو أحسن الأساليب واكفأها لتحقيق الأهداف المعلنة.
· متابعة الخطة أثناء مراحل التنفيذ للاطمئنان على سير الإدارة والعمل بالجزئيات فيها لمعالجة أي انحراف أو مشكلة تظهر، أولاً بأول حتى لا تعوق المراحل التالية في عملية التنفيذ.
· ربط التخطيط بالزمن والوقت في كل جزئية من جزئياتها أو فيما يتصل بأجزاء الخطة ككل.
· مراعاة العامل الإنساني عند وضع الخطة ومتابعتها، حيث أن العامل الإنساني له أثره وفاعليته وخصوصياته التي يتميز بها عن غيره من عوامل الإنتاج الأخرى من آلات أو مواد خام، إذ للبشر عواطفهم ونزعاتهم وإمكانياتهم المحدودة، ويجب مراعاة ذلك بعناية ودراسة أثر الحوافز في سياسة الإنجازات وتحقيق الأهداف.
فالخطة ليست أرقام ومواد وآلات بقدر ما هي ذات صلة إنسانية بين مجموعة من البشر تجمعوا وتعاونوا وانتظموا تحت جدران منظمة ما لتحقيق أهداف ومصالح وغايات مشتركة، والمخطط الناجح هو الذي يلجأ إلى الحوافزز الإنسانية ليتحكم في الطاقات والتصرفات البشرية المتاحة أمامه ويوجهها الاتجاه المرسوم والمطلوب لتحقيق الأهداف والغايات المرجوة والمخططة.
(اسئلة عن التخطيط ص 93)