المحتويات

1. مقدمة .
2. واقع التعليم الفني والتدريب المهني في الدول العربية .
3. المعايير الدولية والعربية في مجال تنمية الموارد البشرية والتشغيل .
4. أهداف وآليات الإستراتيجية العربية لتنمية القوى العاملة والتشغيل .
5. قوة العمل في الدول العربية .
6. الأداء الإقتصادي العربي ومشكلة البطالة .
7. سوق العمل في الدول العربية .
8. الإمكانيات المتاحة في مجال التعليم الفني والتدريب المهني في مصر .
9. مشاكل التعليم الفني والتدريب المهني .
10. المحاور الرئيسية لإصلاح التعليم الفني والتدريب المهني والتشغيل في الوطن العربي.




منظمة العمل العربية

ندوة
متطلبات أسواق العمل في ضوء المتغيرات الدولية


واقع وآفاق التعليم الفني والتدريب المهنى
واحتياجات سوق العمل في الدول العربية
د . / محمد صبري الشافعي
يونيو 2005


مقدمة :



يؤدي التطور التكنولوجي إلى حتمية أن يتسلح عامل المستقبل بالمعارف والمهارات والسلوكيات التي تتواءم مع المتغيرات التكنولوجية والإقليمية والعالمية ، ومن ثم فإنه من الضروري إعداد المواطن العربي وتعليمه وتدريبه على أحدث تكنولوجيا العصر بإعتبار أن القوى العاملة العربية هي القادرة على التعامل مع عناصر الإنتاج الأخرى لتوفير منتج أو خدمة بجودة عالية وتكلفة منخفضة والمنافسة في الأسواق العالمية .
وهناك جهود ملحوظة قامت بها الدول العربية في مجال تطوير التعليم العام سواء من ناحية الاستيعاب الكامل للأعداد فضلاً عن تحسين نوعية التعليم .

وقد تبنت الدول العربية خطط وبرامج طموحة في مجال التعليم والتدريب ورعاية الموارد البشرية بغرض تحسين الأداء وزيادة الدخل القومي لرفع مستوى معيشة المواطنين وذلك عن إيمان راسخ بأن التنمية حق أساسي من حقوق الإنسان وهي أعظم مهمة تواجهها وأن الإنسان هو صانع التنمية وهدفها .

والوسيلة لتحقيق التنمية هي محاولة اللحاق في أسرع وقت ممكن بالتطورات الفنية والتطبيقية في مختلف الأنشطة والقطاعات في المجتمعات العربية من خلال مستويات متعددة من المعارف والمهارات يبني أساسها في المنشآت التعليمية بالمدارس والجامعات ثم ترفع كفايتها الإنتاجية بالتدريب الذي يربط التعليم بواقع الحياة والعمل في الدول العربية من خلال مراكز التدريب والتي تلبى مخرجاتها احتياجات أسواق العمل المحلية والأجنبية .

ويرتبط التدريب المهنى والتعليم الفني بإكساب المهارات الفنية والسلوكية وتأمين المؤهلات المحددة لمقابلة إحتياجات سوق العمل بما يساعد على مواجهة الخلل الهيكلي بين العرض والطلب في أسواق العمل ، والتدريب لا يؤدي إلى زيادة الإنتاجية فحسب بل يؤدي إلى زيادة الثقة بالنفس ورفع الروح المعنوية للعمال وتحسين الرضا الوظيفي ورضا المستفيدين من الإنتاج أو الخدمات بما يساعد على المنافسة في سوق العمل الداخلي والخارجي .

ويساهم التدريب أيضاً في خفض تكاليف العمل والمحافظة على الأجهزة وصيانتها وتنمية الانتماء وتحقيق الذات والتكيف مع المتغيرات التكنولوجية وتحفيز العاملين وإكسابهم القدرة على البحث والتطوير وزيادة قابلية الإستخدام والترقية بما يساعد على زيادة فرص العمل .

ولا يمكن الفصل بين عمليتي التدريب والتشغيل فكلاهما يؤدي إلى تحقيق العمالة الكاملة والمحافظة على استقرارها والمعاونة في خلق فرص عمل وتطبيق حق العمل لجميع المواطنين دون تفرقة والإرتقاء بمستويات العمالة في الأنشطة الإقتصادية المختلفة وتحقيق أقصي كفاءة للعمالة بتسهيل حصول المنشآت على العمالة المطلوبة والمناسبة ومساعدة الأفراد في اختيار المهنة والتكيف فيها والمشاركة في الحد من البطالة والمعاونة في تطبيق نظام التأمين ضد البطالة .

ومن المهم أن تقوم الدول العربية بالتنسيق بين الجهود التدريبية والإحتياجات الحالية والمستقبلية لأسواق العمل العربية والعالمية من المهن والتخصصات .


واقع التعليم الفني والتدريب المهنى في الدول العربية :

تولي معظم الدول العربية التعليم العام اهتماماً كبيراً يفوق بكثير اهتمامها بالتعليم الفني والتدريب المهنى ، كما توجد نظرة سلبية للتعليم الفني والتدريب المهنى ومؤسساته ويلتحق معظم من لم يستطيع الاستمرار في التعليم العام بالمدارس الفنية ومراكز التدريب المهنى على الرغم من الجهود المبذولة من معظم الدول العربية في مجال تطوير أنظمة التعليم الفني والتدريب المهنى من حيث السياسات والأهداف والبنية المؤسسية والبرامج وطرق وأساليب التعليم والتدريب وغيرها وذلك لسد الفجوة بين متطلبات أسواق العمل ومخرجات المدارس الفنية ومراكز التدريب المهنى ، إلا أنه لا تزال معظم الدول العربية تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لتحسين نوعية مخرجات التعليم الفني والتدريب المهنى ومستويات المهارة المهنية حتى تواكب المستويات العالمية وتلبي احتياجات سوق العمل من المهن والتخصصات الجديدة وتساهم في زيادة قابلية التشغيل لخريجي المعاهد والمدارس الفنية ومراكز التدريب المهنى بما يؤدي إلى خفض نسبة البطالة بين هذه الفئة ويزيد من دورها في تلبية الإحتياجات المطلوبة لتنفيذ خطط التنمية الإقتصادية والإجتماعية في الدول العربية وكذا المنافسة في سوق العمل الخارجي .

يُقصد بالتعليم الفني والتدريب المهنى في الدول العربية جميع أشكال ومستويات العملية التعليمية التي تتضمن بالإضافة إلى المعارف العامة دراسة التكنولوجيا والعلوم المتصلة بها واكتساب المهارات العملية .






(1) التعليم التقني :
وهو نظام مدته من 2 ـ 3 سنوات ويهدف إلى إعداد الفني والتقني ، ففي جمهورية مصر العربية يحصل خريجي هذا النظام على شهادة دبلوم إعداد الفنيين أما في الجزائر فيحصل الخريج على شهادة دبلوم التعليم التقني السامي ، وفي العراق دبلوم التعليم التقني وتسمي المعاهد التي تقوم بإعداد هذا النوع من التعليم " معاهد تقنية أو معاهد فنية أو كليات مجتمعة أو كليات تقنية أو معاهد التكوين التكنولوجي " .

(2) التعليم الفني :
هذا النوع من التعليم تتضمن خطته الدراسية مواد نظرية عامة ومواد فنية ومهنية نظرية وتطبيقات وتدريب عملي ومدة التعليم 3 سنوات بعد انتهاء فترة التعليم الأساسي ، ويحصل الطالب على شهادة دبلوم الثانوية الفنية أو دبلوم الثانوية المهنية أو دبلوم الثانوية التقنية وهذه الشهادة تتيح للخريج الإلتحاق بسوق العمل أو مواصلة التعليم العالي بعد اجتياز اختبارات معينة .
ففي جمهورية مصر العربية يمنح خريج التعليم الفني شهادة دبلوم الثانوية الفنية بينما في الجزائر دبلوم تقني ودبلوم تقني سامي وفي العراق دبلوم ثانوي مهني .

(3) التدريب المهنى :
وهذا النظام غير مرتبط بمرحلة تعليمية محددة أو بفئة محددة ويتم في مراكز التدريب المهنى ومواقع العمل والإنتاج أو مشاركةً بين مراكز التدريب ومواقع العمل والإنتاج ، ويُسمي التدريب في بعض الدول العربية " بالتعليم المهنى " ، كما يُطلق عليه كلمة " التكوين المهنى " في الجزائر والمغرب .
وتقوم الحكومات في الدول العربية بإنشاء وتشغيل المؤسسات التعليمية والتدريبية كما توجد جهود للقطاع الخاص في مجال التدريب المهنى حيث تقوم بعض الشركات بإنشاء مراكز تدريب لتنفيذ البرامج التدريبية سواء لإعداد العمالة اللازمة لها أو تدريب بسوق العمل .
وتوجد وزارات متخصصة في بعض الدول العربية للتعليم الفني والتدريب المهنى والتقني ، كما توجد هيئات تتمتع بإستقلال إداري ومالي في بعض الدول الأخرى ، كما توجد مجالس التعليم والتدريب المهنى على المستويين الوطني والمحلى تضم في عضويتها ممثلين للحكومة ومنظمات أصحاب الأعمال والمنظمات العمالية وتقوم هذه المجالس برسم سياسات ومتابعة تنفيذها في مجال التدريب المهنى .

نظم التعليم الفني والتدريب المهنى والتقني في الدول العربية :
هناك طرق متعددة للتعليم الفني والتدريب المهنى والتقني ففي بعض النظم يقضي الطالب فترة التعليم أو التدريب في المدارس ومراكز التدريب المهنى فقط ، كما يمكن أن يقضي الطالب جزءاً من فترة التعليم أو التدريب في المدرسة أو مركز التدريب والجزء الآخر في مواقع العمل والإنتاج ( النظام الثنائي ) أو التلمذة الصناعية والنوع الثالث هو أن يقضي المتدرب فترة التدريب في موقع العمل والإنتاج :
1) التعليم التقني ( الفني ) يقضي الطالب فترة التعليم والتدريب متفرغاً في المركز أو المدرسة أو المعهد بالإضافة إلى التدريب الصيفي في العطلات الصيفية .
2) التعليم الثانوي المهنى أو الفني يقضي الطالب فترة التعليم والتدريب متفرغاً في المدرسة والمركز وفي أغلب الدول العربية لا تشترط المدارس المهنية التحاق الطالب أثناء العطلات الصيفية في مواقع العمل والإنتاج لتلقي التدريب الصيفي .
3) التدريب المهنى يجمع التدريب المهنى في الدول العربية أنماط التدريب المختلفة سواء التدريب داخل المدارس ومراكز التدريب فقط أو التدريب الثنائي الذي يجمع بين المدرسة أو المركز ومواقع العمل والإنتاج أو التدريب داخل العمل .
مستويات المهارة لمخرجات التعليم الفني والتدريب المهنى والتقني :
هناك بعض اختلافات في مسميات مستويات المهارة في الدول العربية ، وفيما يلي مستويات المهارة في أنماط التعليم والتدريب المهنى والتقني :
1) مستويات التعليم التقني : يؤهل نظم التعليم التقني إلى المستوي الفني ويُطلق على مؤهل الخريج أسماء عدة " فني أول " في جمهورية مصر العربية أو " تقني سام " في دول المغرب العربي، و " فني " في بعض الدول العربية ، وفي جمهورية مصر العربية يقوم التعليم الفني بإعداد الملتحقين بالعمل بعد التخرج في فئة الأخصائي بعد دراسة أربع سنوات في كليات أو معاهد فنية عليا .
2) مستوي التعليم الثانوي المهني أو الفني : يُطلق على مؤهل الخريج أسماء عدة منها " التقني " في دول المغرب العربي أو " فني " في مصر وسوريا والسعودية .
3) مستويات التدريب المهني : هناك مستويات مختلفة لخريجي البرامج التدريبية فمثلاً بالنسبة للدورات المهنية القصيرة يعد الخريج للعمل ضمن فئة محدودي المهارات ويُطلق على هذا المؤهل " كفاءة مهنية " في الجزائر مثلاً ، أما بالنسبة لبرامج التدريب متوسطة المدة في حدود عامين فيكون مستوي الخريجين فئة العامل الماهر في معظم الدول العربية، وبالنسبة لنظم التدريب التي تصل مدة التدريب فيها ثلاثة أعوام في المتوسط فيُعد الخريجين للعمل ضمن فئة مستوي العامل المهنى .

المناهج التدريبية والتجهيزات :
توجد فجوة بين المناهج التدريبية في نُظم التعليم والتدريب المهنى والتقني معظم الدول العربية واحتياجات سوق العمل وتفتقر المناهج والخطط الدراسية في كثير من الدول العربية إلى المرونة في التنفيذ والتطبيق لتلبية احتياجات سوق العمل ومواكبة التطور التكنولوجي حيث لا يتم تحديث المناهج لملاحقة هذه التغيرات .
وهناك قصور في التجهيزات والمعدات والوسائل التدريبية في العديد من المؤسسات التدريبية مما يؤثر سلباً على مستوي الخريجين كما لا يتم تحديث التجهيزات والقيام بأعمال الصيانة وأحياناً لا تتوفر مستويات السلامة والصحة المهنية في مواقع التدريب العملي .

هيئة التدريس والتدريب :
يُعين معظم المدرسين والمدربين في التعليم الثانوي الفني والمهني والتقني بين خريجي المدارس الفنية ومعاهد إعداد الفنيين مع عدم اشتراط ممارسة العمل المهنى والفني في مواقع العمل والإنتاج ، ويتم إلحاقهم بدورات تأهيلية في النواحي التربوية كما توجد في عدد من الدول العربية معاهد إعداد المدربين حيث يتم إعدادهم تربوياً وفنياً أما بالنسبة للتدريس النظري فيتم من خلال المهندسين والأخصائيين من حملة الشهادات الجامعية بالإضافة إلى الإعداد التربوي .
وحتى يمكن الوصول بالمدرب في العالم العربي إلى المستوي العالمي علينا أن نهتم أولاً بطريقة اختيار الأفراد المرشحين للقيام بمهام التدريب وِفقاً للمعايير التالية :
1) الصفات الشخصية :
v المظهر المناسب والشخصية الجذابة المؤثرة .
v الصحة الجيدة والخلو من عيوب النطق .
v الذكاء الكافي .
v إجادة التعبير عن الأفكار .
v الرغبة والحماس للعمل كمدرب .
2) الجانب الثقافي والتعليمي :
v مستوي مناسب من التعليم من 12 إلى 15 سنة .
3) الجانب الفني :
v مستوي عالي من المعارف الفنية العامة والمتخصصة ومهارات متعمقة وخبرة لا تقل عن 10 سنوات في مجال العمل .
4) السلوك والقيم :
v الإنضباط
v حب العمل الجماعي
v العدل
v الحزم
5) الجانب التربوي :
v القدرة الكافية على استخدام الطرق الحديثة للتدريب والوسائل التعليمية المناسبة .

والمصادر الرئيسية لإعداد المدرب في العالم العربي ثلاث مصادر :
(1) خريجو المدارس الفنية أو مراكز التدريب المهني
(2) الفنيين من ذوي الخبرات في مجال العمل
(3) خريجو مدارس التعليم العام
وتحتاج الفئة الأولي إلى تعميق الخبرات العملية بقضاء فترة كافية في مجال الإنتاج بالإضافة إلى النواحي التربوية ، أما الفئة الثانية فلديها المهارة والخبرة العملية ولكن تنقصها دائماً المعارف الفنية والنظرية والثقافية ، بينما تكون الفئة الثالثة على مستوي مناسب في المواد الثقافية بطبيعة الحال فإنهم يحتاجون إلى تزويدهم بالجوانب الفنية والنظرية والعملية .

تمويل التعليم الفني والتدريب المهني والتقني :
تقوم الحكومات العربية بتمويل معظم أنشطة التعليم الفني والتدريب المهني والتقني ويساهم أصحاب الأعمال في بعض الدول العربية في تمويل التدريب المهنى ، وقد تضمن قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 إنشاء صندوق تمويل التدريب يتحدد موارده من 1 % من صافي أرباح المنشآت التي يزيد عدد عمالها عن 10 عمال بالإضافة إلى ما تخصصه الدولة من الموارد والهبات والمعونات المحلية والأجنبية وعائد استثمارات أموال الصندوق .

كما يتم فرض ضريبة تدريب على قطاعات العمل والإنتاج بهدف تخفيف عبء التمويل على كاهل الدولة في بعض الدول العربية مثل المغرب وتونس واليمن والبحرين وعمان وتسترد الجهات التي تمارس نشاطات التدريب جزءاً مما تدفعه من ضريبة التدريب وِفق شروط معينة .