التدريب الافتراضي Virtual Learning
منذ سنوات طويلة وقبل الانترنت بفترة لا بأس بها درج مصطلح الدراسة عن بعد Distance Learning. وهو نوع من التعليم المعروف بالدراسة عن طريق المراسلة . في هذا النوع من التعليم تمكن الطالب من الدراسة ضمن جامعة خارج بلده دون أن يضطر إلى السفر, اللهم إلا في فترة الامتحانات.
ومن فوائد هذا التعليم أنه مكن الطالب من دراسة الفرع الذي يريده حتى لو لم يكن هذا الفرع متوفراً في جامعات بلده , لكن أهم عيوب هذا التعليم هو أنه لا يوفر سوى دراسة بعض الفروع التي يمكن دراستها عن طريق المراسلة كالآداب والعلوم الاجتماعية والفلسفية , كما أنه من المعروف أن الشهادة التي يحصل عليها الطالب ليست مرغوبة تماماً من قبل المدراء وأصحاب الشركات عند بحثهم عن موظفين .ثم جاءت الانترنت التي لم تترك أي مجال من مجالات الحياة إلا وحشرت أنفها فيه , ومن ثم سيطرت عليه , ومن ثم تملكته بشكل كبير وأثرت فيه .
لكن الانترنت في بداياتها الأولى لم تكن قد حققت هذا التطور الكبير الذي تشهده الآن في مجال الوسائط المتعددة Multimedia من صوت وصورة وغيرها من وسائل حديثة . فلو أردنا التعرف على نصيب التعليم على الانترنت في بداياتها لوجدنا أنه لم يختلف كثيراً عن أسلوب الدراسة عن طريق المراسلة عدا أنه سرّع المراسلات بين الطلاب و الجامعة , وبالتالي لم تغير الانترنت كثيراً في أسلوب التعليم بحد ذاته , وصارت الشهادة التي يحصل عليها الخريج تحمل العبارة Online . أي أنها أخذها عن طريق الانترنت . هذه العبارة تعني بشكل ما بأن الشهادة التي يجري الحصول عليها على شبكة الانترنت Online أقل شأناً من الشهادة العادية التي يحصل عليها طالب جامعة عادية .
بعد ذلك تراجع مصطلح التعليم عن بعد ليسمح بتقدم مصطلح آخر أوسع وأكثر شمولية وهو التعليم الافتراضي . وهو نوع من أنواع التعليم عن بعد لكن بوسائل متطورة جداً, حيث أثبت هذا النوع الجديد من التعليم جدارته مما أدى تدريجياً إلى تقسيم التعليم في العالم إلى نوعين: التعليم التقليدي ويقصد به التعليم الجامعي الذي يألفه الجميع, والتعليم الافتراضي
فبعد التطور المذهل الذي حققته شبكة الانترنت في مجال الوسائط المتعددة Multimedia وأساليب الاتصال والحوار عن بعد وجدنا بأن التعليم الافتراضي يفرض نفسه كأكثر المستفيدين من هذه التقنيات الجديدة وأصبحت الشهادات الجامعية التي تمنح من خلال هذا النوع من التعليم توازي بل وتتفوق على الشهادات التي تمنحها الجامعات التقليدية في بعض الأحيان
مبدأ التعليم الافتراضي:
لا بد وأن بعضكم ممن لم تسنح له الفرصة بإلقاء نظرة عن قرب على التعليم الافتراضي يتساءل الآن عن ماهية هذا التعليم التقليدي. ولا بد وأن بعض طلاب الجامعات يبتسمون بسخرية ويقولون بأنهم يواجهون صعوبة في دراستهم في الجامعة العادية, فكيف بالدراسة عن طريق الانترنت حيث لا تتعامل مع الأستاذ بشكل مباشر ولا مع طلاب وليس هناك جو جامعي أساساً كالذي تعودنا عليه في الجامعات التقليدية ؟
الجواب طبعاً هو أنه بمجرد انتسابك إلى إحدى الجامعات الافتراضية ستصبح طالباً في صف افتراضي virtual Class . سيكون هناك عدد من الطلاب ممن يدرسون نفس اختصاصك معك في الصف, وسيكون لديك برنامج محاضرات يحتوي على مواعيد لمحاضرات عليك حضورها بشكل مباشر على الانترنت Online, وإن تخلفك عن حضور بعض الحاضرات سيؤثر على درجاتك, وستدور بينك وبين أستاذ المادة نقاشات ومحاضرات مرئية أو مسموعة أو مكتوبة. يمكن أن تسأل أي سؤال يخطر في ذهنك عن أحد مواضيع مادة معينة وسيجيبك الأستاذ أو الطلاب, سيكون عليك إرسال واجباتك اليومية ووظائفك إلى الأستاذ وبمواعيد محددة. وسيطلب منك إعداد حلقات البحث والدراسات بمختلف أنواعها. بل من الممكن أن يكون قد وجد طريقة الدراسة هذه ذات فائدة كبيرة, فمن الصعب أن يجد طلاب الجامعات التقليدية كل هذا الاهتمام ولا أعتقد أن تساؤلات الطالب ستتم الإجابة عنها جميعها, هذا إن تمكن من طرح جميع ما يخطر في باله من أسئلة حول المحاضرات خصوصاً في جامعاتنا التي تعاني من كثرة عدد الطلاب, وهو ما يجعل من المستحيل على المدرسين أن يقوموا بالإجابة عن جميع تساؤلات الطلاب.
كما أنه من المهم معرفة أن العديد من الجامعات الشهيرة في الدول المتقدمة تعتمد بشكل كبير وتدريجي على الانترنت كأداة فاعلة وأساسية في دراستها. وأن هناك توجهاً كي تتحول الكثير من الجامعات العريقة إلى الدراسة الافتراضية بشكل كامل خلال السنوات العشر القادمة, وذلك لأهمية التعليم الافتراضي ونوعيته العالية.

ومن أهم فوائد التعليم الافتراضي وما يميزه عن التعليم التقليدي:
1 إمكانية الدراسة في أي مكان من العالم دون التقيد بحدود جغرافية .
2 حرية أكبر في التحكم بأوقات دراستك وعملك .
3 اعتماد الانترنت كمصدر أساسي وهائل لاستقاء المعلومات التي تجعل من الطالب على دراية وعلم بآخر ما توصل إليه الباحثون في مجال دراسته, خاصة إذا كان يدرس أحد المجالات التقنية التي تتطور لحظة بلحظة.
4 طبيعة الدراسة الافتراضية التي تعتمد بشكل أساسي على النقاش والحوار المتبادل التفاعلي بين الطلاب والمدرسين , تجعل من الطالب مشاركاً رئيسياً في صنع العملية التعليمية وهو أسلوب ذو فائدة جمة على الطالب , يكسر به التعليم الافتراضي الطريقة التقليدية في التدريس والتي تعتمد على كون الطالب مجرد متلقي والمدرس مجرد ملقي
5 يتمكن الطالب من دراسة الاختصاصات الغير متوفرة في جامعات بلده , ودراسة الاختصاصات النادرة التي من الصعب أن يجدها في الكثير من جامعات العالم

العوائق التقنية:
الإمكانيات التقنية مثل سرعة الانترنيت وكلفتها وتوفر أجهزة الحاسوب, وحسن استعمال الحاسوب وأنظمة وخطوط الاتصال ربما لا تزال تشكل عائقا علي أرض الواقع خصوصا من ناحية الطلاب


الخاتمة والتوصيات:

التعليم الالكتروني والتدريب عن بعد أصبحا وسيلة لتوفير التعليم والتدريب للأشخاص الذين لديهم الرغبة في تطوير المعرفة والمهارات لديهم بطريقة مرنة وتتناسب وظروفهم دون الحاجة إلى أعباء إضافية، كما أن التعليم والتدريب من خلال شبكة الإنترنت وأجهزة الاتصالات الحديثة يوفر فرصة ممتازة للمؤسسات لاستخدام هذا النوع من التدريب بتكلفة أقل وبصورة أكثر ملائمة واحتياجات وإمكانيات المؤسسات وبتكلفة أقل وتحقيق أهداف المؤسسة بمواكبة التغييرات ورفع كفاءة الموظفين لديهم. وفي الختام فإنني أعتقد بأن ظاهرة التدريب الالكتروني تستحق الدراسة والتطبيق في المؤسسات التي تهتم بتنمية المعرفة والمهارات لموظفيها وتعتبر بديل مناسب في عصر العولمة والانفتاح الذي يشهده العالم واعتماد الاقتصاد على المعرفة.

أخيرا يمكن القول لضمان نجاح تقديم خدمات التعليم الالكتروني يجب عمل ما يلي:
1 تدريب المحاضرين والمدرسين في برنامج التدريب الالكتروني على كيفية نقل المعرفة من خلال الشبكة الطرفية
2 زيادة الوعي حول ما يمكن تحقيقه من خلال استخدام التقنيات الحديثة للاتصالات.
3 توفير المخصصات المالية اللازمة لتوفير التقنيات الحديثة.
4 إنشاء أقسام تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات الكبيرة للتعامل بشكل مرن وتوفير الدعم اللازم للبرامج التدريبية عن طريق الشبكات الطرفية والاستجابة للمتطلبات المتزايدة على هذا النوع من التدريب.
5 التعبئة الاجتماعية لدي أفراد المجتمع للتفاعل مع هذا النوع من التعليم
6 ضرورة مساهمة التربويين في برامج التعليم الالكتروني
7 توفير البنية التحتية لهذا النوع من التعليم وتتمثل في إعداد الكوادر البشرية المدربة, وكذلك توسيع شبكات الاتصالات الحديثة وتوفير خطوط الاتصالات المطلوبة التي تساعد علي نقل هذا التعليم من مكان لآخر
8 وضع برامج لتدريب المعلمين والطلبة والإداريين للاستفادة القصوي من التقنية