سؤال تكرر استقبالي له منذ فترة، وربما لم تأتي لي فرصة أن أكتب عنه، ثم جاءتني رسالة أمس من شخص يسأل نفس السؤال، حول صاحب له لا يأتيه إلا حينما يكون لديه مشكلة أو يواجه أمر يصعب عليه أن يُنهيه وحده، قيتصل به فوراً أو يطلب مقابلته على وجه السرعة ليحكي له ليُدبر له أمره، ويرتب له فكره، ثم ............... لا شئ
فوجدت أنه يجب عليَ أن أوضح بعض الأمور التي قد تختلط علينا، وتجعلنا نخسر بعض العلاقات، أو نتخذ مواقف تُحسب ضدنا على الأقل بيننا وبين أنفسنا.
الفرق بين المصلحة والثقة
وجب علينا أن نُميز بين نوعين من البشر ، من حيث أساس تعاملهم معنا، بحيث نحدد التعامل المناسب نحوهم والنوعين اللذين أتحدث عنهما هنا هما :
الشخص الذي يتعامل معك في حدود الملصحة :
وهو شخص يضعك في حدود مهمة معينة تقوم بها، ليس ثقةً فيك، ولكن لكونك الشخص الوحيد الذي يمكن أن يقوم له بهذه المصلحة.
فالأمر ليس موقوفاً عليك، فلو وجد غيرك يستطيع أن يقوم بالأمر، لن يلجأ لك وكأنك تسديد خانة ليس أكثر من ذلك.
ومن أهم ملامح هذا الشخص أنه :
1- حين يُحدثك في أمر لا يعطيك تفاصيله لكنه يعطيك معلومات بقدر ما يمكنك فقط أن تُنهي له مصلحة.
2- لا يشترط أن يكون متفق معك في المبادئ أو راضٍ عن أخلاقياتك.
3- لن تجده مُهتم أن يعرف وجهة نظرك في أمر مختلف بغير الذي يسألك فيه.
4- لا يهتم بحالتك وقت طلبه، فما يعنيه مصلحته فقط.
5- يُطيل في المقدمات للأمر، لأنه يعرف أنه ليس صاحب حق عندك لذلك يُقدم لنفسه كثيراً.
6- طلباته محددة جداً وربما يكون كتبها قبل الإتصال بك، فلا فرصة أمامك لتناقش معه بدائل، فهو يعرف ما يريد وحدده بدقة.
الشخص الذي يتعامل معك في حدود الثقة:
هو أيضاً شخص ربما لا يطلبك سوى في المشكلات، ولا يطلب مقابلتك إلا حينما يقع في أزمة، ولا يسعى إليك إلا حينما يعطل ذهنه عن إيجاد حل لمشكلة أو موقف صعب عليه.
لكنه يأتيك من حيث (ثقته في شخصك) ، وربما (لحبه) لك، وتأكده من أنك تحبه أيضاً وبالتالي لن تُشير عليه إلا بالصحيح، أو أن ما تملك من صفات يجعلك مصدر ثقة بالنسبة له.
فكأن لجوءه لك، شهادة منه بأنك (الأقرب) له، حتى لو لم يعبر عن ذلك في كلمات، أو لم يُعبر عن ذلك في مواقف واضحة كما يعبر عنها أخرون ممن حولك.
ومن أهم ملامح هذا الشخص أنه :
1- حين يحدثك في أمر لا يجد حرجاً من أن يعطيك تفاصيل حول الأمر برمته .
2- من المهم جداً أن يكون متفق معك في معظم المبادئ والأخلاقيات لأننا قلنا أنه (يثق) فيك.
3- يهتم بأن يعرف رأيك في أمور عديدة ولا يتوقف عند حاجته فقط، لأنه تهمه ككل.
4- يهتم بحالتك وقت طلبه لك فيشعر إن كنت مُتعب أو إن كان يُثقل عليك.
5- لا يقوم بعمل مقدمات لموضوعه، لأنه يعرف أن هناك مساحة ثقة بينكما، فيدخل في الموضوع بمجرد ما يفتح الحوار سواء أن يطلبك هاتفياً أو حينما يطلب مقابلتك.
6- تصل أنت من بداية حديثه إلى أنه يعتبرك (المُسكِن) الذي سيذهب له فورا شعوره بدرجة من الألم، فيحدثك دون ترتيب للحديث، فما يعرفه فقط وما يُبلغه لك ضمناً أنه حين إحتاج لم يُفكر غير فيك.
7- لا يحدد المطلوب منك، فهو يثق أن (مجرد) حديثه معك ربما يُريحه، وبالتالي إن أنت تفضلت بوصف شئ أو تحديد مسار للفعل فهذا منك، وهو ربما لا يعرف كيف تقوم بذلك، لكنه يُدرك النتيجة.
8- يوصل لك جيداً أنه لا يعرف لماذا إتصل بك فوراً، - وهو لا يدعي ذلك- فقد تحرك من إدراك عقله لمنطقة الراحة التي تحدث حين يُحدثك، كمن يذهب لمقعد أو لمكان يستريح عليه حينما يتعب.
سمات الشخصية عامل مهم في تصنيف الناس
من المهم حين الحكم على شخص أن نُحدد سماته الشخصية في مجملها، بحيث يمكننا رؤية كل سلوك يقوم به في ضوء جُماع السلوك.
فالصاحب الذي يعرف كل الناس بحسب مكانهم في مصالحه، ستجد كل حياته مع الأخرين، فهذا يعرف عنه ، وهذا يعرف عنه، وهكذا، فهو لا يجد غضاضة في أن يعرف عنه الأخرين كل شئ كل بحسب مقدار المصلحة التي سيقدمها.
أما الشخص الذي يختارك بمعيار (الثقة) أو (الحب) ، فستجد نفسك ضمن أشخاص قليليين جداً يلجأ لهم، فهو عادةً شخص ينتقي من يتحدث إليهم، وينتقي من يُخبره عن حاله وقت المشكلات، لا يعرف عنه عدد كبير من المحيطين به تفاصيل حياتية، وربما يكون هو نفسه قائد في مجموعة أصدقائه، يرجعون له حين وجود مشكلة، وبالتالي فلجوئه لك هي حالة ليست يسيره عليه إلا في ضوء تقديره لك.
تمييزه له بوصفك شخصية مميزة في حياته.
الأشخاص مختلفين في التعبير عن الحب والتقدير
بالطبع كل شخص له طريقته في التعبير عن الود والحب والقرب وغير ذلك من المفاهيم التي تُمثل تعبير عن المشاعر الوجدانية.
وقد يكون الشخص الذي يحدثك (فقط) وقت مشاكله من باب (الثقة) او (القرب) يعتقد أنه بهذا السلوك يوضح لك مدى أهميتك في حياته.
ربما يُعبر لك حين يطلبك و (يختصك) بمشكلاته، أنه يحبك، ويرتاح معك، ويثق فيك، ويطمئن لوجودك معه وقت المشكلة ، حتى لو لم يعرف كيف ستساعده في حلها كما شرحنا.
وبالتالي لا يمكن أن نقول أن كل من يُحدثنا في وقت مشكلاته فقط هو شخص (مصلحجي) كما يقولون، أو صاحب مصلحة، لا يقدرك، ولا يعتبرك شخص قريب.
أخيــــــــــــــــــــــ راً
تذكر .. أننا لا نظهر ضعفنا إلا لمن نحب أو نثق ، ولا نشكو سوى لمن نعرف أنه سيسعنا، ولا نُخرج ألامنا إلا أمام من نعلم أنه سيداويها، ولا نعبر عن أوجاعنا إلا لمن يُحسن الإستماع لهمسنا حين يتوقف صوتنا من شدة الوجع، ولا نحكي عن سقطاتنا إلا لمن يعرف كيف يفك شفرتها بعد أن حولناها نحن إلى لوغاريتمات حتى لا نتذكرها، ولا نظهر عيوبنا إلا لمن نُحب بصدق، لأننا من يقيننا في حبنا له نعلم أنه أيضاً يُحبنا وبالتالي لن تفرق معه كثيراً أن يرى عيبُ هنا أو عيب هناك، فهو يراها بنظارة الحبيب الذي وإن كان يرى عيوباً عن طريق الإبصار إلا أن إنعكاس مشاعره على ما يرى يجعله لا يعطيها قيمة تجعلها في عتبة الرؤية!!