حتى يبدع الفرد لمؤسسته، يجب أن توفر المؤسسة بيئة تتقبل الإبداعات على أنواعها، إذ لا يمكن أن يبدع المرء في بيئة ترفض الجديد، وحتى تصبح بيئة المؤسسة بيئة إبداعية، يجب على المدير وفريق إدارته أن يقتنعوا بأن موظفيهم بإمكانهم أن يبدعوا ويبتكروا حلولاً لمشاكل تواجههم، بل ويجب أن يلغوا الكثير من القواعد العقيمة التي تضع حدود حول الموظفين تعيقهم في عملية الإبداع، ولما كان الإنسان عدو ما يجهل، فإن المدراء والإدارات يتخوفون من إعطاء صلاحيات للموظفين، ويجعلون عملية تسيير دفة المؤسسة تأتي عن طريق واحد، من الأعلى إلى الأسفل فقط، أعني الأوامر والتخطيط من الإدارة، والتنفيذ على الموظفين، وهذا ما يسبب مشكلة تبدو صغيرة، لكنها تتفاقم حتى تؤدي في بعض الأحيان إلى موت المؤسسات.
عندما يخوض الموظف ميدان العمل فإنه يرى متغيرات وفرص لا يراها المدير أو الإدارة، فيجب أن يتصرف لوحده هنا أو أن يكون هناك تواصل مع الإدارة لتقرير المبادرة التي ستتخذ إزاء هذه المتغيرات أو الفرص.
وقد أخذت عهد على نفسي أن لا أطيل أو أعقد المسائل، وأن أكتب الخلاصة المفيدة فها هي الخطوات والأفكار التي تجعل في مؤسستك بيئة ترعى وتنمي الإبداع:

  • لا تجعل القواعد تعيق أي فكرة إبداعية، القواعد لا بد أن تكون ناقصة وفيها ثغرات، وأيضاً القواعد قد تعيق المؤسسة عن استغلال الفرص الجديدة، تصور مثلاً أنك وجدت صفقة ستربح فيه الكثير وبالتالي تربح فيها مؤسستك، لكن هناك قاعدة تعيق إنجاز هذه الصفقة، ماذا ستفعل؟ هل ستكسر القاعدة لتكسب أم تجعل القواعد تتحكم فيك؟ أنت مبدع لذلك ستكسر القواعد التي تعيقك.
  • أنشأ نظام لتلقي الأفكار والاقتراحات، هذا النظام يجب أن يوفر فرصة للموظف لتجربة فكرته بشكل مصغر ثم تنفيذ الفكرة بشكل واسع على المؤسسة بأكملها، بل ويجب أن يحصل الموظف على التكريم المعنوي الذي يستحقه، ويستحسن أن يحصل على فائدة مالية من اقتراحه، وهذا النظام مطبق في شركة تويوتا اليابانية، حيث تتلقى الإدارة (يمنع عرض أرقام الهواتف بدون أذن الإدارة) اقتراح!! مليون ونصف اقتراح سنوياً! ويتم تطبيق 98% منها، ويكرم الموظف معنوياً ومادياً.
  • أغرس في عقول وأنفس الموظفين بأن لا مستحيل على الإنسان، ونبههم بأن لا يفرطوا في الواقعية، حدث مرة في مؤسسة جنرال إلكتريك أن طلب مديرها من الموظف الجديد أن يبتكر طلاء يزيل الحرارة عن الزجاج الخارجي للمصباح الكهربائي، والموظفين القدامة يعلمون تماماً أن من المستحيل صنع هذا الطلاء، لكن المفاجئة فجرها الموظف الجديد عندما استطاع ابتكر طلاء يخفف من حرارة المصباح الكهربائي، إذاً لا مستحيل أبداً.
  • ضع طرق وأساليب رسمية وغير رسمية لتحفيز وتكريم الموظفين، فمهما كان الموظف متميز ومجتهد فأنه يحتاج إلى الإحساس بأن المدير والآخرين يقدرونه.
  • طبق أسلوب الإدارة على المكشوف، هذا يعني أن تجعل جميع المعلومات المتعلقة بالمؤسسة يعلمها الموظفين، وقد يقول المدراء التقليديون أن الموظفين لا يحتاجون إلى معرفة الوضع المالي للمؤسسة، لكن المبدع يعمل على إخبارهم بالوضع المالي للمؤسسة ويعلمهم كيف يكون مجهودهم مؤثر بالسلب أو الإيجاب على وضع المؤسسة، وأعطي فرصة لموظفيك لمقابلة الإدارة والمسؤولين على مختلف مستوياتهم الإدارية، يعين أن تفتح باب الاتصال بين جميع جهات المؤسسة حتى تخلق وعي بوضع المؤسسة في قلب وعقل كل موظف.
  • علم الموظفين نظام (كايزن kaisen)، وهذه كلمة يابانية تعني التطوير المستمر، يجب أن لا يتوقف الإبداع أبداً، هذا النظام يعني إدخال تحسينات صغيرة وبسيطة على الخدمات والمنتجات وبشكل دائم، وبهذا لن يستطيع أحد ما اللاحق بك، وهذا المبدأ تعمل به مؤسسة سوني، حيث سأل مديرها عن جدوى طرح منتجات جديدة بينما القديمة لم تباع فرد قائلاً: إن لم أبتكر وأبدع فسأصبح تابعاً، وأنا أريد أن أكون قائداً لا تابعاً.
  • قم بحذف وشطب كل ما يعيق الإبداع، من نظم وقوانين وقواعد، والموظفين والمدراء السلبيين يجب تغيير أفكارهم ومعتقداتهم أو فصلهم، لأن هؤلاء السلبيين لن يفيدوك في شيء، بل سيقفون حجر عثرة أمام تقدم مؤسستك.