أصبحت المعرفة المتوافرة بالمنظمة ميزة تنافسية لها تميزها عن غيرها من المنظمات ، وتتمثل المعرفة فى توافر الأفراد الذين لديهم معلومات ، معرفة مخزنة ، تقنيات مختلفة.
ونتيجة لذلك فإن المنظمات الناجحة هى تلك المنظمات التى تقوم باستقطاب واختيار وتطوير وتنمية الأفراد العاملين بها والذين يمكنهم قيادة هذه المنظمات ، كما أن المنظمات الناجحة هى المنظمات التى تهتم بعملائها وحاجاتهم ورغباتهم ، وتستغل فرص التقنيات المختلفة الموجودة بالبيئة المحيطة بها ، ولذلك فإن التحدى الرئيسى أمام المنظمات اليوم هو التأكد من توافر الأفراد المهرة المتميزين وتدريبهم وتطويرهم وتنمية مهاراتهم. (Ulrich 1998)
كما أن التطورات والتغيرات فى البيئة أدت إلى التحول من التركيز على الأموال باعتبارها أهم الأصول فى المنظمة إلى أن المعرفة هى أهم وأعظم المدخلات لنجاح المنظمة.
فالمحاسبة التقليدية كانت تركز على الأصول المادية القابلة للتحول إلى نقدية خلال دورة النشاط مع إهمال بعض الأصول غير الملموسة أو المعنوية المتمثلة فى النظم الداخلية ، العملاء ، رأس المال الفكرى ، هذا التحول أدى إلى إدراك الباحثين لأهمية الاستثمار فى العنصر البشرى وزيادة معرفته كغيره من الأصول غير الملموسة الأخرى مثل سمعة المنظمة ، المناخ التنظيمى ، الرضا الوظيفى ، خدمة العملاء ، الابتكار والإبداع. (Chiavenato 2001)
يستحوذ رأس المال الفكرى Intellectual Capital الذى يعبر عن الأصول غير الملموسة فى المنظمة على اهتمام كبير فى الوقت الحاضر من حيث مفهومه ، عناصره ، وتحديد قيمته ، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها: أن قياس الأصول غير الملموسة يساعد الإدارة على أن تركز اهتمامها على تنمية وحماية رأس المال الفكرى كما أنها تدعم هدف المنظمة الخاص بزيادة قيمة الأسهم ، بالإضافة إلى المساعدة على زيادة كفاءة أسواق رأس المال من خلال تزويد المستثمرين الحاليين والمرتقبين بمعلومات أفضل ، ومن ثم تخفيض التقلبات إلى الحد الأدنى مما يؤدى إلى تخفيض تكلفة رأس المال فى الأجل الطويل. (Skyrme 1999)
ويلعب رأس المال الفكرى بعناصره المختلفة دوراً هاماً فى نجاح المنظمات فى الوقت الحاضر. حيث أنه يميز المنظمات التى يمكنها تقديم منتجات جديدة ، وبشكل أفضل مع تقديم ابتكارات لمنتجاتها وخدماتها بمعدلات سريعة ، ويؤكد ذلك ما ظهر من نتائج استقصاء رؤساء مجال إدارة المنظمات كبيرة الحجم فى الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث أكدوا أن رأس المال الفكرى يعتبر أكثر الأصول أهمية ، ويعد أساس النجاح فى القرن الحادى والعشرين. (Wiig 1997)
وفى استقصاء آخر أجرى على رؤساء 95 منظمة بريطانية ، تبين أنه توجد درجة كبيرة من الاتفاق بين الرؤساء من حيث إدراكهم لأهمية الموارد غير الملموسة المختلفة فى نجاح منظماتهم. (Hall 1992)
ويقول أحد الكتاب أن المديرين أصبحوا يدركون بشكل متزايد أن استمرارية ونجاح المنظمات يعتمدان على قدرتها التنافسية فيما يتعلق براس المال الفكرى والأصول المستندة إلى المعرفة ، وكذلك مدى القدرة على الاستفادة من تلك الأصول فى أنشطتها التشغيلية. (Wiig 1997)
وجدير بالذكر أن رأس المال البشرى – كأحد عناصر رأس المال الفكرى – يفوق فى أهميته أياً من الأصول المادية الأخرى التى تمتلكها المنظمات ، مما يعنى ضرورة توفير معلومات ملائمة عن الموارد البشرية المتاحة تمكن إدارة تلك المنظمات من حسن استخدامها.
2/3/2 مفهوم ومكونات رأس المال الفكرى:
يمكن تعريف رأس المال الفكرى بناءً على التعريف الذى قدمته منظمة التعاون والتطوير الاقتصادى 1999 بأنه "القيمة الاقتصادية لفئتين من الأصول غير الملموسة لمنظمة معينة: رأس مال تنظيمى (هيكلى) ورأس مال بشرى. (Guthrie 2001)