يتزامن بدء مرحلة المراهقة لدى كثير من الأطفال مع الصيام لأول مرة بشكل فعلي.. ولكن قبل أن يدخل الأطفال في زمرة الكبار ويصوموا شهر رمضان المعظم، ينبغي في بادىء الأمر استشارة الطبيب للتأكد من عدم وجود أية أمراض أولية لديهم، حتى إذا لم تكن أعراضها ظاهرة.
وأوضحت الدكتورة علياء أحمد، أخصائي طب الأطفال بمدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، أنه من ضمن هذه الأمراض فقر الدم وارتفاع ضغط الدم وعدم تحمل الجلوكوز وتأخر النمو وزيادة أو فقدان الوزن بشكل غير مألوف.

وتقول الطبيبة التي تعتبر أيضاً المتحدثة باسم الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال في الإمارات العربية المتحدة، :''بشكل عام ينبغي على جميع الأطفال إجراء هذه الفحوصات، وبالنسبة للأطفال الراغبين في الصيام يكون من المهم جداً أن يخضعوا لفحوصات شاملة''؛ وإلى جانب الحالة الصحية ينبغي على الآباء أيضاً أن يأخذوا الحالة الوجدانية والروحانية لطفلهم بعين الاعتبار، وأوضحت الدكتورة علياء :''أنا شخصياً، لا أنصح بالصيام قبل العام التاسع أو العاشر''.

وعلى الرغم من ذلك، يمكن تعليم الأطفال الصيام بخطوات صغيرة في سن أقل من ذلك، وأن يصوموا مع أسرتهم لبضع ساعات في اليوم على الأقل.. ويقول الدكتور محمد أنيس، أخصائي طب الأطفال بمستشفى ميدكير بدبي :''الأطفال الذين يتراوح أعمارهم بين السابعة والتاسعة يتم تشجيعهم على الصيام.. غير أنه من المهم جداً في هذه المرحلة ألا يُظهر أفراد الأسرة الآخرون الصائمون شعورهم بالجوع أمام الطفل''.

وأشارت الدكتورة علياء أحمد إلى أن الصيام يُعد بالإضافة إلى ذلك رحلة روحانية ينبغي شرحها للأطفال؛ إذ أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل أيضاً تدريباً على ضبط النفس وأداء الصلاة وفعل الخيرات وكذلك السيطرة على الجسد والعقل. وبناءً على ذلك، ينبغي قبل الصيام للمرة الأولى أن يكون الطفل ناضجاً بقدر كاف يتيح له فهم هذه الغايات السامية.

وعندما يشرع الأطفال في الصيام، ينبغي على الآباء أن يراقبوا بشكل صارم العادات الغذائية لطفلهم بعد الإفطار؛ حيث ينبغي أن يكون النظام الغذائي للأطفال - شأنهم في ذلك شأن الكبار - متوازناً وصحياً، أي أن تتضمن قائمة الطعام مواد غذائية تحتوي على كربوهيدرات مركبة والكثير من الألياف وتوليفة متوازنة من البروتينات والدهون الصحية.
وتحذر الدكتورة علياء أحمد :''المواد الغذائية المصنعة والمحمرة الغنية بنشا الطعام المُنقى أو الدهون، مثل المشروبات والعصائر المحلاة بالسكر، لا يُوصى بها للأطفال الذين مازالوا في مرحلة النمو''.

وعند تناول وجبة الإفطار يجب إمداد جسم الطفل بالعناصر المغذية اللازمة يومياً، من بينها الكالسيوم والحديد وفيتامين ''د'' والماء والدهون والبروتينات والألياف الغذائية. ونظراً لأن عظام الأطفال لا تزال في مرحلة النمو، فينصح الدكتور محمد أنيس بالانتباه إلى ضرورة أن يتناول الطفل منتجات الألبان بقدر كاف.

ويُعد تعرض الجسم للجفاف من الأمور المألوفة لدى البالغين أيضاً؛ فإلى جانب الصيام يفقد الجسم مزيداً من الماء والأملاح من خلال التنفس والعرق والتبول. وأشارت الدكتورة علياء أحمد إلى أن كمية السوائل المفقودة ترتبط أيضاً بالطقس ومدى النشاط الجسدي المبذول وكمية الماء التي تناولها المرء قبل الصيام وكذلك قدرة الكُلى على الاحتفاظ بالماء.

وعن كُلى الأطفال تقول الدكتورة علياء :''غالبية الأطفال يتمتعون بكُلى سليمة بمقدورها أن تتواءم مع حالة الجوع''؛ ومع ذلك تؤكد الطبيبة أن الوقاية خير من العلاج، لذا فهي تقدم النصيحة التالية :''أعيدوا إمداد الجسم بالسوائل قبل بدء الصيام وبعد الإفطار''.

وبحسب الدكتور أنيس، ينبغي أن يحصل الطفل على قسط وافر من الراحة نهاراً، ويقول: ''يمكن شغل اهتمام الأطفال نهاراً بأنشطة مثل القراءة''.