لم يكن يعرف كيف يكتب رسالة اقتصادية
أكثر من 7000 آلاف يوم مرت على تأسيسه شركة "داتاماتكس"، لتنظيم المؤتمرات والمعارض، وهذا "المحرك الألماني" لا يزال يعمل بطاقة التشغيل في اللحظات الأولى للانطلاق.
ففي يوم واحد يمكنه أن يستقبل وفدا من بريطانيا في مكتبه المطل على شارع الشيخ زايد بدبي، والسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور مؤتمر دولي، والعودة إلى مكتبه من جديد دون أن يمر ببيته في الراشدية.
ومنذ تأسيسه "داتاماتكس"، كان هدفه -وما يزال- تأصيل ثقافة المعارض والمؤتمرات في منطقة الخليج، وقال عنه مراقبون وخبراء "إنه يزرع الريش عبثا في مهب الريح".
إلا أن الكمالي حقق النتائج المتوخاة في أغلبها، ودخل عالم المليونيرية، من باب كانت الحكومات تخاف أن تدخل منه، لتكاليف المرور العالية، والنتائج غير المضمونة، ونسبة المخاطر المرتفعة.
المنهجية أنجحتها
في موازاة ذلك، بدأت رحلة علي التأسيسية لشركته وفق منهج علمي، فأبرم اتفاقيات مع أفضل المؤسسات الاستشارية في العالم، يستشيرها في كل خطوة من خطوات الدرب الطويلة، وأبرم اتفاقية تمثيل مع شركة أمريكية في المنطقة، ثم اتجه صوب رؤوس الهرم بدعوة الرؤساء والمسؤولين القياديين لإلقاء المحاضرات في مؤتمراته أو حضورها، واستطاع أن يستقطب المسؤولين في دبي إلى نشاطاته ويقنعهم بها.
اليوم تنظم داتاماتكس ما يصل إلى نحو 30 مؤتمرا سنويا في منطقة الشرق الأوسط، تركز على قضايا مصيرية، يتناولها المنظم باحترافية وجرأة، وغالبا ما تفتح أبواب النار عليه لأن "لسانه أطول من قامته" .
ما سر "الحصيرة "
وكان "كونسورتيوم" من 4 شركات اتجه إلى القضاء على أثر إحدى المؤتمرات التي نظمها علي، ووجه من خلالها نقدا لمنتجاتها، ولولا أن مسؤولا إماراتيا رفيع المستوى تدخل وأنقذ الموقف لكان الآن على "الحصيرة".
متحسرا ومتحمسا يقول علي "أريد تطوير المنطقة، لذلك ألجأ إلى النقد البناء، وقد وضعنا في داتماتكس 250 برنامجا للتطوير، وعلى مواقعنا 2500 صفحة من المعلومات القيمة، وأطلقنا معهدا غير ربحي، ونوزع جائزة الشرق الأوسط للتقنية، وهناك 8 جوائز توزع سنويا، وربما احتفظ بجائزة من تلك الجوائز، فقد لا يربح بها أحد وفق المعايير المرسومة"، كما أن هناك نحو 7000 متحدث للشركة يتوزعون على نحو 371 قطاعا..
نظرة من الداخل
ويعتمد مالك "داتاماتكس" الذي يلقبه العديد بـ"الثعلب" نظاما إداريا رصينا في شركته، من أبرز ملامحه؛ أنه لا توجد سكرتارية على باب مكتبه الذي يسوده الهدوء التام، كما أن معظم موظفيه لهم "قصة" توظيف، والأغلب تلقى تدريبا قبل أن ينضم للفريق، وكان أحد المسؤولين عاطلا عن العمل ثم عمل "فراشا " في المكتب قبل أن يصبح مسؤولا.
وقبل نصف ساعة من مغادرة مقر الشركة، على الفريق أن يدون عمله اليومي في "سيستم" خاص أعد لهذا الغرض، وعلي يتمسك بموظفيه بأنيابه، ولا يعطيهم فرصة لمغادرة شركته ويقف على مطالبهم، والمدهش أنه يطلب منهم تدوين مذكراتهم اليومية.
يقول علي "خطة العمل توضع لسنة، وتوزع المهام بدقة بين الموظفين، والكل يأخذ وقته قبل المساءلة".
الشركة المنزلية
الجنسية ليست شرط التوظيف فالمواطن لن يوظف في "داتاماتكس" إذا لم يتوفر فيه شرط الإبداع ، الذي يعد بطاقة المرور الوحيدة إلى مقر الشركة ولأن العمل يشمل العالم كله يحتاج علي إلى آلاف الموظفين، وهذا يعني أعباء مالية إضافية، لذلك طرح مفهوم "الشركة المنزلية" ومعناها أن يعمل كل موظف من منزله، وقد تعاقد بهذه الطريقة مع نحو 400 موظف عالمي من منازلهم في مجالات مختلفة، يجتمعون على موقع واحد، لوضع الخطط ومتابعة تنفيذها، والوقوف على النتائج.
والجنسية ليست شرط التوظيف، فالمواطن لن يوظف في "داتاماتكس" إذا لم يتوفر فيه شرط الإبداع، الذي يعد بطاقة المرور الوحيدة إلى مقر الشركة.
بداية "غبية" لكنها "ذكية"
يتذكر علي بداياته في عالم الكمبيوتر فيقول "أول كمبيوتر اشتريته كان عام 1983 بـ18 ألف درهم، وكنت "غبيا" لم أعرف كيف أستخدمه، فظننت أنه عاطل وأني وقعت ضحية للنصب، فعدت به إلى الشركة التي اشتريته منها، لكنها أثبتت لي أن الكمبيوتر "شغال" وأنا لا أعرف استخدامه بالشكل الصحيح".
شغف علي بعالم تقنية المعلومات كان يدفعه إلى ملازمة أحد الأصدقاء، وتوصيله في سيارته الخاصة إلى منزله، واصطحابه في رحلات، بهدف أن يتعلم منه، فقد كان الصديق محترفا بينما كان علي طامحا وهكذا تلاقت مصالحهما .
هل هناك شيء مستحيل؟
يقول علي "قرأت مقالة قبل 18 سنة نُقل فيها عن السناتور الأمريكي وقتها آل غور: إن المؤسسات إذا عرفت كيف تستغل تقنية المعلومات ستحقق المزيد من النجاح".
ويضيف "لقد شعرت بضرورة استقدام هذا الشخص إلى بلادي ليحاضر فيها عن دور الكمبيوتر، لكن الأمر بدا أشبه بالمعجزة حينئذ".
وفي قائمة ممن حاضرو في مؤتمرات علي حتى اليوم ( آل غور، المستشار الألماني غيرهارد شرويدر، رئيسة إيرلندا ميري روبنسون، رئيس وزراء إسبانيا السابق خوسية ماريا ازنار، نائب رئيس مجلس وزاء ماليزيا أنور إبراهيم)، وتتسع القائمة لأسماء أخرى تفوق الـ50 متحدثا من هذا الوزن الثقيل على مستوى العالم..
2008 .. عام الصفر
" تعتزم "داتاماتكس" تحويل عدد من الدورات والبرامج التعليمية إلى كليات جامعية ، كما أن هناك مخططا للتحول إلى مساهمة عامة ، تدرسه الشركة منذ سنوات بعد أن استوفت كل الشروط المطلوبة
رغم كل ما حققه علي الكمالي من نجاحات في "داتاماتكس"، وظهورها كأهم شركة منظمة للمؤتمرات محليا وخليجيا، سوف يدمر ماضيها وينسى كل شيء ويبدأ من الصفر بحسب قوله.
"وضعنا الخطة، وكل شيء جاهز، وقد أصبحنا جزءًا من خطة دبي حتى عام 2015، ونحن في تحد مع أنفسنا حتى ذاك التاريخ".
لو تحقق لعلي تنفيذ 50% فقط مما تحتويه "سلة الخطط" للعام المقبل لتضاعفت ثروته ولمع اسمه أكثر، "فداتاماتكس" تعتزم تحويل عدد من الدورات والبرامج التعليمية إلى كليات جامعية، كما أن هناك مخططا للتحول إلى مساهمة عامة، تدرسه الشركة منذ سنوات بعد أن استوفت كل الشروط المطلوبة.
ويرفط علي الإفصاح عن تفاصيل أخرى كرأس المال مثلا، لكنه يقول "إن الشركة ليست مديونة بدرهم واحد لأية جهة، وإنها تحقق عوائد ممتازة مقارنة بحجم أعمالها ورأس مالها، وتقدم خدمات فريدة في قطاعات المعرفة والتقنية والمؤتمرات".
الأسرة ذات ميول رياضية
هذه الشركة سيرثها أبناء علي، وهم ذو ميول رياضية، واللافت أن الأب وزع المناصب "منذ الحين" على أبنائه، وحدد لهم أدوارهم في الشركة، فأحد أبنائه مولع بلعبة "السنوكر" وسيتولى منصبا تنفيذيا، وآخر يلعب في الفريق الأول بنادي الوصل لكرة القدم، ويخرج إلى معسكرات في البرازيل لتنمية مهاراته الكروية وله منصبه أيضا، وبين الشباب توجد "فتاة" يحبها علي كثيرا، وسيسلمها الإدارة المالية في الشركة كي يصعب على إخوانها اتخاذ القرار من دون العودة إليها.
يقول علي "تعاملي مع أولادي صعب للغاية، لا أمنحهم شيء من دون مقابل، إذا دفعت طالبت بنجاحات".
وقد خطط الأب لكل من أبنائه 100 دورة تدريبية وتأهيلية على مدار 6 سنوات، يجب عليهم الالتحاق بها والتعلم منها، وهذه هي الفترة المطلوبة لينهي الأبناء دراستهم الجامعية، التي سيتدخل فيها علي أيضا بتحديد الفروع والأقسام المستهدفة.
الجامعة العائلية
وعلي يؤمن بما يسميه "الجامعة العائلية "، وقد قاده حماسه إلى تعميمها، بحيث تكون الفكرة عما قريب جزءًا من نشاط "داتاماتكس" في 22 دولة عربية، وفق مناهج وأصول ستوضع خصيصا لذلك.
علي الكمالي الأب، ورجل الأعمال حريص على "داتاماتكس" التي أدخلته عالم الثروة، فهذه الشركة يعرفها اليوم رؤساء عدد من الدول، وتقدم وصفات ممتازة، وجرعات من المعرفة في باقة خدمية، تعجز عن تقديمها كبريات الشركات.
هذا بفضل جهود رجل لم يكن يعرف -باعترافه الشخصي - أن يكتب رسالة اقتصادية!