تخلّى الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن فخامة البيت الأبيض وأخذ باصاً ليجول في ثلاث ولايات بوسط الولايات المتحدة، فهو يريد التحدث الى الناس، وشوهد في مقهى وفي مدرسة وفي مزرعة وكان يتحدث الى المحتشدين تماماً كما كان يفعل في العام 2008 عندما كان مرشحاً للرئاسة الأمريكية.

ويؤكد باراك أوباما للأمريكيين أن الاقتصاد سيتعافى ويضيف بلهجة المرشح "على واشنطن أن تتصرف مثلما تتصرفون كل يوم" ويقول أيضاً "إنه حان الوقت لوضع السياسة جانباً والقيام بالواجب" ويريد من هذا الكلام رفع اللوم عنه في تعثّر الاقتصاد ويريد أيضاً إلقاء اللوم على الكونغرس والجمهوريين.

ويواجه باراك أوباما تراجعاً في تأييد الأمريكيين لأدائه، فنسبة البطالة ما زالت عالية وتفوق 9% منذ العام الماضي وليست هناك مؤشرات حقيقية تقنع الأمريكيين أن الأوضاع تتحسن وأنهم سيحصلون على وظائف.
البطالة تقرر مستقبل أوباما
ويقول غاري بورتلس من معهد بروكينغينز لـ "العربية.نت "إن أكثر ما يهم الناخبين الأمريكيين هو ارتفاع دخلهم أو انخفاضه خلال السنتين قبل الانتخابات وفي الولايات المتحدة يرتبط ارتفاع الدخل بانخفاض البطالة وحالياً مستوى البطالة ثابت على ارتفاع" .

وتبدو الصورة مظلمة بالنسبة لباراك اوباما، لأن الأمريكيين يحمّلونه مسؤولية ارتفاع نسبة البطالة، لكن خبير معهد بروكينغز يسارع للإيضاح أن تأثير البطالة على الأمريكيين ليس سيئاً جداً لأن "الدولة تساعد الناس من خلال دفعها تعويض بطالة يصل الى فترة 99 أسبوعاً ومن خلال خفض ضريبي كبير وبالتالي لم يكن هناك انخفاض كبير في الدخل الفردي".

والمثير هنا أن مردود هذه المساعدة الحكومية لم يكن إيجابياً مئة بالمئة على الرئيس الأمريكي فالأمريكيون لا يفكّرون في المساعدات ولا يشعرون أن الحكومة الاتحادية صنعت معهم جميلاً بل يفكّرون في أنهم يعانون من بطالة عالية ويريدون وظائف.
الاقتصاد يتقدم على السياسة في انتخابات 2012
ستكون الأوضاع الاقتصادية الفيصل في انتخابات 2012 كما كانت في كل غالبية الانتخابات الأمريكية، فالناخب الأمريكي لا يهتم كثيراً في أن أمريكا نجحت في قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن خلال ولاية باراك أوباما ولا يهتم الأمريكيون في أن الجيوش الأمريكية أنهت حرب العراق وهي تعود الى الأراضي الأمريكية كما وعدها باراك اوباما، ولا يهتم الأمريكيون إطلاقاً في فشل باراك اوباما بالتوصل الى سلام في الشرق الأوسط.

ما حدث مع رؤساء أمريكيين سبقوا باراك اوباما الى البيت الأبيض درس مهم للرئيس الحالي، فالرئيس الأسبق جورج بوش نجح في العام 1991 في تحرير الكويت بأقلّ الخسائر الأمريكية وعقد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط في خريف ذاك العام، لكنه فشل في تحسين الأوضاع الاقتصادية وفشل في التجديد لولاية ثانية.

هناك إحصاء يكاد يقضي على أمل باراك أوباما في التجديد ويشير الى أن الأمريكيين وخلال نصف قرن لم يعيدوا انتخاب رئيس لولاية ثانية لو كانت البطالة أعلى من 7,2 بالمئة. ولكن، لا يعني ذلك أن آمال الرئيس في التجديد معدومة، فالحملة الانتخابية طويلة وحتى الثلاثاء الأول من نوفمبر 2012 ستقع أحداث كثيرة كما أن الرئيس الأمريكي في موقع القوي لتحسين الاقتصاد، وخلال الأيام الماضية طرح على الأمريكيين عدة مبادرات اقتصادية منها مساعدة اقتصاد المناطق الريفية من خلال التسليف وخلق الوظائف في تلك المناطق بربطها باقتصاد الطاقة المستعادة والوقود غير النفطي.
الحاجة لسياسات دراماتيكية
لا يعتبر الكثيرون أن مبادرات الرئيس الأمريكي خلال هذه المرحلة كافية لإنقاذ الاقتصاد، بل يطالبونه باتخاذ خطوات حاسمة وأكثر شجاعة مثل إنشاء مصرف للتسليف يهتم فقط بتمويل عمليات البنية التحتية كما يقترح ادم لوني ومايكل غرينستون من مؤسسة هاملتون، ويقترح آخرون أن تسهّل الحكومة الأمريكية استعادة المفلسين لمنازل خسروها في الأزمة المصرفية، وهناك إشارات لذلك بحسب مصادر في البيت الأبيض.

أما الخبير الاقتصادي غاري بورتلس فيقترح على الرئيس الأمريكي بالتوازي الاستثمار في كل مجالات البنية التحتية وتقديم إعفاءات ضريبية كبيرة للمؤسسات ويقول إنه لا مانع في أن تقول الدولة إن أصحاب الأعمال لن يدفعوا ضريبة لأشهر أو فترات طويلة، فالإعفاء الضريبي سيسمح لأصحاب الأعمال بالاستثمار مقابل تكلفة منخفضة وسيتمّ خلق فرص عمل واسترجاع العاطلين عن العمل من لوائح ضمان البطالة فيرفعوا أيضاً هؤلاء عن كاهل الدولة.