يتمتع الشاب السعودي عبد الرحمن طرابزوني بشهرة واسعة في عالم الثورة المعرفية، إذ يقود عملاق شبكة الإنترنت "جوجل" في المنطقة العربية الناشئة، وهو من المتحمسين لتغلغل الإنترنت في حياة السعوديين.

يشرح طرابزوني، في مقابلة نشرتها جريدة "الحياة"، أسباب ثورة السعوديين على الإنترنت والتسارع الهائل في معدلات استخدامهم لتطبيقاته ومبادرات الشركة للسوق السعودية وأسواق المنطقة في الفترة المقبلة.

ويؤكد طرابزوني أنه من المهم للاقتصاد السعودي أن يكون إحدى وسائل تنويع مصادر الدخل فيه، الاستثمار في التقنية وتحديداً في الإنترنت، شارحا كيف أن زيادة معدل استخدام السعوديين للشبكة العنكبوتية 60% عن الوضع الحالي سترفع معدل إجمالي الناتج المحلي في الاقتصاد الوطني بنسبة ست نقاط، إذ يبلغ متوسط ما يقضيه السعودي على الانترنت حالياً 136 دقيقة يومياً تقابلها 133 دقيقة تقضى على التلفزيون.

ويكشف عبدالرحمن مبادرات "جوجل" في السوق السعودية، والتي يجزم بأنها ستحسن من أداء الاقتصاد الوطني، إذ يشير إلى أنهم يعملون مع الغرف التجارية والوزارات لإطلاق مشروع يزيد من كفاءة المنشآت المتوسطة والصغيرة التي تعد إحدى ركائز الاقتصاد في البلد، وذلك من خلال تسهيل عملية إطلاق هذه المنشآت لأعمالها عبر الشبكة العنكبوتية وعرض منتجاتها مباشرة، ليراها المستهلكون في جميع بقاع الكرة الأرضية، ويتواصلوا معها لاقتناء منتجاتها، وهو أمر يزيد من مبيعات هذه المنشآت ويساعد في دعم إجمالي الناتج المحلي، ويضيف إلى قوة ومتانة الاقتصاد السعودي طاقة إضافية، فرفع كفاءة هذه الشركات يزيد بدوره من كفاءة الاقتصاد.
إثراء المحتوى العربي
ويفصّل طرابزوني المهمات التي تستهدف "جوجل" القيام بها في السوق السعودية، وهي إثراء المحتوى العربي عبر إطلاق عدد كبير من المبادرات في هذا الجانب تشمل المشاريع الحديثة منها، إبرام اتفاقات مع شركات اتصالات لتسهيل دخول المستخدمين على الانترنت وعلى برمجيات جوجل بأقل كلفة وبشكل شبه مجاني من أجل زيادة المحتوى العربي وتحفيز المبدعين على صنع المحتوى ونثر إبداعاتهم عبر الشبكة العنكبوتية، مع سعي الشركة الحثيث نحو تعريب المحتوى والربط بينه وبين الثقافة المحلية للسعوديين لتلبي برامج "جوجل" حاجاتهم ورغباتهم، ومن هذا إطلاق (يوتيوب السعودية) في شهر شباط (فبراير) الماضي، و(خرائط السعودية)، وهي سياسة يقول إنها ستستمر في جميع تطبيقات الشركة، إلى جانب عقد "جوجل" شراكة مع المبدعين السعوديين عبر اليوتيوب وتحديداً مقاطع الفيديو التي تنتقد باحترافية قضايا المجتمع السعودي، إذ يشارك هؤلاء الشركة في أرباح مادية تختص بمقاطعهم، وذلك لتشجيعهم على الاستمرار ومواصلة إبداعاتهم المساهمة أيضاً في إثراء المحتوى العربي.
وكان طرابزوني متأثراً عاطفياً عندما أظهر أول إحصاء رسمي عن قناة الحرم المكي عبر اليوتيوب التي أطلقتها الشركة بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام أخيراً، إذ تجاوز عدد من دخلوا على هذه القناة أكثر من مليوني مستخدم من 83 دولة حول العالم خلال فترة وجيزة، إذ صنعت هذه المبادرة حواراً حياً بين المسلمين وغير المسلمين عن شعائر الدين الإسلامي وهم يشاهدون الكعبة والطائفين بها مباشرة، ويدور هذا الحوار عادة في موقع بث القناة نفسه، وهي مبادرة كبيرة جداً لإثراء المحتوى كما يقول كانت وزارة الثقافة والإعلام مرنة في تنفيذها ونجحت نجاحاً مميزاً وفي وقت قياسي مقارنة ببقية الوزارات في الدول الأخرى.
الإعلانات عبر الإنترنت
ويؤكد عبد الرحمن أنه بما أن 96% من عوائد الشركة المالية تحصل عليها من الإعلانات الدعائية عبر الإنترنت، فإن مهام منظمة «جوجل» في السعودية، وضع خطط استراتيجية للشركات المحلية من أجل زيادة استثماراتها عبر تشجيعها على استخدام هذا النوع من الإعلانات وهو بديل ناجح عن الإعلانات التقليدية، إلا أن المنشآت السعودية ما زالت بحسب ما يذكر تتجه لاستخدام الإعلان التقليدي ولم يتجاوز إعلانها عبر الانترنت مبلغ 30 مليون دولار تعادل 2% من إجمالي حجم الإنفاق الإعلاني في السعودية، وفي الوقت نفسه ألمح طرابزوني إلى أن هناك نمواً مطرداً في هذا الجانب، إذ تزيد هذه المعدلات بنسبة 50%، وهو الأمر الذي قد يجعل حجم سوق الإعلان عبر الانترنت يصل 100 مليون دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
التزام الحيادية
وعن الربيع العربي والثورات السياسية التي تشهدها المنطقة، لم يخف عبد الرحمن التزام "جوجل" بمنهج يعتمد على الحيادية من كل هذا، فمحرك بحثهم الذي وضع الصورة المشوّهة لميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي كأول صورة وفقاً لخوارزمياته، ولم يحذفها مكتفياً بالاعتذار وتوضيح منهجه، لن يبتعد عن هذه الحيادية وهذا المنهج في تعامله مع الثورات العربية.

وذكر أن "جوجل" تسعى حالياً لتطوير شبكتها الاجتماعية (جوجل +)، إذ أطلقت النسخة التجريبية التي بلغ مستخدميها في ثلاثة أسابيع 20 مليون مستخدم، فتعمل الشركة جاهدة لتكون هذه الشبكة بمثابة غطاء رقمي لكل منتجاتها بشكل متجانس يجعل جميع أجزاء حياة المستخدم الافتراضية عبر الإنترنت من خلال هذه الشبكة، لافتاً إلى استفادة الشركة من التجربة غير الناجحة لبرنامجها "جوجل بوز" الذي يشابه تطبيقات تويتر، مؤكداً في الوقت نفسه سعيهم دائماً لتطوير منتجات تلبي طموحات المستخدم من دون الدخول في منافسة مع أية منظمة أخرى.