لاشك أن كل واحد منا يريد أن يصبح صاحب عمل يتعب ويكد ليجد نتاج عمله عائدا عليه فهو يبنى فى ماله ويزرع فى أرضه لكن كما يقول القائل : تجرى الرياح بما لايشتهى السَفِن

فعلى الرغم من رغبة الكثيرين فى امتلاك عمل خاص لكن هناك معوقات تحول بين التمنى والفعل

وسأذكر أهم خمسه معوقات

1. الموروث الثقافى

فللأ سف جاءت موروثات عقيمة لا تنتمى لديننا الحنيف ونسجت سحابه سوداء مظلمه أصبحت سنه ماضية لا تقاوم ولا يستطاع ردها

إن ثله من العاطلين الذىن لا يملكون أسباب الجد والاجتهاد نفثوا فى روع الأمه سما ًأسودا غطى العيون عن ابصار الحقيقة فغدت أخبار الحض على البعد عن الدنيا وعن المال حديثا تمتلىء به الكتب التى إن طمرت فى مياه المحيط لتلونت مياهه بلون المداد الذى كتبت به من كثرتها

نعم الدنيا لها حجمها الذى لابد ألا تتعداها لكن المشكلة أننا ابتدعنا لها حجما من عند أنفسنا فالله عز وجل خلقنا لنعمرها ” هو انشاكم من الارض واستعمركم فيها “

ورحم الله عمر بن الخطاب أميرالمؤمنين فإنى أكاد أسمع وقع درته على رأس المعتكف فى المسجد تاركا العمل ومتفرغا للعبادة والذكر وهو يقول لمن يقوم باعانته وإطعامه ” كلكم خير منه “

ألم يقل الله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى)(فَسَنُيَسِّر ُهُ لِلْيُسْرَى)( الليل :5-7)

وقال تعالى : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى) (وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى) (إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) (وَلَسَوْفَ يَرْضَى) (الليل:17-21).

وقال تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (البقرة:271)

وقال تعالى: (لن تنالوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (آل عمران:92)

وكيف يتم البذل والعطاء وعمارة الأرض إلا بالمال الذى هو عصب الحياة وأداة بنائها

ألم يقل الله تعالى المعوقات الخمسة للعمل الحر كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ ) “والخير هو المال الكثير، فسمى الله تعالى المال الوفير خيرا “.

ألم يقل النبى صلى الله عليه وسلم “: نعم المال الصالح للمرء الصالح“

ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم لأنس، وكان في آخر دعائه: “اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه”.

ألم يقل لسيدنا لسعد” إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة”

ألم يكن أبو بكر رضى الله عنه تاجرا غنيا ؟!.

ألم يكن عثمان رضى الله عنه تاجرا غنيا ؟!.

ألم يكن عبدالرحمن بن عوف رضى الله غنيا ؟!.

ألم يكن سعد رضى الله عنه غنيا ؟!.

ألم يكن أبو حنيفه رضى الله عنه تاجرا غنيا ؟!.

إنَّ ابتعادنا ونأينا عن عصب الحياه باعتباره خطيئة ومعصية وأن الخير فى الزهد والرهبنه أفسح المجال لكل صاحب ذمه فاسدة أن يصنع ما يشاء وبقى الصالحون هناك فى مكان بعيد يتعصبون ويملأون فضاءات الكرة الأرضية استجداءا وصراخا وعويلا ليمنعوا الظالمين من ظلمهم وهيهات أن يستجاب لقولهم أو أن يسمع لنصحهم

يقول العلامه محمد قطب “ليس هناك طريق للآخرة اسمه العبادة. وطريق للدنيا اسمه العمل! وإنما هو طريق واحد أوله في الدنيا وآخره في الآخرة. وهو طريق لا يفترق فيه العمل عن العبادة ولا العبادة عن العمل. كلاهما شيء واحد في نظر الإسلام. وكلاهما يسير جنباً إلى جنب في هذا الطريق الواحد الذي لا طريق سواه… وقد مرت على البشرية فترات طويلة في الماضي والحاضر، كانت تحس فيها بالفرقة بين الطريقين. كانت تعتقد أن العمل للآخرة يقتضي الانقطاع عن الدنيا، والعمل للدنيا يزحم وقت الآخرة ! “

نعم يرفض العقلاء أن يكون الانسان عبدا لماله أو لجاهه فذاك مرفوض … لكن لابد من تحصيل المال وليس المال فحسب بل المال الكثير الذى يكون فى اليد لا فى القلب فينشأ حضارات ويحيى انفسا ويصلح الأرض كما أراد الله وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال ” لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها “

2. عدم الجرأه والخوف

ولعل هذا يعود إلى أشياء كثيرة منها العرف القاتل الذى يحبب الناس فى وظيفه آمنه فكما يقال فى المثل فى مصر ” إن فاتك الميرى اتمرمغ فى ترابه ” ومعناه صوب نظرك إلى الوظيفة وإن لم تنلها فمنَّى نفسك بها وعش أيامك منتظرا لها وهذا الأمثال تدفع الكثيرين إلى عدم التفكير فى العمل وعده نوع من المخاطرة والحمق وانتظار فرصة مضمونه آمنه

وكذلك نظام التعليم التلقينى الذى لا يتيح للطالب أن يبدى رأيا أو يبتكر شيئا بل هو تلقين لا مجازفه فيه فكل ما عليك هو أن تحفظ ما يراد منك ثم تفرغه من رأسك فى ورقة الاجابه فلا تربيه لتحمل المسؤوليه ولا تدريب على تكوين شخصية ولا تدريب على أى شىء فينشأ الطالب بلا تجربه ولا حب للمغامره فيكون الامتداد الطبيعى لهذا هى الالتحاق بالوظيفه أو انتظارها

وإنى لأذكر بالفخر اخواننا فى لبنان وسوريا فهم فعلا أنموذجا جيدا فى حب العمل الحر وهذه ثقافه تحمد يجب تعميمها

3. التمويل

كثير من الشباب لديهم مشروعات قد تعبوا فى التفكير فيها وفى وضع خططها وهى مشاريع جيدة نافعه لها أمال عريضة لكن العائق هو التمويل فبين بنك ربوى يطلب منك فائدة وبين أصحاب رؤوس أموال لا يمدون يد العون تضيع سنوات وسنوات من البحث والتنقيب حتى ييأس صاحب المشروع فإما أن يترك المشروع والأمال التى بناها عليه وإما أن تصبح فكرة مشروعه غير صالحة للاستعمال لمضى زمانه وإما أن تقوم شركة أخرى بتنفيذ فكرة قريبه من فكرته

4. الخلفية الادارية الضعيفة

كثير من المشاكل تحدث نتيجة للخل فى الخلفية الادارية فيمن يرغبون فى بدء أعمالهم إما لا يعرفون ماذا يجب عليهم فعله لعمل مشروع صحيح فلا يقومون بعمل دراسه جدوى للمشروع أو أن لديهم مواطن ضعف فى التعامل مع العملاء أو الموظفين مما يؤدى إلى فشل المشروع ويكفيك أن تعرف أن تسعه من كل عشرة شركات تغلق فى غضون الخمس سنوات الأولى

5. البيروقراطيه الحكوميه

كثير من المشروعات تفشل نتيجة الاجراءات الروتينية فى المصالح الحكومية وتعدد الجهات المطلوب التعامل معها وتمثل هذه المشكلة عائقا كبيرا أمام الراغبين فى بدء أعمالهم وكم من مشروع أنفق صاحبه على تأسيسه الأموال وكلما اقترب من تحقيق حلمه جاءته الملاحظات من مسؤولى الدفاع المدنى أو الكهرباء أو المياه أو التليفونات وغيرها ليجد الشاب فى النهاية أنه قد أجَّر المكان وبدأ فى التأسيس منذ سته أشهر أو سنه ولم يبدأ المشروع مما يكبده مصروفات عاليه إما أن تغرقه فى الديون وقد تسبب فى سجنه أو أن تجعله مفلسا وفى النهاية لا حل له إلا اغلاق المشروع

ربما كانت هناك أسبابا أخرى لكن تبقى هذه هى أهم الأسباب المعوقه للبدء فى العمل الحر ويسعدنى أن تضيف أى أسباب تراها مناسبة وأسعد باستقبال تعليقاتكم وتجاربكم حول هذا الموضوع