يعرّف E.B.Taylor الثقافة على أنها "ذلك الكل المركب الذي يضم المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والتقاليد، وجميع المقومات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع معين".
إن مفهوم ثقافة المؤسسة مرتبط بمفهوم الثقافة في علم الأجناس البشرية، وتتضمن الثقافة كذلك الأفكار المشتركة بين مجموعات الأفراد وكذا اللغات التي يتم من خلالها إيصال الأفكار بها، وهو ما يجعل من الثقافة عبارة عن نظام لسلوكيات مكتسبة، لقد ظهرت خلال فترة الثمانينات مصطلحات جديدة متعلقة بالمؤسسة، كالمرونة، الجودة الشاملة، ثقافة المؤسسة، بالرغم من صعوبة المصطلح الأخير، وتعدد تعاريفه ظل ذا جاذبية خاصة لما يعتقد في قدرته تسهيل التغيير والتجديد التنظيمي.
إن مفهوم ثقافة المؤسسة أول ما برز في الكتابات الخاصة بالإدارة في أمريكا الشمالية، وهذا في سنة1981 ، وشاع استعماله في العديد من المقالات المتعلقة بالمؤسسات الأمريكية، كما أرتبط كذلك بمفهوم كفاءة المؤسسات الأمريكية، وتمثل كل من "نظرية z "، و"فن الإدارة اليابانية"، و" ثقافة المؤسسة "و" البحث عن الامتياز" من المصادر الأساسية الأربعة لثقافة المؤسسة، كما تعتبر بعض المقالات الصادرة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1981 من بين المراجع الأساسية الأولى التي تناولت هذا المفهوم، واستعمل مصطلح ثقافة المنظمة لأول مرة من طرف الصحافة المتخصصة في سنة 1980، وكان ذلك من طرف المجلة الاقتصادية الأمريكيةBusiness Week وأدرجت مجلة Fortune ركنا خاصا تحت عنوان Corporate culture، إلى أن جاء الباحثان (A.A. Kennedy & T.E. Deal) سنة 1982 بكتاب تحت عنوان (Corporate culture) واضعين بذلك اللبنة الأولى لهذا المفهوم، فيما يذكر هوفستيد أن مصطلح " الثقافة التنظيمية لم يصبح شائعا إلا في حلول الثمانينات الميلادية، ويحيل هوفستيد ذلك لكتابين اثنين هما: ثقافة المنظمة (Corporate culture: Deal & Kennedy 1982 )، وكتاب " البحث عن الامتياز " لبترز و ووترمان (In Search of excellence: Peters & Waterman 1982 )، وفي مطلع التسعينات تزايد اهتمام علماء السلوك التنظيمي بقضية " الثقافة التنظيمية" باعتبارها عاملا منتجا لمناخ العمل، مما يترك أثرا بالغا على سلوك الأفراد ومستويات إنتاجيتهم وإبداعهم.
يعرف الثقافة التنظيمية Edgar Morin على أنها:" ذلك النظام الذي ينقل التجربة الموجودة لدى الأفراد والمعرفة الجماعية المركبة التي تتمثل في الاتجاهات (المعتقدات)، القيم والمعايير السائدة بين الجماعات، الأساطير وتاريخ المنظمات والطقوس الجماعية"، فحسب Peter وwaterman تمثل هذه الأخيرة المفاهيم والمعاني المسيطرة أو السائدة في المؤسسة والقيم المشتركة، أما deal وKennedy يعرفانها بكونها تتعلق بتماسك و انسجام القيم والأساطير والبطولات والرموز التي تنتجها المؤسسة، ويرى إيليو جاك) (ELLIOT JACQUES أن:" ثقافة المؤسسة هي طريقة التفكير والسلوك الاعتيادي والتقليدي، وتكون مقسمة ومشتركة بين أعضاء المنظمة وتعلم شيئا فشيئا للأعضاء الجدد من أجل قبولهم في المنظمة" ،أما Hélene Denis يعرفها في كتابه "استراتيجيات المؤسسة و عدم التأكد مع المحيط" أنها:" تلك المجموعة التي تربط كل من طريقة التفكير، الشعور، الحركة بطريقة مقننة (متعارف عليها), حيث تتقاسم و توزع بواسطة أغلبية الأفراد، و أن هذه الطرق تركب هؤلاء الأفراد في مجموعة متعاونة خاصة و متميزة".
هذا التعريف واسع جدا، حيث أن الثقافة التنظيمية هي التي تربط ببين الأفراد فيما يخص تصرفاتهم و إحساسهم و ذكائهم، هذا الارتباط الذي تبنيه الثقافة هو في نفس الوقت موضوعي، بمعنى يمكن للثقافة أن تدرس، ترصد من طرف ملاحظ خارجي من المحيط، و في نفس الوقت رمزي أي بالمستوى الذي يأخذ ويوزع بين أفراد الجماعة، إذن هناك اشتراكية داخل المؤسسة، وحسبJeun Langatte, Jaques Muller, في كتابهما "اقتصاد المؤسسة"، عرفا الثقافة التنظيمية على أنها: "تتكون من مجموع مفاهيم المديرين, اتجاهاتهم (المعتقدات)، القيم الاجتماعية الموجودة لدى أفراد المؤسسة".
نستخلص من هذه التعاريف المتعددة عدة متغيرات لهذا المفهوم: فكل من مجموعة القواعد و القيم غير المكتوبة للمؤسسة و كذا "روح الجسد "كلها تعبر عن ثقافة المؤسسة.