لاشك أن العلاقة وثيقة بين نظام الحوافز في المنظمة – سواء كانت حوافز مادية أو معنوية ، أو حوافز إيجابية أو سلبية – وبين الدوافع والحاجات الإنسانية ، وبين الأهداف المطلوب إنجازها علي محوري العمل والفرد .
كما ينبغي أن تكون الحوافز مؤثرة بالدرجة الكافية لاستثارة دوافع الفرد وحاجاته – نظرية ماسلو – وأن تراعي الفروق بين الأفراد والجماعات في المنظمة حتي يقوي الانتماء لها ويتحقق الإنجاز المستهدف بالجودة المنشودة ورضاء العاملين وحماسهم .
ولعل المعادلة التالية تعبر عن هذه العلاقة المتبادلة وتفاعلاتها داخل الفرد وأثرها علي إنتاجيته
مثال عملي في احدى الشركات
جلس مدير عام احدى الشركات في مكتبه وحيدًا يفكر في التقرير الذي رفعه إليه مدير مصنع الشركة بخصوص فريق الصيانة في المصنع, كان أكثر ما يشغل باله في هذا الخصوص هو التحول الغريب الذي طرأ على احدى المهندسين في قسم الصيانة, ما زال المدير يذكر جيدًا حواره الأول مع المهندس في بدء التحاقه بالعمل بالشركة, لا ينسى حماسه وطموحه واستعداده المستمر للعطاء والبذل لمدة ستة شهور كاملة ... ستة شهور كان فيها مضرب المثل في المصنع كله.
ومع كثرة الظروف الصعبة التي مرت على المصنع كان المهندس دائمًا على مستوى المسئولية, كما أنه كان متميزًا بقدراته العالية بشهادة كل من عمل معه, ثم ... تغير كل شيء, اختفي الحماس والجهد الكبير وحل مكانه الخمول واللامبالاة, ظهر وجه آخر مختلف للمهندس, وجه الموظف التقليدي المتمرس في فنون التسويف و"التزويغ", كثرت شكاوي مهندسي المصنع من تراخي الصيانة وطول أزمنة الأعطال, واضطر مدير المصنع أن يكتب هذا التقرير للمدير العام يطلب فيه إعادة النظر في تشكيل فريق مهندسي الصيانة بالمصنع, بما فسره المدير على أنه رغبة في إنهاء التعاقد مع المهندس بالتحديد.
لماذا تحول المهندس بهذا الشكل؟! ... سأل المدير نفسه, هل يكون السبب هو عدم إدراج اسمه في كشوف العاملين المستحقين لحوافز مالية إضافية في آخر العام الماضي؟ لقد شعرنا وقتها أنه لم يمضى عليه وقت كاف في الشركة ... مجرد ستة شهور ... بينما أمضى عدد من زملائه عدة سنوات في الشركة, رأينا وقتها أنهم أولى بالحوافز لأنهم يعولون أسرًا ومضت عليهم سنوات دون حوافز, هل يكون السبب تغيير رئيس فريق الصيانة بالمصنع بعدما اعتاد المهندس العمل مع رئيسه الأول الذي كان معروفًا بتفاهمه مع مرؤوسيه, وبمحاسبتهم على مدى انجازهم للأهداف المتفق عليها لا على إجراءات التنفيذ؟ هل يكون السبب تلك الشائعات التي سرت بالمصنع بأن الشركة على وشك التخلص من وحدة الصيانة كلها والاتجاه إلى عقود الصيانة الخارجية للآلات؟ أم يكون السبب عدم قدرتنا على تلبية طلبه المتكرر بالسفر إلى ألمانيا للتدريب على صيانة الآلات الجديدة التي تعاقدنا على استلامها من هناك خلال شهور؟
كانت هذه هي العقلية الإدارية الصحيحة التي فكر بها المدير في التعامل مع المشكلة, فقد استخدم استراتيجية البحث عن جذور المشكلة, والسعي وراء معرفة أسبابها, ومعرفة الدوافع التي دفعته إلى هذا السلوك خصوصًا أنه ليس من أصل طبعه, فمعدنه الحقيقي ظهر وقت أن جاء للعمل في المصنع في بادئ الأمر.