كشفت وزارة العمل أخيرا عن معايير البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن عمل، والذي يشار إليه بـ ''حافز''، والتي اشتملت على اثني عشر معياراً، حددت ضوابط استحقاق الحصول على إعانة البرنامج الشهرية، والتي هي بحدود 2000 ريال سعودي.

تجدر الإشارة إلى أن معايير ''حافز'' حددت بعد تفكير عميق ودراسة مستفيضة لعدد من البرامج العالمية المشابهة، بغرض ضمان تحقق العدالة الاجتماعية بين الباحثين عن عمل من أفراد المجتمع السعودي، ولكن وفق ضوابط اقتصادية، لا تتنافي بأي حال من الأحوال، أو تخل بالأهداف الموضوعة للبرنامج، التي من بينها أهمها وأبرزها، مساعدة الباحث في الحصول على وظيفة دائمة ومناسبة وليس الركون للإعانة كمصدر لدخل ثابت. كما قد تم الاستناد في تحديد تلك المعايير على بيوت خبرات محلية وعالمية وجهات استشارية من القطاعين العام والخاص (قانونية، ومالية وإدارية)، إضافة وكما أسلفت إلى محاكاة نماذج ومعايير عالمية تطبق في دول متقدمة من العالم، ليس فقط على مستوى المعايير فحسب، بل وحتى على مقدار الإعانة ومدة بقاء استمرارها.

من هذا المنطلق تم التحديد على سبيل المثال النطاق العمري للمستفيد من إعانة برنامج ''حافز'' بحيث ألا يقل عن 20 سنة، ولا يزيد على 35 سنة، باعتبار أن هذا النطاق العمري، هو النطاق الأمثل لقدرة الإنسان على العمل بأقصى مستوى من الإنتاجية الممكنة، وبالذات بالنسبة للنساء اللاتي، يمثلن نحو 70 في المائة من إجمالي أعداد المستفيدين من البرنامج البالغ عددهم من الجنسين 700 ألف مستفيداً (الذين اكتملت بياناتهم لاستحقاق إعانة شهر المحرم من العام الجاري). كما أن هذا النطاق العمري، يمثل معظم فئة الشباب في المجتمع السعودي، والتي تمثل أكثر من 60 في المائة من تركيبة أعداد السكان السعوديين، إضافة على أن معظم العاطلين عن العمل في المملكة من الجنسين، تقع أعمارهم في النطاق العمري المذكور.

ولكن رغم تحديد النطاق العمري للمستفيدين من الإعانة المالية لبرنامج ''حافز''، وكما ذكرت ألا يقل عن 20 سنة، ولا يزيد على 35 سنة، إلا أن البعد الاجتماعي والإنساني لم يغفله البرنامج، بالنسبة للأعمار التي تقع خارج ذلك النطاق، حيث أتاح البرنامج لهؤلاء الذين تقل أعمارهم عن 20 عاماً (من الجنسين) أو تزيد على 35 عاماً (من الجنسين)، ويجدون في أنفسهم الجدية والقدرة على العمل والإنتاجية، يمكنهم من الاستفادة من جميع الخدمات الأخرى، التي يقدمها البرنامج للذين تنطبق عليهم المعايير باستثناء الحصول على الإعانة المالية الشهرية، حيث على سبيل المثال، يمكن لهم الاستفادة من برامج التدريب والتأهيل لسوق العمل خلال فترة بحثهم عن عمل، من خلال مراكز ''طاقات'' التي تعنى بتنمية الموارد البشرية وتقوم بمساعدة طالبي العمل من السعوديين للاستفادة من العديد من البرامج التدريبية، بما في ذلك مساعدتهم في إيجاد فرص وظيفية مناسبة تلبي احتياجاتهم وتحقق لهم تطلعاتهم وطموحاتهم. كما أن مراكز ''طاقات'' التي بلغ عددها حتى الآن تسعة مراكز منتشرة على مستوى المملكة، تقوم إضافة إلى تقديم خدمات التدريب والتأهيل لسوق العمل، تقوم بتقديم خدمات الإرشاد المهني، وخدمات التوظيف وخدمات ما بعد التوظيف، ويتوقع لأن يصل عدد المراكز خلال المستقبل القريب نحو 100 مركز على مستوى المملكة.

من بين الأبعاد الإنسانية والاجتماعية أيضاً لبرنامج ''حافز'' أنه يعد من بين أفضل البرامج المشابهة، التي تقدم على مستوى العالم، وبالذات بالنسبة لمقدار الإعانة المالية، التي تعد الأعلى بنسبة 70 في المائة من المتوسط العالمي، إضافة إلى المدة القصوى لصرف الإعانة (12 شهراً)، تعد من بين أطول الفترات عالمياً، حيث على سبيل المثال تستمر دولة مثل جنوب إفريقيا في صرف الإعانة لمدة ثمانية أسابيع، وفي بريطانيا لمدة ستة وعشرين أسبوعاً وفي كوريا الجنوبية لمدة أربعة وثلاثين أسبوعا، في حين تستمر صرف الإعانة في السعودية لمدة اثنين وخمسين أسبوعا.

خلاصة القول، أن البرنامج الوطني لإعانة الباحثين عن عمل ''حافز''، يعد بكل المعايير والمقاييس الدولية، من بين أفضل البرامج، التي تساعد الجادين في البحث عن عمل على الحصول على فرصة العمل المناسبة، التي تتناسب مع مؤهلاتهم وتطلعاتهم العلمية والعملية، كما أنه يسعى إلى مواءمة مدخلات سوق العمل، مع متطلبات السوق من الوظائف المختلفة، من خلال الرفع من مستويات التأهيل العلمي والمهاري للباحثين عن فرص عمل.

يتوقع لبرنامج ''حافز''، أن يعمل جنبا إلى جنب مع برامج أخرى، مثل برنامج ''نطاقات''، وبرنامج ''طاقات''، وبرامج معارض التوظيف ''لقاءات''، وغيرها من البرامج والمبادرات القادمة في المستقبل، لتوفير فرص وظيفية متعددة للباحثين عن عمل من الجنسين بالشراكة مع القطاع الخاص، وليس ذلك فحسب، بل يتوقع من تلك البرامج مجتمعة، أن تعمل على التطوير من آليات عمل سوق العمل في المملكة، بما في ذلك من أساليب الرقابة والتفتيش، ومكافحة التستر التجاري، وتصحيح الوضع التنافسي للسوق، وفي استحداث مرصد وطني لمعلومات القوى البشرية.

لعل ما يميز برنامج ''حافز'' عن غيره من بقية البرامج التنموية، قدرته في الموازنة بين البعدين الإنساني والاجتماعي، وبالذات فيما يتعلق بمساعدة الباحثين الجادين عن فرص عمل في القطاع الخاص، بصرف النظر عن استحقاقهم للإعانة المالية التي يصرفها البرنامج للمستحقين لها وفق الضوابط الخاصة بذلك.

أخيراً وليس آخراً، يعول على برنامج ''حافز''، أن يسهم بفاعلية في القضاء على البطالة بين المواطنين السعوديين من الجنسين، لكونه يعمل على الرفع من كفاءة التدريب والتأهيل للداخلين الجدد إلى سوق العمل، إضافة إلى دعم آليات التوظيف وتحديث البيانات عن السوق، مما سيعود - بإذن الله - بشمولية النفع والفائدة على الباحثين عن عمل وعلى الاقتصاد السعودي على حد سواء، والله من وراء القصد.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.