من المعلوم أن المنشآت الصغيرة والناشئة تكون إلى 90 في المائة من اقتصاديات العالم المتطور، وعليها يعتمد اقتصاد كل دولة للتوظيف والإبداع والنمو والتطور. وتخصص كل دولة جهازا مستقلا، يسمى هيئة أو إدارة المنشآت الصغيرة والناشئة، لرعاية ودعم هذه المنشآت، بشكل سلس وسهل وبسيط، علميا ومعنويا وماديا عن طريق التدريب والتعليم والبحث والاستشارة والمنح المالية والقروض الميسرة ذات المرابحة أو الفائدة البسيطة جدا.

ولكن ما هو تعريف المنشآت الصغيرة والناشئة؟ هذا يعتمد على كل دولة. ففي أستراليا تعرف المؤسسات والشركات الصغيرة على أنها أي كيان تجاري أو صناعي أو خدمي أو زراعي يوظف 15 فردا فأقل، وفي الاتحاد الأوروبي 50 أو أقل وفي أمريكا الشمالية 500 فرد أو أقل. كما تصنف وتعرف أيضا، بناء على المبيعات والموجودات الثابتة والأصول وصافي الربح.

ومن أمثلة المنشآت الصغيرة المحال الغذائية، والمخابز والمطاعم، والورش (مثل السيارات والصيانة المنزلية) والمصانع الصغيرة (مثل مصانع التمور والأغذية)، ومحال الحلاقة، والمزارع المنتجة (المزارع العضوية) وتربية الأغنام ومشاريع الدواجن الصغيرة والألبان العضوية والأجبان، وإنتاج الصخور والرمال، والمدارس الصغيرة كالحضانات والتمهيدي، والعمل من المنزل (الأسر المنتجة، الترقيم الطبي، البرمجة، الخياطة والحياكة)، والصيدليات، والمراكز الطبية، والمختبرات، ومصانع مواد التجميل والمنتجات الخاصة بالمرأة، وشركات النقل الصغيرة وشركات التاكسي، والمقاولات والإنشاءات وما يتبعها، والمسالخ الصغيرة المميكنة، ودباغة الجلود، وصناعة الحقائب اليدوية والأحزمة والجزم والأحذية الجلدية، وصناعة الصوف والملابس الصوفية، وإنتاج الصوف الخام، وصناعة بقايا الحيوانات الغذائية والطبية، وصناعة الأسمدة ومواد مكافحة الآفات ومحسنات التربة العضوية، وتدوير النفايات الزجاجية والبلاستيكية والورقية، وصيانة الحدائق، وغيرها كثير.

وبتنوع هذه المنشآت وتنوع نشاطاتها تتنوع الجهات ذات العلاقة التي تعنى بالتسجيل الرسمي أو الدراسات أو الدعم أو المنح أو التدريب والتعليم؟ أو القروض أو غيرها، ما يحتاج إليه صاحب أو صاحبة المنشأة. هذا بدوره يؤدي إلى التشتت وضياع أو عدم بدء أو خسارة عديد من المنشآت الصغيرة والناشئة. ويحجم كثير من الأفراد عن البدء بأي مشروع صغير، نظرا للبيروقراطية المزعجة والمعقدة، التي تؤدي إلى الإحساس بالتحطيم والعجز، وأن الأنظمة ضد أو تعقد أو تعرقل أو تبطئ من يريد أن يعمل لنفسه مع توظيفه للآخرين.

ما الحل إذا؟. أرى إنشاء شركة حكومية أهلية مشتركة، تسمى شركة المنشآت الصغيرة والناشئة، برأسمال حكومي، مع تخصيص جزء للمساهمة العامة، وتكون مستقلة للأعمال والمصانع الصغيرة والناشئة، لمن يصل عدد العاملين لديها، أو دراسة الجدوى تبين القوى العاملة، بما يقل عن 500 فرد. وتتولى، أيضا، اكتشاف ودراسة الفرص التصنيعية والخدمية والتجارية والفنية المتاحة (مثل الصناعات المساندة والتحويلية والنهائية، للصناعة البتروكيماوية والمنتجات الزراعية وغيرها)، في جميع أنحاء البلاد. كما تتولى جذب الأفراد والمجموعات، ممن ليس لديهم منشآت خاصة أو لديهم منشأة واحدة صغيرة، وتشجيعهم لتملك هذه المشاريع بضوابط سهلة سلسة ومُحْكَمة، بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم وقدراتهم العملية والإدارية والتجارية والصناعية والتخصصية، كما تتولى بالتعاون مع الجهات والهيئات الحكومية والخاصة الترخيص والعناية والتدريب والدعم وتأييد المنح والقروض وزيادة رأس المال والمتابعة لهذه المنشآت بما يسمى خدمة النافذة الواحدة. ويكون لها فروع في جميع مناطق المملكة، ويشرف عليها رئيس مستقل مع مجلس إدارة أهم شروط أعضائه الإبداع والإنتاج وحب دعم الناس، ويبعد عنه كل من يميل للعمل الروتيني البيروقراطي المقيت. ويكون شعار الشركة "يدا بيد من الفكرة للإنتاج للتسويق والنجاح".

أيضا إنشاء بنك يسمى، البنك السعودي للمنشآت الصغيرة والناشئة، برأسمال حكومي وخاص، مع تخصيص جزء للمساهمة العامة، حيث يكون المرشد والمستشار المالي والممول والمستقبل لودائع هذه المنشآت مما يمكنه من تدوير وتنمية رأس المال لتمويل ودعم منشآت جديدة أخرى. ومن أهدافه زيادة المنشآت الصغيرة المنتجة في البلاد، حيث يكون تقييم القائمين عليه مبنيا على عدد المشاريع الصغيرة الناجحة والمشاريع ذات النمو المالي الفعلي.

وكما قيل: من نوى ما عجز، من عنده إرادة للعمل والإبداع وجد طريقة للتنفيذ.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.