بدأت الحركة العلمية في التنظيم الإداري بتوجيه اهتمامها نحو البحوث والتجارب التي تنصب على تحسين الكفاءة الإنتاجية محل دراسة الحركة والوقت والحوافز المادية وتحليل العمل وتوصيف الوظائف مما ساعد على التوصل إلى الأركان العلمية للتنظيم الرسمي واستنتاج القواعد واللوائح والنظم والقرارات والعقوبات الإدارية التي بمجموعها تحدد الصلات الرسمية والاختصاصات والمسؤوليات والواجبات بين الأفراد في الجهاز الواحد وبين ألا جهزه المختلفة في التنظيم.

وقد إتضح للباحثين من خلال تطبيق تلك الأسس العلمية الجديدة إنها ذات قصور وتتركز على الجوانب المادية البحتة وتهمل الجوانب الإنسانية المعنوية والكفاءة البشرية للفرد مما يولد مشاعر الاستغلال والغبن الذي بدوره يدفع العاملين للأخذ بمظاهر جديده عرفت باسم التنظيم غير الرسمي، أي قيام القوى البشرية داخل التنظيم أو داخل الجهاز بتحديد إطار التعامل فيما بينها ومن هذه المظاهر:-
(1) القدرة الجماعية على تحديد ساعات العمل وحمل الأفراد على التقيد بها بمعدل وكميات معينة.
(2) وضع لوائح غير مكتوبة بين الأفراد مثل محاولة إصلاح خطأ مادي أو إداري دون إبلاغ الإدارة عن هذا الخطأ أو مرتكبه.
(3) استعمال كلمات وتعبيرات ذات مدلول عام ولكنها تعني للجماعة مدلولا ومعنى خاص بهم.

لقد كانت مثل هذه التصرفات وغيرها دافعا لإعادة النظر في أركان التنظيم وإعطاء الجانب الإنساني والعلاقات الإنسانية اهتماما أكبر.
وأن الاهتمام بالجانب الإنساني في العمل ليس بخطأ كما يعتقد البعض بل إنه له تأثير ربما يكون أكثر من التأثير أو الحافز المادي لدفع عجلة النشاط، فإن إيجاد جو من العلاقات الإنسانية الطيبة الهادفة هو دافع وحافز نحو إيجاد علاقة وثيقة بين العامل والعمل ولا يكلف مسؤول التنظيم أي نفقة قيامة بسؤال أحد العاملين عن حالة إبنه المريض أو أخيه المصاب وإنما يكون علاقة اجتماعية ويشعر العامل بأن هناك من يهتم بمشاكله الخاصة.
هذا ومن خلال الدراسات العلمية التي أجريت على العلاقات الإنسانية في العمل تبين:-
(1) أن العلاقات الإنسانية الطيبة لا تتعارض مع حسن الإدارة ولا مع عامل الربح
(2) أن مفهوم العلاقات الإنسانية لا ينبع من عامل الشفقة أو الإنسانية فحسب بل هو يعكس مبادئ علمية سليمة.
(3) أن الهدف ليس الزيادة العارضة في الإنتاج وإنما هو الإنتاجية المستمرة والدائمة.

يتضح مما سبق أن التنظيم الرسمي العلمي وحده لا يكفي للنجاح في العمل ولا بد من التركيز على العلاقات الإنسانية كركن أساسي من أركان نجاح التنظيم وإدارته ولكن يجدر بنا أن نتعرض لبعض الدعائم والأسس التي ينبغي مراعاتها والأخذ بها لتوفير جو العلاقات الإنسانية

أولا: أن تكون الإدارة قوة دافعة للعاملين بتهيئة جو العمل من إضاءة وتهوية وهدوء مع تتبع حالة العاملين الشخصية داخل بيئة العمل وخارجها.

ثانياً: أن تراعى الإدارة الاختلافات الفردية فلا تعامل الجميع معاملة واحدة.


ثالثاً: ضمان حسن اختيار وتوظيف جهاز العمل للتأكد من صلاحية أداء الأفراد لدورهم في التنظيم وهذا يستدعي القيام بـ :-
1/3 :تحليل العمل الذي يقوم به كل شخص.
2/3 : توصيف العمل وتوفير المعدات اللازمة له ومعرفة الوقت الذي تحتاجه عملياته.
3/3 :وضع الفرد الكفء في الوظيفة المناسبة فلا تكون فوق مستواه فيهملها ويقصر في أداء واجبه ولا تكون أقل من كفائته فيحتقرها، أي يجب أن تكون عملية شغل الوظائف دقيقة قدر الإمكان.

رابعاً: أن تراعي الكرامة الإنسانية في المعاملة فيجب أن نعامل الفرد بإحترام وان نحفظ له كرامته وأدميته بما يلي:-
1/4 :إذا شعر الشخص بخطأ فعلى المسؤول أن يحفظ له ماء الوجه وتقديم الحل في شكل اقتراح وليس أمر.
2/4 :أن تكون المعاملة عادلة فلا نستلطف شخصا ونتحيز له دون غيره ولا نشكل كتل أو جماعات إقليمية أو عرقية.
3/4 :منح العاملين فرصا للترقي والتقدم وفتح أبواب المستقبل أمامهم.
4/4 :حث الأفراد على زيادة جهودهم بالبحث عن دوافعهم النبيلة والحناء عليهم وجعل الموقف في صوره تحدي إداري بالنسبة لهم وإظهار العمل في صورة بسيطة.
5/4 :مراعاة شعور كل شخص وإبراز صفاته الطيبة ومدحه بها وسؤاله عن أحواله وأسرته ونشعره إننا نهتم بهم ويفضل مناداته باسمه ومقابلته
بالابتسامة.

6/4 :الابتعاد عن اللوم المباشر وتحويره عند اللزوم ونحاول الادعاء بان الأعذار سبب الإهمال وهذا نوع من التأنيب الخفي.
7/4 :الاستماع للعاملين في مسائل العمل والأمور الشخصية أيضا ومحاولة معاونتهم في الحصول على حاجاتهم قدر الإمكان.
8/4 :احترام أراء العالمين والتحدث معهم فيما يحبونه دون إثارة كثير من الجدل العقيم.

خامساً: الاهتمام بتجديد وإنعاش معلومات الأفراد وإطلاعهم على كل جديد بأسلوب متطور يختلف عن أسلوب الحفظ والعليم النظري ومن الأفضل أن يكون ذلك بطريقة المناقشة وتبادل الآراء.

سادسا:ً وضع اللوائح وأساليب التنظيم التي يطبقها التنظيم بأن تكون ذات أثر طيب يساعد على رفع الروح المعنوية للجماعة ويزيد من حماسهم مراعياً آلاتي:-

1/6 :وضع أهداف التنظيم في لوائح وقرارات واختصاصات تناسب تخصص وكفاءة كل شخص في التنظيم
2/6 :توضيح طريقة التنفيذ والوسائل التي يمكن استخدامها .
3/6 :ربط الأشخاص بعضهم ببعض بوسائل اتصال سليمة وتحديد العلاقة بين الوظائف بحيث يعرف كل شخص حدود وظيفته وصلاحياته وعلاقتـه بالآخرين للأعلى والأدنى.
4/6 :وضع مقاييس لمتابعة وتقييم إنتاج العاملين.

سابعاً: تحقيق مبدأ المنفعة المتبادلة بين العاملين والتنظيم بحيث يفيد التنظيم العاملين من ناحية الرواتب والحقوق والسكن الجيد وأن يكون ذلك بنفس مستوى حرص التنظيم على قيام العاملين بتأديتهم لواجباتهم.

مما سبق نجد إنه من المفيد لمن هو في منصب القيادة والإشراف أن يهتم قدر الإمكان بالدعائم الإنسانية لما فيها من فائدة في كفاية العمل واستمراره وإيجاد الولاء من العاملين للتنظيم.
وقد ذكر أحد العلماء في الإدارة الحديثة أن جميع الدعائم الإنسانية جمعت في كلمة واحدة باللغة الإنجليزية هي (HUMAN TOUCH) والتي تعني "" اللفتة الإنسانية "" حيث أخذ من أول حرف منها بالإنجليزية المدلولات التالية:-
إستمع إلى الشخص
تفهم وإحترم مشاعره
شجع ميوله
قدر جهوده
مدة بالمعلومات
دربـــــه
إرشده وأفتح عيونه لما هو مفيد
عاملة كشخص له خصائصه وخصاله
إتصل به دائما
أكرمه كشخص
وفي نهاية هذه العجالة لا يسعني إلا أن اذكر أن الفلسفة الحديثة للعلاقات الإنسانية في التنظيم تقوم على الأسس التالية :-
(1) إن العامل ليس آلة وإنما هو إنسان له مشاعر ورغبات ومشاكل.
(2) أن العمل وهو في مكان العمل لا يمكن فصله عن المجتمع الكبير الذي يعيش فيه وغالباً ما يأتي للعمل محملا ببعض مشاكل المجتمع.
(3) أن للاتصالات الأهمية القصوى في خلق التفاهم بين العاملين وجهاز الإدارة.
(4) أن نظرة الإدارة للعاملين تعكس وتحدد نظرة العاملين للإدارة وأسلوبهم في العمل وكفاءتهم الإنتاجية.
(5) أن العامل لا ينفصل عن زملائه وأن العاملين يميلون باستمرار إلى المجتمع غير الرسمي الذي قد لا يتفق مع الإدارة.
(6) أن الأسلوب الجيد في الإدارة له أثر كبير في رفع الروح المعنوية والرغبة في العمل.