قد لا أكون مبالغاً لو قلت إن نصف حل مشاكلنا مع البطالة يتمثل في ضبط العمالة الوافدة وتنظيم مجالات عملها!! وقد لا أكون ظالما إن قلت إن تنظيم العمالة الوافدة ينفي الحاجة إلى ما يمكن تسميته ب"حافز"!! أو إعانة البطالة بالمملكة!!، وسأكون صادقا ودقيقا عندما أقول إن العمالة الوافدة " تلعب " بوطننا وبخيرنا ولا تترك لأبنائنا رطبا ولا يابسا!! والمشكلة الأكبر أن ذلك يتم أمام أعيننا فلا نرى ولا نسمع ولا نتكلم!!.

التقديرات الإحصائية تشير إلى أرقام مهولة وغير معقولة لتحويلات العمالة الوافدة. هذا يرتبط فقط بالتحويلات النظامية أو تلك التي يمكن التعرف عليها وهي أرقام " صادمة للجميع " فلكم أن تتخيلوا تحويل العمالة الوافدة ل500 مليار ريال خلال خمسة أعوام. وأجزم أن رقما يفوق هذا الرقم تم أيضا لكن دون أن نعلم عنه!!.

عندما كنت أعمل مساعدا لأمين عام الغرفة التجارية الصناعية بالرياض قبل أكثر من خمسة أعوام كنت أتحاور كثيرا مع الشباب الطامحين لممارسة العمل التجاري أو ما نطلق عليهم " شباب الأعمال " كما كنت أتحاور كثيرا مع أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهم وهنّ أساس اقتصاد الأوطان. الكل يجمع على أن أكبر تهديد له في مجال عمله هم " العمالة الوافدة " المتلاعبة!! وكنت أتساءل كثيرا كيف يمكن لعمالة أجنبية أن تأكل رزق أهل " الديرة " وتهدد مصالحهم أيضا؟! وعندما كنت أتحاور مع محاولي ممارسة تجارة المواد الغذائية مثلا من خلال البقالات الصغيرة كانوا يتأوهون من جور العمالة الوافدة فهي التي" تحتكر" توزيع المواد الغذائية التابعة لشركاتنا الوطنية الكبيرة ولتجارنا الأكارم!! كيف؟ يقول أولئك الشباب السعوديون إن موزعي المواد الغذائية يتخطونهم إلى رفاقهم من العمالة الوافدة التي " تمتلك " البقالات بينما يتركون المالك السعودي الحقيقي بلا تموين!! بحيث لا يستطيعون مواصلة التجارة وبالتالي يخرجون من السوق عنوة!! وحتى أسواق الخضار تهجم عليها العمالة الوافدة فلا تبقي للسعوديين شيئا ولا تذر!! وحتى تجارة العقار تم بحمد الله ومنته "استيلاء" العمالة الوافدة عليها من خلال استئجار العمارات السكنية والتجارية كاملة ومن ثم العمل على تأجيرها ب" القطاعي"!! فمثلما عملت العمالة الوافدة بسوق الخضار ستفعل أيضا بالسوق العقارية، ومثلما أخرجت المواطن من بيع الطماطم فستقذف به في الهاوية في سوق العقار أيضا. ومثلما تضرر المزارع المواطن حتى بدأ يبيع مزرعته وما فيها أو يؤجرها للعمالة الوافدة فسيفعل من يبني عمارة بهدف الاستثمار العقاري أيضا!!.

وما دمنا " نغمض العين" فسيأتي اليوم الذي يتم فيه "عمى العين تماما" عن كل ممارسة وافدة غير نظامية " تقضم " خير أبناء الوطن. ومن هنا فإنني أتطلع إلى قرار حاسم وسريع ومتابعة صادقة تنطلق من حس وطني ومن واجب مجتمعي للحفاظ على اقتصاد الوطن وللعمل الجاد على " طمس" ما يسمى ب" البطالة " في وطننا وذلك من خلال العمل على سعودة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتركيز على:

سعودة جميع محال الخضار والبقالات ومغاسل الملابس ومحال بيع المواد الغذائية بشكل عام ومنع تواجد الوافد فيها أيا كان المبرر.

القيام بزيارات مفاجئة للمزارع ومعاقبة المواطن والوافد في حال اكتشاف مخالفة نظامية في إدارتها أو ملكيتها.

سعودة جميع مندوبي التوزيع في كافة الشركات المحلية ومنع تواجد الوافد فيها مطلقا.

المتابعة الدقيقة للمكاتب العقارية ومعاقبة من يسمح بتواجد الوافد في مكاتبها أيا كانت وظيفته ومتابعة عقود التأجير والبيع.

المتابعة الدقيقة لملكية وتواجد المواطن السعودي في الورش كافة سواء منها ما يتعلق بورش السيارات أو مستلزمات المنازل وغيرها.

العمل على توطين وفرض سعودة الملكية والممارسة لكثير من المنشآت الصغيرة التي " يلعب " بها الوافد بينما نحن نبحث عن إعانة "حافز" ولعل نظرة سريعة للمشاغل النسائية بالمملكة التي تمتلكها دون أدنى شك العمالة الوافدة قادر على توفير فرص وظيفية ودخل عال جدا للمرأة السعودية!!.

وأظن أن مراقبة حازمة ودقيقة وقوية ستعمل على توفير فرص عمل وتجارة لا حدود لها في الوطن ولن تجعل المواطن ذكرا كان أو أنثى يبحث عن "حافز" يدفع له تعويضا عن " نومه أو تكاسله" ذلك أن الوطن عندما يمكن المواطن من ممارسة العمل الشريف النظيف المربح سيجعله نافعا لنفسه ولمجتمعه محبا لوطنه وخادما له ولعل متابعة دقيقة لتحويلات العمالة الوافدة تجعلنا نحمي الوطن من هذه الفوضى التي تمارسها العاملة الوافدة التي تقوم بتحويل المبالغ المالية دون سؤال عن مصادرها أو متابعة لحجمها. كما أن مراجعة دقيقة لنظام الاستثمار الأجنبي وحصره فقط على المبالغ الضخمة والمجالات التي يحتاجها الوطن ولا يستطيع تنفيذها المواطن ستجعلنا نستطيع توفير فرص استثمارية للمواطن بدلا من خلقها للوافد. فهل نتحرك في هذا المجال أم نستمر " نغمض العين تارة وننظر بها خلسة تارة أخرى "؟!

* نقلا عن "الرياض" السعودية