لو تأملنا جيدًا مسيرة التطور الاقتصادي الذي شهدته المملكة خصوصاً، وباقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل عام خلال السنوات القليلة الماضية، فسيتبين لنا أن صناع القرار في دولنا استطاعوا أن يتعاملوا بجدية وكفاءة مع مستجدات العولمة الاقتصادية،
ومضت دول المجلس بخطوات جريئة وثابتة على طريق الإصلاح الاقتصادي، وتحسين بيئاتها الاستثمارية، ورفع مستويات التنافسية المحلية والعالمية، لكن تطورات عالمية طارئة شكلت عوامل معاكسة وربما معوقة، نثق في أنها مؤقتة وعابرة، وستتخلص اقتصاديات دولنا من تأثيراتها السلبية إن شاء الله.
ورغم انطلاق موجة الانتعاش الاقتصادي القوية، التي شهدتها دول المجلس منذ السنوات الأولى في العقد الأول من القرن الحالي ( 21 )، والتي استطاعت أن تجني عوائد مالية ضخمة من مواردها النفطية بلغت 1.6 تريليون دولار، خلال الفترة من 2002 - 2006م، وحققت فوائض مالية قدرها 171 مليار دولار في عام 2006م وحده بنسبة 24% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن عوامل اقتصادية عالمية خارجية في معظمها، وتوترات سياسية وأمنية إقليمية وعالمية طرأت، ثم تفجر الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تعد أسوأ أزمة
جاء إقرار السوق الخليجية المشتركة من قبل قادة دول المجلس والتي باتت سارية التنفيذ اعتبارًا من أول يناير 2008م، ليحقق حلمًا لراود الاقتصاديين ورجال الأعمال في دول المجلساقتصادية يواجهها العالم منذ ثلاثينيات القرن العشرين، كلها ألقت بظلالها السلبية على اقتصادات دولنا الخليجية، رغم أن تأثرها كان أقل سوءًا مما تعرضت له معظم الاقتصادات العالمية المتقدمة والنامية على السواء.
ولذا فإن على دولنا أن تواصل سياسات الإصلاح الاقتصادي، التي بدأتها وأن تسرع الخطى لتحسين بيئاتها الاستثمارية والنظامية ورفع مستوى التنافسية، وأن تمضى قدمًا في بناء مشاريعها التنموية العملاقة، وتطوير البنية التحتية، ونأمل أن تنقشع هذه الحالة الانكماشية في الاقتصاد الأمريكي قريبًا، وعلينا أن نكون جاهزين لمرحلة الانطلاق الاقتصادي التي تحدث عادة بعد حالات الانكماش.
وعلى المستوى الخليجي العام، جاء إقرار السوق الخليجية المشتركة من قبل قادة دول المجلس والتي باتت سارية التنفيذ اعتباراً من أول يناير 2008م، ليحقق حلماً لراود الاقتصاديين ورجال الأعمال في دول المجلس، وانتظروه طويلاً، وليحدث قفزة لمسيرة العمل الاقتصادي الخليجي المشترك، ولينقله من مربع ضيق ومقيد في ميدان الوحدة الاقتصادية، ولا شك أن هذه الخطوة تزيد من فاعلية جهود دول الخليج لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية. وأرى في ذلك دفعا قويا لدفع عملية تطوير أطر وآليات التعاون الثنائي التجاري والاستثماري بين بلادنا وبقية دول مجلس التعاون، وهنا يبرز أهمية تفعيل الدور المنوط بمجلس الغرف التجارية الصناعية بالمملكة، في مسألة تنشيط حركة التبادل التجاري مع مختلف دول العالم، وتوفير متطلبات السوق المحلية، إضافة لتنشيط حركة تدفق السلع الوطنية إلى الأسواق الخارجية، بما يترجم في شكل تطور اقتصادي ورفاهية يجني ثمارها المواطن السعودي.