الوظيفة العامة... حقوق وواجبات

قراءة لواجبات الموظف العام في ضوء النظام السعودي

أ. د. السيد أحمد مرجان، أستاذ القانون العام المشارك بمعهد الإدارة العامة بالرياض

تعد الوظيفة العامة أمانة ومسئولية، وتكليفاً وليست تشريفاً، هدفها الأساسي أداء خدمة عامة لطالبيها؛ تحقيقاً للصالح العام طبقاً للأنظمة واللوائح المعمول بها. ويرتبط مفهومها بفلسفة الدولة، ونظرتها إلى العاملين لديها، والنظام الذي تعتمده، لذا يطلق عليها ويراد بها: كيان قانوني قائم في إدارة الدولة، تتألف من مجموعة أعمال متشابهة ومتجانسة، توجب على القائم بها التزامات معينة، مقابل تمتعه بحقوق ومزايا محددة سلفاً. ويطلق على شاغلها اسم: «الموظف العام»، والذي يعهد إليه أداء خدمة عامة في مرفق عام، تديره الدولة، أو أحد أشخاص القانون العام، أيا كانت مركزية أو لا مركزية.


ولما كان أي حق يقابله واجب ، فإن حقوق الموظف العام وواجباته تجد مصدرها في الأنظمة واللوائح المنظمة للوظيفة العامة، وهذا ما جعل الاتجاه السائد فقهاً وقضاءً يعتبر علاقة الموظف بالإدارة علاقة تنظيمية. ولقد حدد المنظم السعودي الواجبات الوظيفية في المواد من11: 15 من نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (49) وتاريخ 10/7/1397هـ. والمواد من1: 6 من لائحة الواجبات الوظيفية الصادرة بقرار وزير الخدمة المدنية لعام 1427هـ. ومن أهمها ما يلي:

أولاً: المحافظة على كرامة الوظيفة:
ويقصد به: واجب الترفع عن كل ما يخل بشرف وكرامة الوظيفة العامة، طبقا للعرف العام، وأن يسلك في تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب لوظيفته المعهودة إليه. وهو ما يعرف بشرط حسن السيرة والسلوك. الذي هو شرط لازم لاستمرار وبقاء الموظف، فارتكابه لأفعال تسيء إلى خلقه، وسمعته، وتضعه موضع الشبهات والريب وتحط من قدره واعتباره.. تجعله معرضاً للفصل بغير الطريق التأديبي، أو للمجازاة والمحاكمة التأديبية التي قد تنتهي إلى فصله من الخدمة حسب جسامة سوء السلوك. ولما كانت الثقة في الموظف العام لا تتجزأ، فإن توافرها لازم، سواء في محل العمل أو خارجه، فلا يمكن للموظف الإدعاء بأنه خارج الدوام الرسمي، حر يفعل ما يشاء ، ولو بسلوك شاذ كشربه الخمر، أو لعبه القمار في إحدى الاستراحات أو أحد الأندية أو المحال العامة.


ثانيا: مراعاة آداب اللياقة مع الغير:
وهو ما يرتبط بما سبق، إذ يقتضي حسن الخلق واستقامة السلوك أن يراعي الموظف آداب اللياقة في تصرفاته مع الغير من جمهور المراجعين والمنتفعين بخدمات المرفق العام، أو الرؤساء، أو الزملاء، أو المرؤوسين؛ لأن المجتمع الوظيفي يتطلب التعاون والتنسيق بين الأعمال والموظفين، ومن ثم فمراعاة الأسلوب اللائق في التخاطب الشفهي أو المكتوب أمر ضروري، وعدم الانفعال والقيام بمضاربة أحد، وعدم استخدام الألفاظ الجارحة في التعامل بالشتم أو السب أو التهكم والسخرية أمر واجب. فضلاً عن حسن معاملة الكافة، إذ لم تخلق الوظيفة العامة لأجل استعراض السلطة والنفوذ في حق الناس، وإساءة استخدامها، بل من أجل خدمتهم، وتحقيق الخدمات العامة في مختلف المجالات.

ثالثا: التفرغ للوظيفة العامة:
بمعنى أن يعطي الموظف كل وقته للقيام بأعمال وظيفته، فيتفرغ لها باعتباره قد ارتضاها مهنة حياته في خدمة الدولة والمواطنين. وهو ما يتفرع عنه ما يلي:
أ*- أن يؤدي عمل وظيفته بنفسه: فلا يفوض غيره كمرؤوس له في أداء بعض أعماله إلا إذا رخص له النظام بذلك.
ب*- أن يخصص كل وقت العمل الرسمي لأداء أعمال وواجبات وظيفته.
ت*- جواز تكليفه بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية، إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك وبشروط أوضحتها لائحة التكليف، الصادرة عام 1420هـ.
ويستلزم هذا الواجب أيضا عدم الجمع بين الوظيفة العامة وبين أي عمل آخر يؤديه بالذات أو الواسطة، إذا كان من شأنه الإضرار بأداء واجبات الوظيفة، أو كان غير متفق مع مقتضياتها. ولا يجوز له أداء أعمال للغير بمرتب أو بمكافأة حتى في غير أوقات العمل الرسمية. واستثناءً.. نص قرار مجلس الوزراء رقم (22) وتاريخ 3/2/1404هـ على أنه: (لا يسمح للموظفين في القطاع العام بممارسة المهن الحرة، ويجوز بقرار منه بناء على توصية من مجلس القوى العاملة ومجلس الخدمة المدنية استثناء شاغلي فئات معينة من وظائف ذات تخصص معين على أن لا يتعارض عملهم في مهنهم مع عملهم الأصلي، وأن لا يؤثر على مصلحة الدولة).
تلكم كانت أبرز واجبات الموظف العام..على أمل إكمالها لاحقاً.