الأجر مقابل العمل في نظام الخدمة المدنية

إعداد / د. محمد بن علي الحداوي - مدير إدارة برامج الأنظمة – المستشار القانوني للمعهد


يمثل الأجر بالنسبة إلى الموظف العام أهمية قصوى، وطموحاً مشروعاً، ومطلباً جوهرياً، إذ هو الهدف الرئيس من الالتحاق بالوظيفة، والحافز القوي للقيام بواجباتها وأداء متطلباتها بالدقة والأمانة اللازمتين .ومن ثم تضع الدول أنظمة خاصة تضمن للموظف حقوقه، ومنها حقه في الحصول على الراتب وما يتعلق به من علاوات ومكافآت وتعويضات، من دون تأخير و ذلك في مواعيد دورية ثابتة، وإسباغ حماية قانونية خاصة عليه، لكونه ديناً ممتازاً أو منع الحجز عليه أو الاقتطاع منه أو النزول عنه إلا في حدود ضيقة وفقاً لما هو مقرر نظاماً.

ولما كان أي حق يقابله واجب فإن هذا الأجر لا يُعطى هبة أو منحة للموظف، وإنما يلزم لاستحقاقه القيام بالواجبات الوظيفية المحددة في نظام الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/49 وتاريخ 10/7/1397هـ، ومن أهم هذه الواجبات الالتزام بالعمل في وقت الدوام الرسمي إذ نصت المادة (11/ج) على (أن يخصص وقت العمل لأداء واجبات وظيفته وأن ينفذ الأوامر الصادرة إليه بدقة وأمانة في حدود النظم والتعليمات).
وتأكيداً لواجب الموظف في الالتزام بالعمل فقد أكدت المادة 21 من نظام الخدمة المدنية على أنه (مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة لا يستحق الموظف راتباً عن الأيام التي لا يباشر فيها عمله) وتلك قاعدة عامة يستوجبها حسن سير العمل في الجهاز الحكومي، مردها أصل طبيعي هو أن يحرم الموظف الذي ينقطع عن عمله بدون إذن، من راتبه مدة غيابه لأن الأصل في الأجر أنه مقابل العمل، فإذا تغيب الموظف دون مسوغ فلا حق له في الأجر وهو ما أكده ديوان المظالم في العديد من أحكامه استنادا إلى عدم جواز الإثراء على حساب الغير بلا سبب نظاماً وهو ما يخول الجهة الإدارية الحق في حسم أيام غياب الموظف بلا عذر تقبله جهة العمل، حيث ورد في لائحة الإجازات الصادرة بقرار مجلس الخدمة المدنية رقم (1/1037) وتاريخ 16/2/1426هـ في المادة السابعة والعشرين بأنه : (يجوز للجهة حسم أيام غياب الموظف عن العمل من رصيد من الإجازات العادية إذا قدم الموظف عذراً تقبله الجهة، أما إذا لم يكن له رصيد من الإجازات فتحسب غياباً بعذر لا يستحق عنها راتباً، ويتم جمع ساعات غياب الموظف ومعاملتها وفق هذه القاعدة). ويُقصد بالجهة في هذه المادة هي صاحبة الصلاحية التي تملك التعيين أو من يعوضها، أما قبول العذر ونوعه فذلك عائد لصاحب الصلاحية.
كما جاء في الآراء الصادرة من وزارة الخدمة المدنية حول الاستفسارات الواردة على لائحة الإجازات بموجب تعميم وزارة الخدمة المدنية رقم 14/302 في 23/9/1426هـ بأنه (يجوز جمع ساعات التأخر فإذا بلغت سبع ساعات فتحسم من الراتب أو من رصيد الموظف من الإجازة العادية إذا قدم عذرا تقبله الإدارة ولو كانت هذه الساعات متفرقة خلال شهر أو أكثر ولا يشترط لحسمها من الإجازة العادية أن تبلغ خمسة أيام فأكثر وإنما يجوز الحسم من رصيده حتى وان قلت عن خمسة أيام ، لان الخمسة أيام خاصة بمن يرغب التمتع بإجازته).
وإذا كان الموظف لا يرضى إطلاقاً بأي حسم أو إنقاص من راتبه في نهاية كل شهر، باعتباره حقاً لا يمكن المساس به، ونجده في المقابل يتغيب أو لا يلتزم بأوقات الدوام الرسمي كما نصت الأنظمة، فبالتالي يكون الحسم من راتبه مسوغًا بالنسبة للجهة، إذ “لا أجر بلا عمل”.
إن هذا الارتباط بين الأجر والعمل ليدفعنا إلى القول وفي معادلة متوازنة بأنه على الموظف قبل أن يطالب بحقوقه، ويدافع عنها، أن يقوم بأداء الالتزامات المطلوبة منه، فالمطالبة بالحق لابد وان يسبقها أداء دقيق وأمين للواجب .

المصدر
مجلة التنمية الإدارية