ممارسة الموظف العام المضاربة بالأسهم ومدى تجارية هذا العمل

اعداد / د. عائض بن سلطان البقمي- استاذ القانون التجاري المساعد بمعهد الإدارة العامة - منسق قطاع الأنظمة

لا يخفى على الجميع أن نظام الخدمة المدنية قد منع وبشكل صريح مباشرة الموظف العام للأعمال التجارية, والمقصود بالأعمال التجارية هنا هي تلك الإعمال التي أشارت إلى بعضٍ منها المادة ( 2 ) من نظام المحكمة التجارية الصادر عام 1350هـ . وحيث إن قيام الموظف العام بشراء وبيع الأسهم ( الأوراق المالية) والمضاربة بها بشكل مستمر في السوق المالية, يثير اللبس لدى الكثيرين في بيان نظاميته ومدى مخالفته لأنظمة الخدمة المدنية, كان لزاماً بيان حكمه في ظل غياب النصوص التوضيحية في هذا الشأن, لذا يناقش هذا المقال بيان واستجلاء الحكم في ذلك على ضوء نظرة تحليلية وموضوعية لنصوص مواد أنظمة الدولة المرعية، وخاصة مع أعتقاد الكثيرين أنه لا تصدق على تلك الممارسات نصوص الأنظمة التالية: أولاً: ما صدر في نظام الخدمة المدنية بهذا الخصوص،في المادة (13) من اللائحة التنفيذية لنظام الخدمة المدنية, والتي تنص على وجوب أن يمتنع الموظف عن القيام بالأعمال التالية: (أ) الاشتغال بالتجارة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. (ب) الاشتراك في تأسيس الشركات أو قبول عضوية مجالس إداراتها أو أي عمل فيها أو في محل تجاري إلا إذا كان معيناً من الحكومة. ثانياً: ما نصت عليه الفقرة (ب) من المادة (4) من لائحة الواجبات الوظيفية الصادرة من وزير الخدمة المدنية عام 1427هـ بإنه (لايعد اشتغالاً بالتجارة وفق أحكام النظام تملك الحصص والأسهم في الشركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات التوصية) والتي ربما أثارت هذه الفقرة الكثير من الغموض لدى البعض مع غياب التفسير النظامي في هذا الشأن, وفسرها الموظف المخالف على أساس جواز ممارسته المضاربة بالأسهم!
إلا أن ذلك يخالف التفسير الصحيح والموضوعي للنص من شقين. الشق الأول وهو أن المنظم قصد في هذا النص حق الموظف بحدود الاكتتابات العامة فقط التي تجري عند تأسيس هذه الشركات، وزيادة رأس مالها كما حصل في الاكتتابات العامة التي تطرح في السوق عند تأسيس الشركات دون أن يكون للموظف العام الحق في المضاربة بالأسهم عند طرحها للتدول في السوق المالية .
أما الشق الثاني فهو أن المنظم قد حظر على الموظف العام في المادة السابقة وهي المادة (13) الاشتغال بالتجارة بشكل مباشر أو غير مباشر، وهنا لايمكن أن تكون نصوص النظام متعارضة فيما بينها، وإنما أراد فقط في الفقرة (ب) من المادة (4) من لائحة الواجبات الوظيفية السماح بحدود معينة للموظف لتوسيع مجال دخله بطريقة الاكتتاب فقط دون المضاربة. وخاصة إذا نظرنا أن العبرة بمنع قيام الموظف العام بهذه الأعمال هو حتى لايكون الموظف العام مشغولاً ذهنيًا أو جسديًا عن أداء مهامه الوظيفية، أو استغلال وظيفته الحكومية لمصالح شخصية, حتى ولو كانت تلك المضاربة في سوق الأسهم خلال الفترة المسائية التي لا تتعارض مع فترة الدوام الرسمي، حيث إن ذلك قد يؤثر ولو بطريق غير مباشر على أدائه لمهامه الوظيفية خلال وقت الدوام الرسمي.
من جانب آخر، وتدعيماً لهذا التفسير, ما ورد من نصوص في الأنظمة التجارية في الدولة، ومنها نظام المحكمة التجارية في المادة الثانية الفقرة (أ) والتي تنص (على أن كل شراء بضاعة أو أغلال وغيرها لأجل بيعها يعتبر عملاً تجاريًا)، ومن هذه الفقرة نستنتج أنه يجب توافر ثلاثة شروط لاعتبار العمل تجاريًا وهذه الشروط هي:
أولا: أن يكون هناك شراء وهذا الشرط متحقق عند شراء الأوراق المالية (الأسهم).
ثانياً: أن يكون محل الشراء منقولاً وهذا الشرط متحقق كذلك، فالأوراق المالية تعتبر منقولاً معنوياً، حيث إن معظم شراح القانون ذهبوا إلى أن المنقول لايقتصر على المنقول المادي مثل المواد الغذائية والآلات، وإنما يضاف إليه المنقولات المعنوية والتي تشمل الأوراق المالية (الأسهم والسندات).
ثالثًا: أن يكون القصد من الشراء (أي شراء الأسهم) تحقيق الربح، حيث إن كل مضارب بالأسهم يسعى لتحقيق الربحية عند بيعه للأسهم التي اشتراها لهذا الغرض. وهذا الشرط قد تحقق كذلك وقت المضاربة في الأسهم.
ومن ثم يمكن أن نستنتج من شرح ما سبق أن نشاط المضاربة بالأسهم يعتبر عملاً تجارياً يخالف به الموظف العام واجباته الوظيفية.

المصدر :
مجلة التنمية الإدارية