النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مقال : كيف تكسب ألف جنيه فورا - الدكتور مصطفى محمود

#1
نبذه عن الكاتب
 
البلد
مصر
مجال العمل
هندسة
المشاركات
3,066

مقال : كيف تكسب ألف جنيه فورا - الدكتور مصطفى محمود

اطمئن..
لن أقول لك اقطع الكوبون في أسفل الصفحة و أرسله مع اسمك و عنوانك مع الأجوبة على الاستفتاء كذا.. و لن أحول الموضوع إلى مسابقة تنفق عليها(( سيجال)) أو إعلان توزع جوائزه (( رابسو)).

إنما الموضوع جد.
و سوف أفكر معك بجد. و لنبدأ من أمثلة بسيطة.
و في مثل هذا البرد الشديد لا بد أنك فكرت كيف تتدفأ.
و كذلك فكر الإنسان البدائي عندما داهمته أول موجة برد.. و أعمل ذهنه.. و ظل يخبط جبهته بيده و يخبط حجرا بحجر و هو شارد.. و اندلعت أول شرارة مصادفة من صك الحجر بالحجر.. و حملق الإنسان المذهول في هذه الظاهرة العجيبة.

و لا شك أنه قد اتخذها بعد ذلك لعبة.. حتى أمسكت الشرارة ذات مساء بعود قش جاف و أضرمته نارا.
و تعلم الإنسان منذ ذلك اليوم كيف يحتطب و يجمع الأخشاب، و يشعل النار و يرقص حولها، و يطهو طعامه و يتدفأ.
ثم اكتشف الفحم.
ثم اكتشف البترول.
ثم اكتشف الغاز الطبيعي القابل للاشتعال.
ثم اكتشف الكهرباء.
ثم اكتشف جهاز التكييف.
و كانت أول ثروة طبيعية للإنسان هي يديه و حيلته.
و عن طريق يديه صنع الأدوات.
و بهذه الأدوات قطع الأشجار و حفر الأرض لاستخراج الفحم.

و كان هناك رجل أكثر ذكاء اكتفى بالجلوس بعيدا لا يعمل يديه في شيء و إنما يأخذ مما جمعه العامل ليبيعه.
ثم ظهر أناس أكثر ذكاء لا يعملون أي شيء سوى أن يقوموا بالوساطة بين الأيدي التي تأخذ و تعطي، و يقبضون في مقابل هذه العملية سمسرة تفوق ما يربحه العامل و البائع.

ثم تعقدت أدوات الإنتاج لتتحول إلى مصانع.
و أصبح المصنع هو قلعة الحاوي التي يوضع تحتها التراب فيخرج منها حديدا و أسياخا و صفائح صلب و سيارات و أجهزة تكييف.. مع ربح هائل يدخل معظمه في جيب صاحب المصنع.

ثم ظهرت مؤسسات بهلوانية اسمها الشركات وظيفتها الإعلان و التسويق و الترويج و البيع و التجارة في تلك المنتجات.. تقوم بالوساطة بين المصنع و بين المشتري و تكسب من الإثنين أكثر مما يكسبه الصانع و صاحب المصنع.

و لأن المال السائل في قدرته أن يشتري المصنع و يؤسس الشركة فقد أصبح رأس المال بذاته قادرا على التوالد و التكاثر بدون أن يعمل صاحبه في شيء.. فقط ما عليه إلا أن يودعه في بنك فيلد له نسبة مئوية كل سنة.. فإذا أقام به مصنعا أو أسس به شركة فسوف يحصل على نسبة أكبر من الربح.. و إذا وقف يقامر به في البورصة على اضطراب الأسعار نزولا و صعودا مع اختلاف إلى العرض و الطلب و مع أزمات السياسة و حمى الفقر و الغنى التي تتداول الناس و الشعوب فسوف يكسب أكثرمن الكل لأنه سوف يتاجر في الفلوس ذاتها، و سوف يتاجر في التجارة و في سعر الذهب و الورق الذي لا يستقر على حال.

و الأغنياء و الأذكياء الجدد الذين اشتروا بأموالهم كل شيء مما كانوا يحلمون به من أرض و دور و قصور و متاع لم يقفوا عند حد، لأن ثرواتهم لم تكن تقف عند حد، فبدأوا يشترون الذمم ثم يشترون الأحزاب و الحكومات ثم يحركون السلطة لصالحهم فيدفعونها إلى تجييش الجيوش و غزو البلاد المتخلفة و استعمارها لتكون أسواقا جديدة، و مصادر جديدة للثروة و القوة.

و آخر صورة محزنة من هذا الذكاء البشري هو ما نراه الآن، فالأقوياء الأغنياء لم يعودوا يفكرون حتى في أن يحاربوا.. و إنما اكتفت الدول الكبرى بأن تصنع السلاح ثم تبيعه للأمم الفقيرة الصغيرة لتقتل به بعضها بعضا.. و تطوع الأذكياء بإشعال الفتن في هذه الدول الصغيرة البائسة. كلما نامت الخلافات أوقدوا نارها.. بين الهندوس و المسلمين في الهند، و بين المسلمين و المسيحيين في نيجيريا، و بين الكاثوليك و البروتستانت في ايرلندا، لتظل الحرب مشتعلة تأكل السلاح و تبقي على الصغار صغارا و تجعل الكبار أكبر و الأغنياء أغنى.

و برغم دعاوي الاشتراكية ظل القانون القديم سائدا.. إن من عنده يربح فيزداد.. و من ليس عنده يخسر أكثر فأكثر.. الكبير يزداد كبرا و الصغير يزداد صغرا.
و العلم بتطوره السريع يهدد المتخلفين الذين يزدادون تخلفا في معاركهم مع الكبار.. يهددهم بأن يتحولوا إلى قرود، بالنسبة إلى الأدوات العلمية التي تتطور في أيدي الكبار فتحولهم إلى عمالقة و أنصاف أرباب.

و الدول الكبرى لم تعد تتصرف بحكم المبادئ و الأيديولوجيات.. و إنما أصبحت تتصرف بحكم كونها كبرى و يجب أن تظل كبرى و تصير أكبر في مواجهة دول أخرى(( كبرى)) تحاول أن تكون أكبر و في حلبة الصراع بين الكبار.. تدوس الأقدام الصغار.. و تدوس مصالحهم، و تدوس حياتهم.

هل فهمت شيئا من هذه القصة.
لقد فهمت شيئا من السياسة.
و فهمت أن الإنسان كان يكسب دائما باستخدام يديه و عقله و حيلته. و أن هناك طريقتين للكسب، أن تكسب بالحيلة الشريفة عن طريق عمل يديك و عمل عقلك، و أن تكسب بالحيلة الخبيثة عن طريق أيدي الآخرين و عقولهم، و أن في الإمكان أن تكسب ألف جنيه بشرف.. و ذلك بأن تقدم عملا أو كشفا أو اختراعا أو إمتاعا أو نفعا للناس يساوي تلك القيمة.. و لا عذر لك.. و لا يصح لك أن تتعلل بأن حظك من العلم قليل. فقد بدأ أديسون المخترع العظيم حياته صبيا يبيع الجرائد، ثم اخترع لنا المصباح الكهربائي و الجراموفون.. كما بدأ عالم الكهرباء العظيم مايكل فاراداي حياته صبيا يعمل في محل تجليد كتب، ثم اكتشف قوانين الكهرباء التي اخترعت على أساسها جميع أجهزة اللاسلكي فيما بعد.

و اللاعب البرايزيلي بيليه جمع ثروة هائلة من مجرد إتقان الجري.. و أي اجتهاد في أي شيء و لو كان اجتهادا في اللعب.. لابد أن يؤتي ثمرته.
اعمل بجد في أي شيء.
و إذا لعبت فالعب بجد.
و ابدأ فورا من الآن.

لا تبرر كسلك بأن العلم في المدارس و الجامعات و أنت محروم من المدارس و الجامعات.. فالعلم في الكتب و المكتبات.. و هو متاح على الأرصفة أرخص من علب السجائر.
و هو في دور الكتب مجانا.
و القدرة على الابتكار موهبة أودعها الله في كل عقل.. كل ما عليك أن تبدأ.

غادر مقعدك المألوف على المقهى فورا.. و اكدح بذهنك و يديك في شيء.. و لا تظن أن (( الألف جنيه)) قد وقعت على رأس أي واحد بمجرد التمني و بدون أن يجتهد في كسبها.
و تأكد أن تسخيرك لذكائك أسهل من تسخيرك للجن.
و ثق بأن مفعول ذكائك أقوى من مفعول السحر.
و إذا شككت في كلامي فاقرأ المقال من جديد لتعلم كيف قامت دول كبرى.. و كيف صنع المصنع ما لا تصنعه قبعة الحاوي.. و كيف صعد الإنسان للقمر دون بساط سليمان.. و كيف أنك مهدد بأن تتحول إلى قرد إذا ظللت جالسا في جلستك اليومية على المقهى لا تجهد ذهنك في شيء.. و العالم من حولك في سباق علمي رهيب يفض أسرار الذرة، و يسخر القوى النووية في صناعة الأعاجيب.. فيزداد الأقوياء قوة، و يزداد الضعفاء ضعفا.. إلى أن يصبح المتخلفون في مكانة القرود أو أقل من القرود.

هل تشعر بأني خدعتك.
بل لو كنت قلت غير هذا لكنت خدعتك.
صدقني..

المصدر : كتاب (( الشيطان يحكم ))
للدكتور مصطفى محمود
أَسأل اللهَ عز وجل أن يهدي بهذه التبصرةِ خلقاً كثيراً من عباده، وأن يجعل فيها عوناً لعباده الصالحين المشتاقين، وأن يُثقل بفضله ورحمته بها يوم الحساب ميزاني، وأن يجعلها من الأعمال التي لا ينقطع عني نفعها بعد أن أدرج في أكفاني، وأنا سائلٌ أخاً/أختاً انتفع بشيء مما فيها أن يدعو لي ولوالدي وللمسلمين أجمعين، وعلى رب العالمين اعتمادي وإليه تفويضي واستنادي.



"وحسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلاِّ بالله العزيز الحكيم"

#2
الصورة الرمزية dragon79
dragon79 غير متواجد حالياً مستشار
نبذه عن الكاتب
 
البلد
الإمارات العربية المتحدة
مجال العمل
منسق العلاقات الحكوميه
المشاركات
534

رد: مقال : كيف تكسب ألف جنيه فورا - الدكتور مصطفى محمود

جـزاك الله خيراً علي نقلك للمقال الرائع ...رحم الله الدكتور مصطفي محمود وجعل العلم الذي تركه في ميزان حسناته...
لا الله الا الله محمد رسول الله

إقرأ أيضا...
مقال : الابتهال - الدكتور مصطفى محمود

إلهي.. يا منبع جميع الأنوار ترى من نحب حينما ننظر إلى بعضنا البعض..؟! و هل نحب إلا نورك أنت و أثر يديك على الصلصال و هل يسكرنا إلا نفخة روحك التي نفختها فينا و هل نطالع في كل جميل إلا وجهك و هل... (مشاركات: 1)


مقال : الزكاة - الدكتور مصطفى محمود

كان من عادة الشيوعيين حينما يُذكر موضوع الزكاة أن يبتسم الواحد منهم في سخرية و كأنما وجد الثغرة التي ينفذ منها ، فالزكاة عنده هي الحل المخجل لمشكلة العدل الاجتماعي ، فالعدل لا يعالج بالتسول و بتوزيع... (مشاركات: 1)


مقال : الصلاة - الدكتور مصطفى محمود

آخر صيحة في أمريكا الآن موضة جديدة اسمها ( Transendental Meditation ) و ترجمتها الحرفية هي الاستغراق التأملي المتجرد .. و هي موضة وافدة من الهند و بدعة من بدع اليوجا .. و قد لاقت نجاحا مكتسحا في... (مشاركات: 1)


مقال : الصيام - الدكتور مصطفى محمود

الصيام من الشعائر القديمة المشتركة في جميع الأديان. و هواة الجدل دائما يسألون .. كيف يخلق لنا الله فما و أسنانا و بلعوما و معدة لنأكل ثم يقول لنا صوموا .. كيف يخلق لنا الجمال و الشهوة ثم يقول لنا... (مشاركات: 0)


مقال : الحب - الدكتور مصطفى محمود

الحب و الهوى و الغرام خداع ألوان ، ما نراه في المحبوبة مثلما نراه في قوس قزح ، جمال ألوان قوس قزح ليس من قوس قزح نفسه و لكنه من فعل نور الشمس على رذاذ المطر المعلق في الهواء .. فإذا غابت الشمس و جف... (مشاركات: 0)


دورات تدريبية نرشحها لك

كيفية انشاء نظام لقياس رضا العملاء

اذا كنت تريد انشاء نظام لقياس رضاء العملاء، فإننا نقدم لك جلسة إرشاد وتوجيه على يد احد الاستشاريين المتخصصين في مجال الجوده، لتدريبك بشكل مباشر على كيفية إنشاء نظام لقياس رضا العملاء بشكل عملي واحترافي.


ورشة تعلم أساليب إعداد الوصف الوظيفي بكفاءة

ورشة تدريبية متميزة تهدف الى مساعدتك على تعلم كتابة وإعداد بطاقات الوصف الوظيفي باحتراف، والتعرف على ماهية الوصف الوظيفي وكيفية تطوير أنظمة العمل المرتبطة بالوصف الوظيفي


دبلوم إدارة تنفيذ الاستراتيجية في بيئة عمل معقدة

برنامج يهتم بتسليط الضوء على مرحلة تنفيذ الاستراتيجيات يتناول مقدمة عن إدارة الاستراتيجية وقيادة الأعمال فى ظل المتغيرات العالمية وصياغة وتحديد الاستراتيجية والأسئلة الاستراتيجية الكبرى ثم ورشة عمل ثم ينتقل الى مخطط نموذج العمل التجارى وتنفيذ الاستراتيجية وبطاقة الأداء المتوازن BSC ونموذج الأهداف الاستراتيجية – المستهدفات – الاستراتيجية – القياس (OGSM) ونموذج رسم أنشطة نموذج الأعمال لتقييم الموارد البشرية (BAMM) وقياس أداء المؤسسات وآلية اختيار مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs وبنك مؤشرات الأداء الرئيسية ومعايير اختيار لوحة قيادة الأهداف Dashboard وأنواع لوحات القيادة وإدارة التغيير وسلوك الأفراد تجاه التغيير وموذج التغيير (الخطوات الثمانية) جون كوتر ونموذج تغيير الأفراد وأنماط القيادة وتاثير نمط القيادة على بيئة العمل والأفراد وأنواع القيادة السلبية والنمط الشخصى للمرؤوس المثالى وأسلوب القيادة – الكوتشينج ونموذج الكوتشينج - G.R.O.W.


دبلومة المعايير السعودية لمراكز الأسنان (سباهى)

دبلوم تدريبي يهدف لشرح المعايير السعودية سباهي لمراكز الاسنان يمكن المتدربين المشاركين من فهم المعايير والمتطلبات المثلي لضمان جودة الخدمات المقدمة في مراكز الاسنان


برنامج إدارة المنشآت طبقا للمواصفة الدولية ISO 41001/2018

برنامج تدريبي اونلاين يهدف الى تأهيل المشاركين على فهم المواصفات القياسية وعلاقتها بنظام ادارة المنشآت، ومن ثم الانتقال الى التعمق لفهم المواصفة الدولية ISO 41001/2018، والعائد من تبنيها وتطبيقها، والعلاقة بينها وبين الاصدارات الاخرى لمنظمة الايزو، وأيضا تعريف المشاركين في هذا البرنامج التدريبي على مفهوم العملية كأساس لكل نظم الادارة الصادرة عن الأيزو، والمتطلبات التفصيلية لهذه المواصفة الدولية وسياق عمل المؤسسة في ظل تطبيق تلك المواصفة، ويستهدف البرنامج الى نقل خبرات القيادة للمشاركين في ضوء فهم تلك المواصفة، والتعرف على متطلبات التخطيط والدعم والتنفيذ، وآلية تقييم الاداء لنظام المنشآت.


أحدث الملفات والنماذج