مؤسس شركة ديجيتال اكويبمنت

وصفت مجلة فورتشن كين اولسن بانه اكثر رجال الاعمال مؤسسى الشركات نجاحا فى امريكا .ويطلق عليه كتاب سيرته غير المعتمدين اسم " اعظم مؤسسى الشركات " وشهدت شركته نموا يتراوح بين 25 و40 فى المائة طوال سبعة عشر عاما على التوالى . وفى ازدهار شركته ديجيتال اكويبمنت كوربوريشن المعروفة لدى الناس باسم دى اى سى وصل عدد العاملين 120 الف شخص وفاقت ايرادتها السنوية 14 مليار دولار. وقد ظل كين اولسن مؤسس الشركة ورئيسها والاب الروحى لها يقود شركته طوال 35 عاما منذ بدايتها المتواضعة عام 1957 الى ان اصبحت ذلك الكيان الهائل وان اصابها الغرور عندما رحل عنها عام 1992 .

ولقد اجرينا ذلك اللقاء مع ذلك الرجل الذى يخجل من الدعاية فى مقر احدث مشروعاته , شركة افانسد موديولار سولو شانز بولايه مساتشوستس .

انك من انجح مؤسسى الشركات فى عصرك . فماهى بعض مفاتيح نجاحك ؟

لقد طلب الى اللقاء عدة احاديث عن القدرة على تاسيس الشركات امام عدة جماعات فى هذا الخريف ومن بين النقاط التى تناولتها فى حديثى ان الهدف الذى تسعى كليات ادارة الاعمال الى تحقيقة اليوم هو ان تعلم الناس كيف يصبحون مؤسسى شركات . وفى اعتقادى ان هذا خطا فادح لانه ما ان يعتاد المرء على ان يكون رئيسا لنفسه . فمن الصعوبه بل من المستحيل عليه فيما بعد ان يعمل عضوا فى فريق فاولئك الذين يريدون ان يصبحوا رؤساء بمجرد تخرجهم فى كلية ادارة الاعمال يفوتهم تلك الانشطة المفيدة فى العمل مع اخرين والاحتمال بعيد ان يكون ذلك افضل مايجب عمله .

اننى اوصى المرء ان يعمل اولا مع شخص اخر وان يتعلم كيف يكون عضوا فى فريق , وهو امر يبدوا سهلا واضحا غير ان العمل عضوا فى فريق فى عالمنا الحديث امر رائع جدا . ثم اذهب وتعلم كيف تصبح قائدا واذا لم تتعلم ابدا كيف تكون قائدا فلا تحاول ادارة شركة . اما كليات ادارة الاعمال التى يقدمها التلفزيون فانها لاتدرب الناس على القيادة بل انها تعلم الناس كيف يكون الرئيس حاسما حتى ان كان لايعرف شيئا .

لقد كنت اعمل بحارا والسفينه نوذج رائع للمشروع الخاص فالربان هو الذى يحدد اتجاه السفينه .غير ان السفينة مكونة من كثير من الاقسام والجماعات . وكل منها مستقل تماما ويعرف المهمة الخاصة المكلف بها والوضع جميل وفيه مشاركة ومقبول من الجميع وفى مثل هذا الوضع قد لاتنجز السفينة مهمتها وقد تلقى المجموعة التى تعمل بها حتفها ولكن هناك شىء واحد مؤكد ان ذلك لن يكون بسبب خطا مجموعتنا فالناس هنا لايتوقف دورهم عند مجر القلق على الربان واتجاه السفينة .

اذن فالحفاظ على الاداء رفيع المستوى يتوقف على شعور عميق بالمسئولية ؟

انه اكثر من مجرد شعور بالمسئولية . والامر ببساطة هو ان اعضاء المجموعة يعرفون كيف يؤدون وظيفتهم بنجاح . والمشروع الخاص بحاجة الى مثل هذا النموذج . فالمدير الذى يقول " انا الذى ساتخذ كل القررارات " – شخص احمق وهو بالفعل كذلك .

هلا تحدثنا بشىء من التفصيل عن هذا النموذج ؟ كيف يمكن غرس ذلك الاحساس باداء الرسالة بين البحارة والعاملين ؟

سوف اقص عليكما قصة صغيرة عن شركة ديجيتال تصور لكما ذلك .
لقد بدات شركة ديجيتال ايكويبمنت بمبلغ 70 الف دولار . والشىء الذى يريحك ازاء هذا المبلغ هو انك تستطيع مراقبة كل دولار منها . وكانت لدينا لجنة تضم عشرين شخصا وكنت انا الرئيس . . كنت الوحيد المعنى بحسابات المكسب والخسارة حيث لم يكن لدى الاخرين جميعا الا افكار كثيرة وكلها تتعلق بانفاق النقود – كانت افكارهم رائعة مثل طبع اغلفة لعلب الكبريت للتسويق – وكانت افكار ذكية حقا . وقد دابت على ان اقول لهم لا . وادى ذلك الى شعورهم بالاحباط مما افعل واتجهوا الى مجلس الادارة وقالوا " كين مستبد " وذلك كان صحيحا . فلو نفذنا كل المقترحات لانفاق الاموال , لما بقى لدينا شيئا .
وكانت مشكلتنا ان العاملين لم يكونوا على قدر كبير من الذكاء فلم يستطيعوا فهم واستيعاب اى شىء . فحين كان راس مالنا 14 مليون دولار واجهتنا المشاكل . فتوجهت الى بوسطن لمقابله لمقابلة جنرال دوريوت ( فى شركة راس المال الاستثمارى امريكان ريسيرتش ) وابلغته انه لابد من عمل شىء لان الامور خرجت من نطاق سيطرتنا . واعتقدت اننا حينئذ يمكن ان نبيع شركتنا لشركة سنجر . ولم يبد هو ولا مجلس ادارته تعاطفا كبيرا معى لان شركتنا كانت تحقق الربح الكثير والنمو السريع . ثم تدهورت الارباح عند ذلك اعلنت اننا اصبحنا شركة جديدة منذ ذلك اليوم – اننا سوف نسير من الان طبقا لنموذج ال سلون ( المدير التنفيذى الاول لشركة جنرال موتورز ) فقد قسم سلون شركتة الى وحدات عمل متعددة وقال ان مهمة الادارة هى ان تترك كل وحدة تعمل وفق مايحلو لها واعلنت انه منذ تلك اللحظة سوف يعاد تنظيم الشركة بحيث تقسم الى 5 وحدات او شركات . وكان ذلك الاعلان اشبه باطلاق قنبله فقد استقال عدد من الناس – بدون مبالغة وقال لى احد الزملاء المتمكنين للغاية " اننى ابلغ من العمر 33 ولن اسمح بان اتلقى اوامر من شخص عمره 30 عاما " لم يلق هذا القرار ترحيب شخص واحد فى الشركة فقد ذهب الجميع الى منازلهم ليخبروا زوجاتهم بانهم اصبحوا فى درجة وظيفية اقل وهو شىء مستحيل لانك لا تستطيع من وجهة النظر الحسابية ان تخفض درجاتهم جميعا ووقف مجلس الادارة موقف المعارضة التامة للقرار , وقال احد المديرين وهو الشخص الذى قدمنى لا ل سلون انه سيقاضى الشركة بتهمة الاحتيال . ولكن جنرال دوريوت قال لى " كين, انا سوف اساندك . فى اى شىء تفعله . ولكن لاتنس ان احدا لم ينجح قط فى ذلك " .

وقد تبعت خطوات سلون بكل اخلاص . وفى اعتقادى ان مجلس ادارة شركة ديجيتال لم يفهم النموذج الذى سرت عليه حتى الان . فهم يقولون " ان كين يثير لدينا الضحك . فالمديرون الحقيقيون هم الذين يتخذون كل القرارات "

ولايمكننى ان ابالغ فى ان موقفى منفرد ولكن المعجزات تحدث فاذا نظرنا الى نمو شركة ديجيتال وربحيتها بعد هذا القرار نجد حدا فاصلا فقد تسارع النمو فى معجزة كاملة . وفجاة لم اعد ذلك المستبد المخيف لاننى اصبحت الان فى وضع يسمح لى بانتقاد المديرين . وتحول كل اولئك العاملين الاغبياء الى عباقرة . لقد وضع اساس نجاح شركة ديجيتال اولئك العاملين الذين كانوا غباؤهم يصل الى حد الاحباط . هل توصلت الى السر فى ذلك ؟ لقد كانت عبقرية من جانبى وينبغى ان اقول لكما ذلك فقد يتعذر عليكما التوصل اليه - ان اتبع كلمات ال سلون بحذافيرها . دع الناس يفعلون ما يحلو لهم دون تدخل واننى لواثق من ان قول جنرال دوريوت بان المحاولات السابقة لتنفيذ هذا النموذج لن تنجح . انما يرجع الى ان الادارة العليا لم تستطع ترك العاملين وشانهم .

لايوجد فى مستويات الادارة العليا من يتسم بالذكاء بحيث يعرف كل شىء وليس هناك من له الكفاءة فى ان يفعل كل شىء لكل الناس والمشكلة هى ان القليل جدا فقط هم الذين يعرفون ذلك .

اذن فالسر وراء اسلوبك فى الادارة هو فى حقيقته منقول عن ال سلون ؟

يقول جاك ويلش مؤسس شركة جنرال اليكتريك انه اخذ الفكرة عن احد احاديثى . ولكننى لست متاكدا من صحة ذلك . ان شركة هيوليت باكارد تحقق نجاحا كبيرا باتباعها ذلك النموذج الان . يقول بعض الناس انهم اخذوا الفكرة عنى . بالطبع ان اقول لا . انها بالفعل فكرة ال سلون .

يبدو دائما ان احداث توازن بين ضغوط العمل والاسرة قضية كبرى بالنسبة لمؤسسى الشركات . وانت تعمل فى هذة الصناعة لاكثر من 30 عاما . فكيف توازن بين حياتك العائلية وحياتك العملية ؟

لابد من التوصل لحل لذلك . واود ان اقدم هنا صغير للناس وهى . انه اذا كنت تريد ان تتعلم كيف تصبح مدير . فلابد من ان تتحمل مسئولياتك تجاه دينك وتجاه الانشطة الاجتماعية لمدينتك .

لقد ذكرت ان الصحافة قالت انك مكثت فترة طويلة جدا مديرا تنفيذيا اول لشركة ديجيتال . فمتى يتعين على المدير او مؤسس الشركة ان يرحل عن شركته او وظيفته ؟

يتوقف ذلك على اشياء كثيرة - على اللحظة التى بدا يشعر فيها بالتعب او اللحظة التى فقدت فيها الوظيفة رونقها او اللحظة التى فقد فيها الوظيفة بالفعل .

لقد شهدت شركة ديجيتال , مثلها مثل كثير من الشركات الناجحة , هروب مسئولين فيها لكى يبداوا فى تاسيس شركاتهم الخاصة . ومن اشهر هؤلاء اد دى كاسترو وشركته داتا جنرال . كيف تجعل ظاهرة الهروب هذة فى اقل حجم ممكن لها ؟

اننى الان صديق دى كاسترو . لقد كان ذلك منذ زمن بعيد – فالمرء لايتذكر الاشياء المؤلمة لوقت طويل . فهذة الاشياء ستظل تحدث دائما . وكان القرار بعدم مقاضاة مثل هؤلاء معجزة . لكى لانجعل منهم قضية مهمة وان لانتحدث عنهم الا نادرا وعندما اتذكر ذلك الامر ارى اننا تصرفنا بحكمة رائعة .

لقد ظن بعض الناس انه " مادام ذلك هو موقف كين , فلنستغل نحن ذلك ايضا " ولذلك فاننا كنا نلجا الى المحكمة لنوقف احدهم عند حده. لقد كان الناس يذهبون الى القضاء بسبب اشياء تافهه مثل الانشطة المتعلقة بالعقارات واعتقدوا ان كين يمكن استغلاله ذلك . ولكننا لم نفعل ذلك فى الموقف الذى اشرت اليه . فربما امتدت الامور الى الابد

اذن فانت تعنى هو انك لا تستطيع ان تمنع الناس من استغلال معلومات الشركة فى انشاء شركات خاصة بهم .

كلا , لاتستطيع ان تفعل ذلك . ويجب ان تعلم ان ذلك جزء من طبيعة العمل فهناك اشياء معينة لا حيل لك فيها ويجب عليك تقبلها وقد تشعر بالغضب لفترة ما ولكن تلك ليست من المشاعر المفيدة .