أسلوب الجدارة هو مدخل حديث نسبيًا (1971) لإدارة الموارد البشرية، ارتبط مولده بحل مشكلة صادفتها وزارة الخارجية الأمريكية تتعلق باختبارات القبول لشغل إحدى الوظائف الحساسة، كانت اختبارات القبول لشغل هذه الوظيفة (على دقة هذه الاختبارات وتعقيدها) غير كافية لعمل اختيارات صحيحة بين المتقدمين لشغل الوظيفة، حيث ثبت بعد استخدامها لسنوات عديدة عدم وجود علاقة بين نتائج اختبارات المتقدمين لشغل الوظيفة ومستوى الأداء الفعلي للناجحين منهم (بعد التعيين) في ميدان العمل.
لجأت الخارجية الأمريكية إلى الخبير الإداري (ماك ماكيلاند) للمساعدة في حل المشكلة التي تمت صياغتها على الصورة التالية:
"إذا لم تكن تلك الاختبارات كافية للتعرف على ذوي الأداء الطيب قبل التعيين، فكيف يمكننا إذن أن نتعرف على ذلك؟"
طلب "ماك ماكيلاند" قائمتين بأسماء بعض شاغلي الوظيفة، على أن تقتصر القائمة الأولى على أسماء الموظفين المشهود لهم بالتفوق الفعلي (بغض النظر عن نتائجهم في اختبارات القبول) بينما تشتمل الثانية على أسماء ذوي الأداء المتدني فقط، ثم قام بعقد دراسة ميدانية بهدف التعرف على الخصائص المشتركة التي يتمتع بها المتفوقون في العمل ولا يتمتع بها الآخرون، وبذلك استنبط ماكيلاند قائمة الخصائص (الجدارات) التي تميز المتفوقين عن الباقين والتي أطلق عليها لاحقًا "نموذج الجدارة" لتلك الوظيفة، وقد توسعت الدراسات بعد ذلك في أساليب تبيّن الجدارات وتطبيق "نماذج الجدارة" في إدارة الموارد البشرية، ومنها جهود فولي 1980، وبلانك 1982، وبويتزيز 1982، وزمك 1982، ومارلو ووينبرج 1985، ومكلاجان 1990 وكولويز بجسيك 1991، والطريف أن أكثرهم من علماء النفس والتربويين.
ما هي الجدارات؟

هي خواص ضمنية للأشخاص تشير إلى "طرق للتصرف أو التفكير وتتميز بثباتها لفترة زمنية معقولة" وقد تم تقسيم الجدارات إلى خمسة أنواع بعضها أكثر ظهورًا من الآخر (الرسم وهي):
1- الدوافع: هي الأشياء التي يفكر الفرد أو يرغب فيها باستمرار التي تتسبب في إقدامه على تصرف ما دون سواه؛ وبالتالي تقوم الدوافع باختيار السلوك وتوجيهه نحو أفعال وأهداف معينة بعيدًا عن أخرى، مثال على ذلك: دوافع الرغبة في الإنجاز أو دوافع حب السلطة.
2- الصفات: الخصائص المادية والاستجابة المتسقة للظروف أو المعلومات مثال: زمن الاستجابة ودقة الإبصار يعتبران أهم صفات الطيار المقاتل.
3- المفهوم الذاتي: توجهات الفرد، أو قيمه أو صورته الذاتية
مثال: الثقة بالنفس أي اعتقاد الشخص أن بإمكانه أن يكون فعالاً في أي حالة تقريبًا.
4- المعرفة: المعلومات التي لدى الشخص في مجال معرفي معين:
مثال: معرفة الجراح بالأعصاب والعضلات في الجسم البشري.
5- المهارة: القدرة على أداء مهمة ذهنية أو مادية.
مثال: واحدة من المهارات المادية لطبيب الأسنان هي أن يقوم بحشو الضرس بدون أن يتلف العصب.
* وكما يوضح الشكل (1) فإن جدارات المعرفة والمهارة عادة ما تكون الجزء الظاهر والسطحي من صفات البشر، بينما تكون جدارات المفاهيم الذاتية والصفات والدوافع أكثر خفاء "وعمقًا" وتمركزًا في الشخصية.

استخدام الجدارة في قطاع الأعمال:
علاوة على استفادة مستخدمي أسلوب الجدارة من تحديد مدى التقارب والتباعد بين نموذج الجدارة لوظيفة ما وجدارات شاغلي الوظيفة (أو المرشحين لشغلها) فإن لنوع الجدارة تبعات عملية بالنسبة لتخطيط الموارد البشرية.
وطالما كان من السهل نسبيًا تقييم الجدارات الظاهرة (المعلومات والمهارات) وتطويرها، بينما يصعب تقييم الجدارات الكامنة (الدوافع والصفات) وتطويرها؛ فإنه يجب أن يتم التركيز على الجدارات الكامنة كأساس للاختيار، بينما يكون التدريب هو الطريقة الأقل تكلفة لتأمين الجدارات الظاهرة لدى الموظفين.
وعلى العكس من ذلك تقوم المؤسسات التي لا تطبق مفهوم الجدارة بالاختيار على أساس جدارات المعلومات السطحية والمهارات (كأن يقال مثلاً: "نحن نعين خريجين من أحسن الكليات الإدارية") ثم يفترضون أن لدى المعينين على الوظائف الجديدة الدوافع الكامنة والصفات، أو أنه يمكن غرس هذه الميزات عن طريق الإدارة الجيدة.
وبالطبع فإن الأجدى اقتصاديًا أن تختار المؤسسات موظفيها وفقًا لجدارات الدوافع الكامنة والصفات، ثم تقوم بالتعليم وتطوير المعلومات والمهارات اللازمة لأداء العمل، أو كما قال أحد مديري شئون الموظفين: "باستطاعتك أن تعلّم الديك الرومي أن يتسلق الشجرة، ولكنه من الأسهل أن توظف سنجابًا".
ويستفاد من مقارنة خصائص الأفراد بـ"نماذج الجدارة" في التعرف على الاحتياجات التطويرية لشاغلي الوظيفة، وأيضًا يمكن تقييم مستوى الأداء، وتحديد الأجور، وتحديد المسارات التوظيفية للموظف (ترقيته) ويوضح ذلك الشكل التالي:

نموذج جدارة لموظفي المستقبل وفق تقرير عالم الإدارة "سكانس":
1- الموارد: يحدد وينظم ويخطط ويوزع الموارد

الموارد البشرية

يقيم المهارات، ويوزع العمل وفقًا لذلك، ويقيم الأداء والفراغ بكفاءة
المواد والمنشآت

يخزن ويوزع ويستخدم المواد والفراغ بكفاءة
المال

يستخدم الميزانيات، ويقوم بالتنبؤات،
ويحتفظ بالسجلات، ويقوم بالتعديلات لتحقيق الأهداف
الوقت

يختار الأنشطة المتعلقة بالأهداف ويرتبها، ويوزع الوقت، ويُعد الجداول ويتابعها

2- العلاقات بالآخرين

يتعامل مع التباين

يعمل جيدًا مع أناس من خلفيات متباينة
يمارس القيادة

يبلغ أفكارًا لتبرير موقف وحث الآخرين وإقناعهم
يخدم العملاء

ويعمل لإرضاء العملاء
يعلم الآخرين

مهارات أخرى
يعمل مع الآخرين

يشارك كعضو في فريق، ويساهم في جهود الفريق

المعلومات

يستخدم الحاسب لمعالجة المعلومات يفسر المعلومات وينقلها ينظم المعلومات ويصونها يحرز المعلومات ويقيمها

النظم
يتفهم علاقات بينية معقدة

يحسن النظم أو يصححها:
يقترح تغييرات على نظم قائمة، ويطور نظمًا جديدة لتحسين الأداء
يراقب ويصحح الأداء،
ويميز الأنماط، ويتنبأ بالتأثير
ويشخص أداء النظم ويصحح الخلل
يتفهم النظم:
يعرف كيف تعمل النظم الاجتماعية والتكنولوجية، ويعمل معها بكفاءة

التكنولوجيا

-يصون المعدات ويصلحها
-يتقي مشاكل المعدات، أو يتعرف عليها، أو يحلها بما في ذلك مشاكل الحاسبات والتقنيات الأخرى
-يطبق التقنية في المهمة
-يتفهم التوجه العام والإجراءات الصحيحة لتجهيز وتشغيل المعدات
-يختار التقنية
-يختار إجراءات وأدوات أو معدات بما في ذلك الحاسبات الآلية والتقنيات المتعلقة

كيف تقيّم موظفيك؟