إن الأفراد في أي منظمة لديهم أهداف وقيم خاصة بهم قد لا تتفق في كثير من الأحيان مع أهداف وقيم المنظمة، وهذا من شأنه أن يؤدي وقوع الأفراد من جهة والمنظمة من جهة أخرى كطرفي نقيض تتعارض مصالحهما ويدخلان في حالة صراع يحاول كل منهما تسجيل أكبر قدر من النقاط إن لم تكن هناك هزيمة الطرف الآخر، وبذلك يرجع كل منهما مصلحته على حساب الطرف الآخر لتكون المحصلة النهائية خسارة كلا الطرفين، من هذا المنطلق تأتي أهمية الانتماء التنظيمي والولاء التنظيمي اللذان غالبا ما يشيران إلى نفس المعنى ووجودهما من شأنه الصدع في العلاقة القائمة بين العاملين ومنظمتهم والتوفيق فيما بينهم بحيث يسود العلاقة جو من التعاون والألفة والتكامل بدلا من التنافس والتنافر والتناحر.

وفيما يلي إعطاء تعريف لكل من المصطلحين.

أولا: الانتمـاء التنظيمـي
الانتماء التنظيمي يعبر عن استثمار متبادل بين الفرد والمنظمة باستمرار العلاقة التعاقدية،يترتب عليه أن يسلك الفرد سلوكا يفوق السلوك الرسمي المتوقع منه والمرغوب فيه من جانب المنظمة، ورغبة الفرد في إعطاء جزء من نفسه من أجل الإسهام في نجاح واستمرارية المنظمة كالاستعداد لبذل مجهود أكبر والقيام بأعمال تطوعية وتحمل مسؤوليات إضافية.

ثانيـا: الـولاء التنظيمـي
هو أعمق من الانتماء ويمكن أن يقال عنه أيضا أعظم درجات الانتماء ويمكن أن نعرفه على أنه العملية التي يحدث فيها تطابق بين أهداف الفرد وأهداف المنظمة.
كما يمكن تعريفه على أنه اعتقاد قوي وقبول من جانب الفرد لأهداف المنظمة ورغبة في بذل أكبر عطاء ممكن لصالح المنظمة التي يعمل فيها الفرد مع رغبة قوية في الاستمرار في عضوية هذه المنظمة.
وتحاول كثير من المؤسسات كسب ولاء أفرادها والمحافظة عليه وبذل المساعي لزيادته لديهم، إن عملية بث الولاء وزراعته في نفوس الأفراد هي مهارة يمكن تعلمها واكتسابها وهي مهارة بمقدور المسؤولين في أية مؤسسة تنميتها وتطويرها حتى تغدو أمرا طبيعيا تلقائيا يمارسه جميع أفراد المؤسسة بشكل عفوي دون تكلف. فالحقيقة التي ينبغي أن يعيها المسئولون في أي مؤسسة هو يصعب إرغام الفرد على إظهار الولاء للمؤسسة ولكن يمكن كسب ولاء الفرد بتهيئة الجو في بيئة عمله والذي من خلاله يظهر الفرد ولائه للمؤسسة.
ويمكن أن نركز على أربعة عوامل كفيلة لتهيئة الأجواء أمام الأفراد وفي بيئات أعمالهم المختلفة لكي يظهر ولائهم المؤسسي بشكل طبيعي وتلقائي:
أما العامل الأول: فهو يتعلق في المبادئ التي ينبغي أن تعتقدها وترفعها المؤسسة لأفرادها والتي من خلالها تتميز عن باقي المؤسسات الأخرى والتي تجعل الأفراد بالفخر في انتمائهم في مؤسستهم
أما العامل الثاني: فهو متعلق في توفير نماذج قيادية ومؤثرة ومحركة داخل المؤسسة والتي ينظر الأفراد لها كنماذج مثالية يقتدي بها ورموز يدور حولها الولاء المؤسسي.
أما العامل الثالث: فهو متعلق بتوفير الحوافز المعنوية والمادية للأفراد المؤسسة والتي تهدف إلى دفع المضرات عن الأفراد قبل جلبها لهم.
أما العامل الرابع: فهو متعلق بإيجاد جو تنافسي شريف يمكن لأي فرد أن يعيش فيه داخل المؤسسة والذي من خلاله تزداد نسبة الولاء المؤسسي، ويتم المحافظة عليه مدى الأيام.
المطلـب الثانـي: العلاقـة بيـن الرضـا عـن العمـل والانتمـاء التنظيمـي والـولاء التنظيمـي
يختلف الرضا عن العمل عن الانتماء التنظيمي في أن الأول متغير حركي يتغير بتغير خبرات الفرد بالعمل وبتغير خصائصه الذاتية أم الانتماء التنظيمي فيعبر عن الاستجابة الإيجابية تجاه المنظمة بصفة عامة و الارتباط بها ككل.
فالمشاعر الخاصة بالانتماء التنظيمي تنمو ببطئ ولكن بثبات بمرور الوقت بالنسبة لعلاقة الفرد بالمنظمة بينما الرضا عن العمل يعتبر مقياسا أقل ثباتا يعكس رد الفعل السريع لجوانب معينة في بيئة العمل.

ولكـن مـا الذي يسبـق الآخـر؟ هـل مشاعـر تسبـق مشاعـر الانتمـاء أم العكـس؟
اختلفت آراء الباحثين في ذلك: فالبعض يرى أن الانتماء التنظيمي يحدث بعد فترة زمنية نتيجة شعور الفرد بالرضا عن العمل ويرى باحثون آخرون أن شعور الفرد بالانتماء التنظيمي ينشأ قبل تكوين اتجاهات الرضا عن العمل قبل الالتحاق بالعمل ويستمر باستمرار عمل الفرد وذلك كلما ساعدت منظمة الأفراد على إشباع حاجاتهم وبالتالي يعتبر الانتماء التنظيمي سببا للرضا عن العمل وليس نتيجة له
ونفس الشيء بالنسبة للولاء التنظيمي فتؤكد الدراسات على أنه كلما ازداد الولاء التنظيمي على العمال، قل معدل دوران العمل وتعتبر دراسات أخرى إلى أن الولاء يساعد إلى حد كبير في انخفاض نسبة الغياب والحد من مشكلة التأخير عن الدوام يعزز الرضا الوظيفي، أي الولاء مسبب للرضا.

ومن جهة نظرنا فإننا نعتبر العلاقة بين الرضا الوظيفي والولاء في اتجاهين وأن الرضا مسبب للولاء أكثر منه نتيجة له وذلك كون أن المدير أو القائد بمفهوم أدق مهما كان اهتمامه بالأفراد ومهما كان توجيهه بالعلاقات الإنسانية يبقى هدفه الأسمى هو تحقيق أهداف المنظمة وما تحقيق الرضا لدى العاملين إلا وسيلة من الوسائل المتبعة في ذلك فالرضا غرضه كسب ود العمال وتجنب سخطهم ولما لا تكسب ولاءهم هذا الأخير الذي يؤدي إلى توثيق العلاقة بين العمال والمنظمة ويضعه في الاستعداد لبذل أقصى نيابة عنها ورغم هذا فإن الولاء ليس هدف بحد ذاته وإنها هو أيضا وسيلة لتحقيق أهداف المنظمة وتحسين أدائها.

إن الهدف من الرضا هو كسب الولاء والهدف من الولاء هو تحسين الأداء.