طبيعــة التـدريب
يعد العنصر البشري من العناصر المهمة التي تحيا بها مؤسسات الأعمال كما يعد المحرك الأساسي لجميع نشاطات المؤسسة ومصدر من المصادر المهمة لفاعليتها خاصة عندما يتميز بنوعية مهارية ومعرفية وقدرات تتلاءم مع طبيعة الأعمال التي يمارسها في المؤسسة.
المطلب الأول: تحديد لأهم المصطلحات
عند الحديث عن مفهوم التدريب تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض الخلط بين التدريب وعدة مفردات مشابهة له ولهذا سنحاول إيجاد المعنى الحقيقي لكل منها وإزالة هذا الغموض.
التعليم: يعتني بزيادة المعلومات العامة للفرد ومستوى الفهم للبيئة التي يتلقى المتعلم تعلمه فيها وأنه الإطار الأوسع لأنه يهتم بزيادة مقدرة الفرد المتعلم على التفكير المنطقي وفهم وتفسير المعرفة من خلال تنمية القدرات العقلية القادرة على تفهم العلاقات المنطقية بين مختلف المتغيرات لأجل فهم وتفسير الظواهر.
التعلم: يؤدي إلى زيادة وتعميق المعرفة أو الثقافة العامة والإلمام بالبيئة ككل.
الإعداد: إن مصطلح الإعداد أو ما يسمى بالتكوين السابق على التوظيف يستخدم في كثير من الحالات للدلالة على عدة عمليات كالتعليم والتكوين وغير ذلك، حيث يعني عملية تستهدف إضافة معلومات ومعارف جديدة للفرد، ويبدأ الإعداد حيث ينتهي التعليم كما يبتدئ التكوين بعد انتهاء الإعداد بالنسبة للفرد.
التأهيل: يتمثل في خدمات مهيأة تقدم للعاجزين لتمكينهم من استعادة قدراتهم على مباشرة عملهم الأصلي أو أداء أية أعمال أخرى تتناسب مع حالتهم الصحية والنفسية.

إعادة التكوين: تحدث عند انتقال الفرد إلى وظيفة جديدة، كما أن هذه العملية تستهدف أحيانا ترقية الأفراد أو ضرورة إتقانهم لفنيات وتقنيات جديدة أدخلت على طرق وأساليب العمل.
التنمية الإدارية: تحسين قدرات المديرين الحاليين في المشروع، والعمل على تأمين مورد كاف ومنتظم من المديرين الأكفاء لمقابلة احتياجات المستقبل، فالتنمية إذن تعني التحسين في المقدرة الإدارية، ونعني بالمقدرة الإدارية المقدرة على اتخاذ القرارات والمقدرة على الاتصال والمقدرة على القيادة.
من خلال التعاريف السابقة تتضح لنا رؤى توحي بالاختلاف الموجود بين المصطلحات السابقة فالتعليم يهدف إلى إكساب الفرد المعارف والتي لا ترتبط بعمل محدد في حين أن التنمية الإدارية مصوبة إلى الوظائف الإدارية العليا، أما التأهيل فهو خاص باستعادة القدرة على العمل والإعداد يهتم بإضافة المعلومات والمعارف للفرد، والفرق بين التعلم والتدريب واضح ففي الوقت الذي يركز فيه التدريب على إكساب أو تطوير المهارات والمعارف لدى الأفراد العاملين، فإن التعلم يحدث نتيجة للمعارف والمهارات التي يكتسبها الفرد خلال التعليم أو التدريب أو الاثنين معا، ويظهر لنا جليا أن التكوين والتدريب مختلفين فالتدريب يحوي التكوين لأن التدريب يشمل الموظف الجديد والموظف القديم، في حين أن التكوين يشمل الموظف الجديد فقط.
المطلب الثاني: تعاريف حول التدريب
لقد تعددت التعاريف واختلفت من اقتصادي لآخر ومن أهمها ما يلي: عرف بعض الكتاب التدريب بأنه "الجهود الإدارية أو التنظيمية التي تهدف إلى تحسين قدرة الإنسان على أداء عمل معين، أو القيام بدور محدد في المؤسسة التي يعمل فيها".

ويعرف على أنه إجراء منظم من شأنه أن يزيد من معلومات ومهارات الإنسان لتحقيق هدف معين.
ويعرفه آخرون بأنه:
عملية تعلم تتضمن اكتساب مهارات ومفاهيم وقواعد أو اتجاهات لزيادة وتحسين أداء الفرد، وتقع المسؤولية الأولى لتدريب الفرد بصفة عامة على المدير المباشر للفرد وفي بعض الأحيان تفوض مسؤولية هذا التدريب إلى عامل من العمال أو فرد من الأفراد القدامى ذوي الخبرة في المؤسسة، وبغض النظر عن نوعية أو جودة التدريب الأساسي أو الأولي فإنه يؤثر على إنتاجية واتجاهات الفرد ناحية عمله.
كما يعرف أيضا أنه "النشاط المخطط يهدف إلى تزويد الأفراد بمجموعة من المعلومات والمهارات التي تؤدي إلى زيادة معدلات أداء الأفراد في عملهم".
كما يعرف التدريب أنه " عملية مخططة تقوم باستخدام أساليب وأدوات بهدف خلق وتحسين وصقل المهارات والقدرات لدى الفرد وتوسيع لنطاق معرفته للأداء الكفؤ من خلال التعلم لرفع مستوى كفاءاته وبالتالي كفاءات المؤسسة التي يعمل فيها كمجموعة عمل" .
وهناك تعريف آخر"التدريب هو تلك الجهود الهادفة إلى تزويد الموظف بالمعلومات والمعارف التي تكسبه مهارات في أداء العمل وتنميته وتطوير قدراته ومهاراته وخبراته بما يزيد من كفاءته في أداء عمله الحالي أو يعده لأداء أعمال ذات مستوى أعلى في المستقبل" .


ومن خلال هذه التعريفات وتحليلاتنا لها نلاحظ وجود اتفاق البعض على بعض النقاط والاختلاف في النقاط الأخرى وسنحاول أن نقدم تعريفا شاملا للتدريب لأنه:
" مجموعة من الأنشطة والعمليات الهادفة إلى تحقيق مستوى مستهدف من الكفاءة والفعالية والمقدرة في المورد البشري التي تتناسب مع ظروف عمله الحالية والمستقبلية كما أن هذه الأنشطة تكون متداخلة ومتشابكة فيما بينها وتشكل نظاما مكونا من مدخلات مخرجات، وعملية التحويل مع وجود رقابة مستمرة وتغذية عكسية من أجل معرفة النتائج وبالتالي يتحقق لنا الهدف المرجو من التدريب بزيادة المهارات والمعارف وصقل القدرات للأفراد العاملين".

المطلب الثالث: علاقة التدريب مع أنشطة إدارة الموارد البشرية
علاقة التدريب مع تخطيط الموارد البشرية: يعتمد تقرير احتياجات المؤسسة من التدريب والتنمية بشكل مبدئي على متطلبات أو نتائج تخطيط الموارد البشرية، التي تحدد عادة في ظل أهداف وخطط المؤسسة من أفراد القوى العاملة، من حيث العمل والمهارة والتخصص.
إن هذه الموارد البشرية التي جرى تحديدها ويراد استقطابها وتعيينها في المؤسسة لا شك أنها تحتاج إلى تدريب وتأهيل لتتسلم أعمالها وتقوم بها بنجاح، يتضح إذن أن أهداف خطط التدريب المستقبلية للعمالة الجديدة التي يراد استخدامها يتم على ضوء نتائج تخطيط القوى العاملة وبالتالي نجد أن العلاقة مباشرة بين نشاطي التدريب وتخطيط الموارد البشرية وخاصة عندما تجد المؤسسة صعوبة في إيجاد أفراد قوى عاملة ماهرة أو مؤهلة لا تحتاج إلى تدريب بشكل كبير.
العلاقة مع قياس وتقييم الأداء: تتقرر احتياجات تدريب وتنمية القوى العاملة التي ليست جديدة في المؤسسة عادة ولجميع المستويات الإدارية، على ضوء النتائج التي يتوصل إليها قياس وتقييم أداء العاملين، فهذه النتائج تعطينا فكرة تحليلية عن مستوى أداء وسلوك الأفراد خلال فترة القياس، مبينة لنا نقاط الضعف وأسباب انخفاض مستويات الأداء والسلوك عن المعايير المطلوبة منهم، وهل هذه المشكلة تتطلب تدريب وتنمية، أم تتطلب تحفيز أم سببها عائد لأمور تنظيمية داخل المؤسسة، إذن فقياس وتقييم الأداء يحدد لنا فيما إذا كان الفرد بحاجة لتدريب وتنمية لعلاج نواحي الضعف في أدائه وتطويره مستقبلا أم لا يحتاج، وبالتالي نجد أن العلاقة بين نشاطي التدريب وقياس الأداء علاقة مباشرة أيضا.
العلاقة مع الاستقطاب: من الواضح أنه كلما تمكن نشاط الاستقطاب من جذب وترغيب عمالة مؤهلة للعمل في المؤسسة، وبالتالـي فنجاح نشاط الاستقطاب فــي أداء


مهمته على الوجه الأكمل، سينعكس أثره إيجابيا على نشاط التدريب والتنمية والعكس من ذلك صحيح.
العلاقة مع التعويض: إنه لمن المهم أن تكون المكافآت مربوطة بمستوى الأداء والسلوك في العمل لأن هذا يعد حافزا للأفراد ليهتموا بتحسين أدائهم وتطويره، وخلق القناعة لديهم بأهمية وفائدة التدريب بالنسبة لهم وإن استخدام الحوافز في مجال التدريب والتنمية ليس مهما فقط من أجل جعل العاملين يقدمون على الدخول في البرامج التدريبية عن قناعة، بل أيضا من أجل الحفاظ على التأثير الحافزي لهذه البرامج، فالعاملون سيرجعون إلى مستوى أدائهم القديم إذا لم تتم مكافئتهم.
المطلب الرابع: مسؤولية التدريب
تختلف الجهة المسؤولة عن التدريب باختلاف ظروف المؤسسة، وعلى ذلك تعدد أشكال التنظيم المسؤولة عن عملية التدريب، ففي بعض المؤسسات نجد أن المسؤول عن عملية التدريب أولا وأخيرا هم الرؤساء المباشرين، إذ يتولى هؤلاء تدريب مرؤوسيهم ومعالجة مشاكل العمل أولا بأول.
والواقع أن الرئيس المباشر أقدر على تلمس مواطن القوة والضعف في مرؤوسيه والوقوف على الجوانب التي تحتاج إلى تقوية وتدعيم بما يكفل رفع كفايتهم الإنتاجية، فعن التقارير التي يعدها الرؤساء عن كفاءة مرؤوسيهم يمكنهم معرفة الأشخاص الذين يجب أن يوفر لهم برامج تدريبية ونوع هذه البرامج وموضوعاتها، إن الرؤساء الإداريين المباشرين مسؤولون عن تنمية قدرات وكفايات مرؤوسيهم.
إلا أن ترك المسؤولية في يد الرئيس المباشر ليحدد احتياجات مرؤوسيه للتدريب يعني بالضرورة أن كلا منهم لديه الاستعداد الكافي للقيام بهذه المهمة، إلا أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك إن بعضهم فقط يدرك أهمية التدريب، هذا فضلا عن أن هذا الأسلوب

يفترض أن الرئيس المباشر قادر على تعليم وتوجيه مرؤوسيه ثم أخيرا قد يعتبر بعض الرؤساء عملية التدريب عبء جديد قد يصرفهم عن القيام بمهام وظائفهم.
وقد تعهد إدارة المؤسسة للرئيس المباشر بمهمة التدريب على أن تنشأ وظيفة أخصائي التدريب بالمؤسسة ويكون تابعا تنظيميا لإدارة الموارد البشرية، وتكون مهمته تقديم كافة أنواع المعرفة التي يطلبها الرؤساء المديرين أو المشرفين، ويقوم الأخصائي بالاتصال بالرؤساء بصفة دورية لمعونتهم على التعرف على الاحتياجات ومن ناحية أخرى فإن أخصائي التدريب يكون مسؤولا عن الإشراف على تنفيذ برامج التقييم وعن تقييمها والعمل على تطويرها بصفة مستمرة إلى جانب معاونته للرؤساء الإداريين في تتبع هذه البرامج للتأكد من استفادة المتدربين مما اكتسبه من معارف وقدرات، كذلك تقع على مسؤوليته نشر الوعي التدريبي في المؤسسة والتركيز على فائدة التدريب لرفع كفاية الأفراد الإنتاجية.
وقد تنشئ المؤسسات الكبيرة إدارة أو مركز للتدريب يتولى إعداد كافة البرامج التي تكفل الوفاء باحتياجات المؤسسة أو تلك التي يطلب منهم إعدادها ولا شك أن هذا الشكل يضمن أن يتم تدريبه على مستوى عال إذ يشرف عليه أناس متخصصين ومتفرغين لهذه العملية وقد تسعى المؤسسة بمراكز وأجهزة التدريب خارج المؤسسة سواء كانت محلية أو دولية وفي هذه الحالة يتم ترشيح الأفراد من داخل المؤسسة الذين ترى المؤسسة أنهم في حاجة إلى التدريب، وعادة ما تتولى الجامعات ومعاهد الإدارة ومراكز التدريب توفير برامج تدريبية لفترات قصيرة أو طويلة وتغطى موضوعات متنوعة.