الإدارة المالــــية :
الإدارة المالية من العناصر المهمة و الرئيسة لنمو العملية الإدارية واستمرارها، ويمكن تعريف الإدارة المالية بأنها : " إحدى الوظائف المتخصصة للإدارة العامة وتهدف إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للأموال بما يكفل تقديم الخدمات لكافة المواطنين " ( فرهود : 1403هـ ,30 ) . كما عرفت الإدارة المالية أيضاً بأنها : "مجموعة من النشاطات الإدارية التي تتعلق بالبحث عن الأموال اللازمة وتوفيرها والتأكد من حسن استخدامها وفقاً لأوجه الإنفاق المحدودة " (توفيق : 1980م , 423) . وتعتبر الميزانية الأساس الذي تقوم عليه الإدارة المالية لأنها تعبر بما تتضمنه من أرقام عن مجموعة الخطط التي وضعت من أجل فترة زمنية معينة في المستقبل , وعلى هذا فإن الميزانيات تعتبر بيانات عن نتائج متوقعة , كما يرى البعض أن ترجمة الخطط إلى أرقام محددة من شأنه حتماً أن يوجد نوعاً من النظام ما كان يمكن أن يوجد بغير هذا الأسلوب (أبو الخير : 1974م , 575) .
وقد وردت عدة تعريفات للميزانية إلا أن أشملها هو تعريف "ويلسون" و" تاوير" حيث ذكرا أنها : " وثيقة تبين المتوقع أو المحتمل من الموارد والنفقات لمؤسسة ما خلال فترة زمنية محددة هي عادة سنة , وتمثل برنامجاً مالياً منطقياً ومفصلاً وذا طبيعة مستقبلية , وبموجب هذا البرنامج المالي تنسق وتحدد نشاطات وعمليات الأقسام المختلفة في هذه المؤسسة " ( دياب : د.ت ,186 ) .
ومن التعريفات السابقة يمكن أن نستخلص بعض الخصائص المرتبطة بالميزانية ارتباطاً وثيقاً وذلك على النحو الآتي :
1. أنها بيان تقديري لا فعلي .
2. تغطي فترة زمنية محددة لا تزيد في العادة عن سنة .
3. تعتبر دليلاً إرشادياً للعمل .
4. أداة لا غنى عنها للمدير لتسيير الأعمال في مؤسسته .
ولا شك أن الإدارة الناجحة هي التي تخطط لإعداد الميزانية بالصورة التي تعكس أهداف المؤسسة ووظائفها (دياب : د.ت , 186) .
ومن الدلائل على نجاح أي ميزانية ترجمة خططها بشكل جلي وواضح أمام الإدارة العليا ومن يمثلها , فلا بد أن يكون المدير على معرفة بالمقدار المخصص لكل بنـد , ومن الذي يقع في نطاق سلطاته مهمة الصرف , وفيما ستصرف المبالغ , وما المصروفات وما الإيرادات وما المكونات المادية للمدخلات والمخرجات , وبمثل هذه الخطة الواضحة المفصلة يمكن للمدير أن يبذل جهده لتطبيقها وتنفيذهــــا , وإن كان على يقين من دقتها وصدقها, فإن هذا يعطيه حرية واسعة في ممارسة حقه في تفويض السلطة بالقدر الذي تتسع له مقدرة معاونيه في العمل , وفي حدود الاحتياجات التي تقررها الميزانية, وبذلك تصبح الميزانية بما تحويه من خطط وأرقام ومقاييس أداة فاعلة لتحقيق أهداف المنشأة ( أبو الخير :1974م, 576 ) .
قواعــــد الميزانية :
ينبغي أن تتوافر في الميزانية السليمة ست قواعد رئيسة , وهي على النحو الآتي :
1. السنــوية :
تقتضي هذه القاعدة أن تقدر الميزانية بالإيرادات والنفقات لسنة قادمة . ويكمن السبب في ذلك لاعتبارين أساسيين :
الأول : أن إعداد الميزانية العامة واعتمادها في شكلها النهائي يتطلب جهداً ووقتاً , لذلك يصعب تكرارها لفترة أقل من سنة . كما أن إعدادها لأكثر من سنة يؤدي إلى صعوبة إجراء الرقابة من قبل السلطات المختصة .
الثاني : أن إعداد الميزانية يقوم على التنبؤ بالإيرادات والنفقات العامة لفترة زمنية مقبلة عبارة عن سنة , فلو كانت الميزانية تزيد عن سنة فقد يؤدي ذلك إلى عدم دقة تقدير الإيرادات والنفقات المتوقعة بدقة , وذلك لطول الفترة الزمنية بين إعدادها و اعتمادها (عصفور : 1408هـ , 40 ، 42) .
2. الشمول والمسؤولية:
ويعني أنه ينبغي أن يجمع البرنامج المالي , ويتخذ القرار فيه في مكان واحد وبإجماع واحد , وعن طريق شخص أو جهاز معين .
3. المــــرونة:
بمعنى أن يتاح للميزانية قدر معقول من الاختيار بين السياسات في وضع الميزانية نفسها , وفي التمييز الإداري في تنفيذها .
4. الدقـــــة :
ينبغي أن تكون البيانات التي تبنى عليها تقديرات الميزانية على درجة كافية من الدقة والتفصيل والسداد بحيث تسمح بالتقدير المستنير, وأن تتسم بالتقديرات الواقعية . ومما يقلل من احتمالات الخطأ ويساعد على الدقة في تقديرات الميزانية , الاسترشاد بالتنفيذ الفعلي لميزانيات السنوات السابقة مع مراعاة ظروف السنة التي تعد عنها التقديرات الجديدة (ديموك وآخرون : د . ت , 287 - 288) .
5. الوحــــدة :
وتعني إدراج جميع الإيرادات والنفقات المتوقعة في وثيقة واحدة تعرف بالميزانية , وهذا مما يؤدي إلى تسهيل إجراء المقارنات السريعة بين الإيرادات والنفقات , وإمكانية معرفة العجز من الفائض ومقداره , كما يكفل تطبيق إجراء رقابة فعالة من السلطة التشريعية , وهو ما لا يمكن تحقيقه لو كانت تلك النفقات والإيرادات في موازنات متعددة .
6. الوضـــوح :
أي الوضوح الذي يمكن من فهم محتويات الميزانية, وتحقيق ذلك بتبويبها وتقسيمها وتنسيقها بطريقة تساعد على فهمها (عصفور : 1408هـ ,550) .
أنــواع الموازنات العــامة :
للموازنات العامة أربعة أنواع رئيسة تتمثل في الآتي :
1. ميزانية البنود :
هي الأكثر استخداماً في دول العالم لاسيما الدول النامية لكونها توفر وسيلة فاعلة لإحكام الرقابة على بنود الإنفاق . وتقسم نفقاته كما يأتي :
أ. التقسيــم الإداري :
توزع النفقات العامة وفقاً للجهات الإدارية, وتخصص مبالغ معينة لكل جهة حكومية وفقاً لنشاطها وأعمالها , ويلاحظ أن التقسيم الإداري يكون أكثر وضوحاً في موازنة البنود عن غيرها من الموازنات .
ب. التقسيم على أساس النفقة :
تحدد مبالغ مخصصة موزعة وفقاً لأنواع النفقات كالرواتب والأجور والمكافآت والبدلات , ويتم تخصيص بند مفصل للجهة ذات العلاقة سنوياً , كذلك نفقات المصروفات النثرية والصيانة والتشغيل والمشروعات 000إلخ , ويمثل إجمالي نفقة كل بند في الموازنة إجمالي النفقات على ذلك البند في جميع أجهزة الدولة خلال السنة المالية .
2. ميزانية البرامج والأداء :
تهدف هذه الميزانية تحديد الأسباب والأهداف التي تطلب من أجلها الاعتمادات , وتكاليف البرامج المقترحة لتحقيق هذه الأهداف , وبيانات لقياس مدى تقدم العمل لكل برنامج . وقد عرف مكتب الموازنة بالولايات المتحدة الأمريكية ميزانية البرامج والأداء حيث يرى أنها : " تلك الموازنة التي تبين الأهداف التي تطلب لها الاعتمادات المالية , وتكاليف البرامج المقترحة للوصول إلى تلك الأهداف والبيانات والمعلومات الكمية الإحصائية التي تقيس الإنجازات وكل ما أنجز من الأعمال المدرجة تحت كل برنامج" (عصفور : 1988م , 17).
وتركز موازنة البرامج والأداء على الأهداف التالية :
1. التركيز على النتائج وليس المدخلات .
2. التركيز على استخدام الأساليب القياسية التي تساعد على معرفة تكلفة البرامج , ومقارنتها بالأهداف التي تحققها .
3. التركيز على الأداء الفعلي في ضوء مجموعة من المعايير والمقاييس العلمية التي توضع لتقويم برامج كل إدارة .
3. ميزانية التخطيط والبرمجة :
تعتبر من الأساليب الحديثة في الميزانية العامة حيث تركز على مجموعة من العناصر التي تستجيب وتتوافق مع طموحات ورغبات كثير من الدول في تحقيق الرفاهية لشعوبها من خلال استخدام فعال للموارد المالية المتاحة في تحقيق الأهداف حسب سلم الأولويات ( ياغي : 1983م ،441 ) .
وتهدف ميزانية التخطيط والبرمجة إلى تحقيق الأمور الآتية :
1. مساعدة الإدارة في تحديد الوسائل التي يتم بموجبها البحث عن أفضل البدائل لتحقيق الهدف وفقاً للإمكانات المتاحة لديها .
2. إعطاء الإدارة فرصة لتقدير تكاليف المشروعات والبرامج التي يراد تنفيذها خلال سنوات قادمة , والوصول إلى اختيار أنسب هذه المشروعات وفقاً للأهداف المحددة .
3. إتاحة الفرصة لمتابعة أعمال الإدارات وفقاً للبديل الذي تم اختياره ثم تقويم الإنجاز النهائي طبقاً لما هو محدد أصلاً , وهذا يساعد على تعُرف جوانب التقصير في الجهات الحكومية المختلفة , والعمل على تلافيها في الوقت المناسب .
4. الحد من الإسراف والتبذير في الإنفاق نظراً للربط بين الإنفاق على المشروعات ومقدار العائد المتحقق منها (مرار : 1977م , 92 , 93) .
4. ميزانية الأساس الصفري :
عرفها مكتب الإدارة والميزانية الأمريكية بأنها " كل عمل إداري منظم يضمن الأخذ بالاعتبار جميع البرامج والنشاطات التي تواجه متطلبات تحضير الميزانيــة وتحضير البرامج " (فرهود : 1982م , 646) . وتقوم ميزانية الأساس الصفري على أساس أن تقوم كل وحدة إدارية بإعادة تقويم برامجها ونشاطاتها القائمة والجديدة سنوياً , وذلك بمقارنة التكلفة والعائد لكـل برنامج . وبناءً على هذا التقويم تتم الموافقة على تخصيص اعتمادات للبرنامج أو إلغائه , وعلى هذا فإن ميزانية الأساس الصفري تهدف إلى تحقيق الآتي :
1. تقديم الاقتراحات حول إعادة توزيع الاعتمادات بعد مقارنة البرامج القائمة والجديدة للإدارات الحكومية .
2. التركيز على تقويم البرامج والنشاطات لكل وحدة إدارية .
3. تحديد الأهداف لكل وحدة إدارية .
4. تحديد الطرق البديلة من أجل تنفيذ أهداف الإدارة (فرهود : 1403هـ, 647 – 648 ؛ صديق : 1980م , 91 - 92) .
المشكلات الإدارية في المكتبات ومراكز المعلومات السعودية :
تعاني المكتبات ومراكز المعلومات في كثير من المؤسسات الحكومية كالجامعات والكليات وغيرها في المملكة العربية السعودية من مشكلة عدم تبلور مفهوم الإدارة لديها بشكل واضح , وضعف الإدارة القائمة عليها , وذلك لتولي غير ذوي الاختصاص والتأهيل لإدارة المكتبة . وقد نتج عن ذلك تراجع مستوى الأداء في المكتبة , وظهور الكثير من الصعوبات التي ترقى في كثير من الأحيان إلى مستوى المشكلات التي يصعب حلها أو السيطرة عليها, مما يؤدي سلفاً إلى الفشل في تحقيق أهداف المكتبة .
وقد كشفت كثير من الدراسات الميدانية عن أن أغلب المعوقات والمشكلات في هذا الصدد تعود لعدم تطبيق تلك المكتبات لأسس وقواعد الإدارة العلمية وقواعدها ومبادئها, وعدم الأخذ بأساليبها الحديثة (دياب : د.ت , 451) . ولعل من أبرز الصعوبات والمشكلات الإدارية التي تعوق أداء سير العملية المكتبية ما يأتي:
1. التخطيط الإداري :
حينما نمعن النظر في واقع التخطيط للمكتبات ومراكز المعلومات السعودية , نجد ضعفاً واضحاً في برامج التخطيط لإنشاء المكتبات وتشغيلها على المستويين الوطني والمكتبي . وقد يكون ذلك عائداً لجملة من الأسباب لعل من بينها أن تبعية المكتبات ومراكز المعلومات في أغلبها تكون للوزارات والمؤسسات الحكومية لذا فإن وجود برنامج تخطيطي أو عدم وجوده يرتبط أساساً بتلك الوزارة أو المؤسسة التي تتبعها المكتبة , وحجم الدعم الذي يوليه المسؤولون في تلك الجهات لمكتباتهم يؤثر بشكل أو بآخر على عرقلة المسيرة المكتبيــة . كمــا أن ضعف الوعي بأهمية التخطيط ودوره في تطوير المكتبات ومراكز المعلومات لدى بعض القيادات الإدارية وتدني مستوى التأهيل والخبرة للبعض الآخر له أثر بالغ في إهمال كثير منهم للخطط السنوية , أو الخطط طويلة الأجل للمكتبات ومراكز المعلومات في تلك الجهات , مما جعل العمل في تلك المكتبات يسير بشكل ارتجالي , وبحسب ما يتوافر من إمكانات (الحزيمي : 1418هـ , 308 , 309) .
2. التنظيم الإداري :
أغلب التنظيمات الإدارية القائمة في المكتبات ومراكز المعلومات تركز على الشكل دون الجوهر , بمعنى أن الجهود منصرفة إلى إعداد الهياكل التنظيمية بغض النظر عن مدى ملاءمتها لظروف تلك المكتبات واحتياجاتها وأعداد العاملين فيها ونوعياتهم. لذا فإن هذه التنظيمات لا تحدث أثراً ملموساً في كفاءة الأداء المكتبي , ولا تغير من واقع الأمور بتلك المكتبات ومراكز المعلومات ( دياب : د. ت , 452 ) . وتفتقر كثير من المكتبات السعودية إلى التنظيمات الإدارية التي تعد أداة لترجمة الخطط إلى واقع عملي محسوس, وتنقسم المكتبات و مراكز المعلومات في المملكة وفقاً لأوضاعها التنظيمية إلى فئتين:
الأولى : مكتبات ومراكز معلومات ليس لها تنظيمات مكتوبة أو خرائط تنظيمية , ويعتمد التقسيم الإداري فيها على الواقع الفعلي بناءً على آراء المسؤولين عن تلك المكتبات مع تفاوت درجاتهم العلمية .
الثانية : مكتبات ومراكز معلومات تم إعداد تنظيمات وخرائط تنظيمية لها, وتم تطوير تلك التنظيمات أو تعديلها فيما بعد بجهود المختصين في ذلك المجال (الحزيمي : 1418هـ، 309).
3. القيادة الإدارية :
تحتاج المكتبة مثل غيرها من المؤسسات إلى الإدارة العلمية التي تقوم بمهام عديدة تؤثر جميعها في نجاح المكتبة وتحقيق أهدافها على الوجه الأمثل. إلا أننا نلحظ أن هناك مكتبات تعاني من تدهور أوضاعها أو تباطؤ التقدم بها بسبب نوعية من يتولون إدارتها وتدني كفاءتهم. ويوجد ثلاثة أنماط من القيادات الإدارية في المكتبات و مراكز المعلومات السعودية وذلك على النحو الآتي :
أ. قيادات إدارية حصلت على التأهيل مع خبرات إدارية كافية , وكان لأولئك دور في النهوض بتلك المكتبات , والوصول بها إلى مراتب متقدمة .
ب. قيادات إدارية حصلت على التأهيل , إلا أنها تفتقر إلى العديد من مؤهلات القيادة الإدارية وإلى الخبرة الكافية في مجال التخطيط والتنظيم وتنمية الموارد المالية والبشرية . ولذا كان نجاح هذه الفئة محدوداً وتحتاج إلى حلقات تدريب على مستوى عال أو ندوات متخصصة للرفع من كفاءتهم وتحديث معلوماتهم .
ج. قيادات إدارية غير متخصصة في مجال المكتبات والمعلومات وغير مدربة أو مؤهلة تأهيلاً عالياً يتناسب وحجم إدارة بعض المكتبات , وإنما وصلوا إليها عن طريق التدرج الوظيفي بالترقية , ومثل تلك القيادات تشكل في الغالب عبئاً على مكتباتهم وعاملاً في إعاقة تطويرها . وقد يكون التدريب المكثف كافياً لتطوير مستويات بعضهم ممن يديرون مكتبات صغيرة الحجم كالمكتبات المدرسية أو مكتبات الدوائر الحكومية (الحزيمي : �صه��!��X� �� س ثلاثة أبعاد :
1. السمات الشخصية للقائد .
2. عناصر الموقف .
3. متطلبات الجماعة وخصائصها .
ويمكن القول إن القائد الناجح هو الذي لديه القدرة على إيجاد التكامل والتفاعل بين هذه العناصر جميعاً , وبقدر ما يستطيع أن يكيف سلوكه ليواجه متطلبات الموقف والمرؤوسين بقدر نجاحه في النهوض بأعباء القيادة وتحقيق أهداف المنظمة والعاملين (كنعان : 1404هـ , 276 - 377) .