بسم الله الرحمان الرحيم




كلية العلوم الإقتصادية وعلوم التسيير


الجمعية العلمية
نادي الدراسات الإقتصادية


021 47 75 15 هاتف/فاكس:
رقم الحساب البنكي: N° 16-287/60-200 badr bank
الموقع : [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]
البريد الإلكتروني: (تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى)
المقر: ملحقة الخروبة الطابق الأول







































علم ـ عمل ـ إخلاص


الفصل الأول: الإصلاحات الاقتصادية


المبحث الأول: إعادة الهيكلة العضوية


إن عملية إعادة الهيكلة هي عملية إصلاح اقتصادي شامل هدفه التحكم في وسائل الانتاج وبالتالي فهي تأخذ مفهوم محاولة تقويم وتصحيح الوضعية السابقة للمؤسسة. من ذلك سوف نتطرق إلى المفاهيم أو العناصر المتعلقة بهذه العملية من أسباب ومبادئ وأهداف والمشاكل التي نجمت عنها.


المطلب الأول: أسباب إعادة الهيكلة العضوية
إن مبدأ إعادة هيكلة الشركات العمومية المقرر ضمن مهام المخطط الخماسي الأول (1980-1984) جاء لتقسيم الشركات العمومية الكبرى وتجزئتها إلى وحدات صغيرة أكثر تخصصا من أجل مواجهة الصعوبات وتحريرها من الضغوطات التي كانت تقيدها. وبالتالي جاء مرسوم 80/240 الصادر في 14/10/1980 والمتعلق بإعادة هيكلة الشركات الوطنية.
ونلخص أهم الأسباب فيما يلي:
1- ضخامة حجم الشركات الوطنية الجزائرية: مما نتج عنه صعوبة التحكم في تسيير هذه المؤسسات. وكذلك تركيز المسؤولية في أيدي فئة من المسؤولين (مركزية اتخاذ القرارات). كذلك غياب سياسة اجتماعية فعالة وظروف ملائمة للعمل بحكم أن عدد كبير من العمال كان تحت إشراف المديرية.
2- تعدد مهام الشركة الوطنية: بحيث كانت الشركات قبل إعادة الهيكلة العضوية متعددة الوظائف مما أدى إلى تراكم بعض المشاكل مثل:
- نقص الفعالية والنجاعة نتيجة عدم الاستفادة من مبدأ التخصص وتقسيم العمل.
- نقص معدلات الانتاجية بالنسبة لعوامل الانتاج (فمثلا تخصيص حافلة لنقل عمال الشركة يؤدي إلى استغلالها في أوقات معينة فقط وتوقفها في أغلب الأوقات، في حين لو أن نفس الحافلة كانت تحت تصرف شركة مختصة في النقل فإن ذلك يعني استغلالها بأقصى درجة ممكنة).
3- النتائج السيئة المحققة من طرف الشركات الوطنية: (وكانت بسبب التخطيط المركزي) كما أن العدد الكبير من الوحدات التابعة لشركات وطنية واحدة صعب من امكانية معرفة الوحدات الرابحة (ذات مردودية) من الوحدات الخاسرة.
4- ضخامة الاستثمارات وطول فترة إنجازها.
5- صعوبة انتقال المعلومات بين الوحدات في المؤسسة.
6- العمالة الزائدة نتيجة سياسة التوظيف المتبعة من قبل الدولة... إلى غير ذلك من الأسباب.
ومن خلال كل هذه العوامل فيمكن القول أن إعادة الهيكلة هي تغيير عقلاني لطرق تنظيم وسائل المؤسسات الاقتصادية بغية القضاء على تلك المشاكل الهيكلية والتنظيمة المتولدة عن الهيكل التنظيمي القديم.


المطلب الثاني: مبادئ إعادة الهيكلة العضوية:
تمت إعادة الهيكلة العضوية وفق مجموعة من المبادئ وضعتها الحكومة ووزعت على نوعين منها المنهجية والتقنية:
1- المبادئ المنهجية: في منهجية تطبيق نصوص إعادة الهيكلة كان لا بد من نأخذ في الاعتبار:
أ*- مبدأ الشمولية (الكلية): يجب أن تكون إعادة الهيكلة ذات مضمون شامل نظراً لكون المشاكل التي تعالجها معقدة جدا بحيث لا يمكن مناقشتها على حدى. ففي الاقتصاد المخطط قيمة هيكلة المؤسسة لا تهمها لوحدها، فقد تستطيع أن تكون عامل حيوي بالنسبة لمورديها أو زبائنها ومع كل من له علاقة تجارية مع المؤسسة.
ب*- مبدأ التنسيق: وهو يهدف إلى تحقيق أكبر تناسق بين مختلف الوظائف داخل المؤسسة وبين الوحدات الاقتصادية وبين المؤسسة والمؤسسات الأخرى. وذلك على أساس ما كان منتظراً من عملية الهيكلة والتي من أهم أهدافها كان تقييم الشركات الجزائرية بحيث تكون الأهداف المسطرة لهذه المؤسسات غير متناقضة.


2- المبادئ التقنية: ورُكّز من خلالها على:
أ*- مبدأ التخصص: وذلك بتقليص عدد منتجات المؤسسات وذلك بخلق مؤسسات جديدة تختص بمنتوج معين أو مهمة معينة خلافاً لما كانت عليه سابقاً، بهدف تحسين الطاقة الانتاجية والعمل بمزايا تقسيم المهام. (مثل اليابان وألمانيا: التخصص الصناعي). وهذا ما من شأنه أن يزيد المؤسسة التحكم في تطور مراحل الإنتاج والتحكم في التكنولوجية...إلخ.
ب*- مبدأ تقسيم الوظائف: ونجد مثلا من بين الإجراءات العملية المطبقة وفق هذا المبدأ، كمثال:
- فصل الانتاج عن التسويق: فـ المؤسسة تتكفل بإنتاج سلعة معينة أو خدمة ما في حين تحال مهمة التسويق والتوزيع لـمؤسسة أخرى.
وأهمية ذلك تكمن في التحكم في تقنيات الانتاج والانتاجية في الكم والنوع.


ج- مبدأ تحسين ودعم التسيير: فمن جملة إصلاحات الإدارة والتسيير التي جاءت بها إعادة الهيكلة يمكن أن نوجزها في:
- الاستقلالية في التسيير مع تحميل مسؤولية عملية الانتاج للمديريات والجماعات المحلية.
- تحويل المديريات العامة من العاصمة لإعادة تركيزها في مناطق جغرافية قريبة لوحدات الانتاج وهذا لتدعيم اللامركزية.
- التقليل من موظفي المديريات وتحديدهم من أجل التنسيق الميداني للوحدات.


المطلب الثالث: أهداف إعادة الهيكلة العضوية
تهدف إعادة الهيكلة العضوية من جملة ما تهدف ما يلي:
 تحسين الانتاجية والإنتاج كمّاً ونوعاً.
 تقسيم المؤسسات الكبيرة وإعادة ترتيب الجهاز الاقتصادي بتجزئتها إلى وحدات صغيرة يسهل تسييرها. وذلك حسب مبدأ التخصص.
 تلبية الاحتياجات المتزايدة للاقتصاد والمواطنين وذلك عن طريق:
- تحسين ظروف سير الاقتصاد الوطني.
- سيطرة أكبر على جهاز الانتاج بزيادة فعالية أداء الانتاج مع تخفيض تكلفته.
 وما يهمنا من الأهداف هو أن إعادة الهيكلة العضوية يمكن أن تدخل بعض مقاييس تقييم عوامل الانتاج وتحسين إنتاجيتها فنجد مثلا: أنه يمكن تنمية القدرات والكفاءات الوطنية وذلك عن طريق:
- المكافأة الحقيقية للعمل المنتج: وهذا الحافز يمكن أن يكون بزيادة أجور العمال المؤهلين وعمال المصانع وغيرهم من العمال المنتجين بطريقة مباشرة. مما سيدفع لا محالة من إستقاطاب اليد العاملة نحو مواقع الانتاج المباشر.
- نظام التدريب والتكوين: ويهدف هذا القرار إلى تهيئة وتأهيل العاملين والموظفين وذلك لمسايرة التطور التكنولوجي. ومن أجل تسهيل عقلانية التسيير والرفع في كفاءة الأفراد العاملين وتحقيق مبدأ "الرجل المناسب في المكان المناسب".


المطلب الرابع: المشاكل الناجمة عن إعادة الهيكلة العضوية:
تعتبر السياسة التي طبقت بها إعادة الهيكلة العضوية مغامرة جربت في فترة زمنية قصيرة، حيث أدى هذا العامل إلى تقسيم المؤسسات الوطنية من 150 مؤسسة عام 1980 إلى 450 مؤسسة عام 1982 (وهو عدد مفرط فيه)، لأنه لو كان حجم الشركات هو العائق الأكبر في تدهور معدلات النمو فكيف نفسر إذن نتائج الشركات العالمية التي يفوق رقم أعمالها الانتاج الداخلي الخام لعدة دول بالرغم من حجمها الكبير. إذن تدني مستوى انتاجية وفعالية المؤسسات وفعالية المؤسسات هو في الحقيقة ناتج عن طريقة التسيير الرديئة والتي تظهر ربما في عدة نقاط أهمها الاستغلال السيء لموارد وطاقات المؤسسة.
كما أن عملية إعادة الهيكلة العضوية كانت تهدف إلى التحقيق أو القضاء على التخطيط المركزي، لكنها في الحقيقة بقيت تتلقى مخططات مخططات الانتاج مهيكلة ومنظمة من السلطات العليا (للنقص في إطارات التنظيم) مما أدى بالمؤسسة إلى التسيير السيء بتنفيذ الأوامر والتي كانت عواقبها تزيد من التكاليف.
بالإضافة إلى هذه المشاكل نجد مشاكل أخرى متمثلة:
 في مشاكل ونزاعات تقسيم الوسائل الموجودة في المؤسسة الأم بين مختلف وحداتها.
 صعوبة مراقبة المؤسسات من طرف الدولة وجهاز الرقابة مما أدى إلى (تفشي الاختلاسات).
 مشاكل النقل و التموين من منطقة إلى أخرى...إلخ من المشاكل.


المبحث الثاني: إعادة الهيكلة العضوية


في إطار العمل على تحسين الوضعية المزرية التي آلت إليها المؤسسات العمومية، والمتمثلة في تراكم الخسائر وتضخم حجم القروض مع عدم القدرة على تسديدها، لجأت الدولة إلى إعادة هيكلة مالية وهذا كتدعيم للإصلاح السابق حتى تنطلق هذه المؤسسات على أسس مالية سليمة والهدف من هذه العملية هو تخصيص رأس مال للمؤسسات الوطنية وإعادة تخصيصه والذي يستعمل لتغطية العجز المالي المتكرر كما تشتمل على تحويل الديون طويلة الأجل إلى ديون قصيرة الأجل لكي تتكفل بها وتراقبها، أي التعديل في هيكلها وليست في قيمة هذه الديون.


المطلب الأول: المشاكل المالية للمؤسسة قبل إعادة الهيكلة المالية:
وكانت تتمثل في:
1- المردودية المالية السلبية: نتيجة:
- التحديد المسبق للأسعار من طرف الدولة دون مراعاة أسعار التكلفة الحقيقية للمنتوج. هذا ما أثر على الأموال المخصصة لإعادة تمويل عملية الانتاج مرة أخرى (التمويل الذاتي Autofinancement).
- الضغوطات الضريبية والتي طالما عانت منها المؤسسات والتي زادت من احتياجات الخزينة.
- عدم وفاء المتعاملين بالتزاماتهم تجاه المؤسسة في الآجال المحددة مما ساهم في إحداث خلل في دورة الاستغلال للعملية الانتاجية الواحدة والمسطر من قبل.
2- التزايد المستمر لمديونية المؤسسة: كان يتم تمويل مراحل دورة الاستغلال عن طريق القروض، وبما أن المؤسسة لا تحقق عوائد مالية تتناسب مع آجال تسديد تلك القروض تلجأ بذلك إلى طلب قروض أخرى لتغطية الديون السابقة وفي الواقع يعتبر هذا المشكل من بين الدواعي الرئيسية لإعادة الهيكلة المالية.


المطلب الثاني: أهداف إعادة الهيكلة المالية:
ونذكر منها:
 الوصول إلى التطهير المالي للمؤسسات بمسح الديون.
 وضع ميزانيات انطلاق للمؤسسات العمومية.
 تصفية الحسابات بين المؤسسات العمومية.
 تحقيق معدلات مردودية إيجابية لكي يمكن تحسين الوظائف الأخرى للمؤسسة كالإنتاج والتسويق والأفراد وكذا البحث والتطوير.
 التخفيف من حدة النقص المسجل في رأس المال العامل.
 وضع نظام أسعار متناسق... إلى غير ذلك من الأهداف.




المطلب الثالث: إجراءات إعادة الهيكلة المالية:
والتي أشرفت عليها اللجنة الوطنية لإعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية والتي تتكون من مختلف الوزارات التي لها علاقة بالمؤسسة أو بالاقتصاد الوطني.
1- الإجراءات الأولية: كلف BAD (بنك التنمية) بمنح قروض للمؤسسات ذات العجز لإعادة هيكلتها المالية وقد تمثل أول إجراء في هذا الإطار في إمداد المؤسسات ذات العجز قروض طويلة الأجل بدلاً من القصيرة الأجل ذات التكلفة الكبيرة ومدة الاستحقاق القصيرة. وهذا ما ساهم في تقليص مبلغ العجز بإعادة هيكلة القروض، لكن ذلك لم يكن كافياً نظراً للمستوى الذي بلغه العجز. لذلك وجب مسح كل أو بعض الديون المرتفعة عن طريق منح إعانات للمؤسسات.
2- الإجراءات المالية المقررة: حيث تم حصر هذه الإجراءات في:
- إجراءات مالية محظة: وتهدف إلى ضمان التوازن المالي للمؤسسة (بإعادة هيكلة ديون المؤسسة، تصفية الديون فيما بين المؤسسات...إلخ.).
- إجراءات تنظيم وتسيير: بالعمل على رفع الطاقة الانتاجية الموجودة وتخفيض تكاليف الاستغلال قدر المستطاع، وهذا الأمر يتطلب الدقة والصرامة في تسيير واستغلال الموارد المادية والبشرية المستعملة.
- إجراءات متخذة خارج المؤسسة: تتمثل خصوصاً في إصلاح النظام الضريبي بشكل يساعد على تنشيط دورة الاستغلال للمؤسسة.


خلاصة لإعادة الهيكلة:
فإعادة الهيكلة العضوية والمالية كانت تهدف من حيث المبدأ إلى تطوير الاقتصاد الوطني من خلال تحسين القطاع الانتاجي عن طريق الرفع من معدلات المردودية والانتاجية. من خلال كل الاجراءات المتخذة وتوفير الموارد البشرية والمالية، إلا أن الأهداف المرجوة لم تحقق والمشاكل التنظيمية الأخرى المتعلقة بدورة الاستغلال لم تحل. نتيجة لطبيعة القرارات التي كانت تسلط على المؤسسات وعدم التحكم في تقنيات التسيير والتنظيم على مستوى وظائف المؤسسة.








المبحث الثالث: استقلالية المؤسسات العمومية الاقتصادية


إعادة الهيكلة بنوعيها العضوي والمالي لم يكن له التأثير المرجو، فبقي ضغط المديونية الخارجية والتدهور الكبير في المردودية. كل هذه العوامل جعلت المسؤولين في تلك الفترة يرون أن الحل الوحيد يكمن في إجراء إصلاح اقتصادي يسمح للمؤسسة من تسيير وضعيتها والتخلص من العقبات التي أعاقت سيرها، وفي هذا السياق تجسدت فكرة استقلالية المؤسسات من خلال القانون التوجيهي للمؤسسات الوطنية والذي صدر بشأنه مرسوم 88-01 في 12/01/1988 المتعلق باستقلالية المؤسسات.


المطلب الأول: مفهوم الاستقلالية ومجالات تطبيقها
نستطيع تلخيص مفهوم الاستقلالية في منح المؤسسات مزيداً من المبادرة في إطار العمل على التجسيد الفعلي للامركزية من خلال إعادة القانون الأساسي للمؤسسة الذي يجعلها تأخذ فردية المبادرة والتسيير من أجل استغلال طاقاتها الذاتية، كما تتيح الاستقلالية إمكانية التعاقد بحرية وفق القانون التجاري، لا سيما وأن المؤسسة أخذت شكلا آخر في تعريفها فأصبحت حسب القانون الخاص شخصية معنوية (شركات أسهم وشركات مسؤولية محدودة) مسؤولة عن نشاطها تخضع لمبادئ الربحية. ويمكن عرض المجالات التي تطبق فيها الاستقلالية كما يلي:
*أ- الاستقلالية في اتخاذ القرارات: فبعدما كان اتخاذ القرارات مخول للوزارة الوصية أو السلطة جاء هذا المرسوم ليضع المؤسسة العمومية الاقتصادية مسؤولة عن كل قرار تتخذه. وذلك يتجلى في:
- حرية التصرف للمؤسسة في موجوداتها وفق علاقاتها التعاقدية.
- قرارات الاستثمار تكون تحت تصرف المؤسسة وما يخدم مصلحتها (الرفع من معدلات مردودية الاستثمار).
- حرية تحديد السعر وفق تكلفة الانتاج وهو يعتبر تكريس لتطبيق اللامركزية.
- تحديد أساليب المكافأة وشروط التشغيل بإصدار قانون رقم (90/11) المؤرخ في 21/05/1990 المتعلق بشروط التوظيف.
*ب- التحكم في الأمور المالية: وهذا النوع من الاستقلالية يتطلب الكفاءة في التسيير وتجعل المسير دائما يحمل على عاتقه المسؤولية الكاملة لعملية التمويل والتحكم في تكاليف الانتاج بأكبر قدر ممكن، لأن ذلك يضمن تحقيق مستوى معين من الأرباح لتستعمله المؤسسة في إعادة الإنتاج (التمويل الذاتي)، وكذلك يسمح بضمان حق المقرضين ضد الأخطار المالية التي تنتج عن العجز المالي.
*ج- المراقبة وتقييم الأداء: إن أحد أوجه تحقيق اللامركزية في القرار هو مراقبة تنفيذ القرارات المتخذة والأهداف المقررة من طرف المؤسسة وبالتالي فالضرورة تلزم إقامة رقابة صارمة ومنظمة تتم في الوقت المناسب، وهذا يجعل عملية الإنتاج تتم بفعالية وبشكل أحسن على الدوام. وتهدف الرقابة إلى:
- التأكد من تنفيذ المهام والتي ينبغي إتمامها.
- معرفة مواطن الخلل والنجاح على مستوى الوظائف.
- التأكد من معرفة الأخطاء في الوقت المناسب واكتشاف النقائص...إلخ.


المطلب الثاني: أسباب وشروط المرور إلى الاستقلالية:
1- الأسباب: ونقسم هذه الأسباب إلى:
أ*- الأسباب الاقتصادية: وهي كثيرة ونذكر من أهمها:
- المشاكل الناجمة عن الإخفاق في تطبيق إعادة الهيكلة.
- سوء توزيع الموارد.
- التدخل الكبير للدولة في جميع الأمور الخاصة بالمؤسسة بتقييد المؤسسة الاقتصادية من خلال احتكار عملية اتخاذ القرارات.
- سوء الاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية.
ب*- الأسباب السياسية والقانونية: ونذكر من أهمها:
أحداث أكتوبر 1988 والتي تعبر عن حالة أزمة سياسية تمثلت في إنفجار شعبي بشعارات تندد ببيروقراطية الإدارة وسلوكات بعض المسؤولين ذوي النفوذ وكذلك نقص الطلب على اليد العاملة وارتفاع البطالة، وهذه الأحداث أدت إلى تسارع كبير في الإصلاحات الاقتصادية بعدما كانت بطيئة السير لوجود معارضة داخلية ترفض التغيير للحفاظ على مصالحها اللاشرعية المحصل عليها في النظام السابق. وكان جوهر هذا الإصلاح يتمثل في:
- التغيير الجذري في هيكل الحكم عن طريق توزيع جديد لوظائف الأجهزة التنفيذية والمراقبة في التسيير الجديد.
- إعفاء الدولة عن تحمل كل شيء وجعلها تقتصر على الوظائف الكلاسيكية التي تقوم بها أي دولة في البلدان ذات اقتصاد السوق.
- ظهور شعار جديد يتمثل في الدخول إلى اقتصاد السوق وفتح الطريق أمام المبادرة الفردية.
*د- الأسباب الإجتماعية: منها مشكل تفشي البطالة وسط الشباب القادرين على العمل والعجز المتفاقم للسكن الاجتماعي بالمدن والندرة في تموين السوق بالمواد حتى الضرورية والقدرة الشرائية المنخفضة لأفراد المجتمع...إلخ.
كما أن بروز طبقة الأغنياء المؤثرة على مراكز القرار جعل نوع من الغموض يحوم حول المسؤوليات الملقاة على عاتق المؤسسة الاقتصادية التي لم تصبح قادرة على تحمل عبء الاقتصاد. وبذلك أصبح من غير المنطقي المواصلة في ضخ الأموال لتغطية عجزها بنفس الهياكل والمسيرين. وبالتالي البحث عن هيكل جديد ومسيرين جدد بذهنيات جديدة قابلة للتأقلم مع المحيط أصبحت ضرورية.


3- شروط المرور إلى الاستقلالية:
في إطار القوانين (88-01 إلى 88-06) لسنة 1988 التي تحدد مقاييس المرور إلى الاستقلالية، حيث تم تصنيف المؤسسة على أساس رأس المال العامل والحالة الصافية، فهناك 4 أصناف للمؤسسات. فالمؤسسات التي لها حالة صافية موجبة تمر مباشرة (تنتقل إلى الاستقلالية). أما الحالتين الأخرتين (ر.م عامل موجب وحالة غير صافية، ر.م عامل سالب وحالة غير صافية) فتحتاجان إلى إجراءات تطهيرية لتحسين وضعيتهما تحضيراً لدخولهما في هذا الإصلاح.


المطلب الثالث: أهداف ومجالات تعميق الاستقلالية:
1- الأهداف: عملية الاستقلالية ليست هدفاً في حد ذاتها وإنما هي تجربة تهدف إلى البحث عن فعالية أحسن للجهاز الاقتصادي ولتحقيق هذا التصحيح المنظم والمستمر يجب العمل على:
- إعادة الاعتبار للمؤسسة بتحديد أهميتها وشخصيتها وإعطائها الحق في إدارة أعمالها بنفسها لتفرض مكانها في السوق وفق أساليب تسييرية حديثة وخصوصاً لمواردها البشرية، بتشجيع روح المبادرة والطموح. فيجب إذن على المؤسسة إقامة الدليل على مردوديتها وقدرتها على التنافس بفضل سياسة التقليل من التكلفة ومراعاة الجودة في الأسواق الداخلية والخارجية.


2- مجالات تعميق الاستقلالية: فتطهير وإصلاح المؤسسة ومحيطها خلال فترة إعادة الهيكلة عموماً (العضوية والمالية) كان يجب تعميقه وفق الاستقلالية في المجالات التالية:
*أ- التخطيط والتسيير: بتحديد ديمقراطية ولا مركزية في التخطيط عن طريق التقليل من تدخلات المركز (قانون 88/02) المؤرخ في 12/01/1988، وهو ما يحرر المؤسسات من التدخل المباشر لأجهزة الدولة في التسيير والمتمثل في مجرد تعليمات إدارية لا تقيم أدنى حساب لربحية المؤسسة.
*ب- التمويل: بخلق نظام جديد للعلاقات بين المؤسسة والبنك قائم على تجسيد الفعالية في الاستثمارات وتكييف إجراءات توظيف المؤسسة وتحسين أكثر للخدمات وبالتالي تمكين المؤسسة من الحصول على الأموال بصفة منتظمة.
*ج- تحرير نظام تحديد الأسعار: وفق القانون 89-12 المؤرخ في 5 جويلية 1989 المتعلق بالأسعار والذي أقام نظاماً جديداً يقوم على مقياس حساب تكاليف الإنتاج وحالة العرض والطلب والمنافسة الاقتصادية، وقسم الأسعار إلى 3 فئات:
- أسعر حرة.
- أسعار ذات هوامش مراقبة (يمكن تغييرها بعد أخذ رخصة من السلطات المعنية).
- أسعار مراقبة: تحددها السلطات المعنية (السكر، الحليب...إلخ.).


د- تحرير نظام تحديد الأجور: باعتماد البرلمان الجزائري سنة 1990 مادة تسمح بتحديد الأجور على أساس التفاوض ضمن معطيات اقتصادية وحسب مردود العمل. عكس ما كان معروف وفق القانون العام للعمل (SGT) منذ 1978 الذي كان ينص على المساواة في الأجور لصالح فئات عمل متساوية.
ه- تحرير التجارة الخارجية: يهدف إلى وضع الإنتاج الوطني في المنافسة الخارجية لدفع المنتجين على زيادة الكفاءة في استخدام وسائل الانتاج وتخفيض التكاليف مع رفع جودة المنتجات وبالتالي الحصول على حصص في الأسواق العالمية. من دون أن ننسى أيضاً إمكانية الاستفادة من بعض المنتجات والتجهيزات المستوردة والقليلة التكلفة بالنسبة لتلك المصنوعة في الجزائر.






خلاصة الاستقلالية:
ويمكن أن نقول كخلاصة أن دخول المؤسسة العمومية الاقتصادية الجزائرية عهد هذه الاصلاحات لا يعني تحولاً جذرياً وجديداً لنمط التسيير وهذا لعدة عوامل:
- التركيز على الجانب القانوني أكثر من التركيز الاقتصادي والمالي.
- بقاء نفس العقلية المسيرة قبل وبعد تطبيق الاستقلالية، وهذا لن يسمح بالتجسيد الفعلي لهذا الإصلاح (المسيرون عينوا بقرار من السلطات وهم مستهلكون لقرارات السلطات ومطبقون لها فلا يستطيعون الخروج عن هذا الطريق)...إلى غير ذلك من العوامل.
إن الاستقلالية لم ترسوا على قواعد ثابتة وآليات تحكمها بشكل دقيق نتيجة الرؤى والطروحات المتباينة بين مؤيد ومعارض للقطاع العام، ولم تسمح إستقلالية التسيير من تصحيح وضعية المؤسسات المالية، بل وصل الحد إلى تراكم الاختلالات المالية والدليل على ذلك الديون الضخمة المسجلة سنة 1992 حيث بلغ الدين الإجمالي أكثر من 370 مليار دينار تنقسم بين 210 مليار إزاء BAD و 160 مليار للبنوك التجارية. من خلال ذلك يمكن القول أن الإصلاحات السابقة لم تحقق الأهداف المحققة من طرف السلطات، لأن تداول هذه العمليات كان يتم دوماً في إطار اقتصاد مركزي مراقب من طرف الدولة.
لكل هذه الأسباب أخذت السلطة تفكر جدياً في البحث عن البديل لتفادي المشاكل التي وقعت فيها في السابق، ومن هنا بدأت التمهيدات لإدخال المؤسسات العمومية ضمن اقتصاد مفتوح على العالم فبدأ التحضير لاقتصاد السوق عن طريق:
- تغيير القوانين السابقة وترك الأسعار تتحدد عن طريق العرض والطلب تدريجياً.
- التخلي عن النظام الاشتراكي بالتخلي عن أملاك الدولة لصالح المواطنين.
- إصدار بعض القوانين المهمة التي تحد مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية والاجتماعية (السكن، الصحة، النقل...) وذلك بفتح المجال على القطاع الخاص.


المبحث الرابع: خوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية:


وتتمثل هذه الاصلاحات في:
- إعطاء حرية أكبر للقطاع الخاص للتعايش مع مؤسسات القطاع، ويظهر هذا جلياً من خلال قانون الاستثمار الجديد، الذي يفتح جميع المجالات على القطاع الخاص واهتمام الدولة على المؤسسات العمومية في مجال الصناعات الكبرى والاستراتيجية والتي لا يمكن خوصصتها لحساسيتها.
- التحرير التدريجي للأسعار، أسعار الصرف وعمليات التجارة الخارجية.
- التفكير في خوصصة المؤسسات العمومية باعتبار أن القطاع الخاص يعمل بكفاءة عالية مما يساهم في توفير واستغلال الموارد وتحسين هذه المؤسسات، وبالتالي رفع معدل النمو الاقتصادي وهو جوهر هذه الاصلاحات الاقتصادية. لما لقي من آراء معارضة ومؤيدة.


المطلب الأول: مفهوم الخوصصة:
التوجه الجديد للدولة بتطبيق الخوصصة يساعدها في التخلص من التسيير المباشر للاقتصاد، والأخذ بمبادئ الحرية الاقتصادية التي أصبحت فكرة مسلم بها، وذلك لن يكون إلا بخوصصة مؤسسات القطاع العمومي، وعليه فالأمر 22/95 المؤرخ في 26/08/1995 أدى إلى وضع الخطوات العملية في هذا المسار الاقتصادي الجديد.
معنى الخوصصة: "الخوصصة تعني قيام الدولة بتحويل ملكية المؤسسات العامة جزئيا أو كلياً إلى القطاع الخاص، وذلك ضمن تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي".
وحسب المشرع الجزائري فهي عبارة عن "كل معاملة تؤدي إلى تحويل تسيير مؤسسة عمومية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعين للقانون الخاص، وذلك بواسطة صيغ تعاقدية يجب أن تحدد كيفية تحديد تحويل التسيير وشروطه وممارسته".


المطلب الثاني: شروط وأهداف الخوصصة:
- خوصصة أي مؤسسة أو الترخيص بها، يجب أن يكون ورائه إصلاح المؤسسة أو تجديدها أو الحفاظ على مناصب العمال المؤجرة فيها كلها أو بعضها. وعلى المالك الجديد للمؤسسة الالتزام بمواصلة نشاطها لمدة 5 سنوات على الأقل انطلاقاً من تاريخ خوصصتها، وهو ما نصت عليه المادة 4 من الأمر 22/95.
- كما يشترط وفق المادة 06 من نفس الأمر أن تقيم عناصر الأصول وذلك بأخذ القيمة الحقيقية بعين الإعتبار، لكي يتسنى للمستثمرين معرف القيمة الحقيقية.
هذا بالنسبة للمؤسسات. أما فيما يخص القطاعات الاقتصادية التي حددها الأمر 22/95 والمتعلقة بالخوصصة المتمثلة في:
- الدراسة والإنجاز في مجال البناء والأشغال العمومية وأشغال الري.
- الفندقة والسياحة.
- التجارة والتوزيع.
- الصناعات النسيجية والصناعات الزراعية والغذائية.
- الصناعات التحويلية في مجالات الكهرباء الإلكترونية، الخشب ومشتقاته، الورق، الميكانيك، الجلود، البلاستيك.
- النقل البري للمسافرين والبضائع الكيميائية.
- التأمين.
- الخدمات الخاصة بالموانئ والمطارات.
- الصناعات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات المحلية الصغيرة والمتوسطة.
كما تستثنى قطاعات أخرى من الخوصصة كالمحروقات، البنوك، المناجم، التعدين، الإتصالات البلاستيكية...إلخ. وقد حددت المعايير التي على أساسها تبين وضعية المؤسسة وتصنيفها والمتمثلة في:
- معيار الأهمية: بقياس حم العمالة والاستثمارات وقيمة النتائج.
- معيار القابلية للبقاء: على أساس ما تحققه المؤسسة من أرباح فعلية.
وعليه تصنف المؤسسة العامة على أساس هذين المعيارين على 4 مجموعات.
- مؤسسات استراتيجية وقابلة للبقاء: وهذه تبقى في يد الدولة.
- مؤسسات استراتيجية وغير قابلة للبقاء: تبقى في يد الدولة مع محاولة إصلاحها خلال فترة معينة.
- مؤسسات غير استراتيجية وقابلة للبقاء: يخضع للخوصصة.
- مؤسسات غير استراتيجية وغير قابلة للبقاء: تصفى (تصفية).
ويقصد بكلمة "استراتيجية" المؤسسات التي تعتبر أساسية للأمن الوطني والتزويد بالأملاك الوطنية والخدمات الرئيسية المطلوبة من طرف الجمهور الواسع والمؤسسات التي لا يتجسد فيها هذا التعريف تعتبر غير استراتيجية. وفي الحقيقة هذا المفهوم لم يعد يعمل به انطلاقاً من سنة 1998 حيث أصبحنا نلمس خوصصة قطاع البنوك (بنك خليفة، البركة...) وكذلك قطاع المواصلات اللاسلكية (ORASCOM...).
وفي الحقيقة فإن شروط تمويل ملكية المؤسسة العمومية أو خوصصة تسييرها تحدد في دفاتر شروط خاصة. ويضمن في ذلك ما يسمى (بالسهم النوعي) "l'action spécifique" الذي يمثل سهما من رأس المال الاجتماعي للشركة المكونة في إطار خوصصة مؤسسة عمومية وتحتفظ به الدولة لضمان احترام التزامات الممتلك الجديد في إجباره بعدم تغيير الهدف الاجتماعي أو أنشطة المؤسسة المخوصصة وعدم حل الشركة...إلخ. والمدة القانونية لهذا السهم لا تتجاوز 5 سنوات يحول بعدها إلى سهم عادي.


1- أهداف الخوصصة: إن لهذه العملية أهداف نقسمها إلى:
أ*- أهداف على مستوى المؤسسة:
- التوجه نحو أحسن كفاءة وفعالية.
- فرص انضباط وجدية في استغلال المؤسسة باللامركزية والمراقبة التي يفرضها الشركاء.
- تحسين مردودية المؤسسات والتخفيف من عبء المديونية العمومية.
- تعميق ثقافة المؤسسة بتشجيع روح الإبداع.
- تحسين إنتاجية عوامل الإنتاج وخاصة إنتاجية العامل البشري.
- كما تهدف إلى الديمقراطية وعدم الاحتكار في كل المجالات وتجديد الإدارة التي ظلت جامدة في الماضي وذلك بمؤهلات جديدة لمسؤولي التسيير من أجل تحقيق مستويات عالية من الأداء.


ب*- الأهداف على المستوى الكلي:
- التخفيض من دور الدولة في الاقتصاد.
- تدعيم المنافسة في السوق.
- تشجيع المبادرة الخاصة قصد إنشاء مؤسسات صغيرة تكون مهمتها المساهمة في زيادة الإنتاج الوطني. وامتصاص اليد العاملة المعطلة والمسرحة نتيجة الخوصصة...إلخ.


المطلب الثالث: طرق الخوصصة:
وما يميز هذا الإصلاح عن باقي الإصلاحات الأخرى هو تعدد الطرق والتقنيات بسبب اختلاف الوضعية الفعلية للمؤسسات ولكل طريقة مزاياها وحدودها تتلائم مع صنف من المؤسسات دون الأخرى وذلك وفقاً لطبيعة المؤسسة المزمع خوصصتها.
1- تقنيات خوصصة الملكية العامة:
*أ- العرض العام للأسهم (جزئياً أو كلياً): هو بيع جزء أو كل أسهم الدولة في المؤسسة العمومية الاقتصادية للجمهور، وهذه الطريقة تعرف باسم "الاكتتاب العام"، والبيع الجزئي للأسهم الغرض منه هو رغبة الحكومة في الاحتفاظ بالمراقبة الجزئية للمؤسسة المزمع خوصصتها.
*ب- العرض الخاص للأسهم: والفرق مع التقنية الأولى هو أن المشتركين في هذه التقنية يكنون معروفين حيث أن كامل أو جزء من أسهم المؤسسة يباع لفئة معينة من المستثمرين وهو ما يعرف "بالإكتتاب الخاص". ويكون تحديد المستثمرين من قبل الدولة إما عن طريق المنافسة بالبيع بالمزاد العلني، أو من خلال التفاوض المباشر مع شخص أو أشخاص وطنيين أو أجانب.
*ج- بيع أصول المؤسسة: وتتمثل في تحويل أو انتقال عناصر الأصول إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين كبيع استثمارات منقولة (معدات، محلات، أو حصص في السوق) وذلك عن طريق البيع المباشر أو المزاد العلني.
*د- إصدار أسهم جديدة (الاستثمار الخاص الجديد): تتمثل هذه التقنية في زيادة رأس مال المؤسسة العمومية، وهذا من أجل إعادة الاعتبار لها أو توسيعها، بذلك تقوم الدولة بفتح المجال للقطاع الخاص المحلي أو الأجنبي بإصدار أسهم جديدة تساعد على التقليل من حصة الدولة في المؤسسة، وتعتبر هذه العملية أحسن وسيلة لزيادة رأس مال المؤسسة التي تحتاج إلى أموال من أجل الاستثمار في النشاط لا سيما أن المؤسسة سوف تعمل في محيط ثقافته المنافسة، لذلك تسعى إلى احتلال مكانة في السوق الوطنية وحتى الدولية إن أمكن ذلك. وبإمكان أيضا المؤسسة أن تستفيد وفق هذه التقنية من الخبرات المتراكمة للمؤسسات الأخرى المساهمة. فبفضل هذه التقنية تحل مشكل السيولة والتكنولوجية وربما حتى الإدارة.
*ه- بيع الأصول للمسيرين والمستخدمين: فعندما يتكرر بيع الأسهم في البورصة، تجد المؤسسة نفسها أمام خيارين: إما البيع للمسيرين والمستخدمين أو التصفية. وتعتبر إذن الخوصصة وفق هذه التقنية الاختيار الأفضل لها عندما تكون غير قابلة للبيع بالنسبة للدولة، لأن التصفية تعتبر مكلفة أكثر بالنسبة للحكومة والعمال في نفس الوقت والمساهمة العمالية تبعث نوع من الحافز نحو تنشيط انتاجيتهم لأنهم سوف يشعرون بخطورة الوضع في حالة تحقيق معدلات منخفضة من الأرباح. ولكي يكون تطبيق هذه التقنية ناجح يجب أن يكون هناك:
- فريق تسيير كفء وملتزم.
- مجموعة عمالية متجانسة ومستقرة ومتحفزة.
- ظروف مالية مقبولة.
والكثير من المؤسسات في الجزائر تم خوصصتها وفق هذه التقنية، نظراً لكثافة العمال بها، وأعطى القانون الحق للعمال في المشاركة في تملك المؤسسة القابلة للخوصصة.
و- المساهمة الشاملة أو التوزيع المجاني لأسهم المؤسسات: وهي تقنية محدودة التطبيق في الجزائر وتنص على منح كوبونات إستثمار (coupons d'investissement) والتي تعطي بعد مدة حق الحيازة بعد تحويلها إلى أسهم في المؤسسة المخوصصة. الهدف من وراء هذه العملية هو العمل على إشراك الجمهور في عملية الخوصصة، وهو يعتبر عامل أساسي للنجاح في ذلك.


2- تقنيات خوصصة التسيير: وتبقى في هذه الحالة الدولة المالك الوحيد لرأسمال المؤسسة بـ 100%، لكن الخوصصة تمس جانب التسيير، أي إدخال تقنيات التسيير التي يعمل بها القطاع الخاص، ويتمثل ذلك في نقل إدارة المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص، ويتم ذلك عن طريق تأجير المؤسسة مقابل مبلغ ثابت تحصل عليه الدولة وهو ما يسمى بعقد الإيجاز (le contrat de laising)، وقد يتم عن طريق تولي القطاع الخاص إدارة المؤسسة على أن يتقاسم الربح الصافي مع الدولة وهو ما يسمى بعقد الإدارة (le contrat management) وفيه يلتزم هذا المتعاقد بأداء خدمة معينة مقابل مبلغ ثابت تدفعه الدولة.
أ- عقد الإيجار (le contrat de laising): وتنص على اللجوء إلى مسير خاص قصد التكفل بتسيير المؤسسة العمومية، نظراً لكفاءته وخبرته ومهارته، مقابل مبلغ جزافي يدفع دورياً لحساب الدولة، ويكون صاحب الإيجار مسؤولاً مسؤولية تامة على الخطر التجاري الذي ينتج عن تسيير المؤسسة.
ب- عقد الإدارة (le contrat de management): تتلخص هذه الطريقة في تولي القطاع الخاص المؤسسة على أن يتم تقاسم الربح الصافي مع الدولة وتكون للمتعاقد أيضا المسؤولية التامة في تسيير ومراقبة جميع العمليات داخل المؤسسة مع استمرار هذه الأخيرة في تحمل المخاطر التجارية وفي تحمل الديون كذلك، والمتعاقد في هذا الشكل يجب أن يمتاز بالمهارة والخبرة المسبقة بمجال المؤسسة المراد خوصصتها.
والقطاع الاقتصادي الذي طبقت فيه أكثر هذه التقنية هو القطاع السياحي كما يمكن تطبيق عقد الإدارة في القطاعات الاقتصادية الأخرى وخاصة الصناعية.


خلاصة الخوصصة: بفضل هذه التقنيات خوصصت المؤسسات العمومية الاقتصادية الجزائرية التي من المفروض أن يكون لها أكثر فاعلية ومستوى أداء أكبر بفضل حسن استخدام الموارد.