شهد التعليم بشقيه العام والعالي والتدريب الفني والمهني بالجماهيرية العظمي رعاية واهتمام كبير منذ انبلاج ثورة الفاتح من سبتمبر 1969م إدراكا منها بأن التعليم والتدريب المهني هما المستقبل كما كرست جميع مجهوداتها وبذلت أقصي الجهود في برامج التنمية البشرية لغرض خلق أجيال متعلمة قادرة علي تنفيذ البرامج التنموية العملاقة ومواكبة ما يطرأ في عالم سريع التقدم والتطور لا يعترف إلا بالقدرات العلمية والتقنية العالية الأداء والكفاءة.
ويتسم العصر الحديث بالتفجر المعرفي والتكنولوجي, وزمن الثورة المعلوماتية فقد فرضت التكنولوجيا الحديثة نفسها علي مختلف المجالات كالتعليم وطرق التعليم, كما سهلت اتصال المجتمع ببعضه للدرجة التي سمي بـ ( القرية الالكترونية ). ولعل أحدث ثورة هي ثورة الانترنيت. تلك الشبكة التي سهلت الاتصال رغم التباعد الزماني والمكاني, وسيطرت علي العالم فظهر مصطلح التجارة الالكترونية تلاه التعليم الالكتروني.
وسهلت وسائل التكنولوجيا الحديثة عملية التعلم والتعليم, هذا من ناحية ومن ناحية أخري أصبحت أجهزة الحاسوب سهلة المنال, وشجع الأفراد علي استخدامها والشعور بالأمية في حالة عدم التمكن من استخدامها, وسارعت الدول المتقدمة بتقديم برامج تعليمية وتدريبية لمواطنيها عن طريق التعليم الالكتروني ( E-Learning) , وهو احد طرق التعليم عن بعد ( Distance Learning ), وأحد الطرق التي أتبعتها الدول الغربية منذ فترة وطورتها من خلال الشبكة العنقودية (World Web Wide )وقامت بعض الدول العربية بتبنيها, فهذه الطريقة تساهم في بناء الفرد, فمن خلالها يتعلم الأميين أو ربات البيوت أو العاملين حسب ظروفهم وأوقاتهم وفق جداول زمنية محددة.
وفي زمن العولمة ( Globalization), الذي أطلق عليه عصر الاتصالات ( The Age of Communication ) تحول العالم إلي قرية الكترونية ( Global Village ) . ووقف المتعلمين مشدودين إلي طرائق التعليم الحاسوبية, بينما لازالوا يعتمدون علي طريقة المحاضرة.
إن أهمية التعلم للإنسان هي بنفس درجة أهمية حرية تقرير المصير وحرية أبداء الرأي. فالتعلم هو بمثابة التيارات الهوائية التي نرتفع بها من فوق الأرض إلي السماء. وتنأي بنا من التبعية إلي القيادة. ومن الجهل إلي المعرفة ومن العدم إلي الوجود. إن الطبيعة الجغرافية الصحراوية والجبلية لبعض الدول العربية أو غالبيتها جعلت من انتقال المعرفة إلي طالبيها أمرا بالغ المشقة.
إلا أن التدريب عن بعد في نفس الوقت يحتاج إلي التدقيق في انتقاء الوسائط المستخدمة حتى لا يتمسك البعض باستخدام السبورة السوداء لتدريب الأعداد الكبيرة منها. أو يستخدم الاسطوانات الممغنطة في تدريس علم يحتاج إلي تفاعل متزامن مع المدرب أو المعلم. وكيف كذلك يحترم وقت وزمن وكرامة المتدرب. فلا نبسط له المعلومة إلي حد السخف ولا نعقدها إلي حد الفلسفة فيضيع منا العلم ويفقد منا المتعلم فرصته في النمو والتقدم والتفاؤل.
إن التطور السريع الذي يشهده العالم اليوم في تكنولوجيا المعلومات (Information Technology) في كافة المجالات بحيث أصبحت عنصراً أساسياً في نجاح أي مؤسسه ومتطلباً هاماً لتحقيق الميزة التنافسية والقدرة على البقاء في ظل بيئة سريعة التغيير ومن هنا تأتي الحاجة إلى استثمار القفزة الهائلة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات وتطبيقات الحاسب الآلي لاستخدامها في التعليم الالكتروني والتدريب عن بعد، حيث يعتبر التدريب برنامجا لتحقيق التنمية البشرية المستديمة في ظل اقتصاد عالمي يرتكز على المعرفة (Knowledge – Based Economy). إن توفر الوسائل الجديدة ذات خاصية التفاعل المتبادل القادرة على التغلب على عنصري الزمن والمسافة من خلال الشبكة الالكترونية أو ما يسمى بالانترنت وسهولة الوصول إلى المعلومات، أدى إلى التغلب على تغيرات التعليم التقليدي من خلال توفير فرصه كبيرة للأشخاص الراغبين في تطوير المعرفة لديهم بأقل التكاليف ودون الحاجة إلى ترك وظائفهم أو السعي إلى أماكن الأخرى، ويعتبر التدريب أو التعليم الالكتروني من خلال استخدام الشبكة الالكترونية أحد البدائل لأولئك الأشخاص الذين يتطلعون إلى تحسين المعرفة وتطوير المعرفة لديهم بطريقة مرنه تتناسب وظروف العمل وحاجة المؤسسة.
تبدأ هذه الورقة بالتعريف بمفهوم التدريب عن بعد ومن ثم عرض لأهم أوجه الاختلاف بين التعليم التقليدي والتعليم عن بعد والتعليم الالكتروني. كما تناقش الورقة أهم الايجابيات والسلبيات للتعليم الالكتروني وبعد ذلك تستعرض الورقة بشيء من التفصيل للتدريب الالكتروني وأهم الأدوات التي يمكن استخدامها في تطبيق التدريب الالكتروني في المؤسسات.
كما تبحث الورقة في مدى فاعلية وكفاءة استخدام التدريب الالكتروني في المؤسسات والأدوات التي تساعد في إيجاد البيئة المناسبة لتسهيل عملية التدريب الالكتروني والأمور الواجب توفرها لإيجاد البنية التحتية للتدريب الالكتروني.
وتأتي هذه الورقة كمحاولة لإلقاء الضوء على الدور الذي يمكن أن يقوم به التدريب عن بعد في تنمية وتطوير العاملين في المؤسسات بشكل عام، وقد تناولت الورقة ثلاثة محاور رئيسية تمثلت في الآتي: الأول و يتناول تعريفاً لمفهوم التدريب عن بعد، الثاني يرصد طبيعة التحديات التي يواجهها العاملون أمام هذا النوع من التدريب وكذلك طبيعة الفرص التي يجلبها لهم، وتختم الورقة بالمحور الثالث والمتضمن للرؤى المستقبلية التي يمكن تبنيها لتحقيق التنمية المنشودة لوضع العاملين في المؤسسات.

مفهوم التدريب عن بعد:
التعليم أو التدريب عن بعد إحدى الطرق الحديثة المستخدمة في التدريس والتي تختلف عن التعليم التقليدي الذي يتطلب وجود علاقة مباشره بين الطلبة والمدرسين ضمن مكان محدد، وقد بدأ استخدام تعبير التعليم عن بعد، في نهاية القرن التاسع عشر، وذلك لفتح الفرص أمام الأفراد للدراسة بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية، أو حالتهم الاقتصادية والاجتماعية، وتشير اليونسكو إلى أن المقصود بالتعليم عن بعد على أنه " عملية تربوية يتم فيها كل أو اغلب التدريس من شخص بعيد في المكان والزمان عن المتعلم، مع التأكيد على أن أغلب الاتصالات بين المعلمين والمتعلمين تتم من خلال وسيط معين سواء كان إلكترونياً أو مطبوعاً. (UNESCO, 2002)
ويمكن تعريف التعليم أو التدريب عن بعد على أنه " تبادل المعلومات من خلال جهاز الحاسوب بغرض التعليم أو التدريب، أو إدارة المعرفة .ويعتقد البعض بأن التعليم الالكتروني يتعدى استخدام الحاسوب في التعلم ليشمل استخدام الحاسوب والشبكة الطرفية (Network) للوصول بالتعليم للبيت أو المواقع التي يسهل الوصول إليها من قبل الطلاب الذين لا يستطيعون حضور المحاضرات بشكل نظامي أو في أوقات محددة.
ويمكن الاستنتاج بأن التعليم الالكتروني هو استخدام تقنية الشبكة الطرفية (Network technology) بهدف دعم وتسهيل التعليم من خلال سلسلة من التطبيقات، ويرى العديد من الباحثين بأن التعليم الالكتروني يمكن اعتباره جزء من مصطلح التعليم عن بعد اعتماداً على الدور الكبير الذي تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فيه وما تقدمه من طرق سريعة لنقل المعلومات والتفاعلية التي توفرها للمستخدم. ويشتمل التدريب عن بعد على المفهوم الأساسي وهو البعد الذي يتمثل في المسافة والفضاء و الزمن وهى مفاهيم يمكن السيطرة عليها و التحكم فيها بواسطة التقنيات الحديثة للاتصالات و الأعلام حيث يتم استخدام الأجهزة الحديثة للاتصالات لتبادل العملية التعليمية بين المدرسين و المتعلمين.
ويمكن أن نعطي تعريفاً مختصراً للتعليم أو التدريب عن بعد : (( ذلك النوع من التعليم القائم علي شبكة الحاسب الآلي ( world web wide ) وفيه تقوم المؤسسة التعليمية بتصميم موقع خاص بها ولمواد أو برامج معينة لها, ويتعلم المتعلم فيه عن طريق الحاسب الآلي وفيه يتمكن من الحصول علي التغذية الراجعة ))، ويهـدف إلى جذب طلاب لا يســتطيعون تحت الظـروف العادية الاســتمرار في بـرنامج تعليمي تقـليـدي.

وأفضل تعريف له يتم من خلال توضيح هذه الخصائص والسمات المشتركة بين التعريفات السابقة ، وهي :
· الإمداد بالتفاعل من حين إلى آخر مع المدرسين .
· إمداد الطالب بدراسة مستقلة وفردية .
· يتم تلقي الطالب للمعرفة من خلال مقررات داخل وخارج المؤسسة التعليمية .
· يعتمد التعليم عن بعد على احتياجات الطالب الفعلية.